الأمل بالعمل



الأكثر زيارة
 الصفحة الرئيسية   الصحافة السورية  

المحـاسبة ..لأجل الـغد - بقلم: أحمد حسن
July 19, 2013 03:28


كل الأخبار - مقالات : بكل المقاييس، هي مرحلة جديدة بالكامل تلك التي يقف أمامها حزب البعث العربي الاشتراكي بقيادته الجديدة، ليس فقط بسبب حجم التحديات المترابطة وغير المسبوقة، التي لم تواجهه على الأقل منذ سنوات طوال، بل أيضاً بسبب أنها تحصل في ظل غياب المادة الثامنة الشهيرة، التي كانت تمنحه اطمئناناً دستورياً ولو مخادعاً، حيث ساهم هذا الاطمئنان في زيادة حدة هذه التحديات بسبب ما أنتجه من تكلس عملي في مفاصل الحزب المتعددة، وانزياح للفكر التجديدي لمصلحة السكون والدعة، وهو أمر قاتل للأحزاب والأفراد، كما يعلمنا التاريخ.
والحال فإن هذه التحديات ناتجة عن عصر جديد، عصر انفجار المعلومات، كما يقال، حيث المعلومة صادقة كانت أم كاذبة لا تتوقف أمام حدود، ولا تعترف برقابة، كما أنها لا تنتظر اجتماعاً حزبياً لإطلاع "الرفاق" عليها، أو على آخر المستجدات، التي جعلها عصر المواطن-الصحفي في متناول الجميع لحظة حدوثها. عصر يتحرك فيه الشباب، وهم قلب المجتمع النابض، وفق رسالة الكترونية، أو "تغريدة" صغيرة، قد تكون محقة أو مضللة، ليملؤوا الميادين والساحات، قبل أن يعرف "الكهنة" الكبار في الأحزاب التقليدية ما الذي حدث. عصر يعيش على نبض شعارات بسيطة في ظاهرها: "عيش، حرية، عدالة اجتماعية"، لكنها تخفي في باطنها مطلب الكرامة البشرية الطبيعية. كما يمكن أن تكون مجرد مطية لخارج لا يبحث سوى عن مصالحه، وهي مفارقة لا يمكن مواجهتها وتفكيكها دون تقديم بدائل استراتيجية فكرية وسياسية وتنظيمية، ربما ترقى إلى مستوى التأسيس الثاني، ضمن الثوابت الوطنية والقومية المعروفة.
بهذا الإطار يكون من الطبيعي أن يعود النقد ليأخذ موقعه الأساسي في أجندة البعثيين، باعتبار أن "ثقافة النقد إحدى أساسيات عملنا الحزبي وغير الحزبي"، كما أكد الرفيق الأمين القطري للحزب في لقائه الأخير مع صحيفة البعث، والحق أن هذه العبارة، التي أجابت على الكثير من الجدل الدائر داخل الحزب وخارجه، أكدت، وبشكل لا يقبل اللبس، على النقد بوصفه أداة "للتطوير والدعم وتحسين الأداء"، كما أنه مفتاح تفعيل فكرة المحاسبة وأولويتها، وهي فكرة جاءت في سياق منطقي مترابط ومقصود، "فالدور الحقيقي للجنة المركزية محاسبة القيادة"، وعلى صحيفة البعث أن تكون "عين البعثي الرقابية على أداء قيادة البعث ولجنته المركزية"، و"مكافحة الفساد هي أحد أهم أركان عودة الحزب إلى قواعده الحزبية وإلى جماهيره الواسعة"، والمحاسبة ليست فقط لمن أساء سابقاً أو يسيء حالياً، بل لمن قصّر أو سيقصّر مستقبلاً أيضاً، فالمسؤول الذي لا يقوم بمعالجة الأخطاء المتراكمة من سابقيه، يصبح "هو الذي يتحمّل المسؤولية"، وبالتالي يحاسب.
ولأن الأبواب فتحت على مداها، ومن أعلى الهرم القيادي، للنقد والمحاسبة، ولأننا نهدف منهما البناء الإيجابي لا التشهير المجاني، فإن على الخطوة الأولى أن تبدأ من الداخل، لتطرح أسئلة عملية ونظرية، لكنها بمجملها تتركّز على البناء الداخلي في الحزب، وضرورة جعله ديمقراطياً بالكامل، بحيث تفرز القاعدة قيادتها وليس العكس، حتى لا نجد في صفوفها، أي القيادة، من يشيح بنظره متبرّماً حين يتحدّث أحدهم عن العمال والفلاحين وصغار الكسبة، الذين نال باسمهم مغانمه ومكاسبه.
وفقاً لذلك فإن مهمة الحزب الأولى والأهم اليوم: التأصيل لمشروع وطني ديمقراطي علماني جديد، يبدأ من التعليم ونظام المدارس، ولا ينتهي عند العقد الاجتماعي-الدستور، بالمشاركة مع الآخرين طبعاً، ليصل إلى استعادة البعثيين إلى حزبهم، وذلك أمر يحتاج إلى إجراءات شتى، نعتقد بضرورة بل مصيرية اتخاذها، فمهما كانت آثارها القريبة مؤلمة على "الحزبيين"، إلا أن نتائجها البعيدة مفيدة، بكل تأكيد، للبعث والبعثيين، وبذلك فقط يكون نقدنا ومحاسبتنا لأجل الغد، ولا شيء غيره.
بقلم: أحمد حسن



  عدد المشاهدات: 1112

إرسال لصديق

طباعة
شارك برأيك

الاشتراك بالقوائم البريدية
البريدالإلكتروني: