الأمل بالعمل



الأكثر زيارة
 الصفحة الرئيسية   الصحافة السورية  

تحوّلات تستحق المتابعة-صحيفة البعث
August 31, 2015 16:05

تحوّلات تستحق المتابعة-صحيفة البعث

أفضت أحدث المجريات المكثفة في الكواليس السياسية سواء في موسكو أو سواها من العواصم المؤثّرة في صناعة الحل المنتظر “للمسألة السورية” إلى مزيد من التصعيد المنظم في أوساط الجماعات الإرهابية المسلحة، ضد الدولة السورية، من جهة، ثم ضد بعضها البعض من جهةٍ ثانية؟.

ورغم أن القراءة الأولية لمثل هذه المستجدات توحي بأبعاد تقليدية تتصل بالسعي المحموم لكل “جماعة” نحو استحواذٍ جغرافي يخدم الأوراق السياسية الجاري إعدادها للطرح على طاولات جنيف3 المنتظرة، إلّا أن ثمّة حقائق في اتجاهٍ آخر أعمق من مجرّد هذا البعد السطحي، تدور حول تنازعات حادّة على مستوى “الإدارة” الخارجية لأدوات التخريب، ولعلنا لن نخطئ فيما لو تحدّثنا عن بدايات فصول حربٍ مفتوحة المراحل بين الأطراف الداعمة للإرهاب، قد تصل إلى حدّ تبادل تصدير وصفات الموت ذاتها التي صدّروها إلى سورية ومازالوا.

فبعيداً عن جدوى خطة دي مستورا المدعومة أممياً ومدى الفعالية المنتظرة منها على الأرض، يبدو أنها أسست لحالة فرزٍ واضحة وضعت التركي والقطري بين قوسين بعد أن نأيا بنفسيهما عن أية مشاريع تسويات مهما كان شكلها ولونها، بالتالي نحن الآن أمام مشهد نعتقده غاية في الإحراج لهيئة الأمم المتحدة ولمجلس الأمن الدولي، الذي سيكون في مواجهة مباشرة مع هذين الطرفين الطامحين إلى مزيدٍ من التخريب “الوظيفي”، الأول بخلفيات سلفية عثمانية، والثاني بخلفيات “إسرائيلية”، وسنكون – ربما قريباً– في موقف يتيح معاينة مباشرة لعجز المنظمة الدولية حتى بـ “فصلها السابع” وإسقاطاته الواقعية المفترضة؟.

حتى هنا ربما يجد أحدٌ ما مخرجاً يحفظ ماء وجه الخاسرين في مثل هذه المواجهة، إلّا أن الإحراج الذي لا مخرج منه يقف عند عتبة المواجهة مع “داعش والنصرة” كتنظيمين إرهابيين، لا تجوز مواجهة أحدهما بشكلٍ منفصلٍ عن الآخر، فيما لو تبلورت حالة توافق دولية حقيقية للمواجهة، لنعود إلى المربع السابق ونخرج بالسؤال الذي يبدو شديد الواقعية والموضوعية وهو: هل ستكون هناك مواجهة فعلية مع داعمي “النصرة والسلسلة التي تنبثق عنها”، على اعتبار أن تركيا وقطر نصّبتا نفسيهما “أباً روحياً وآخر نفعياً مصلحياً” لهذه الجماعات كحامل طموحات مختلطة لكل منهما؟.

المواجهة مع “داعش” فهمناها بعد أن غدا هذا الفصيل الإرهابي مجرد “مافيا” شرهة لـ “الغنائم” اختارت النفط والغاز والآثار كمصدر ثرّ للمال، وتمرّدت على الدساتير العقائدية التي حُقنت ودُجنت بها في البدايات، لكن ماذا عن المواجهة مع “النصرة” التي وصل العالم إلى قناعات راسخة بأنها جماعة إرهابية بامتياز تتوعد العالم بذات النتائج المحتواة في نهج داعش؟.

من كل هذه المقدّمات نصل إلى استنتاجات واقعية تتعدى حدود التكهنات أو التخمينات الجوفاء، تتصل بحتميات مواجهات ساخنة متفرقة بين الجماعات الإرهابية على امتداد مطارح تموضعاتها في الجغرافيا السورية، وربما بدأ ذلك فعلاً في أكثر من منطقة.

وبما أن الصراع مرشح لأن يكون صراع قوى داعمة للإرهاب، لا نعتقد أن أحداً بمقدوره حصر حدود صراع “الإرهاب مع الإرهاب” داخل الأراضي السوريةٍ، حتى ولو تكاثفت التصريحات الجاهدة لتركيز الانتباه على المضمار السوري، فلدى الداعمين جرعات عالية من “الدسم” لن تكون بخفيّة على من استطعموا نكهة “الجزرة” لأن حامل العصا مكتنز بالجزر.

بقلم: ناظم عيد 



  عدد المشاهدات:

إرسال لصديق

طباعة
شارك برأيك

الاشتراك بالقوائم البريدية
البريدالإلكتروني: