الأمل بالعمل



الأكثر زيارة
 الصفحة الرئيسية   مقالات  

الرسالة الأخيرة لاريئيل شارون .. أغنية الربيع وطيور البرق - نارام سرجون
January 13, 2014 12:33

الرسالة الأخيرة لاريئيل شارون .. أغنية الربيع وطيور البرق - نارام سرجون

ها أنذا أحزم جسدي وألملمه في حقائب الموت وأمتطي عربة عزرائيل التي اكتظت بأبناء العرب وأجساد المسلمين .. الزحام شديدوليس بين الراحلين اسرائيلي واحد !!! .. عجبا هل مات شعب اسرائيل كله قبلي ؟؟ !! هل زالت اسرائيل ولم يبق فيها من يقتله العرب حتى يقتلوا بعضهم؟؟

جسدي الذي أطويه وألفّه بالأكفان ليس كجسد خالد بن الوليد الذي ليس فيه شبر الا وفيه طعنة رمح أو ضربة سيف .. فليس هناك شبر من جسدي لم يدس على عربي أو يأكل من لحم عربي .. بل ان لحم أكتافي كله من مخيم صبرا وشاتيلا ..وليس في أسناني سن واحد لم يمضغ أهل المخيمات بمن فيها ولم يطحن شبابهم وصباياهم ..وأشلاؤهم واشلاء مدنهم لاتزال تتدلي من نواجذي .. ومذاق اللحم العربي واحد من من بغداد الى نواكشوط ..

لم يزعجني الرحيل في عربة الموت المكتظة بالعرب ولاحقائب السفر الأبدي .. لكن ما يقتلني هو ميعاد هذا الرحيل على غير انتظار وفي ذروة طقوس الفرح وأنا أتقلب في حرير النشوة والثمل وأتأرجح بين القلق والانتظار .. ولاتزال أعصابي منقوعة في الوعد تلو الوعد والأمل تلو الامل تنتظر سقوط دمشق حيث طيور البرق التي توعد بها الرب شعبه المختار ..

كدت أموت في غيبوبتي ألف مرة وكان قلبي يأكل قلبي وأنا أسمع صواريخ تهوي حولي قدمت من الشمال حتى كدت أعتقد انها طيور البرق .. الى أن أنقذني رب اسرائيل .. وعبر قلبي العبراني الى الحياة بعد ان عبر الى برزخ الموت .. أما كيف انتشيت ونجوت وحييت فتلكم قصة بدأت في ربيع العرب ..

لقد انتشيت واستفاق جسدي على أنغام الربيع العربي الرائعة وسيمفونية الموت المشرقي وهدير التكبير .. ان لحن “الشعب يريد” كان أعظم لحن سمعته في حياتي .. بل انه أقوى من لحن وجمال أغنية (هافا ناجيلا ..هافا ناجيلا .. عورو عورو بلف سميّاح) التي غنيناها بعد وعد بلفور وتعني (لنفرح لنفرح .. استفيقوا أيها الاخوان بقلب سعيد) .. ان أغنية “الشعب يريد” التي غنتها فرقة الغنوشي ومرسي وأردوغان هي من أجمل الألحان التي سمعها عبراني حتى الآن وتشبه لحن هافا ناجيلا .. بعد أن كانت أنغام “كل شيء للوطن .. وكل شيء للقضية” تدخل أذني كما السكين .. وكما كانت أنغام “لاصوت يعلو على صوت المعركة” تمزق أعصابي .. وقد عشت حياتي متوجسا حانقا من أغاني “الغضب الساطع” و “خلي السلاح صاحي” .. حاربت جنوبا وشمالا وشرقا وغربا كي يموت السلاح ويصاب الغضب بالسكتة القلبية .. وكي تنتحر “القضية” .. وصنعت أول دفرسوار غرب سيناء لشعب اسرائيل لنعبر منها نحو النجاة .. ولكن الدفرسوار الذي كنت أحلم به كان من نوع آخر .. الدفرسوار الذي حلمت به كان يشبه ثقبا كبيرا في الغضب الساطع .. وثقبا في قلب القضية .. وثقبا في دين العرب وثقبا في قرآن المسلمين .. كنت أبحث عن دفرسوار آخر ليس غرب قناة السويس .. وليس شرقها .. بل في عقل العربي .. كنت لاأبحث عن سادات يفاوضني ولاعن ملك شرق الاردن يتسلل ليلا الى مزرعتي لينادمني .. بل عن أمة بكاملها تسقط غرب الدفرسوار وشرقه ..فاذا بثقب كبير ودفرسوار عظيم ينجزه ابننا البار .. برنار هنري ليفي ..

عشت حتى تلك اللحظة التي ثقب فيها عقل العرب بمثقاب ليفي .. كنت أعرف أن عقل العربي مثقوب لكن لم أكن اعرف أين هو هذا الثقب .. فاذا به مثقوب في البقعة التي يخبئ فيها دينه والتي نكأها برنار .. انها البقعة العمياء في عقل العربي .. ودفرسوار اسرائيل الأبدي ..وكلما ضاقت الدنيا عليكم .. تذكروا أن دفرسوار اسرائيل هي في دين العرب ..

كم كنت أكره تكبير المآذن وأنا من أراد اسكاتها وخنقها وتعليقها على المشانق .. وقطع أعناقها .. وتقطيع اوصال “الله أكبر” ولكن كم هو عذب عندما يكبر المسلمون وهم يذبحون المسلمين .. وكم هو عذب كنسيم ذعذاع وهم يكبرون فجرا والحرائق تأكل مصانعم وجيوشهم ونفطهم وتقطع النور عن عيونهم والدفء عن أطفالهم .. كم رب المسلمين رحيم بأبناء اسرائيل .. سأقول معكم اذا وانا راحل عنكم .. الله أكبر .. وكان الله معكم أيها المكبرون ..سأرحل عنكم وأنا عاتب على الزمن الذي يأخذني في أحرج لحظات العمر التي سأشتاق لكم فيها وسأشتاق الى مزرعتي في النقب .. كما سأشتاق الى مسدسي الذي أعدمت به فتيانا فلسطينيين في بيروت .. والى بزتي العسكرية التي تشرفت باقتحام مخيم جنين وهدمه على رؤوس أصحابه .. وسأشتاق الى صوت كل مواطن اسرائيلي يحارب هذه الأيام خلف خطوط العدو .. وأخص بالذكر “خبيبي عزمي بشارة” المواطن الاسرائيلي الأول الذي لن تنسى اسرائيل وفاءه لها وفدائيته في سبيلها ..

والحقيقة أنني لا أعرف وانا أصعد الى عربة الموت من سأعانق مودعا وموصيا من اودع ومن أصافح .. فالأصدقاء كثر والحنان كبير .. هل أعانق صديقنا العظيم محمد مرسي .. أم أعانق أردوغان عناقا طويلا كما أبناء العم ؟؟ وهل أقول له بأنني لن أنسى دعابته الذكية في ديفوس وبأنني أعرف أنها لم تكن من قلبه؟؟.. هل أودع ذلك الشقي الصغير سعد الحريري وذلك الخادم الوفي سمير جعجع ؟؟ بل في لبنان لدي “كاديما” كاملة سميتها تيار المستقبل .. وسأكون مقصرا ان استثنيت أحدا منهم من العناق والسلام..

ولايفوتني أن أعانق أخي رياض الشقفة الذي لم لديه من هم سوى أن يحطم ظهر ايران وحزب الله .. ولم يقو ظهري الا بظهر أخي رياض وكلامه الذي كان مثلما كانت النار على قلب أبينا ابراهيم .. بردا وسلاما ..

أما أخي في الرضاعة بندر بن سلطان مقلاع اسرائيل الاثيوبي وابن عم الفالاشا .. فسأحمل جميله في عنقي الى يوم الدين .. وهل لاسرائيل غير بندر الذي يشبه مقلاع داود .. مقلاعنا بندر يرمي على أعدائنا الداعش والنصرة .. فلمقلاعنا وصاحب داعش وجبهة النصرة مني أطيب السلام ..

وكيف أنسى من الوداع كعب الاحبار الذي أكرمني وأقام لي مأدبة عامرة سكب لي فيها مالذ وطاب ورص في أطباقي تلال اللحم الحلال وصبه بمذاقه السني والشيعي في وليمة امتدت من تونس الى الرمادي .. انه “خبيبي” الحبر الأعظم الشيخ القرضاوي .. الذي أغدق علينا الفتاوى تلو الفتاوى ولم يفوت جمعة لم يوص من على المنبر بأن يقاتل المسلمون كل العالم الا شعب اسرائيل .. قاتل الروس والصينيين والايرانيين والفنزويليين وغضب على الامريكان لأنهم لم يقتلوا مزيدا من السوريين .. ولكنه كان رؤوما ورحيما وحمى شعب اسرائيل بجسده ولسانه وقلبه ..فطوبى له من حبر عظيم .. وكعب أحبار هذا الزمان ..

ولن انسى في زحمة المودعين من قادة المسلمين والفلسطينيين أن أشكر السيد خالد مشعل والسيد اسماعيل هنية والشيخ رائد صلاح وحركة المقاومة الاسرائيلية حماس وأخص أولئك الذين تركوا أرضنا وتوجهوا لتجرير سورية ومصر .. وهؤلاء لابد سأخصهم بمصافحة حارة لأنهم عرفوا أننا أفضل من السوريين لهم وأقرب اليهم من المصريين .. وعرفوا أن المسجد الأقصى في مخيم اليرموك في دمشق وأن هيكل سليمان لن يكون الا هيكل سليمان .. وأن الجهاد أولى في بلاد الشام ..

ولاشك انني سأبعث بشكري العميق لكل المثقفين العرب من المحيط الى الخليج الذين صنعوا من شعب اسرائيل حليفا وصديقا ومخلصا .. وصنعوا من شعب ايران عدوا ومن حزب الله حزب الشيطان .. وأخص بالذكر محطاتنا العبرية السعودية والجزيرة وكل العاملين فيها فردا فردا .. ولدي شكر خاص بالتأكيد في النهاية أبعثه الى “خبيبي” فيصل القاسم الذي أصر دوما على أن يقبلني من “اتجاهي المعاكس” .. حتى صار اتجاهي المعاكس مدمنا على قبلاته وموشوما بصورة وجهه .. ولم تقبل روحه الجميلة أن أغادر من غير أن يخصني بتنظيف “اتجاهي المعاكس” بقبلة أخيرة عندما وصفني بالبطل وقارنني بالمجرم بشار الأسد .. قبلته وقعت في وسط اتجاهي المعاكس .. فله مني كل الحب والاحترام .. وكل اتجاهي المعاكس ..ووسطه ..

وطالما أنني اخاطبكم لآخر مرة فاعلموا أنني رغم سعادتي بما حظيت به في سنواتي الثلاث الأخيرة من رعاية الربيع العربي وحب اسلامييه الكرام فان في قلبي غصة .. وحرقة .. وكنت أتمنى أنني استطيع الانتظار حتى تسقط دمشق .. وذلك سيترك في عيني دمعة وقهرا .. وسيبقى في قلبي ذلك الوجع والتوجس والقلق وأنا أرى أن طيور البرق لاتزال في دمشق .. وان الشمال لايزال مليئا بطيور البرق .. وأن سماء الشمال لن تأتي منها الا طيور البرق ..بل لاأدري ان كان غمي وكمدي من بقاء أعشاش طيور البرق فوق قاسيون هو سبب علتي وسقمي وانهيار جسدي الذي ارتجف وتعرق وأصابته الحمى والقشعريرة كلما نجت دمشق ..

ووصيتي لكم ألا تأمنوا لذلك الجبل في الشمال المسمى قاسيون .. لأنه لايمكن أن تسكن فيه الا طيور البرق التي ستنقض يوما علينا كما أخبرتنا التوراة .. فكونوا مع اخواننا من الثوار السوريين الأحرار .. الذين يقاتلون طيور البرق معكم .. وكلما كبّروا وذبحوا ورموا وفتكوا وسحلوا وأصيبوا بالجنون .. غنوا لهم:

هافا ناجيلا ..هافا ناجيلا .. عورو عورو بلف سميّاح. (س.د)



  عدد المشاهدات: 1349

إرسال لصديق

طباعة
شارك برأيك

الاشتراك بالقوائم البريدية
البريدالإلكتروني: