الأمل بالعمل



الأكثر زيارة
 الصفحة الرئيسية   الصحافة السورية  

تحوّلات “تحت الرماد”-صحيفة البعث
November 16, 2015 13:12

تحوّلات “تحت الرماد”-صحيفة البعث

لم يقلل التقدّم البطيء، الذي وسم اجتماعات فيينا بجولتها الثانية، من أهمية تطوّر نوعي حصل وشكّل مفارقة ببعدين مكاني وزماني، وكانت جديرة بالرصد وإحداث ردود أفعال دولية مدوية، تمثّلت بما نطقت به حماقة “جبير آل سعود” من همهمات تضمنت اعترافاً صريحاً جاء في سياق وعيد وتلويح بـ “الاستمرار بدعم الجماعات الإرهابية في سورية”، ليختصر مسافات شاسعة أمام كل الباحثين عن قرائن تورّط المتورطين بدعم وصناعة الإرهاب، ومن ثمّ الشروع بوسائل مكافحة ناجعة معه، كما يُفترض.

وإن صحّت الظنون بأن ما تفوّه به الجبير كان حلقة جديدة في سلسلة إملاءات أميركية، فهذا يعني أن الأميركي قد قرّر بشكلٍ حاسم إحراق ورقة آل سعود من حساباته، ودفع بهم لإعلان بداية نهايتهم على لسان وزير خارجيتهم، الذي بدا وكأنه صرّح بشكل غير مباشر بمسؤولية “عصابته” عن مجازر باريس، التي لا بدّ من التسليم بأنها تشظيات أكيدة لفصول الفعل الإرهابي الذي يدعمونه في سورية.

ويمكن لمن يرغب بقراءة ما بين السطور استنتاج احتمالات غير تقليدية بعد فيينا2 على مستوى خطوط الارتباط، الواصلة بين واشنطن والعواصم الأوروبية، والأخرى العربية وغير العربية في منطقة الشرق الأوسط، بما أن اللهجة الدبلوماسية التي اعتمدها وزير الخارجية الأميركي في تصريحاته، لم تتسق تماماً مع تصعيد آل سعود، ولا مع لعثمات الفرنسي، المفترض أن يكون هو المرتبك والمتوجّع من صفعة الإرهاب، إلا أن عباراته جاءت وكأنه يُردد كلمات مُلقّنة له منفصله في سياقها عما مُني به هو ورئيسه في باريس؟!.

لذا نجد أنفسنا أمام حتميّة الإنصات لصوت عقلٍ يتكهّن بأن العالم كان أمام “11 أيلول” جديد اختار باريس لتكون مكان الانعطافة المفترضة في التعاطي مع الإرهاب كخطر يتهدّد العالم، ثم كأداة لخدمة مصالح كبار داعميه أو الواعزين بدعمه، فقد يكون هؤلاء اقتنعوا بأن عليهم رعاية مصالحهم بطرق أخرى.. ربما بتفاهمات أو من يدري لعلها حروب مباشرة أو أو أو.. المهم أن ثمّة قناعة أميركية تولّدت على إيقاع “رصاص باريس” وداخل أروقة اجتماعات فيينا، التي تزامنت مع انتصارات واسعة النطاق للجيش العربي السوري، بأن المطلوب بإلحاح إحداث تحوّلات حادة وسريعة إزاء مواقفها من سورية انطلاقاً من مصالحها هي وليس أي أحدٍ آخر، وهذا بالتأكيد يملي عليها -هرباً من إحراجاتها- التنصّل من السعودية، كأكبر داعم للإرهاب في سورية، ومن هولاند ومحازبيه في فرنسا، كأكبر متعنّت في أوروبا ومتمسك بالخيار الإرهابي لحسم المسألة السورية.

من هنا يمكن فهم خلفيات الموقفين الفرنسي والسعودي في فيينا، وإصرارهما على البقاء في المربع الأول، حيث يتجه الآخرون ومنهم الأميركي نحو التمهيد – ولو شكلاً– لحوار وحل سياسي في سورية، فعلى الأرجح كانت فيينا مطرح بداية انتحار حقيقي فرنسي-سعودي بإيعاز أميركي، وقد لن تتأخر المشاهد اللاحقة التي تؤكد ذلك لدى كلا الطرفين، لكن قد تكون التطورات أسرع في فرنسا، المتأهبة الآن ضد هولاند وسياساته في سورية.

نعم هي انعطافة لا تعود في دوافعها لصحوة ضمير في واشنطن، بل الواقع أن الأميركي احتكم إلى براغماتيته التقليدية أمام البطولات، التي يجسدها الجيش العربي السوري في مواجهة ودحر الإرهاب، وأذعن لأمر واقع أرشدته إليه “شطارته” في الحسابات السريعة للجدوى، والمؤشرات حتى الآن تشي بأن حلفائه على أول طريق الخذلان، وليست نتائج فيينا 2 دليلنا الأوحد على ذلك.

ناظم عيد
 



  عدد المشاهدات:

إرسال لصديق

طباعة
شارك برأيك

الاشتراك بالقوائم البريدية
البريدالإلكتروني: