الأمل بالعمل



الأكثر زيارة
 الصفحة الرئيسية   مقالات  

مفارقاتٌ لا تشيب لها الولدان - - بقلم : إيهاب زكي
December 15, 2013 04:19

مفارقاتٌ لا تشيب لها الولدان - - بقلم : إيهاب زكي


كل الأخبـــــار - مقالات :
تشيب رؤوس الولدان رغم قلة إدراكهم أو انعدامه من زلزلة الساعة،حيث عذاب الله شديد، فما الذي يفسر سواد الرؤوس في ولدان الكارثة الإنسانية المصطلح عليها وهابياً (ثورة سورية)،من متقاتلين ومتثاقفين ومتأعلمين متألمعين ،ومن اتبعهم بسوءٍ إلى حيث الإثم والعدوان،فلم تشِب لهم شعرة ولم تثب لهم قائمة،وبما أن العدل أساس الملك، وأنا لا أريد أن أفقد مُلكي لهذه السطور، فلن أظلم أولئك الولدان الذين ستشيب رؤوسهم وأقول مفسراً أن ولدان (الثورة) أقل إدراكاً منهم وأدنى فهماً،فهذا تفسير يشوبه التجني ويعتريه شديد الظلم، وهنا يتساوى من شاب رأسه فقبض الريالات فصار بإمكانه شراء الصباغ فينتحل صفة البلادة، بمن ظل شعره أسوداً لأنه بالأصل بليد،ولا يحتاج لأي رشوة ليصبح كذلك،بل يكفيه الرسن لاحتناكه،وإذا كانت المفارقات لا تُعد ولا تحصى وإن أوتينا القدرة على تعداد نعمة الله فلن نحصيها،فسنكتفي بالمثال لا الحصر.

المفارقة الأولى:

أمير الجبهة الإسلامية الشيخ عيسى الشيخ، وليس مهماً أيهما الشيخ بالولادة وأيهما الشيخ بالاكتساب فكلاهما لا ينم سوى عن لحية،هذا الأمير يقدم اعتذاراً لأنه قال ذات يومٍ أنه "مع دولةٍ مدنية تعطي لكل التيارات الإسلامية حقها الديني وإعطاء الأقليات حقها" فاعتذر قائلاً أن " دولة الإسلام غايتنا ونستغفر الله عن كل خطأ قلناه سابقاً أو سنقوله لاحقاً" وتابع " إلى كل مسلم غيور لست متفرغاً للرد على كل ناعق حاقد، فما كل ما أعتقده أعلنه وأبوح به"، ورغم أن ما قاله ابتداءً هو فكرٌ إنغلاقيٌ بائد، إلا أنه أُعتبر تفريطاً منه بحقوق الله، فقدم اعتذاراً علنياً واستغفر ربَّه على ما ارتكب من خطيئة مُهلكة، فأشعر أصحابه وأتباعه بأن دولة الخلافة الراشدة لا تليق إلا به، بل إنه سيتفوق على الخلفاء الراشدين فرادى ومجتمعين، ولكنه في ذات الوقت لا يرى في مقابلة روبرت فورد السفير الأمريكي مراراً أي بدعة، ولا يرى أتباعه فيها أي خطيئة،وأن التنسيق مع فورد من أجل إقامة الخلافة الراشدة مذكور في الصحيحين، وبالمناسبة هو ليس أشيب الرأس وكذلك أصحابه ممن فرحوا بتوبته.
المفارقة الثانية:
لم تفت أي فرصة على سود الرؤوس أولئك إلا واستغلوها في محاولات جلب تدخلٍ خارجي لإعانتهم على إقامة خلافتهم الراشدة، من ارتكاب المجازر والمذابح عند كل مناسبة دولية وصولاً لاستخدام الأسلحة الكيماوية،وبما أن المجتمع الدولي لم يهاجم سوريا بشكلٍ مباشر، فإنهم اكتشفوا أن ذلك المجتمع أصبح زاهداً في خلافتهم،وصبّوا عليه جام غضبهم، ثم قالوا "ما إلنا غيرك يا الله"،وفي الوقت ذاته يطالبونه بمدهم بالسلاح والعتاد كأضعف الإيمان ، على قاعدة " من حدَّث نفسه بالغزو فقد غزا" فيؤجر أوباما وماكين وفورد بنية الغزو مع تقديم المساعدات كأضعف الإيمان، ثم يقوم الشيخ عيسى بسرقة مخازن السلاح الخاصة بالشيخ سليم ادريس، فيرتدا أوباما وكاميرون وينكصا على عقبيهما فيزهدا في أجر أضعف الإيمان،فيوقفا التسليح مؤقتاً لحين لقاء الملا روبرت فورد مع الخليفة الراشد عيسى الشيخ في تركيا،فيخرج علينا من لم تشب رؤوسهم بالقول أن الشعب السوري قرر الاستمرار وحده رغم تخاذل المتخاذلين، وفي الجملة التي تليها يقول أن قرار اباما كان متسرعاً ونرجوه إعادة النظر، فهم يخشون عليه من عذاب الردة يوم القيامة ويرجون له نعيم الجنة.

المفارقة الثالثة:

يقول سود الرؤوس أنهم فضلاً عن السعي خلف الخلافة جاءوا لحماية أهل "السنة والجماعة"، ويقولون أيضاً أنهم يسيطرون على 70% من الأراضي السورية، وفي الوقت ذاته لم يهاجر ولم يتشرد خارج الحدود إلا أهل "السنة والجماعة"، فلماذا لم يحموهم ويستوعبوهم في المناطق "المحررة" من (الإحتلال الأسدي)،ولماذا يعاني اللاجئين من أهل "السنة والجماعة" الجوع والبرد والسبي في بلاد أهل "السنة والجماعة" في شمال لبنان وتركيا والأردن ، في حين أن المهجرين من "أهل السنة والجماعة" في اللاذقية مثلاً ينعمون بالدفئ والشبع، وفي مناطق حزب الله في لبنان كذلك، فلا خيام ولا صقيع،ولا أذكر عدد المرات التي قلت فيها أن اللاجئين مجرد سلعة موسمية،ولا بأس من الإعادة، فعل وعسى يكون فيها إفادة، لو أخذت كيلين من البرسيم كما يفعل المتحدثون والسامعون باسم (الثورة السورية) ، وافترضت أن الملائكة ستنزل لتحل مأساة اللاجئين ، فلن يسمح لها المنافحون عن أهل" السنة والجماعة" بتفريج كرباتهم،لأنهم سلعة رائجة في وقت كساد (الثورة)، وليس من حلٍ لهم سوى العودة لمناطق (الإحتلال الأسدي) حيث الحماية والمواطنة والغذاء والكساء والعزة والكرامة.

المفارقة الرابعة:

يُشاع في وسائل الإعلام أن آل سعود يتمردون على السياسة الأمريكية في المنطقة بعد التفاهمات المؤقتة مع إيران،وفي ذات الوقت يمارسون أقصى ما يمكن من سلوكيات تلبية للمصالح الأمريكية، فيستمرون في تدمير سوريا لصالح الحلف الصهيوأمريكي، ويشاغبون على الإتفاق الأمريكي الإيراني من باب الضغط على إيران كورقة أمريكية قد تنتج تنازلات إيرانية لصالح الولايات المتحدة و(إسرائيل) بحجة إرضاء المحيط العربي لإيران، ويتقاربون مع (إسرائيل) في علاقاتٍ شبه علنية، بكل ما يعنيه هذا التقارب من تطبيع وتوغل سياسي واقتصادي وعسكري وفقهي وثقافي (إسرائيلي) في العالم العربي،وأنا كنت قد قرأت صكاً قديماً من صكوك العبودية، وفي أحد بنوده أنه يحق للعبد في الأوقات التي لا يحتاجه فيها سيده لا مانع من أن يمارس شقاوته فيما يجيد من ألعاب، وحاولت أن أقارب هذا النص مع العلاقة الأمريكية السعودية، فلم يرُق لي منطقياً، حيث أن الولايات المتحدة لا زالت تسخر آل سعود بما نراه من شقاوةٍ لمآربها. لم تنته المفارقات ولن ينتهي أشايب الشعر عن صبغه،وما انتهت الأقلام عن صب الأسيد على صباغهم لتبدو عورات شيباتهم، لكنهم لا يخجلون.



  عدد المشاهدات: 1785

إرسال لصديق

طباعة


التعليقات:

إرسال تعليق:
الاسم الكامل:
البريد الإلكتروني:
البلد: