لم يسلم شتاء السوريين وحتى صيفهم منذ بدء هذه الحرب الملعونة من مرورٍ ثقيل الظل لأزمة محروقاتٍ خانقةٍ فرضت حصارها البغيض على يومياتهم المزدحمة بالهموم المعيشية دون تمكن أي من الجهات المعنية من تفادي الوقوع بهذا المطب الشائك وسط تكرار المبررات ذاتها وعدم قدرة بقصد أو غير قصد على استقاء العبر من تجارب سابقة تركت أثرها السلبي على تردي الواقع المعيشي والاقتصاد المحلي عموماً عبر تكبده خسائر كبيرة لجهة عجز المعامل خاصة عن تأمين المازوت بأسعار مقبولة أو حتى تأخير المؤسسات العامة بإنجاز مهامها لانقطاع التيار الكهربائي وعدم إمكانية تشغيل المولدات بشكل عطّل مصالح «العباد».
ويبقى الأخطر ضياع ملايين الليرات على خزينة الدولة لتذهب إلى جيوب الفاسدين ومافيا المحروقات عبر إنعاش السوق السوداء عقب كل أزمة للمشتقات النفطية التي كلف استيرادها مليارات الليرات عبر بيعها على قارعة الطريق لتكون آخر فنونها السمسرة بحصة المواطنين الفقراء وعلى «عينك يا تاجر» عبر وسائل التواصل الحديثة كـ«الواتس» دون اكتراث بأي جهة رقابية بعد الفشل الذريع بضبط تجار الأسواق التقليدية، فكيف بمن تمرس وخبر أصول النصب والاحتيال وشراء ذمم الفاسدين ليبقى المواطن الحلقة الأضعف في معمعة أزمة المحروقات وخاصة الأخيرة الأكثر قسوة وحرجاً لكونها كانت مفاجئة وغير متوقعة لأحد مسؤولي وزارة النفط البارزين، فإذا كان واقع الحال على هذا المنوال فلا عجب من تكرار الأزمات ذاتها دون المقدرة على تفادي الوقوع في شرها الرجيم.
