الصفحة الرئيسية   أخبار اليوم  

عندما يتعانق دم الحسين ودم المسيح .. نعرف لماذا هو "حزب الله" ..بقلم نارام سرجون
December 21, 2014 11:51

عندما يتعانق دم الحسين ودم المسيح .. نعرف لماذا هو "حزب الله" ..بقلم نارام سرجون

هذه اللافتة (ولد المسيح ... هللويا) ليست في حي مسيحي عربي .. فهي ليست في حي باب توما ولا في باب شرقي المسيحيين في قلب دمشق .. ولا هي في حي شبرا أو القللي في القاهرة ذوي الكثافة المسيحية .. ولاهي في حي كمب سارة في بغداد ..

ولاشك أنكم لاتتوقعون أن تكون هذه اللافتة مرفوعة على باب الهيئة الشرعية في "ولاية الرقة أو ولاية الموصل" لصاحبها الخليفة أبي بكر البغدادي .. وحذار أن تظنوا أن رياض الشقفة قد رفعها في غازي غينتاب ارضاء وتكريما لميشيل كيلو أو جورج صبرة على مابذلاه من أجل الاسلام ..
وهي ليست في حي من أحياء الرياض أو جدة حيث يتفلسف علينا "حكيم العرب" الفقيه أبو متعب دوما بحوار الأديان والحضارات الذي ترجم وجهة نظره عمليا في حوار الأديان الى "داعش" الرائعة التي تحاور بالذبح !! .. وهي ليست لافتة ترحيبية على مدخل بيت القرضاوي (إمام الدم) الذي يتولى رعاية حوار الأديان عبر أبي محمد الجولاني وعصاباته .. وهي ليست على مدخل قصر خالد مشعل في الدوحة ترحيبا بالجاسوس الاسرائيلي عزمي بشارة لأنه مسيحي فلسطيني وتهنئة له بعيد الميلاد ..

هذه اللوحة مرفوعة في قلب الضاحية الجنوبية لبيروت .. حيث ترفع راية الحسين .. وراية حزب الله وبنادق حسن نصر الله .. ويعتقد البعض أن حزب الله بالذات كحزب ديني ذي جذور اسلامية قوية لايقبل العقائد المسيحية التي لاتنسجم مع تأويلات الاسلام ولا الاعتراف بتصوراتها اللاهوتية .. ولكن حزب الله يفاجئ الجميع بأنه متقدم كثيرا على أكثر الرؤوس العلمانية ومتطور في نظرته على أعتى المفكرين المنظرين في الأحزاب اليسارية العربية في احترامه لعقائد الآخرين ..

وفي هذه اللوحة يتعانق دم الحسين مع دم السيد المسيح اللذين خرجا ثائرين منذ مئات السنين ولم يعودا من ثورتهما حتى الآن .. ولم يتعب هذان الثائران بعد من تلك الرحلة الثورية التي لاتنتهي .. وفي هذه اللافتة فهم عميق للرسالة العظيمة والثورة الانسانية التي يحملها الأنبياء وأبناء الأنبياء واحفاد الانبياء .. ودم الأنبياء ودم أحفاد الأنبياء ..
انه عناق بين المسلم والمسيحي في هذا الشرق .. وتقاسم الشكوى والبلوى والدم والمعاناة والانتصارات الالهية وغير الالهية .. والفرح والدمع ..والخبز والأمل .. والوطن ..

من هنا يجب أن نعرف لماذا حزب الله هو حزب الله .. فعندما يعطي في أدبياته للمسيحي كما يعطي للمسلم من احترام لعقيدته ومعتقداته ومقدساته يستحق بجدارة ان يكون حزبا لله .. لأن الله ملك للجميع .. ومن كان يحب الجميع فانه يحب الله .. ويستحق اسم حزب الله .. أي حزب الجميع ..

وعندما يدرك حزب الله أنه لايملك الله وحده وأنه لايحتكر مفاتيح الجنة والنار ولايوزع الحوريات على المؤمنين ولايوزع الايمان على الناس ولايرمي الناس في جهنم .. نعرف كيف لايتصرف حزب الله الا كأنه حزب الجميع .. وليس حزب الله .. الذي لو تصرف الاسلاميون بقلبه الكبير وتساميه وقدرته على الفروسية الروحية لرفعت أحياء باب توما وشبرا والقللي وبيروت الشرقية .. راية الله أكبر .. تحية رمزية لهم ..

ولذلك نفهم لماذا فشل كل الاسلام السياسي في العالم وكل المتنطحين لحوار الأديان منذ عقود في أن يقنعوا أحدا أنهم صادقون ويحترمون عقائد الآخر .. فهم كانوا في حوارهم يريدون دوما أن يأخذوا من الآخر دون أن يعطوه .. وهؤلاء المحاورون في حوار الأديان هم الذين أنتجوا حوار داعش والقاعدة والنصرة .. لأنهم لم يقدروا أن يوقفوا شبقهم للتكفير وعنصريتهم في أنهم "خير أمة أخرجت للناس" التي فهموها أنها تعطيهم الحق في اعتبار كل من سواهم يستحق الذبح والاقصاء والتكفير .. وأن تساق نساء من يخالفهم الى أسواق السبايا وأسواق النكاح ..

في هذه اللوحة الصادقة التي لاتخلو من لمسة حب واحساس عميق بالآخر وادراك أن الله ليس وطنا بل الوطن هو الله .. عندما يكون الله للجميع ..

انها لافتة بسيطة لكنها يد تمتد مصافحة لتمسح الهمّ عن وجه مريم وتمسح الدم عن جرح يسوع .. تقول ليسوع المسيح الذي يشكو من الظلم الذي تعرض له المسيحيون الشرقيون على يد "الثوار الاسلاميين" ويد أصحابهم من حاخامات الهيكل الذين صلبوه يوما في القدس .. وينادي وهو ينظر الى السماء خوفا على أتباعه ومحبيه: أبت .. أبت .. لم شبقتهم؟؟ !!..

تقول له هذه اللافتة ماقال جد الحسين لصاحبه في الغار: لاتحزن .. ان الله معنا .. وتعيد الوعد والطمأنينة وتقول: لاتحزن أيها الناصري .. ان الله معنا ..

نعم .. لاتحزنوا .. ان الله معنا .. ودم المسيح سيختلط بدم الحسين .. وبدم عمر على خنجر أبي لؤلوة .. وسيدافع مزيج الدم الجديد عن هذا الشرق العظيم .. وصرخة الدم على الصليب في القدس ستختلط بصرخة الدم في كربلاء ..وهي تقول:
هيهات منا الذلة .. هيهات منا الذلة ..
هللويا ..هللويا .. المجد لله في علاه .. وعلى الأرض السلام ..



  عدد المشاهدات: 11177

إرسال لصديق

طباعة
شارك برأيك

الاشتراك بالقوائم البريدية
البريدالإلكتروني: