الأمل بالعمل



الأكثر زيارة
 الصفحة الرئيسية   ربيع نتنياهو

الربيع العربي وصفعة الوعي بقلم : د.يونس حيدر

لعل المتابع لما يجري على هامش ما سمي الربيع العربي والأحداث المرافقة له وبخاصة ما يجري من تآمر على سوريا، يستطيع أن يستنتج الكثير من العوامل التي لم تكن صدفة بل اشتغل عليها فشكلت الضربات المتتالية التي وجهها محيكو المؤامرات إلى الوعي الإنساني وبخاصة العربي وإلى ذاكرتنا الوطنية، وكانت صفعاتها لافحة على صعد متعددة:
على الصعيد الأخلاقي وعلى الصعيد الوطني وعلى الصعيد الديني ثم على الصعيد العالمي والإنساني , فتاهت بها الأفكار وحارت ,  واختلط فيها الغث بالثمين والجوهر بالشكل وغلف مضمونها بقشور امتلأت قيحا وبثورا وصديدا!

 غير أن هذه الأحداث على هولها وصفعاتها, قد حملت بذور إضاءات ساطعة ومشاعل أمل جديرة تمهد لمرحلة إشراق نيرة في مسيرة سورية المتجددة.
ويلاحظ أمورا شتى منها:
•    صفعات على الصعيد الأخلاقي:

1.    صفعة انفلات الحراك من كل ضوابط أخلاقية أو رادع وجداني-  حيث مورست أعمال فاحشة ووحشية، غريبة عن أي ممارسات أخلاقية أو دينية فعمليات السطو أو الخطف أو الاغتصاب والقتل بهمجية أو التمثيل بالأجسام وتشويهها أو استخدام وسائل العنف البدائية للقتل المتعمد حبا بالقتل فقط، وجهت صفعات للقيم الأخلاقية!.2.    صفعة تشويه مفهوم المعارضة: المعارضة من حيث المبدأ هي القوى التي تختلف مع السلطة في أساليب وطرق تحقيق المصلحة الوطنية، وهي التي تنافس السلطة تحت سقف القيود الوطنية كي تحل محلها في مرحلة لاحقة، وهي التي تعمل من خلال تصرفاتها وممارساتها في إطار القانون على كبح انزلاق السلطة نحو المصالح الفئوية أو ضد مصلحة المجموع، أي أن مفهوم المعارضة من حيث المبدأ هو مفهوم إيجابي ووجودها يعود بالخير على الوطن أساسا.
لكن! من خلال متابعة الحراك الذي يجري نلاحظ أن ما سمي معارضة هم مجموعة من المعترضين الفوضويين الذين يمارسون كل ما يحلو لهم لتقويض مصلحة الوطن ودماره والتأثير السلبي على مواطنيه وخدمة أعدائه، ولم يتوانوا عن الاستعانة بالأجنبي، ودعوته للبطش بأوطانهم ومارسوا الكذب والتضليل والخداع وكل الموبقات والآثام,  وهذا ما يقود إلى إضفاء صورة سلبية على المعارضة ويسيء للعملية الديموقراطية عند ممارستها.
1.    صفعة تدخل الآخرين من دول ومنظمات وأفراد علانية في الشؤون الداخلية للبلدان بوقاحة وصفاقة غير معهودة، دون أن يخولهم العرف أو القانون ذلك، بل لقد تعمدوا الكذب والتضليل وبنوا عليهما مواقف وتصرفات دون استحياء ولا خجل فأساءوا للأعراف والمواثيق الدولية .
2.    صفعة الجيرة والصداقة: الجار الذي لم يحترم حق الجيرة والصديق الغادر والخل غير الوفي، سوريا التي فتحت أبوابها للأتراك,  بادلها حكام تركيا الوفاء بالعداء والإخلاص بالغدر، فهل هذا ما يقول به الإسلام الذي يعلنون؟! أو ما يخبئه المستقبل الذي يبنون؟!!.
3.    صفعة النفاق السياسي: أصبح المتخلفون والظلاميون وممارسو الدكتاتورية دعاة الحرية ومروجي الديموقراطية في الوطن العربي,  المستبد في شعبه ينادي بالديموقراطية لدى الآخر! والتابع لسيد قوي يمارس دور السيد على غيره والآمر الناهي على غير وجه حق!
وتراهم يكذبون بطريقة لا خجل فيها، حتى صدّقوا أنفسهم فضلوا وتاهوا وضللوا!
هذا الدور التآمري المنافق الذي لعبه بعض المسؤولين العرب في الأحداث من قطريين وسعوديين..وغيرهم، لو قرأنا دلالاته لرأينا أنه قد أساء إلى الأخلاق العربية وإلى كل ما هو رمزي يتعلق بملوك ومشايخ وأمراء العرب، ويحط من مقاماتهم لدى المواطن العربي العادي.
فعوضا عن أن يكون الملك ملكا والأمير أميرا جعلوا الملك رجلا عاديا والأمير مغفلا وحاقدا والشيخ غرّا وطفلا صغيرا ,  قدمت الأحداث شخصيات (محللين ومفكرين وناشطين...) نكرة وغير معروفة ولا شعبية لها على أرض الواقع , على أنها تمثل الشعب وتتحدث باسمه وقدمت لها المنابر وجميع أشكال الدعم المالي والإعلامي وحتى السياسي! فقد هزلت والله!
ونصب الأعداء الفاجرون أزلاما من اختراعهم أوصياء على الشعب وخدّاما لمصالحهم.
•    صفعات على الصعيد الوطني: تجلت في صفعات الإساءة للوطنية وأسسها وأشكالها من خلال مجموعة مفردات استخدمت بعكس دلالاتها كي يصار إلى تفريغها من محتوياتها التي رسخت عبر أجيال في مخيلة الوطن والمواطنين منها:
1.    صفعة ما سمي المجلس الوطني: لوحظ أن معظم الموجودين في هذا المجلس ناقصو الوطنية، بل إن بعضهم وفقا للمعايير الوطنية التي نعرفها عملاء للأعداء بشكل صريح، وفي ذلك محاولة مقصودة لتشويه مفهوم الوطنية والإحساس بها لدى المرء، بحيث تحمل مدلولا مغايرا لسموها ورفعتها، فما كان وطنيا يعتز به,  أصبح وضيعا ورخيصا.
فلنتخيل هول ذلك.
2.    صفعات الجامعة العربية: ظهر أنها لا تجتمع على بر ولا على تقوى بل تجتمع ويا للأسف! على الإثم والعدوان والبغي. وتعمل على التفريق بدل التجميع، ولم تلتزم لا بمواثيقها ولا بأعرافها، وتناست دورها كجامعة للدول العربية بقصد تحقيق المصالح المتقاطعة أو المتكاملة والاهتمام بالقضايا الهامة، بل قامت بدور لا تشكر عليه إذ جلبت الدمار لليبيا والتقسيم للسودان والفوضى لمصر واليمن، وتغاضت عما يجري في البحرين، وتآمرت علنا على سورية، وتناست القضية الفلسطينية، وتعمل بشكل أو آخر على تصفيتها.
كما ويلاحظ المتابع أن هذه المنظمة تسير بطريق تحويل كل ما هو عربي أو عروبي إلى ضده، وتعمل جاهدة لتمرير مصالح الأجنبي على حساب المصالح العربية بالعلن أو بالخفاء ولعل القادم أدهى وأمرّ وأعظم!.
وأمينها العام لم يكن أمينا على غاياتها العروبية أو أمينا على ميثاقها بل عاث بها تقويضا وفوضى وخروجا على أسسها,  فقد سعى مع مجلسه لتدويل القضية بعد أن شرفتهم سورية بقبول دور عربي للمساعدة في تجاوز الأزمة، ونراهم قد انقلبوا على أعقابهم وتاهوا في ضلالهم فكان مسعاهم للتدويل صفعة أولى! وبذلك ينظر العربي إلى الجامعة العربية نظرة ارتياب وشك فتتهدم بذلك المؤسسة الوحيدة الافتراضية المتبقية للعرب كأمة ولو شكليا.
3.    صفعة في عبارة الثورة: في المألوف تطلق كلمة ثورة على عملية التغيير لواقع فاسد في اتجاه واقع أفضل يفترض فيه تحقيق مصلحة المجموع وتنتفي فيه المصالح الذاتية أو الفئوية.
ويستطيع المتابع لما يجري أو قارئ الوقائع التي واكبها الحراك( الذي أطلق على نفسه اسم الثورة) أن يستنتج أن هذا الحراك الفوضوي وما رافقه من ممارسات تعسفية شاذة وغير أصيلة؛ قد أساء لكل المتعارف عليه بخصوص الثورات! فالقتل والسطو وقطع الطرقات وتدمير الممتلكات والانفلات الأمني وإرغام الناس على قول وفعل ما لا يشاؤوه أو يريدوه، وما رافق ذلك من عمالة علنية وبيع للوطن بثمن رخيص والارتهان للأجنبي وسواه وغيره بالوعود والتنازلات..الخ. قد أساء إلى فكرة الثورة والثورية وترك انطباعا سيئا لدى المتابع حتى بات الإنسان البسيط بسبب سوء الأوضاع وهمجية الممارسات وهول التداعيات يلعن الثورات والثوار.
4.    صفعة في عبارة الحرية: الحرية التي أعلنت في سياق الأحداث وفهم منها حرية القتل والسطو وتخريب الممتلكات العامة والخاصة والانفلات من كل ضابط قد أساء لمفهوم الحرية ولممارساتها التي حفظتها التشريعات والقوانين واعتبرتها حقا أساسيا من حقوق الإنسان، ويا لهول ما رأيناه من ممارسات ضالة ومشوهة لهذه الحرية في ليبيا والعراق وعلى الأرض السورية وما شكلته من فواجع ومآسي!
5.    صفعة المفكرين: تحول بعض من جرت تسميتهم بالمفكرين إلى مروجي الحراك الفوضوي أو قيادة الأعمال الفتنوية لخدمة المؤامرة على الأوطان خلافا لأفكارهم المكتوبة أو بتناقض مع المنطق(بشارة وغليون) وإظهارهم رخيصين وهزيلين يخدمون أعداء الوطن ويخدعون المواطنين، وفي ذلك إساءة إلى عقول ومعرفة من يفترض بهم قيادة تطوير البلدان العربية ونهضتها، وفقدان الثقة بالتالي بالمتعلمين وأصحاب الشهادات العليا ممن بقي من الوطنيين الحقيقيين ومن قادة سياسيين!.
6.    صفعة تسمية الجيش الحر: وهو ليس بجيش أولا! بل عبارة عن مجموعات إرهابية تخريبية عميلة مرتبطة بقوى خارجية، تعمد إلى القتل والترويع والتخريب، مما قد يسيء إلى مفهوم الجيش أولا، وهو مرتهن للأعداء ومتواطئ معهم ولا يمت بصلة إلى الأحرار,  بل يسيء بممارساته واعتدائه على الوطن وتبنيه للخارجين على القانون إلى مفهوم الحرّ وإلى كل حر أو أبي.
•    صفعات على الصعيد الديني:  الإساءة للدين من خلال:
1.    صفعة وجود شريحة تتلبس لبس الدين مدعومة ماديا وإعلاميا تركت الحبل على الغارب، وسمحت لأهوائها وأغراضها أن تعلو فوق الدين، وتركت العنان لخيالها دون أي ضابط أو رادع ديني أو وازع أخلاقي؛ فأصدرت الفتاوى الضالّة المدمرة والدعوات الهدامة تبعا للهوى والشهوات وحب الدنيا أو بناءا على الطلب باسم الدين، والدين من أفعالها براء! ولم تتوانى عن إصدار فتاوى مغايرة ومتناقضة لحالة واحدة أو لظاهرة واحدة وذلك باختلاف المكان أو الزمان! فجيشت العامة ولعبت على المشاعر والأحاسيس فشرعت ما لا يحل وحرضت على القتل وتدمير مقدرات البلدان والفتك بالناس الأبرياء ولعبت على الغرائز وحركت الطائفية وأثارت العصبية الجاهلية؛ فأصابت شريحة واسعة من البسطاء أو الحاقدين، ضللتهم وأعمت بصيرتهم؛ فهاموا على وجوههم وتاهوا في دياجير الظلمات والأحقاد والضغائن حتى ضاعوا وأضاعوا، وتتحمل هذه الشريحة شرعيا وأخلاقيا وعرفا وزر هذه الأعمال القبيحة وإثم ما كانت سببا فيه!
2.    استغلال المساجد للخروج بالتظاهرات المخلة بالأمن، وبالتالي دفع المصلين غير المنخرطين في الأحداث للابتعاد عن المساجد وهجرها؛ مما يسيء إلى العلاقة بين المتعبد والمعبود ومكان العبادة!
3.    صفعة استغلال المساجد لإثارة الفوضى والدعوة الضالّة للجهاد في وجه الدولة على غير وجه حق! واستخدام المساجد ودور العبادة أحيانا للقنص أو للتشنيع ببعض المخطوفين، والغاية من ذلك أن يشار إلى المسجد أو دار العبادة على أنه مكان خطير! يحمل الكثير من المفاجآت غير السارة، بدلا من يكون بيتا من بيوت الله ومكانا لعبادته يمتلئ بالأمن والأمان والطمأنينة ويدخل الراحة في النفس.
4.    صفعة الترويج للتكفيريين الذين لا يحترمون أي آخر، ودعمهم وإظهارهم على أنهم هم الإسلام؛ مما يحدو بالآخرين إلى اعتبار الإسلام دين إقصاء وإبعاد؛ واعتباره بالتالي خطرا على الإنسانية لا بد من مواجهته!
5.    صفعة التركيز الإعلامي على عمليات قطع الطرقات والقتل الهمجي والتشنيع والفظاعة والتمثيل بالجثامين، التي ترتكبها الجماعات المتطرفة المنحرفة وإلصاقها بالإسلام! وبالتالي استبدال جوهر الإسلام الرحيم والمتسامح والإنساني بمظاهر وحشية وأعمال وضيعة تلصق به وتسيء إليه وتنفّر منه، لا بل تدعو لإدانته ولفظه والابتعاد عنه!
6.    وقد يندهش الإنسان المسلم عندما يلاحظ أنه وعلى الرغم من أن الله سبحانه قد وصف نفسه بالتعريف هو: "الرحمن الرحيم" وأنه يفترض بكل من يدعي الإسلام أن يشير إلى ذلك مرات عدة في اليوم الواحد عند صلواته الخمس، فإن من مارسوا العنف والقتل لم تظهر عليهم أية رحمة! بل كانوا للأسف قتلة لا يمتون إلى الإسلام بصلة حقيقية! فيا لهول ما تركوا من آثار ضارة على سمعة الإسلام والمسلمين!!!
•    صفعات على الصعيد العالمي والإنساني:
1.    صفعة قادة الدول: يستنتج المتابع هيمنة مجموعة من القادة على العديد من دول القرار لا يشبهون رجالات الدولة المعروفين! ليس لديهم تقاليد سياسية عريقة! أو تراث أو حتى التزام بمعايير الموضوعية أو الاتزان العقلاني في تحقيق مصالح الدول أو الشعوب! بل بالأحرى هم حكّام يفتقدون إلى الحكمة وأشبه بقادة المافيات العالمية التي تنفلت من جميع القيود، والتي تحاول تحقيق غاياتها بأية وسيلة كانت! من خلال الهيمنة واستخدام أساليب ملتوية منها الحروب أو البطش أو... في سبيل تحقيق مآربها ومصالحها على حساب الآخرين,  مما يصيب الإنسان بالدهشة والذهول والحيرة!
2.    صفعة انتشار ظاهرة الإعلام الكاذب والمضلل وبشكل مهيمن وبأسلوب لا مهني بعيد عن أية موضوعية أو شفافية، يشوه الوقائع بوقاحة ويبتكر بعضها كي يخدم بجميع الوسائل الملتوية المصالح التي تسعى إليها قوى الهيمنة، وقد كشفت الوقائع تواطؤ هذا الإعلام مع بعض الجماعات المنخرطة في الحراك على أرض الواقع ويعمل على توجيهها وخدمتها ويتكامل بدوره مع أدوارها التخريبية كي يسوق وقائع يريدها وهي بعيدة عن الواقع أو يعمد إلى تشويه هذا الواقع تسويقا لمصالحه ومآربه وغايات المافيات التي يأتمر بإمرتها.
3.    صفعة الاستعمار: الاستعمار القديم يعود بقالب جديد متطور وفكر متجدد اقتصاديا وسياسيا سمح به التطور التكنولوجي وثورة الاتصالات، وتحت عناوين براقة كالديموقراطية والإنسانية والحريات وتقرير المصير والمجتمع الدولي...الخ. وكلها عناوين تجري من خلالها عمليات السطو على ثروات الأمم لخدمة الدول المتقدمة أو الدول الاستعمارية التي بنت اقتصادياتها على استغلال الشعوب والأمم.
وروج للاستعمار على أن له وجه إنساني وليس استعماري!
1.    صفعة عرقلة النمو: الوقوف في وجه نمو وتطور المجتمعات النامية من خلال منع هذه الدول من الحصول على ما يمكّنها من استغلال ثرواتها وخيراتها لمصالح شعوبها، وذلك بخلق مجموعة من العقبات والقيود على تقدمها العلمي أو التقني أو الاقتصادي، أو حتى عن طريق سلبها لحقها في اتخاذ قراراتها في حرية تشكيل مجموعات متكاملة اقتصاديا تتيح لها تجاوز معوقات نموها الاقتصادي، ما يدفع إلى فقدان الأمل بالخروج من مرحلة التخلف، والعيش في دوامة المراوحة بالمكان!
•    صفعة الإساءة للمفهوم الإنساني: يلاحظ القارئ للأحداث التي تجري كم استغل مفهوم الإنسانية وحقوق الإنسان في السنوات الأخيرة! وهو الشكل الصريح لمقولة "الحق الذي يراد به باطل"، بحيث نرى دعاة الإنسانية والمجتمع الدولي يستخدمون تعدد المعايير في مواقفهم وقراراتهم وتصرفاتهم، ويستغلون هذه المفاهيم لمصالحهم ويشوهون معانيها ومدلولاتها ؛حتى أن استخدامهم لها على هذا النحو أو ذاك قد فرغها من جميع محتوياتها، وأساء للفكر الإنساني ووجه صفعة قوية للعقل البشري الذي ما إن يعرّف تعريفا واضحا لمصطلح ما تتناقله الشعوب والأجيال حتى نراهم يشوهونه وينحرفون عنه ويستخدمونه بغير محله، وكأنهم يقومون عامدين بإعادة صياغة لمفردات ومصطلحات الإرث الإنساني بما يخدم المصالح المتناقضة للمافيات المتحكمة بمقدرات الشعوب وثرواتها، ويؤثر سلبا على الذاكرة الإنسانية للإرث البشري.  
بمعنى آخر إن جزءا لا يستهان به من غايات المؤامرة المخططة والمدروسة قد أحكم تدبيره , حتى أصاب الوعي العربي والإنساني وترك وقعا سيئا لدى البعض، ولعله قد يمهد في ذلك إلى مراحل جديدة لاحقة من فصول المؤامرات الدائمة على المنطقة!. الجانب المضيء في الأحداث:
في الختام,  لا بد من الإشارة إلى أن هذه الأحداث رغم مرارتها وكثرة جوانبها السلبية قد أفرزت مجموعة من الظواهر والمؤشرات الإيجابية التي ستترك أثرا حسنا على المستقبل المشرق للوطن والمنطقة:
1.    فمن حسن الحظ وجود بعض القوى الفاعلة على الساحة العالمية لديها من القيم السياسية والإنسانية والإحساس بالمسؤولية العالمية ما يجعلها تعمل انطلاقا من هذه القيم ووفقها من أجل تحقيق نوع من التوازن في العلاقات الدولية وإنهاء وحدانية القطب وكبح اندفاع المجموعات العالمية الشرهة وذلك باتجاه تعدد الأقطاب والمصلحة الإنسانية المتوازنة للمجموعة البشرية.
2.    بروز شريحة واسعة من رجالات الدين الوطنية المتنورة التي اتخذت في خلال مجريات الأحداث مواقف علنية اتسمت بروح عالية من الوطنية منطلقة من قراءة معمقة لجوهر الدين ومصلحة الأمة ولغايات المتربصين بها، أثرت إيجابا على كبح الانزلاق وعملت على دفع الأحداث لمصلحة الوطن.
3.    من خلال الأخطار تولد القلوب الكبيرة والقامات العالية والرؤوس المرفوعة والقيادات الجديرة، إذ سجلت الوقائع بروز رجالات فكر وعقلاء وسياسيين وشخصيات وطنية ومن شرائح متباينة من المواطنين أدركت الأحداث بعمق وفهمت مغزاها وغايات الهجمة الشرسة، وتلمست طرق مواجهتها والتعامل معها، وأدركت كذلك مقومات الوطنية الصادقة ومقدرات الوطن، وعملت بكل ما لديها من وسائل سياسية وإعلامية وميدانية على فضح المؤامرة والمتآمرين، واتخذت الخطوات الإصلاحية المناسبة لدحر الهجمة ولإخراج البلد من الأزمة .
4.    تجلي الوطنية الحقيقية بأجمل أشكالها وقيمها في الساحات الوطنية المتعددة دفاعا عن الوطن وكرامته وعزته وخدمة لشعبه، وممارسة التفاني في حب الوطن وتقديم النفس والمال من أجل الوطن، وجعلت الشهادة في سبيله مفخرة لجميع مكونات الوطن، فتلاحم جيشنا وشعبنا مع القيادة للذود عن الحمى ودحر المؤامرة ومواجهة الأزمة.
5.    اندفاع جيل الشباب الوطني المؤمن ببلده وعروبته إلى حمل لواء الدفاع عن عروبة سوريا ووحدتها وثباتها على مواقفها ومبادئها ومقاومتها وحرية قرارها، وخوضه لمعركتها حتى النهاية مؤمنا بالنصر مهما غلت التضحيات ,  وهو الجيل الذي استحق بجدارة حمل رسالة سورية المتجددة و الديموقراطية المتطورة السائرة بخطى ثابتة نحو غدها المشرق.
وإن غدا لناظره قريب! وسيعلم الظالمون الحاقدون أي منقلب ينقلبون!.

  عدد المشاهدات: 1670
 
طباعة
شارك برأيك

الاشتراك بالقوائم البريدية
البريدالإلكتروني: