الأمل بالعمل



الأكثر زيارة
 الصفحة الرئيسية   الصحافة السورية  

خداع على حافة الهاوية-صحيفة البعث
November 09, 2015 01:21

خداع على حافة الهاوية-صحيفة البعث

لا نعتقد أنه علينا تصديق أن واشنطن أنفقت مليوني دولار على كل إرهابي من الطراز “المعتدل” في سورية، لانتزاع الحرية ومحاربة الإرهاب، فلم نتعوّد أن يعمل الأميركيون يوماً وفق أدبيات الجمعيات الخيرية، أو يكونوا “دروعاً” للديمقراطية، كما يزعمون عندما تقتضي مراوغاتهم مثل هذه المزاعم!!.

لذا لابد من التساؤل وبصوت عالٍ -هذه المرّة ليس بلساننا نحن السوريين، بل بألسنة كل المتوجسين من الإرهاب في هذا العالم– استفساراً عن الحدود الزمنية لجذوة العبث الأميركي بالملف السوري؟. ونكرّر أن المسألة لم تعد تعني السوريين وحسب، بل شعوب باتت على قناعة بأن حسم المعركة مع الإرهاب في سورية ليست مجرّد أولوية سورية، بل في الأمر بعد أممي إنساني وأمني شامل؟.

وإن اتجهت أنظار الباحثين عن إجابات إلى واشنطن، فهذا ليس بوصفها مخلصاً ومنقذاً، بل لقناعة تبلورت بأن الولايات المتحدة الأميركية هي صاحبة الامتياز الأكبر لـ “صناعة” الإرهاب في العالم، وهي بلد منشأ متوالية السموم التي عصفت بالكرة الأرضية في العقود الأربعة الأخيرة.. من الإرهاب، إلى التطرّف بكل أشكاله، إلى منعرجات الانحراف الثقافي والسلوكي، وصولاً إلى سلسلة الأوبئة والجائحات، التي تكشّفت حقائقها المرّة عن بصمات أميركية قذرة تؤكد أنها أمراض مُصنّعة جرى تطويرها في المخابر الأمريكية لأغراض تجارية، وأخرى أبعد من ذلك، فإن كان اختراع بؤر التوتر يتخذ بعداً تجارياً يتعلق بإنعاش مبيعات الأسلحة المملوكة للساسة والسيناتورات، فنشر الأوبئة يضمن انتعاشاً في مبيعات شركات الأدوية العائدة لذات النخب الرأسمالية..!!.

من هنا نعود إلى السؤال عن حدود “الطموح الإرهابي” الأميركي في سورية أولاً والمنطقة ثانياً، وسؤال آخر من وحي الإجابة المفترضة وهو: من يلجم الأميركي أو ما هي الوسيلة المثلى لكبح جماحه المجنون؟.

هي تساؤلات لا بدّ أنها تدور في أذهان كل المتوجسين في هذا العالم بما فيها الشعوب الأوروبية وحتى الأميركية، لأن تناقضات واشنطن إزاء الملف السوري باتت مقلقة لكل متابع بعيد أو قريب، لأنها تتعدى في خطورتها المضمار السوري، لأن العالم –وليس سورية وحدها- أمام امتحان مصيري في المواجهة مع الإرهاب.

لقد ازدادت حدّة الهواجس إزاء المراوغة الأميركية، ومتوالية قرائن تؤكد أن واشنطن تلعب بورقة الإرهاب في سورية وبها تهدّد بإحراق العالم، فأوباما يعلن أنه لن يرسل جنوده إلى سورية، لكنه يتحدّث عن إرسال خبراء عملياته الخاصة إلى الشمال، ووزير خارجيته “يلوك” الحديث عن حلول سياسية في سورية، ولا يتردّد في تكذيب نفسه، مشيراً إلى نيّات للمشاركة في المعارك الدائرة في سورية بالمقاتلين والسلاح، وسلسلة تطول أمام الراغبين بتتبّع حلقاتها، قوامها الخداع والتناقض والكذب واللعب بالألفاظ و”مداهنة اللحظة” وفق مقتضيات اتجاه الرياح، والمناورة على المواقف عندما تستلزم قطع عهود ووعود!.

العالم فعلاً في خطر داهم اليوم، وكل الشعوب أمام استحقاق المواجهة، حتى لو كان المطلوب من الأوروبيين الصمت والتظاهر بالاسترخاء إذعاناً للأميركي راعي الإرهاب، أو اصطفافاً معه في مواجهة القطب الروسي الصاعد، فثمّة وقائع لا تقبل التجيير، تؤكد حقيقة أن العالم كله مستهدف، وكل يوم يمرّ دون ردع الإرهاب يعني مزيداً من النضوج والصعود في نشاط الجماعات الإرهابية التي تمّ إطلاقها وبدأت بالتمرّد على المحابين لها، وربما هذا أكثر ما يقلق الشعوب التي تنعم بأمانٍ مزيف الآن.

فإن لم نلمس تحسّساً للخطر وتحركاً على مستوى البرلمان الأوروبي وانعكاسات مباشرة ومؤثّرة في المواجهة مع الإرهاب داخل سورية، تكون الديمقراطية أكبر كذبة تنطلي على شعوب أوروبا منذ القرون الوسطى ومزادات صكوك الغفران حتى يومنا هذا، تماماً كما كذبة المجمعات الانتخابية في الديمقراطية الأميركية، فببساطة على عقلاء العالم إدراك أن المواجهة مع داعش لا تتطلب صواريخ جو- جو من النوع الذي زُوِّدت به الطائرات الأميركية الرابضة في قاعدة أنجرليك التركية؟!.

بقلم: ناظم عيد 



  عدد المشاهدات:

إرسال لصديق

طباعة
شارك برأيك

الاشتراك بالقوائم البريدية
البريدالإلكتروني: