الأمل بالعمل



الأكثر زيارة
 الصفحة الرئيسية   الصحافة السورية  

ورطة أردوغان-صحيفة البعث / عماد سالم
November 27, 2015 12:36

ورطة أردوغان-صحيفة البعث / عماد سالم

يُخطئ من يعتقد أن حكومة حزب العدالة والتنمية أقدمت على إسقاط القاذفة الروسية من تلقاء نفسها، فهي ببساطة أصغر من تحمّل أعباء هذا التصرّف الأرعن، وبالتالي فإن ذلك جاء بعلم الإدارة الأمريكية، إن لم يكن بدفع منها لتوريط تركيا في أزمات خارج السياق تُفضي إلى حرف البوصلة عن الهدف المطلوب من التحرّك العالمي، وهو القضاء على الإرهاب.

فأمريكا التي عملت خلال أعوام ربيع الخراب على إدارة الحرب من الخلف، واكتفت بتحريك الأدوات لنشر الفوضى، لا تريد دولاً قوية في المنطقة، وحتى ممن يعتبرون أنفسهم حلفاءها، وعليه بدأت تستغل ضعفهم بتوريطهم في أزمات “لا ناقة لهم فيها ولا جمل”، بهدف النفخ في رماد النار التي لا تريد لها أن تنطفئ في الأجل القريب.

بعبارة أخرى فإن الضربات الموجعة التي وجهها الطيران الروسي للتنظيمات التكفيرية لقطع دابر الإرهاب وتجفيف مصادر تمويله، والتقدّم النوعي الذي حققه الجيش العربي السوري في الشمال، جعل المراهنين على داعش يقدمون على خطوات مستعجلة دون دراسة العواقب والأهمية الجيوسياسية والعسكرية للمعسكر المناهض للمشروع الصهيوأميركي، وهذا ما انعكس ارتباكاً عليهم، بعدما وعوا حجم ما ارتكبوه من أخطاء استراتيجية بعد أحداث باريس، ووجدوا أنفسهم في سباق مع الوقت للملمة أوراقهم القذرة، وهذا ما جعل أمريكا تعمل على فتح بؤر توتر جديدة لكسب الوقت لترتب أوراقها وفق ما تقتضيه المرحلة المقبلة.

لذلك وجدت في أردوغان الحالم بإقامة منطقة عازلة داخل الأراضي السورية، يتكئ عليها عند الجلوس إلى طاولة التفاوض السياسي، والغارق في أزمات داخلية وإقليمية، ضالتها ليكون كبش محرقة تجسّ من خلاله نبض روسيا، فكانت طعنة الغدر في الظهر بإسقاط الطائرة، والتي بررها النظام التركي بأنها طُبّقت وفقاً لقواعد الاشتباك، التي أعلن عنها داوود أوغلو منفرداً، لكن الحادثة لم تمر دون عقاب، فكانت سلسلة الإجراءات العسكرية والعقوبات الاقتصادية التي اتخذتها القيادة الروسية، والتي ستلحق الضرر بتركيا في كافة المجالات، وتعيد أنقرة إلى حجمها الطبيعي لا الحجم الذي يحلم به “سلطان الدواعش”، ما يعني أن حساب الحقل لم يطابق حساب بيدر أردوغان.

بحساب الربح والخسارة فإن حكومة أردوغان وضعت نفسها في ورطة، فهي خسرت مليارات الدولارات، تُضاف إلى خسائرها من جراء دعمها للتكفيريين وسياستها العدائية تجاه سورية من جهة، وأكدت للجميع أنها حكومة لا يُؤتمن جانبها ولا يمكن الوثوق بها بعد الآن، من جهة ثانية، في حين أن المكسب الذي جنته من عدوانها هو ثقة إرهابيي داعش بأن لهم سنداً قوياً يعتمدون عليه للاستمرار في مشروعهم التكفيري، وأداة طيعة بيد أمريكا لتنفيذ ما تُريد، وبالتالي ينطبق وصف حزب الشعب الشيوعي التركي على حال حكومة أردوغان، عندما قال: “إن تركيا التي تُديرها حكومة حزب العدالة والتنمية تحوّلت إلى حمار لكشف الألغام تُمسك الولايات المتحدة الأمريكية برسنها”.

بعبارة أخرى عندما تُصبح حكومة دولة بهذا الوضع سهل الانقياد تكون مدة صلاحيتها قد اقتربت من النفاد، وهي النهاية الطبيعية لكل معتدٍ ومتاجرٍ بدماء الشعوب. 



  عدد المشاهدات:

إرسال لصديق

طباعة
شارك برأيك

الاشتراك بالقوائم البريدية
البريدالإلكتروني: