الأمل بالعمل



الأكثر زيارة
 الصفحة الرئيسية   مقالات  

الوحش الجريح يترك لمصيره .. مع حذاء وليد المعلم مروض الوحوش- بقلم: نارام سرجون
January 23, 2014 04:50

الوحش الجريح يترك لمصيره .. مع حذاء وليد المعلم مروض الوحوش- بقلم: نارام سرجون


اذا عاتبنا الفولاذ لأن قلوبنا أقسى منه وهي لاتنثني ولاتنحني عندما يلوي الخوف قلوب الضعفاء فلن نعتذر له ولن نبدي فعل الندم .. وان عاتبنا الصقيع لأن أعصابنا الباردة قد أصابت رأسه بالبرد والقشعريرة وبرّدت الرؤوس الحامية في العالم فلن نعتذر له ولن نندم .. وان عاتبتنا النار لأن لهيب حبنا لبلدنا قد أحرق جلدها فلن نعتذر لها..وسنقول لها أن تلقي بنفسها في البحر المتوسط ..

انني أحس بثقة مطلقة بما أقول ويدفعني الى هذا الشعور ماأراه هذه الأيام من هياج الوحوش .. فأنا لاشيء يصيبني بالقلق مثل العدو الهادئ الفولاذي الأعصاب .. بل اكاد افقد اعصابي عندما يواجهني عدو لاأفلح في اخراجه عن طوره .. لأن مامن طريقة لفتح صندوق عقله واسراره الدفينة الا باستفزاز ردات فعله التي تفجر براكينه وتخرج مافي جوفه .. وفي السياسة والحرب هناك الكثير من المناورات التي يقوم بها الساسة والعسكريون لاستدراج الخصم الى مناطق ينكشف فيها تحت الضوء والبصر .. ويتسرب الضوء الى قاع عقله ويقترب من مرمى السلاح .. وكنت أخشى في الفترة الماضية أن يطرأ على سلوك العدو البرود والهدوء والاسترخاء لانها علامات سيئة للغاية ومؤشرات على اختراق خطير حققه مما استرعى طمأنينته .. وفي الحرب والسياسة تبدأ علامات الهزيمة عندما يتوتر المحارب أو السياسي وينزلق الى النزق والانفعال .. ويتحول الطرف المهزوم الى وحش جريح كاسر .. وفي جنيف كان هناك اجتماع للوحوش الجريحة مع مروض الوحوش .. وليد المعلم..

بالفعل بدا مؤتمر جنيف لي اجتماعا للوحوش الجريحة الهائجة التي كانت ذليلة وهي تلعق جراحها التي صنعتها السياط السورية طوال صمود اسطوري .. ولكن أكثر الوحوش بدا بجرح غائر عميق هو ممثل السعودية سعود الفيصل الذي خاطب الأجرب المعارض ب"فخامة الرئيس" في اشارة متعمدة الى أنه حسم أمره من نتيجة النزاع بانتصار "فخامة الرئيس" وفخامات المعارضين وبدا أن وجع الجراح قد أخرجه عن طوره وعقله .. ولاغرابة أن تبدو الأسرة المالكة السعودية من كبيرها الى صغيرها مصابة بالهستيريا كما الوحوش الضارية الجريحة .. فالوحوش الضارية هي أخطر الوحوش لأنها متهورة ورؤيتها للجرح الغائر في أجسادها يجب أن يشير الى انها دخلت في ردات الفعل الشرسة الخارجة عن اطار المتوقع لها.. كما صار يصدر عن الوحش الجريح سعود الفيصل وعائلته ..

الاحداث متداخلة وكل العمليات الحسابية واللوغاريتمات السياسية عن المؤتمر التي نسمعها عبر المحللين لاتوصل الى أجوبة رياضية صحيحة لأن المعادلة السحرية السرية للأزمات في الشرق ليست في جنيف بل في تل أبيب التي حضرت عبر سفيرها فوق العادة سعود الفيصل لأن اسرائيل قد أبرمت عقد تخادم ووحدة مصير مع الرياض في الشأن السوري تحديدا .. فمنذ أن أعلن عن توقف أوباما عن اتمام ماقيل انه مشروع ضربة عسكرية لسورية وهذه المملكة فاقدة لأعصابها وغير قادرة حتى على ممارسة التقية السياسية وكظم غيظها والتسلل الديبلوماسي .. ولكن كان انجاز الاتفاقين الكيماوي والنووي كمثل شوكتين في حلق البعير السعودي .. الذي صار يدور حول نفسه ويرغي بعصبية ..أكثر من نتنياهو شريكه نفسه ..

لقد كنت دوما مطمئنا خلال هذه الأزمة الى صياح الساسة الأتراك وهم يرفعون عقيرتهم وضجيجهم أمام برود السوريين الديبلوماسي وخاصة السيد وليد المعلم الذي يتصرف كثلاجة ديبلوماسية .. فقد كان لايلقي بالا لزمجرة الأتراك بل يقلل من عيار الرد على حفلات الصراخ والتصفيق الاردوغانية .. وكنت مطمئنا كذلك الى الهدوء الرزين السوري أمام تهديدات الهجوم الأطلسي والأمريكي والتدخل والحشد .. ولكن ميل السعوديين في بداية الأحداث للانزواء والاكتفاء بدور اللامبالي المراقب والقبول بانفراد قطر بملف الثورات العربية جميعها كان هو مصدر قلقي .. لأنني أعرف أن السعودية هي البسوس التي تحرك داحس والغبراء في الربيع العربي بتنسيق كامل مع غرف عمليات غربية .. وكنت مدركا اننا سنتكفل بعبثيات آل ثاني وعنترياتهم الجوفاء وهم يعدون العالم بماعجز العالم عن فعله وهو امتطاء ظهر الأسد .. لكن صمت السعوديين بشكل مريب أقلقني وقد لبثوا يرقبون كالثعابين لأسابيع كمن ينتظرون ويترقبون شيئا خطيرا .. وكما تعرفون فان ضجيج الأعراب العبيد مثل ضجيج النعاج لكن في صمتهم تسمع دوما أجراس النذالة والخيانة والغدر .. أجراس الجريمة وخناجر الخسة معلقة في أغصان صمتهم دوما وعلى كلمات وعودهم وأيمانهم المغلظة .. ويسكن الشر في عيونهم التي تنظر ولاترف كما عيون الأفاعي .. لذلك كان الهدوء والترقب المريبان للسعوديين وتسللهم خلسة الى الأزمة السورية هو ماجعلني أتوجس وأواصل مراقبة تحركاتهم وسكناتهم لتحليلها والتنبؤ بها وقراءتها لأن في قراءتهم قراءة لتل أبيب وكواليس واشنطن .. الى أن خرجوا من مكامنهم من شدة الغيظ وقد عيل صبرهم من تعثر قطر وسقوط أميرها عن ظهر بعيره .. خرجوا من مكامنهم بعصبية كما يخرج الجرذ من جحره عندما يدخله الدخان والنار ..

مؤتمر جنيف في الحقيقة كشف عن عمق المأزق السعودي أولا ومأزق الدول التي تعثرت أحلامها والتي أجبرت على الاعتراف بأنها لاتستطيع تجاوز الدولة السورية الوطنية وأنها مضطرة للجلوس معها .. ورغم أن المؤتمر قد فصل على مقاس الوحش الجريح سعود الفيصل ومقاس عائلته ومقاس جراحه الغائرة .. فالكورس من الرديدة من الحضور نسخوا عبارة انهم حضروا بناء على "اتفاق جنيف 1 وانشاء الهيئة الانتقالية كاملة الصلاحيات" تماما كما يريد السعوديون والأمريكيون وكأنها شيفرة ونشرة وعظة دينية مكتوبة موزعة على بعض المراهقين والضالين في ذلك الصباح وقد كتبها كاتب واحد ..

ولكن سنكون في غاية السذاجة ان قلنا بأننا قد أصبنا بالدهشة وخيبة الأمل من سماع هذه المطالب لأن هذه العبارة كانت تتنقل على الشفاه كما مجاهدة النكاح التي تمرر على المجاهدين فردا فردا .. وقد "جاهد" معظم الحضور في جنيف مع تلك العظة وهم يتداولونها (حنيف 1 وهيئة حكم انتقالية بكامل الصلاحيات) .. ولكن الملاحظ أيضا أن السعودية والغرب كانا مستقتلين لتحريض الرأي العام العالمي بضرورة تمرير مساعدات عبر "ممرات انسانية" الى المناطق التي حوصر فيها المسلحون وهم يختنقون ببطء ويراد للمؤتمر الذي يعرف الجميع أنه لن يفضي الى اي ممر الى جنيف 1 أن يكون على الأقل منصة لاطالة عمر الأزمة باطالة عمر القوى المسلحة والمرتزقة التي تتضور جوعا تحت الحصار بانقاذها .. فهي حبيسة في جيوب مغلقة كالأكياس البلاستيكية التي ترمى فيها القمامة وتحتاج لمن يطيل عمرها .. والغاية من ذلك ايجاد ركود عسكري طويل ليتم خلاله تقوية خطوط دفاع المسلحين وحقنهم بالغذاء والدواء .. وبالتالي خلق واقع حال يطول ليتم اقتطاع مناطق حدودية (وخاصة في حلب) لتكون يوما مقرا لقبعات زرق .. على مايسمى خطوط تماس تستمر لبضعة عقود ..

وسنكون أيضا ساذجين ان قلنا بأننا سمعنا مالانتوقعه من المؤتمر .. لأن كل كلمة قيلت في المؤتمر قيلت ملايين المرات قبل ذلك واتحدى احدا ان يقول انه سمع كلمة جديدة من جوقة أصدقاء الشعب السوري .. وأقصد ان كان سمع كذبة جديدة واعتداء أخلاقيا جديدا واعتداء نفسيا جديدا على الدولة الوطنية السورية .. فكل ماقيل صار مألوفا لدى الأذن التي ملت سماع تلك الأنغام وسئمتها .. وأستثني مسرحية صور التعذيب التي أنفقت عليها قطر بسخاء لتصويرها واخراجها في موعد دقيق جدا مثلما كانت تصور كل الضحايا الذين تقتلهم المعارضة ذبحا على أنهم ضحايا الشبيحة ..قبل كل جلسة لمجلس الأمن ..

ولعل الرسالة التي أوصلتها القيادة السورية للوحوش الجريحة كانت هي البلاغة بعينها .. فقد سمع الجميع رأي القيادة السورية ورأي المعلم بالجميع ودون مجاملة ولامواربة ولاحياء ولاخوف ولا اعتبار لأحد ولمقام أحد ..من سعود الفيصل صديق "فخامة الرئيس الأجرب" الى أوغلو الغبي صاحب نظرية الأصفار التي صارت مصدر سخرية وتندر العالم .. وحتى كيري .. وتخصيص المعلم لكيري بأن يصيخ السمع وهو يعيد "بأن لاحق لأحد في العالم يملك شرعية أن يقرر شأنا سوريا أو يملي عليهم شكل قيادتهم" هو في غاية التحدي والثقة بالنفس والاحتقار السياسي البارد المثلج .. ورسالة للجميع مفادها أنه قبل أن يفتح أحد الحاضرين فمه فان ماستقولونه عن رأيكم بالتدخل في شأننا سيقع على حذاء وليد المعلم وأحذية وفده المرافق .. ولولا بعض الاحترام للمشاهدين لخلع المعلم حذاءه وضرب به على طاولة هذا التجمع من مجاهدي النكاح الغربيين والعرب الذين لايطيب لهم النكاح وتطبيق الشرعية الدولية والكشف على عذريتها الا في عواصم العرب الوطنية والمقاومة رغم أنها توطأ ليلا نهارا في العالم وتحديدا في الخليج العربي وتل أبيب .. وأعتقد أنه لولا ديبلوماسية المعلم الهادئة لرأينا حذاءه في يده كما فعل الزعيم السوفييتي خروتشوف عندما ضرب بحذائه الطاولة في الأمم المتحدة ..لأن هذه المنظمة لم يعرف قيمتها الحقيقية سوى نيكيتا خروتشوف ..انها لاتساوي الا حذاء ..

الوحش الجريح الوهابي الآن صار يعض في كل اتجاه .. ويزمجر في وجه الجميع .. فالعالم يذهب الى جنيف فيما هو يعض الضاحية الجنوبية بعملية كان من المقرر أن تكون في منتهى العنف والفظاعة كرسالة الى حزب الله وايران ولاستفزاز الجمهور بالتحدي الدموي وليقول لكل من ينتظر منه ان يسلم أوراقه في جنيف بأنه سيقاتل حتى آخر لحظة من عمره الباقي .. ثم في نفس اليوم الذي يفجر فيه الشوارع يدفع المعارضة السورية لسحب قبولها المشاركة في المؤتمر في آخر لحظة بحجة دعوة ايران المتورطة في الحرب .. وكان من الواضح أن هذه الخطوة متفق عليها بين السعودية وجيفري فيلتمان (وهو الأمين العام الحقيقي للأمم المتحدة وليس الدمية الصفراء بان كيمون) .. هذا التنسيق كان لتبرير تصرف الأمم المتحدة بسحب الدعوة لايران قبل ساعات من المؤتمر .. ومن الواضح أن المقصود بهذه الخطوة هو مفاجأة واحراج الكتلة السورية الروسية واستفزازها كي يحجم الوفد السوري والروسي عن الحضور في آخر لحظة في ردة فعل غاضبة لها مبرراتها المنطقية أيضا لأن هذه التلاعبات والبهلوانيات العبثية المهينة تعني فيما تعنيه أن لاعبي جنيف سيحضرون حفلا بروتوكوليا ولن يقدموا حلا .. وعندها سيقال ان المؤتمر فشل بسبب اما ايران أو سورية او روسيا .. وتبدأ ساعة الزمن كالعادة بقياس الاحداث من اللحظة التي ألقي فيها باللائمة على طهران أو دمشق أو موسكو وليس من لحظة انسحاب المعارضة وسحب الدعوة من ايران .. تماما كما بدا الحديث عن سحب المقاتلين الأجانب منذ تدخل حزب الله في القصير منذ أشهر وليس منذ أن امتلأت المدن السورية بالمجاهدين المسافرين من كل أصقاع الدنيا في أول اسابيع الأزمة .. وليس منذ أن فتح أردوغان حدوده لكل المشردين فن افغانستان وباكستان وبلاد الواق واق وسكان المريخ لتحرير الشعب السوري ..

وهذا بالطبع جوهر عملية صناعة التاريخ المزيف .. فبالرغم من أن تركيا هي أول دولة تدخلت في الأسبوع الأول بصفاقة وعلنا في الاحداث السورية وكان أردوغان يتحدث كما لو كان رئيسا للشعب السوري ومسؤولا عن طعامه وشرابه وأمنه وأفراحه وأتراحه وحركة تحريره .. فان ايران هي التي اتهمت بالتدخل في سورية .. وبالرغم من أن المدن السورية كانت تعج بالمجاهدين المستوردين منذ الأشهر الأولى بحجة نصرة الشعب السوري (وكانت أولى بواكير هذه الهجرة الجهادية اسم جبهة النصرة التي سميت كذلك لأنها جاءت لتنتصر للسوريين) فان تاريخ التدخل الأجنبي في الأزمة بدأ فقط منذ معركة القصير ..نفس الأسلوب الاسرائيلي الذي يبدأ القصف دوما ردا على عملية للمقاومة .. ويبدأ التاريخ منذ "رد" على عملية للمقاومة وليس لأن المقاومة ردت على عدوانه قبل ذلك ..

يبدو أن السعودية تتمنى لو تمكنت أن يكون مؤتمر جنيف كله هو نسخة عما يسمى أصدقاء الشعب السوري الشهيرين .. أي في غياب روسيا والصين والبريكس واقتصاره فقط على بضعة دول متورطة حتى أذنيها في الدم السوري .. وربما ستكون في منتهى الهدوء اذا كان المؤتمر مكونا من السعودية واسرائيل .. الدولتان الوهابيتان في النشأة والعقيدة والمبادئ ووحدة المصير والهدف .. والنهاية .. والتشابه في أن كليهما أوهن من بيت العنكبوت ..

لم أكن في الحقيقة مدركا لحجم المعضلة التي وقعت فيها المملكة العربية السعودية رغم انني أعرف من خلال تسريبات ما أن المملكة متوترة جدا وتعيش حالة عصبية قاسية للغاية .. ولاتفهم كيف أن الرئيس الأسد قد قرر المواجهة والتحدي علنا لاسقاط الوهابية كمشروع يسير جنبا الى جنب مع التحدي الصهيوني .. بل ان هذا الرئيس الشجاع منذ يومين أكد أن لاعودة عن مشروع اسقاط الوهابية الفكرية الذي بدا يدفع به كمشروع عالمي حضاري انساني .. وقد سمعت منذ ايام الأمير تركي الفيصل يشكو بمرارة كضبع منهك أن "الشعب السوري قد تركه العالم ليواجه مصيره البائس (بسبب عدم سقوط الدولة السورية)" .. ولكن تعليقا من صحفي غربي قد وصل الى قلب الامير وبراكينه الثائرة عندما قال معلقا بنوع من السخرية: لاأدري ان كان الوجه الحقيقي لعبارة الأمير هو أن السعودية هي من تركت لتواجه مصيرها بسبب نهوض محور لم تكن تتخيل يوما ما أنه سيقف فوق رأسها (ايران-العراق-سورية- لبنان حزب الله) ..

المحور المقصود هو الهلال المرعب .. الهلال الخصيب الذي يتمطط من طول الرقاد فيصل ذراعاه حتى ايران .. الهلال الذي تسميه الوحوش الجريحة "هلالا شيعيا" .. عجبا هل كان جيمس هنري برستد الذي أطلق عليه ذلك الاسم الشهير يعرف أنه سيكون هلالا شيعيا ؟؟ أو هل كان "ول ديورانت" في "قصة الحضارة" يتحدث عن الهلال الخصيب أم الهلال الشيعي؟؟ .. انه نفس الهلال منذ آلاف السنين ونفس البشر والحجر .. فقط السعوديون والوهابيون والطائفيون وملك الأردن والاسرائيليون غيروا اسمه الى الهلال الشيعي ..!! حتى الحضارة القديمة تريد الوحوش الجريحة أن تنهشها .. ولكنه هلالنا الخصيب .. وهلالنا الحبيب .. ولن يكون شيعيا ولاسنيا .. بل هلالا خصيبا .. يفتح فمه ليبتلع نجمة داود الغريبة ومعها مملكة محمد بن عبد الوهاب ..

لاأدري لم تذكرني حكاية السعودية والغرب مع سورية بقصة الريح والشمس اللتين تحديتا بعضهما في أن ترغما أعرابيا يسير في الصحراء على أن يخلع عباءته .. وكانت الريح تحس بثقة مفرطة بنفسها فقررت أن تخلع عنه عباءته بالقوة .. فاشتدت وعصفت وأمسكت اعاصيرها بأطراف عباءته وشدت بأنيابها أكمامه ثم نفخت في وجهه حتى ازرق وجهها وانتفخ .. ولكن الرجل تمسك بعباءته وشدها حوله باصرار وعناد .. واستمر الصراع بين الريح والاعرابي .. والأعرابي ممسك بعباءته حتى تعبت الريح وأصابها الانهاك .. وصار الهواء مصنوعا من صوت لهاثها وهي تنسحب لتلتقط أنفاسها .. الى أن همدت على أحد الجبال تنظر كسيرة العين وقد باتت مقتنعة أن لاقوة على الأرض سترغم الأعرابي على التخلي عن عباءته .. وهنا قررت الشمس أن تظهر لها قوتها فصعدت بهدوء وثقة من خلف ذلك الجبل وألقت حزمة من النور واللهب على الأرض .. ثم تلتها بحزمة أخرى ..وأخرى .. وأحس الأعرابي بالحر وصار يتعرق .. وماهي الا دقائق ختى أفلتت أصابعه أطراف عباءته ومن ثم أخذ يفتح عباءته ويتخفف من احاطتها له .. ولكن الشمس زادت من هدايا اللهب حتى ضاق الاعرابي ذرعا بالحر واللهب .. فخلع عباءته وسط ذهول الريح وهدوء ابتسامة الشمس ..

الشعب السوري لن يخلع عباءته مهما عوت الريح ومهما زمجرت الضواري الجريحة .. والشعب السوري لن يعطي عباءته لأحد في الدنيا .. ولن ترغمه على خلعها شمس ولا قمر .. وقد قالها المعلم على طريقة الديبلوماسية السورية الهادئة الواثقة .. لن نخلع عباءتنا ..ولن نخلع انتصاراتنا .. ولن نخلع فخرنا .. ولن نخلع كرامتنا وبلدنا وشرفنا .. ولن نخلع دماء شهدائنا .. ولن نخلع سيادتنا واستقلالنا وقرارنا الوطني .. هل سمعت أيها الجمع؟؟ ..وأنت بالذات ياسيد كيري؟؟ هل سمعت؟؟



  عدد المشاهدات: 1444

إرسال لصديق

طباعة
شارك برأيك

الاشتراك بالقوائم البريدية
البريدالإلكتروني: