الأمل بالعمل



الأكثر زيارة
 الصفحة الرئيسية   أخبار اليوم  

شروق شمس سورية وقيامة مسيحها من جديد
February 02, 2023 02:13

شروق شمس سورية وقيامة مسيحها من جديد

دمشق - يونس أحمد الناصر

الساعة الآن الثالثة فجراً وقد استيقظنا من نومنا- ليس لأننا من عشاق السهر في هذه الليالي الباردة-  بل مجبرينللاستفادة من ساعة الكهرباء المخصصة لنا في ظل انقطاع الكهرباء الخانق كي نملأ خزان مسكننا من المياه وننجز بعض أعمالنا المتعلقة بوجود الكهرباء.

نحن الآن في مطلع عام 2023 ولا زال الشعب السوري يعاني من آثار العقوبات الظالمة التي تفرضها أمريكا وحلفائها على سورية، وقد طالت هذه العقوبات كل مقومات الحياة التي يعيشها البشر على هذا الكوكب،ولا زالالنفط السوري تتم سرقته من قبل أمريكا وحلفائها في الوقت الذي لا يجد فيه السوري أي شكل من أشكال الطاقة لتدفئة مسكنه أو الانارة لدراسة أطفاله، فالعقوبات الجائرة تشمل كافة جوانب حياة المواطن السوري المعيشية والثقافية، ناهيك عن آثار الحرب المدمرة التي عاشها السوريون منذ بداية 2011 و التي ما زالت مستمرة إلى اليوم . 

 ورغم كل ما سبق لا زالت الشام تقاوم خناجر الغدر والعقوبات ولا زال السوريون يمنون أنفسهم بغد أفضل بعد زوال آثار العدوان وعودة مقدرات الشعب السوري النفطية والزراعية له من أيادي اللصوص التي يسرقونها نهارا أمام عيون الكاميرات والشعب الصابر.

وليس بعيداً عما سبقوأنا العاشق لهذا الشرق بكل ما فيه من سحر وغموض، فأول ما يتبادر لذهني عندما أرى الشام الحزينة هو المجدلية وهي ترى ابنها يسوع السوري نازفاً على صليب إيمانه، فتأخذني أجنحة اللحظة إلى باب توما وباب شرقي،فتمتطي روحي أبراجها كشجرة لبلاب لتدق أجراصها، لتنبعث من أجوافها تلك الموسيقا السحرية.

فتنطلق روحي على طيور النور إلى بيت لحم والقدس ومعلولا، تنطلق في فوضى الاتجاهات إلى وادي الأردن ليعمدني (النبي يحيى) بمياهه القدسية , ويقف جسدي فوق كنيسة القيامة صليباً من نور يضيء جبال معلولا ويحط في كنيسة باب شرقي في دمشق ,ليصلي على أعتابها على خطا بولص الرسول و يطوف على كنيسة الزيتون و يهبط على مئذنة عيسى ليقرأ الفاتحة على ضريح (يوحنا) و يطير إلى حمص حيث (كنيسة الزنار) و يزور المدن المنسية ليشعل أنوار شجرة الميلاد في بلاد انطفأت أنوارها بسبب عقوبات الكنائس المسيحية الغربية و المآذن الإسلامية و العربية ليقف السوري على صليب مجده الأزلي مكللاً بإكليل الشوك و نازفاً على هذا التراب المقدس.

وفي فوضى الحواس وعلى وقع تراتيل الفصح والميلاد يثق السوري بقيامة لا يشك بها ليسوع الناصري من تحت رماد الحرب التي أشعلوها في جسد الوطن.

كاذبون هم عندما يذرفون علينا دموع التماسيح وبقايا أجساد أولادنا لا زالت عالقة على أنيابهم والدماء لا زالت تسيل من أشداقهم.

كاذبون هم عندما يستغلون حاجة الناس لاستعبادهم بحجة حمايتهم واحتضانهم، ودراهمهم البخسة هي ثمن حاجة المهاجرين وعائلاتهم التي عانت الويلات بسبب الحرب التي فرضوها (هم) على الشعب السوري.

الشعب السوري ليس بحاجة لمخيمات وصناديق المساعدات فهو شعب كريم ومنتج بل ومبدع ولا ينكر دوره الحضاري ماضياً وحاضراً إلا جاحد.

السوريون استقبلوا اللاجئين الذين فرضت الحروب على بلدانهم ماضياَ بعيداَ كأخوتنا الأرمن والآشوريين والكلدان واليونان بعد التنكيل بهم من العثمانيين،وفي الماضي القريب من أخوتنا بالدم وأعني الفلسطينيينوالعراقيين واللبنانيين ولم تنصب لهم خيمة واحدة على أراضيها بل عاشوا بيننا أخوة أعزاء، لهم ما لنا وعليهم ماعلينا،فتقاسمنا معهم رغيف الخبز وحبة الدواءومقعد الدراسة.

جميع من يعيش على الأرض السورية كان يعيش آمناً على رزقه ودينه وأهله

حقيقة يتجاهلها كثيرون ففي سورية بم يكن أحداً يسألك عن دينك أو مذهبك أو عرقك.

في سورية هذا البلد الغني بموارده وهمة أهله لم يكن يوجد فقيراً (لا يجد ما يأكله، ولم يكن مريضاً يعيش على أرضها (لا يستطيع الاستشفاء) وكان التعليم مجاناً للجميع.

لكل ما سبق تم استهداف هذا البلد الآمن والعبث بمكوناته الدينية والعرقية

خدمة للمشروع الأمريكي والصهيوني لتفتيت المنطقة على أسس عرقية ودينية (مشروع برنادرد لويس للشرق الأوسط الجديد) وهذا المشروع بمتناول الجميع الاطلاع عليه فهو منشور على غوغل وتم البدء بتنفيذ هذا المشروع الهدام والرامي لتفتيت المفتت وتجزئة المجزأ على أعقاب تجزئة هذا الشرق (سايكس بيكو) مطلع القرن الماضي.

المشروع المذكور صادفته عقبة رئيسية هي سورية،فكان لابد من تحطيمها كي يمر هذا المشروع، فتم استغلال بعض الجهلة والفاسدين الموجودين في كل مجتمع للانقضاض على مكونات المجتمع الأخرى الواعية والمثقفة وكان ما كان من تفاصيل مؤلمة لا ضرورةللتذكير بها.

وبعد سنوات جاوزت العشريةالسوداء التي عاشتها الجزائر، استنزفت الشعب السوري الصامد والصابر، لا زال العدو الأمريكي وحلفائه في المنطقة يمارسون عربدتهموطغيانهم على هذا الشعب من خلال الاستمرار بسرقة موارده فأمريكا تستغل قوتها الجبارة وتفرض العقوبات الظالمة على سورية بهدف تركيع هذا الشعب وتمرير ما يريدون تمريره وهو معروف أيضا للغالبية العظمى من هذا الشعب.

هل الاستسلام للمشروع الصهيو-أمريكي هو الحل للخروج من هذا الواقع المؤلم الذي يعيشه السوريون؟

ضمن الظروف القاسية التي يعيشها السوريين اليوم بدأ بعض المنظرين بطرح السؤال السابق بمعنى " لماذا لا نستسلم لهذا المشروع إن كان هو المخرج من هذه الأزمة الخانقة والحادة "

وللإجابة على هذا السؤال الصعب تشعبات كثيرة قد يجد فيها المنظرين كثيراً من المخارج لإثبات وجهة نظرهم الخاطئة برأينا وسنشرح بإيجاز ما نراه كافياً للرد على هؤلاء الذين يطرحون هذا الطرح مع الإشارة بأن هذا الطرح ليس جديداًوترافق مع توالي سنوات العدوان على سورية،ولكنه يزداد الحاحاًوفجاجة مع تقدم سنوات الأزمة وتراجع الوضع الاقتصادي للسوريين بمعنى :(ألم يأن الأوان كي تركعوا وتستسلموا؟)

يترافق كل ذلك مع حملة إعلامية كثيفة عبر أبواق المشروع التدميري للسخرية من كل عناوين الصمود والمقاومة، بهدف بث روح الإحباط عند هذا الشعب المتعب وربما شاهد الأخوة القراء كثير من الفيديوهات على وسائل التواصل أو رسائل تصلهم على أجهزة الخليوي عبر برامج التشات والدردشة بما معناه وعلى لسان من يدعي صانع الفيديو بأنه كان مقاوماًولكنه استسلمويريد كما يقول (أن يجرب معيشة المهزومين) والذين تتوفر لديهم كل ظروف الحياة المريحة من ماء وكهرباء وغير ذلك بطريقة مضحكة كي يتداولها المستخدمين.

و قد أكدت سورية عبر وزارة خارجيتها بأن المعلومات عن تقديم الولايات المتحدة الأمريكية ملايين الدولارات لجهات إعلامية مشبوهة بهدف تشويه صورة الدولة السورية تعكس إصراراً أمريكياً على الاستمرار بتضليل الرأي العام المحلي والإقليمي والدولي ، وتفضح استمرار الهجمة الأمريكية التي تستهدف سيادة سورية و التدخل في شؤونها الداخلية.

وفي تغريدة ، قالت وزارة الخارجية و المغتربين: إن مثل هذه المشاريع التي تديرها الخارجية الأمريكية تهدف للتغطية على جرائم الولايات المتحدة في سورية و حمايتها للإرهابيين و الانفصاليين ، وسرقتها للثروات و الموارد السورية ، و هو ما فضحته وسائل الإعلام السورية و رسائل وزارة الخارجية للأمم المتحدة و بياناتها المختلفة .

كما إن الولايات المتحدة التي تقدّم مثل هذه المشاريع بحجة مكافحة التضليل الإعلامي و تعزيز حقوق الإنسان ، هي أكثر  من مارس و يمارس التضليل الإعلامي كما حصل في العراق و ليبيا و دول أخرى وصولاً للحرب الإرهابية على سورية ، و هي أكثر من انتهك وينتهك حقوق الإنسان في مختلف مناطق العالم.

ونحن هنانذكر بقول الزعيم العربي الذي رحل ولم يوقع حافظ الأسد رحمه الله (ثمن المقاومة أقل بكثير من ثمن الاستسلام)

وقد أثبتت التجربة بما لا يدع مجالا للشك بأن الاستسلام لا يعني أن يأكل هذا الشعب السمن والعسلكما كان يتم الترويج له فمصر التي كانت أو المستسلمين عانت بعد ما يسمى معاهدة السلام (كامب ديفيد)الويلات من شركات الانفتاح وبيع مؤسسات القطاع العام المصري ونشر الأوبئة والمخدرات للبشر والزراعة والارتهان لصندوق النقد الدولي.

تلاها الأردن،ولا نعتقد بأن الحال أفضل وكان ذلك مقدمة لانهيار الموقف العربي فبادرت بعض دول الخليج للتطبيع مع كيان الاحتلال رغم الوفرة النفطية من بوابة العداء لإيران واستبدال العدو الذي يحتل الأرض في فلسطين

ما نود قوله بأن الاستسلام لن يجلب لشعوب المنطقة إلا المزيد من الافقار وتضييع الحقوق التي تمسك بها العرب عشرات السنين 

وسورية الثابتة على موقفها للمطالبة بحقوق العرب تطال برفع العقوبات الجائرة والظالمة على شعبها وترى بموقفها الحرية والكرامة لشعبها ولقضايا العرب المحقة.

سورية لن تتنازل عن حقوقها ولن تفرط بذرة تراب والتنازل عن هذه الحقوق هو تفريط بهذه الحقوق التي قد لا نستطيع اليوم استعادتها ولكن لن نحرم الأجيال القادمة من المطالبة بهذه الحقوق عندما تكون الظروف مواتية.

وستبقى سورية تحافظ على حرية المعتقد لكل المقيمين على أرضها

كما أنها ستبقى وفية لكل أصدقائها الأوفياء الذين وقفوا معها في محنتها

وإذا كان أحد معاني اسم سورية (الشمس المتجددة دائماً) فإن سورية على موعد جديد لشروق شمسها وقيامة مسيحها من جديد. 



  عدد المشاهدات:

إرسال لصديق

طباعة
شارك برأيك

الاشتراك بالقوائم البريدية
البريدالإلكتروني: