الأمل بالعمل



الأكثر زيارة
 الصفحة الرئيسية   الصحافة السورية  

فاقد العقل.. هل يستقيل؟عماد سالم
December 05, 2015 14:35

فاقد العقل.. هل يستقيل؟عماد سالم

بالتأكيد، لو كان أردوغان يعلم أن رد الفعل الروسي على إسقاط القاذفة سيكون على النحو الذي يجري لما أقدم على فعلته، خاصة بعدما وجد نفسه وحيداً، باستثناء الحليف الأمريكي، الذي ورّطه في أزمة مع بلد كان يعتبره إلى أمد قريب شريكاً استراتيجياً، وفي سبيل الحفاظ على هذه الشراكة، حاولت موسكو خلال السنوات الخمس الماضية غضّ الطرف عن حماقاته علّه يعود إلى رشده.

شاء أردوغان أن يقطع شعرة معاوية مع الروس، وعليه بات لزاماً كشف حقيقة سارق معامل حلب وقاتل الشعب الروسي عبر صفقات النفط مع الحليف الداعشي على الملأ، ولم يكد يستفيق حاكم تركيا الأرعن من هول المصائب، التي وقعت على رأسه من جرّاء العقوبات الاقتصادية، حتى تلقى ضربة أخرى كشفت حقيقته بالصورة الموثّقة “تجارته” مع داعش، لتسقط عنه ورقة التوت الأخيرة، ولم يجد ما يستر عورته أمام شعبه والعالم إلّا مشيخة قطر، التي زارها مؤخراً، وكانت نتائج زيارته بلا طعم ولا لون ولا رائحة.

ما كشفته روسيا قبل يومين لم يكن مستغرباً، وتعلم به واشنطن، وهذا ما أكدته خارجيتها، الأمر الذي يثبت أن لواشنطن يداً طولى في الورطة التركية مع روسيا، لأنها تريد من خلال ذلك تقليم أظافر أردوغان ووضعه في خانة “اليك” حتى يلتزم بالمساعدة في محاربة الإرهاب، بعد الضغط الفرنسي على الحلفاء، واتخاذ خطوات جادة في محاربة “داعش”، والتي حاول التملص منها بذرائع واهية لم تنطل على أحد، لأنه يدرك بأن نهاية “داعش” تعني نهاية حكمه، إن لم يكن بيد الإرهاب فبيد شعبه، الذي ضاق ذرعاً بممارساته الخاطئة.

لقد أثبت أردوغان أنه منفصل عن الواقع، وقراءته لتطوّرات الأحداث تأتي متأخرة، فما جرى بعد التدخل العسكري الروسي في سورية لمساعدتها في مكافحة الإرهاب غيّر الواقع وأسقط أحلامه، يضاف إلى ذلك أن تمدّد الإرهاب في عواصم القرار، جرّاء فرار مئات “الجهاديين” إلى بلدانهم لاستكمال مشروعهم التكفيري، جعل واشنطن تحاول لملمة أوراقها، وأوعزت للأدوات وقف دعم وتمويل التنظيمات التكفيرية وبدء البحث عن تسويات سياسية، لكن أردوغان ونظام آل سعود ظلّا يغردان خارج السرب، وهذا ما جعل أمريكا تعمل على إشغالهم بأزمات جانبية حتى ينصاعوا لأوامر سيّد البيت الأبيض، حتى لو كان ثمن ذلك رؤوسهم الفارغة.

بالفعل إن حكومة أردوغان فقدت عقلها، كما قال الرئيس الروسي، فلو كان فيها رجال دولة عقلاء لما انساقوا وراء الأمريكي على هذه الشاكلة، منذ بدء تنفيذ مشروع “الفوضى الخلاقة” عبر ما يسمى الربيع العربي، وستثبت الشهور القليلة القادمة أنها أول الخاسرين في الاقتصاد والسياسة والعلاقات الدولية، وربما تكون الاستقالة التي وعد بها أردوغان أفضل مخرج له وخدمة يقدّمها لشعبه ولدول المنطقة، وعلى الرؤوس الحامية في نظام آل سعود أن تتهيّأ لضربات مماثلة، وهذا طبيعي عندما يحين موعد التسويات الكبرى. 



  عدد المشاهدات:

إرسال لصديق

طباعة
شارك برأيك

الاشتراك بالقوائم البريدية
البريدالإلكتروني: