الصفحة الرئيسية   أخبار اليوم  

الإبادة الجماعية- الهنود الحمر / يونس أحمد الناصر - باحث في التاريخ
April 25, 2014 04:38

الإبادة الجماعية- الهنود الحمر  / يونس أحمد الناصر - باحث في التاريخ

 

 
 
مقدمة لابد منها :
عندما قررت البحث في هذا العنوان كنت أعرف بأنني سأسقط في مفخخات تاريخية حاولت الشعوب دفنها أو التستر عليها لأسباب لا مجال لذكرها , و لكنني كمهتم في التاريخ رأيت بأن من واجبي إزالة أكوام التراب التي حاول بها المجرمون دفن الضحايا تحتها  و وضع هؤلاء المجرمين بمواجهة ضحاياهم ,  و ما قمت به ليس نبشا في القبور لأبكي من رحلوا ,  و لكن ما أطمح إليه أن أقدم درسا لأجيال تأتي و عليها أن تستفيد من دروس الماضي كي لا تتكرر المأساة التي رأيتها تتكرر بمأساوية فائقة الرعب ,  و ما يهمني أيضا بأن تقوم الشعوب الموسومة بالجريمة بالتكفير عن الجرائم التي ارتكبت و أن تعيد ما يمكن إعادته من حقوق ذوي الضحايا و التعهد للعالم بعدم تكرار ما حدث و بأن علينا كبشر أن نعيش مع بعضنا بحوار الحضارات و ليس صدامها .
مصطلح "الإبادة الجماعية"، الذي لم يكن موجودًا قبل عام 1944، هو مصطلح ذو مدلول خاص جدًا، حيث يشير إلى جرائم القتل الجماعي المرتكبة بحق مجموعات من الأشخاص و حقوق الإنسان، كما هو مبين في قوانين الحريات في الولايات المتحدة الأمريكية أو في إعلان الأمم المتحدة العالمي لحقوق الإنسان الصادر في عام 1948، هو مفهوم يتعلق بحقوق الأفراد.
و قد أقرت الأمم المتحدة اتفاقية تقضي بمنع جرائم الإبادة الجماعية ومعاقبة مرتكبيها في 9 كانون الأول/ديسمبر 1948.
 واعتبرت هذه الاتفاقية "الإبادة الجماعية" بمثابة جريمة دولية تتعهد الدول الموقعة عليها "بمنعها والمعاقبة عليها".
 والإبادة الجماعية تُعرف على أنها:  ارتكاب أي عمل من الأعمال الآتية بنية الإبادة، الكلية أو الجزئية، لجماعة ما على أساس القومية أو العرق أو الجنس أو الدين .
و جرائم الإبادة الجماعية هي تاريخية رافقت وجود الإنسان على كوكب الأرض و ربما القليل منها هو ما تناقلته الأخبار إلينا , و لعل أبرز جرائم الإبادة الجماعية التي وصلتنا و أقدمها هو جريمة إبادة الهنود الحمر أثناء وصولهم ( اكتشافهم) للعالم الجديد و أعني الأمريكيتين طمعا بالثروة فارتكبوا جرائم إبادة جماعية بحق سكانها الأصليين " الهنود الحمر " إلى أن استتب لهؤلاء اللصوص الأمر فاغتصبوا الأرض و الثروات ويقودنا إلى نتيجة مفادها "إن  أمريكا  اليوم عبارة عن مجموع اللصوص والأشرار الأوربيين الذين نبذتهم مجتمعاهم فهاجروا ، و هم عبارة عن شذاذ الآفاق الذين هاجروا إلى العالم الجديد بعد أن  وصلها ( اكتشفها ) كولمبس ، ووجدوا شعباً يعيش في أرضٍ جديدةٍ ، فبدأوا به تمزيقاً وتقتيلاً وأفنوه ، ولم يبق منه إلا بضعة ملايين ، سواء من الهنود الحمر أو من الأسبانيين في كولورادو وأنديانا وغيرها ، أبقوا بقية باقية عبارة عن ماذا ؟ عبارة عن متاحف ، عبارة عن قطعٍ قديمةٍ يراها الزائرون لأمريكا".
فمن هم الهنود الحمر و ما هي حضارتهم و كيف ارتكبت بحقهم جرائم الإبادة الجماعية
 
الهُنود الحمر [ Indians ] سكان أميركَا الأصلييِن
و من أسمائهم (الأمريكان القُدماء )  , (  الأمريكان الأَصليون ) ، ( الهنود الأمريكان ) ، ( الهنود الحمر) و هم السُكان الأصليون للأمريكيتين قبل وصول ( اكتشاف ) كريستوفر كولومبس للقارة الجديدة
و قد سمٌوا بالهنود الحمر لأن كِريستوف كولومبس ظن خَطأ انه في الهند عندما اكتشَف أمريكا التي لم تكن معروفة , و أغلب الهنود الحمر الأصليين يعيشون حَاليا في بيرو

الأمة الأمريكية تشكلت على دماء وعظام وأراضي وأملاك أكثر من 100 مليون قتيل ومعذب من الهنود الحمر - سكان أمريكا الأصليين - وحتى يومنا هذا لا تزال المطبوعات الأمريكية تحاول إيهام الجميع بأن الفضل في إعمار أمريكا يعود إلى المستوطنين البيض لكن الواقع أن أغلب الأراضي كانت تستثمر من قبل الهنود الحمر أنفسهم حتى قبل قدوم البيض ، أما البيض فقد قاموا بدور المحتلين واللصوص وقطاع الطرق ، الذين بنوا رفاهيتهم على دماء ومعاناة عشرات الملايين من الهنود الحمر والعبيد.

أكد الباحث في علوم الإنسانيات السيد منير العكش: "أن الإمبراطورية الأمريكية قامت على الدماء وبنيت على جماجم البشر ، فقد أبادت هذه الإمبراطورية الدموية 112 مليون إنسان (بينهم 18.5 مليون هندي أبيدوا ودمرت قراهم ومدنهم) ينتمون إلى أكثر من 400 أمة وشعب ووصفت أمريكا هذه الإبادات بأنها / أضرار هامشية / لنشر الحضارة وخاضت أمريكا في إبادة كل هؤلاء البشر وفق المعلوم والموثق 93 حرباً جرثومية شاملة وتفصيل هذه الحروب أورده الكاتب الأمريكي هنري دوبينز في كتابه "أرقامهم التي هزلت" في الجزء الخاص بأنواع الحروب الجرثومية التي أبيد بها الهنود الحمر بـ 41 حرباً بالجدري ، و4 بالطاعون ، 17 بالحصبة ، و10 بالأنفلونزا ، و25 بالسل والديفتريا والتيفوس والكوليرا .
و من القصص التي تروى عن جرائم الأوربيون في إبادة الهنود الحمر قصة البطانيات القاتلة فما هي قصة البطانيات ؟
 
 
البطانيات القاتلة :
عندما غزى الأوربيون الأرض الجديدة (أمريكا اليوم ) استخدموا وسائل جهنمية لإبادة الهنود الحمر عبر نشر جراثيم الأمراض القاتلة في تلك الفترة كما ذكرنا سابقا , و لكن ما لفت انتباهي هو ما يسمى البطانيات القاتلة التي وزعها الأوربيون على الهنود الحمر كمساعدات و هي مليئة بالجراثيم المسببة لأمراض الجدري و التيفوئيد و غيرها الأمر الذي ساهم بإبادة الكثيرين منهم
 وقد كان لهذه الحروب الجرثومية آثاراً وبائية شاملة اجتاحت المنطقة من فلوريدا إلى الجنوب الشرقي إلى أرغون في الشمال الغربي ، بل إن جماعات وشعوب وصلتها الأوبئة أبيدت بها قبل أن ترى وجه الإنسان الأمريكي الأبيض .

ووصل الأمر إلى تباهي الأمريكان بهذه الوحشية والدموية فها هو وليم براد فورد حاكم مستعمرة بليتموت يقول: "إن نشر هذه الأوبئة بين الهنود عمل يدخل السرور والبهجة على قلب الله ، ويفرحه أن تزور هؤلاء الهنود وأنت تحمل إليهم الأمراض والموت ، وهكذا يموت 950 هندي من كل ألف ، وينتن بعضهم فوق الأرض دون أن يجد من يدفنه .
 خُرافة الأمريكي الأبيض عن الأمريكي الأحمَر
كل ما تُروجه أمريكا عن الهُنود الحمر هو غير صحيح , فشعب الهنود الحُمر ليس شعب هَمجي و بربري كما يُصوره الإعلام الأمريكي
بل هم شعب يعيش في قبائل تحترم بعضها  , و لَهم قوانين خَاصة و عهود و حضارة لا يستهان بها , و لكن المستعمر الأوربي نَسف كل هذه المبادئ الراقِية , و دَمر هذه الحضارة المُتميزة , و ارتكبت المجازر الفظيعة لإبادة هذا الشعب و تذكر روايات التاريخ بأن الغزاة قدموا  100 جنيه لكل أمريكي اَبيض يَجلب فروة رأس مسلوخَه لأمريكي أَحمَر كمكافأة
و تقول الحكاية أنه في عام 1730 أصدر البرلمان الأمريكي للبروتستانت الأطهار تشريعا يبيح إبادة الهنود الحمر، ليس فقط بل وأصدرت قرارا بتقديم مكافأة مقدارها 100 جنيه مقابل كل فروة مسلوخة من رأس هندي أحمر و50 جنيه مقابل فروة رأس امرأة أو فروة رأس طفل. ً

 تنَازل عن قريَته بِريشة إوزه دون أن يَعرف
بعد أن مل الهُنود من حصدهم بشكل حيواني لجأوا إلى الطاولة الأمريكية للمُفاوضات – يبدو أن  الذل والفناء حليفا الجالسين عليها-  وأرغم رؤساء القبائل على التوقيع على ورقة لا قيمة لها ثم يقُومون وفقا لهذه الورقة بإبعاد القبيلة كلها من أرضها.
وقد وصف بلاك هَوك زعيم قبيلة سوك Sauk، الذي عَاش في أوائل القرن الـ19، بقوله:
كل ما فعلته هو أنني لمست الورقة بِريشة إوزة دون أن أعرف أنني وبتلك الفعلة كنت أوافق عَلى التنازل عن قريتي”.
طبعا لم يكن هوك يعرف القراءة ولا الكتابة لكن مَصير أحفاده لا يزال يتحكم فيه حتى الآن ريشة الإوزة, وتم نقلهم إلى أراضٍ مقفِرة وموبوءة لم يكن الرجل الأبيض يريدها، وهِي الأراضي التي أُطلق عليها فيما بعد اسِم “محميات
 محميات الهنود الحُمر أشبه بمحميات الحَيوانات
اجبروا على العيش فِيها ، وأجبروا على ارتدَاء ملابس ليست من ثقافتهم  , ومُنعت عليهم إقَامة الطُقوس الخاصة بِهم ، أو إقامة رقصَاتهم , كي  تباد حضارَتهم
و نظراً لحاجة الأمريكان البيض ( الجدد )  للأيدي العاملة بنظام السخرة لاستغلال الثروات التي ورثوها عن الهنود عدلوا عن جزء من  إستراتيجيتهم في القتل ، بالإبادة عن طريق نظام السخرة للهنود.
ففي عام 1846م احتلت جيوش الأمريكان كاليفورنيا وتقول الإحصائيات أنهم تمكنوا من إبادة 80 % من هنود كاليفورنيا بالسخرة حيث نشط بجانب ذلك التجارة بالأطفال والنساء.

وفي عام 1830م سن الكونجرس الأمريكي قانون ترحيل الهنود قسراً وأصبح من حق المستعمر الأمريكي أن يطرد الهندي من أرضه ويقتله إذا أراد ، و يومها حصدت قوات الجيش النظامي الأمريكي من لم يمت من خمسة قبائل  هندية كاملة وهي  (الشيروكي - والشوكتو - والشيسكومسو - والكريك - والسيميتول) بعد تهجيرهم قسراً إلى مناطق موبوءة بالكوليرا.
وفي حملة 1776م على هنود الشيروكي ,  تم إحراق المدن الهندية وأتلفت المحاصيل الزراعية ومن بقي من هنود الشيروكي هجروا إلى الغابات ليقتلوا ، ولم تمض ثلاث سنوات حتى أصدر جورج واشنطن أوامره للجنود بأن يحيلوا مساكن هنود الأوروكو إلى خراب ومحوها من على وجه الأرض ، ولذلك أطلق هنود السينيكا على أبي الجمهورية الأمريكية "جورج واشنطن"اسم "هدام المدن"  , فبموجب أوامره تم تدمير 28 مدينة من أصل 30 مدينة كاملة لهنود السينيكا وحدهم من البحيرات الكبرى شمالاً وحتى نهر الموهوك وفي فترة قياسية لا تزيد عن خمس سنوات ، وهذا ما تم أيضاً بمدن الموهوك ، والأنونداغا ، والكايوغا ، حتى أن أحد زعماء الأروكوا قال لجورج واشنطن ذات لقاء في عام 1792م : (عندما يذكر اسمك تلتفت نساؤنا وراءهن مذعورات وتشحب وجوههن ، أما أطفالنا فإنهم يتلببون بأعناق أمهاتهم من الخوف) .
ومضى الآباء المؤسسون جميعاً على خطى جورج واشنطن فحتى توماس جيفرسون الملقب برسول الحرية الأمريكية وكاتب وثيقة استقلالها ، أمر وزير دفاعه بأن يواجه الهنود الذين يواجهون التوسع الأمريكي بالبلطة وأن لا يضع هذه البلطة حتى يفنيهم فقال له:
 "نعم إنهم قد يقتلون أفراداً منَّا ، ولكننا سنفنيهم ونمحو آثارهم من الأرض".
وعام 1633م كان هنود النارغنستس قد تعرضوا لحرب بالجدري حيث قدَّم إليهم الأمريكان هدايا مسمومة بجراثيم الجدري وعندما أقام الهنود محاكمة للكابتن جون أولدام بتهمة القتل الجماعي وأعدموه ، انتقمت أمريكا بإبادة هنود النارغنستس عام 1637م بحرب الجراثيم.
وفي عام 1636م تظهر أول وثيقة تثبت استخدام الأمريكان للسلاح الجرثومي عمداً ، وقد كتب القائد الإنجليزي العام اللورد "جفري أمهرست" إلى هنري بواكيه "يطلب منه أن يجري مفاوضات مع الهنود ويقدم لهم بطانيات مسمومة بالجدري وأجاب بواكيه:
(سأحاول جاهداً أن أسممهم ببعض الأغطية الملوثة التي سأهديهم بها وسآخذ الاحتياطات اللازمة حتى لا أصاب بالمرض) .
وببطاطين ومناديل تم تلويثها في مستشفى الجدري انتشر الوباء بين أربعة شعوب هندية (الأوتاوا - ينيغو - والمايامى الينى - وناييه) وأتى على أكثر من مائة ألف طفل وشيخ وامرأة وشاب ، ولطالما وصفت وثيقة (أمهرست) بأنها "حجر رشيد" الحرب الجرثومية ، وهناك وثيقة تتحدث عن إهداء أغطية مسمومة بالجدري لهنود "المندان" في فورك كلارك وقد نقلت هذه الأغطية إلى ضحاياها في 20 حزيران يونيو 1837م من حجر عسكري لمرض الجدري في سان لويس على متن قارب اسمه "القديس بطرس" فحصدت كذلك في أقل من سنة واحدة مائة ألف طفل وشيخ وامرأة وشاب ، وبعد حوالي 15 سنة كانت كل الولايات المتحدة تتساءل عن أفضل وسيلة للقضاء على هنود كاليفورنيا ، فمع الاستيلاء على هذه الولاية الواسعة من المكسيك وجدت أمريكا نفسها أمام مهمة جديدة وصفتها إحدى صحف سان فرانسيسكو كما يلي:
"إن الهنود هنا جاهزون للذبح وللقتل بالبنادق أو بالجدري ... وهذا ما يتم الآن فعلاً" .
وفي تلك الفترة كان تسميم الهنود بجراثيم الجدري خطة منظمة تمارسها الدول وبعض الشركات التجارية المختصة ، ويتسلى بها المستوطنون في حفلات تسلية وُصِفَتْ : "بأنها تستخدم الجراثيم من أجل الإبادة المطلقة لهذا الجنس اللعين" .
وحشية الأمريكي الأبيض :
قال أحد الأطباء الأمريكان البيض أشهر أطباء عصره في عام 1855م :
 "إن إبادة الهنود الحمر هو الحل الضروري للحيلولة دون تلوث العرق الأبيض وأن اصطيادهم اصطياد الوحوش في الغابات مهمة أخلاقية لازمة لكي يبقى الإنسان الأبيض فعلاً على صورة الله".
ويجذب السياق نفسه "فرانسيس ياركين" أشهر مؤرخ أمريكي في عصره فيقول:
 "إن الهندي نفسه في الواقع هو المسؤول عن الدمار الذي لحق به لأنه لم يتعلم الحضارة ولابد له من الزوال ... والأمر يستأهل".
إبادة وطمس الحضارة الهندية :
دأبت هوليود على هدم الحضارة الهندية وطمس معالمها عبر تصويرها بالوحشية والهمجية والدموية القائمة على التمثيل بالإنسان الأبيض الذي أتى يعلمهم الحضارة ، وكل هذا محض افتراء على الحضارة الهندية التي استقبلت الإنسان الأبيض وأنقذته من الموت المحدق وعلمته زراعة الأرض وعمارتها وكيفية استغلال ثروات الطبيعة في البلاد الهندية.
التمثيل بجثث الهنود :
لقد ارتكب الإنسان الأمريكي والإنجليزي الأبيض جريمة سلخ فروة الرأس في كل حروبه ضد الهندي وذلك على النقيض مما تروج له هوليود والرسميون والإعلاميون وأكاديميو التاريخ المنتصر ، فقد رصدت السلطات الاستعمارية مكافأة لمن يقتل هندياً ويأتي برأسه ، ثم اكتفت بعد ذلك بسلخ فروة الرأس ، إلا في بعض المناسبات التي تريد التأكد فيها من هوية الضحية ، ولعل أقدم مكافأة على فروة الرأس بدلاً من كل الجمجمة تعود إلى عام 1664م ، وفي 12 أيلول سبتمبر من ذلك العام ، حيث رصدت المحكمة العامة في مستعمرة ماسوسيتش مكافأة مختلفة لكل من يأتي بفروة رأس هندي مهما كان عمره أو جنسه وتختلف المكافآت بحسب مقام الصياد ، 50 جنيهاً إسترلينيا للمستوطن العادي ، و20 جنيهاً لرجل الميليشيا العادي ، و10 جنيهات للجندي ، ثم تغيرت التعريفة في عام 1704م فأصبحت مائة جنيه لكل فروة رأس , حتى أن المغامر "لويس وتزل" يروى أن غنيمته من فرو رؤوس الهنود لا تقل عن 40 فروة في الطلعة الواحدة ، ويعتبر "وتزل" من أبطال التاريخ الأمريكي وما يعرف بعمالقة الثغور!!.
وبدءاً من "وتزل" صار قطع رأس الهندي وسلخ فروة رأسه من الرياضات المحببة في أمريكا ، بل إن كثيراً منهم يتباهى بأن ملابسه وأحذيته مصنوعة من جلود الهنود ، وكانت تنظم حفلات خاصة يدعى إليها علية القوم لمشاهدة هذا العمل المثير - سلخ فروة رأس الهندي - حتى أن الكولونيل جورج روجرز كلارك في حفلة أقامها لسلخ فروة رأس 16 هندي طلب من الجزارين أن يتمهلوا في الأداء وأن يعطوا كل تفصيل تشريحي حقه لتستمتع الحامية بالمشاهد وما يزال كلارك إلى الآن رمزاً وطنياً أمريكياً وبطلاً تاريخاً وما يزال من ملهمي القوات الخاصة في الجيش الأمريكي.
ومع تأسيس الجيش الأمريكي أصبح السلخ والتمثيل بالجثث تقليداً مؤسساتياً رسمياً فعند استعراض الجنود أمام وليم هاريسون - الرئيس الأمريكي فيما بعد - بعد انتصار 1811م على الهنود استعرضوا التمثيل بالضحايا ثم جاء الدور على الزعيم الهندي "تكوميسه" وهنا تزاحم صيادو الهنود والتذكارات على انتهاب ما يستطيعون سلخه من جلد هذا الزعيم الهندي أو فروة رأسه ، ويروي جون سغدن في كتابه عن "تيكوميسه" كيف شَرَطَ الجنود المنتشون بسلخ جلد الزعيم الهندي من ظهره حتى فخذه.
وكان الرئيس أندره جاكسون الذي صورته في ورقة العشرين دولار من عشاق التمثيل بالجثث وكان يأمر بحساب عدد قتلاه بإحصاء أنوفهم المجدوعة وآذانهم المصلومة ، وقد رعى بنفسه حفلة التمثيل بالجثث لـ 800 هندي يتقدمهم الزعيم "مسكوجي" ، وقام بهذه المذبحة القائد الأمريكي جون شفنغنتون وهو من أعظم أبطال التاريخ الأمريكي وهناك الآن أكثر من مدينة وموقع تاريخي تخليداً لذكره ولشعاره الشهير "اقتلوا الهنود واسلخوا جلودهم ، لا تتركوا صغيراً أو كبيراً ، فالقمل لا يفقس إلا من بيوض القمل".
بل إن الأمر وصل كما يقول الجندي الأمريكي "أشبري" إلى حد التمثيل
بفروج النساء ويتباهى الرجل بكثرة فروج النساء التي تزين قبعته وكان البعض يعلقها على عيدان أمام منزله.

ثم اكتشف أحد صيادي الهنود إمكانية استخدام الأعضاء الذكرية للهنود كأكياسٍ للتبغ ، ثم تطورت الفكرة المثيرة من هواية فردية للصيادين إلى صناعة رائجة وصار الناس يتهادونه في الأعياد والمناسبات ، ولم تدم هذه الصناعة طويلاً بسبب قلة عدد الهنود حيث وصلوا في عام 1900م إلى ربع مليون فقط

 . يتبع

 



  عدد المشاهدات: 16598

إرسال لصديق

طباعة


التعليقات:

إرسال تعليق:
الاسم الكامل:
البريد الإلكتروني:
البلد: