April 27, 2013 12:59


لم يخرج اجتماع اسطنبول الأخير لمن أطلقوا على أنفسهم «أصدقاء سورية» بجديد بل ربما كانت الاجتماعات السابقة من اسطنبول إلى باريس والرباط والدوحة أكثر ضجيجاً ولكن من دون طحين!
الشيء الجديد ما ورد على لسان وزير الخارجية الأميركي جون كيري الذي أعلن أن بلاده ستتبرع أو تبيع أسلحة «غير قاتلة» للمعارضة السورية!
المفارقة هنا أن كيري هذا يتحدث عن ضرورة الحل السياسي للأزمة السورية لكنه يعلن أنه سيزود المعارضة بـ «أسلحة غير قاتلة» فهل هناك أسلحة غير قاتلة؟ وهل هناك «معارضة» أصلاً لتحصل على سلاح لتسهيل الحل السياسي؟!
أي «معارضة» يتحدث عنها كيري... هل هي تلك التي تقيم في فنادق خمس نجوم في عواصم الغرب الاستعماري أم هي تلك العصابات التي تمارس القتل والتدمير والتخريب في الداخل السوري؟
إذا كان الوزير الأميركي يقصد «المعارضة» الخارجية ذات خمس نجوم فهي لا تقاتل على الأرض ومن المشكوك فيه أن يكون لها أدنى تأثير على أفراد العصابات الإرهابية لذا فإن السلاح «غير القاتل» طبعاً لنا يذهب إلى «معاقل» هذه المعارضات في لندن وباريس وواشنطن وغيرها.
أما إذا كان السيد كيري المحترم والذكي يقصد «المعارضة» التي تمارس القتل والإرهاب على الأرض السورية فهي أولاً ليست «معارضة» وثانياً في أغلبيتها العظمى ليست سورية بل تحمل جنسيات عديدة منها الليبية والتونسية واللبنانية والكويتية والأردنية وحتى من جنسيات غير عربية شيشانية وأوروبية وكندية وأسترالية وغير ذلك، فهناك إرهابيون في الداخل السوري اليوم ينتمون إلى نحو أربعين دولة.
بهذا يكون كيري قد كشف حقيقة الدور الأميركي تجاه الأزمة السورية وتجاه سورية على وجه العموم ويكون أيضاً قد فضح أكذوبة «أصدقاء سورية» الذين هم بكل بساطة أعداء سورية لكنهم فصّلوا ثوباً براقاً مزركشاً سموه «أصدقاء سورية» وارتدوه.
هكذا نستطيع ويستطيع العالم معنا أن يعرف إلى أين يذهب السلاح القادم من المستودعات والمصانع الغربية إلى دول النفط والغاز والقطران ومن هناك إلى الأرض السورية لقتل السوريين وتدمير سورية الدولة والمؤسسات والشعب والموقف.
السلاح البريطاني – ومن ضمنه مدرعات – والسلاح الفرنسي والأسلحة الواردة من حكام الدوحة والرياض وغيرهما... يأتي إلى العصابات العديدة التي تقاتل لأهداف متعددة ومتباعدة أحياناً لكنها في النهاية تصب في هدف واحد وخطر وهو تدمير الدولة السورية.
ما مصلحة السوريين في كل هذا وهل «الأصدقاء» يرسلون السلاح لقتل أصدقائهم؟.
وإذا كان هؤلاء هم «أصدقاء سورية» فهل يبقى لسورية أعداء؟
وهنا نريد أن نهمس بأذن السيد كيري ومن معه الذين يتعاملون مع شخصيات معدودة على أنهم «المعارضة السورية» القادرة على الوصول إلى حكم سورية، نهمس بأذن كيري ومن معه لنقول: هل تعرف أن الأغلبية العظمى من السوريين لم يسمعوا قط بأسماء الأشخاص الذين يجتمعون في اسطنبول والدوحة وعواصم الغرب ويظهرون في الفضائيات على أنهم «معارضة سورية»؟
وهل يعلم السيد كيري ومن معه أن كثيرين من هؤلاء «المعارضين» هم من الذين سرقوا ونهبوا المال العام السوري ومارسوا الفساد على أوسع نطاق، وأعلنوا عن «انشقاقهم» بعد اندلاع الأزمة فكانوا أول القافزين من سفينة الوطن وأول المستغلين للظروف الجديدة؟
إذا كان هؤلاء هم الذين يعتمد عليهم الغرب والأعراب وأصحاب النفط والغاز فقل على الدنيا السلام، ولكن الأهم أن رهان المراهنين على هذه الحفنة من الخارجين على الوطن السوري هو بشرى للسوريين بأنهم يسيرون على درب النصر المؤزر والقريب.
بقلم: عصام داري



شارك برأيك

الاشتراك بالقوائم البريدية
البريدالإلكتروني: