الأمل بالعمل



الأكثر زيارة
 الصفحة الرئيسية   الصحافة السورية  

بين حماة الديار.. وحماة الإرهاب-صحيفة تشرين
October 11, 2015 15:21

بين حماة الديار.. وحماة الإرهاب-صحيفة تشرين

عند انطلاقة ساعة صفر مكافحة الإرهاب على الأرض السورية التي أعلنها التحالف السوري- الروسي، كانت هناك عشرات «ساعات الأصفار» التي أتحفنا بها حماة الإرهاب وصانعوه بهدف السيطرة والانقضاض على عمق الجغرافيا السورية التي كانوا يمنّون بها النفوس الوهابية التكفيرية، بالحلم الذي لا ينتهي من حيث إقامة «أرض الخلافة» ومشروع التقسيم كرمى تنمّر «إسرائيل» وتسيّدها وتكريسها وجوداً أبدياً في قلب الشرق الأوسط من دون

في ميزان القوى، كان الشر الإرهابي قوياً جدياً، وكذلك ما أعدته أمريكا من طبخات سياسية فاسدة لهذه المنطقة، وما خلّفته العربدة السياسية الغربية، لكن في البسالة والتقدم والصمود كانت لحماة الديار العزيمة التي لا تضاهيها عزيمة، والعقيدة التي يعتنقها الجيش العربي السوري بأن قدسية الواجب لا تعادلها قدسية في الدنيا، فكان أن انتفض بكل قوته متصدياً لأعنف حربٍ إرهابية في تاريخ سورية ولأشرس هجومٍ إرهابي دولي منظّم، وقدم للعالم أسطورته التي لاتقهر فعلاً، وأثبت أن العقيدة والتشبث بالأرض والسيادة هما العنوان الأبرز له، مسنوداً بشعب صامد وقيادة حكيمة.. وها هو اليوم يسطّر على الأرض، هو وحلفاؤه، بمساندة القوى الجوية الروسية الصديقة والحليفة أروع المعارك.

إن صورة سورية اليوم صورة مشرقة، فهي دولة قوية ممانعة، قدمت للعالم أمثولةً عظيمة في التضحية والصمود، وتعزيز خط المقاومة والأخلاق المبنيّة على احترام مبادئ وضعها العالم على الرغم مما نالها من إجحاف وتجاهل مارستهما بعض دول هذا العالم.

في مقابل صورة سورية الناصعة البياض، تطالعنا الأخبار بأن آل سعود يقومون بتوظيف شركة علاقات عامة أميركية «لتحسين صورتهم» في المنطقة والعالم وتمويلها بعشرات المليارات من الدولارات.. وفي هذا السياق، كشف الكاتب «لي فانغ» في مقال نشره على موقع «إنترسبت» الأمريكي أن السعودية وقّعت اتفاقين مع كل من شركة «إيدلمان» العملاقة للعلاقات العامة، وشركة «بوديستا غروب».. والأخيرة أسسها «توني بوديستا» أحد أبرز المشرفين على جمع الأموال لحملة مرشحة الرئاسة الأميركية هيلاري كلينتون للهدف نفسه أيضاً.. كما نجحت السعودية بتجنيد العديد من المشرّعين الأمريكيين مثل السيناتور السابق نورم كولمان، كما تقوم شركة أرامكو السعودية بتوظيف علاقاتها للوصول إلى لوبي شركات النفط الأمريكية.

وإذا قرأنا ما تنقله الوكالات عما تفعله سلطات آل سعود من إنفاق المليارات من أجل «تحسين صورتها» الملوثة بالإرهاب التكفيري.. السعودية التي تواطأت مع «إسرائيل» في ضرب من يفترض أنهم أشقاؤها، وكيف وظفت أموال الكعبة المشرفة لضرب بنية الوطن العربي وخلخلته، وكيف حرمت حجاج بيت الله السوريين، وتعاملت مع الحجاج الآخرين باستهانة وتسيّب ليسا بعيدين عما في تاريخ مملكة الرمال هذه من قباحات.. والأهم كيف كانت طرفاً أساسياً في مؤامرة استهدفت من خلالها ليبيا، وتونس، والعراق، واليمن التي دمرتها، وكذلك سورية التي سعت إلى تدميرها وتقسيمها ومحو معالمها بسيف الإرهاب التكفيري.. وكيف كان آل سعود عوناً نفطياً كبيراً لدول المؤامرة في تعزيز هذا التدمير لدولة عمر حضارتها آلاف السنين.

إنفاق آل سعود للمليارات لتجميل صورتهم يستدعي إلى الذهن أمرين:

أولاً: يذكّر بتاريخ أمريكا المهزومة في العراق بعد غزوها له، والتي وظفت فيما بعد عشرات الحملات الإعلامية لتحسين صورتها وتجميلها، ولاسيما عندما أرسلت الدبلوماسية «كارين هيوز» المدرّبة في هذا المجال، ومعها الملايين من الدولارات بغية تحقيق الهدف ذاته، وهو تحسين الصورة وتلميعها وإزالة ما علق بها مما سمّي بكارثة الغزو الأمريكي للعراق، والحرب في أفغانستان وكل أخطاء ما سمّي «الحرب الأمريكية على الإرهاب»، لكن هذه الدبلوماسية فشلت في مهمتها واستقالت، كما فشل قبلها واستقال كل من تشارلوت بيرس، ومارغريت تاتوا يلر. والمشكلة لم تكن فيهن، وإنما في السياسة الأمريكية الخارجية التي لم تكن مستعدةً للتغيير والاعتراف بالأخطاء الإرهابية التي ارتكبتها في العراق وأنحاء كثيرة من العالم آنئذٍ.

وآل سعود الغارقون في مغطس الإرهاب، من حيث دعمه وتصديره وتمويله مع الأجراء أمثالهم كقطر وتركيا، وأسيادهم في البيت الأبيض، هم بلا شك باتوا يبحثون عن ضرورة تجميل مافعلت أيديهم، فبدؤوا يشترون في السرّ بمليارات الدولارات شركات علاقات عامة عملاقة لتضع أحمر شفاه على وجه قباحة أفعال آل سعود.

والأمر الثاني: إن أفراد شركات العلاقات العامة العملاقة يمتّون إلى المرشحة الجديدة كلينتون بصلة متينة ما يترك في الأذهان تساؤلاً مهماً عن بناء آل سعود المستقبلي؟.. آل سعود الذين يرسمون خطوط المستقبل الآتي في البيت الأبيض مع لوبي نفطه، واقتصاده، وصهيونييه، ليضمنوا لأنفسهم كرسي المملكة التي لابّد زائلة.

كل بشاعة آل سعود هذه تبرزها ما حملته المواقف السورية، ومعها مواقف الحلفاء عبر تحالف أخلاقي حقيقي، ناصع البياض في أخلاقيته ومصداقيته من حيث جديته والتزامه حقيقةً بمكافحة الإرهاب على الأرض السورية، تحالف محوره سورية وروسيا الدولة الصديقة وحلفاؤهما، وبين «تحالف» تعوزه الأخلاق والكرامة والشرف والذي تقوده واشنطن، وأدواتها في المنطقة، ما يجعل استراتيجيات الصور تتوالى في أذهان مجتمع عالمي، عليه إما أن يضع بيضه في سلة الأخلاق وإما يدمّرها وتالياً، يدمّر نفسه!!

أي بين حماة الديار، أو حماة الإرهاب..

بقلم: رغداء مارديني 



  عدد المشاهدات:

إرسال لصديق

طباعة
شارك برأيك

الاشتراك بالقوائم البريدية
البريدالإلكتروني: