الأمل بالعمل



الأكثر زيارة
 الصفحة الرئيسية   مقالات  

قطار الحلّ في سورية يتوقف على هزيمة كل المجموعات المسلحة ومن يدعمها - بقلم : حسن سلامة
February 04, 2014 12:57

كل الأخبار - البناء

لم يتفاجأ كل متابعي مسار الاتصالات الإقليمية والدولية بما انتهت إليه محادثات مؤتمر «جنيف ـ 2» من مراوحة،
 بل واستمرار الرهانات الأميركية ـ الغربية نفسها، على أن تحقق المفاوضات ما عجزت عنه كل آلة التآمر التي جرى استخدامها خلال ثلاث سنوات من عمر الأزمة.
فالمعطيات الدبلوماسية التي ينقلها بعض زوار العواصم الغربية، أو الذين التقوا أخيراً مسؤولين روساً وإيرانيين، تجمع على أن ما يحكى عن تفاهمات دولية ـ إقليمية ليس دقيقاً، رغم وجود بعض المقاربات المشتركة بين واشنطن والغرب من جهة وكل من روسيا وإيران والدول الحليفة لهما من جهة أخرى، إن من ناحية ما يتعلق بالاتفاق الجزئي بين الغرب وإيران حول الملف النووي الإيراني، أو من ناحية ما يتعلق بالتفاهم مع روسيا حول ضرورة الحل السياسي في سورية، لكن هذه المقاربات لم تقابلها تفاهمات كاملة حول قضايا كثيرة دولية وفي الدرجة الأولى على مستوى المنطقة.
وتلاحظ مصادر دبلوماسية واسعة الاطلاع، أن الملفات الأساسية في الشرق الأوسط ما تزال مدار «كباش» جدي بين واشنطن والغرب من جهة وروسيا وإيران وحلفائها من جهة ثانية وفق الآتي:
ـ في الملف النووي الإيراني لا يزال هناك الكثير من التباعد في المواقف بين واشنطن وطهران، وإن كانت الإدارة الأميركية تفضل المساعي الدبلوماسية على اللجوء إلى الخيارات الأخرى لاعتبارات تتعلق بالداخل الأميركي.
ـ في موضوع الصراع الفلسطيني ـ «الإسرائيلي» لم تصل المحاولات الأميركية لفرض تسوية إلى أي نتائج، ولم يتجاوز الدور الأميركي ممارسة الضغوط على السلطة الفلسطينية في مقابل تبني شروط حكومة المتطرفين في تل أبيب.
ـ في الملف العراقي، لم يمكن الوصول إلى تفاهمات أميركية ـ إيرانية رغم وجود بعض التقاطعات حول محاربة الإرهاب وتحديداً تنظيم «القاعدة».
وتقول المصادر الدبلوماسية إنه في ضوء هذا الصراع الدائر حول هذه الملفات إضافة إلى قضايا أخرى، ليس من الممكن الوصول إلى تفاهم حول مقاربة الحلّ السياسي في سورية قبل أن تنضج التفاهمات حول القضايا والملفات الإقليمية الأخرى، والنتيجة الأكيدة من كل ذلك أن لا تفاهم أميركياً ـ روسياً من طريقة مسار محادثات مؤتمر «جنيف ـ 2» وإن كان هناك تفاهم على استمرار المحادثات ولو على مراحل.
من كل ذلك يمكن القول إن ما انتهى إليه الاجتماع الأخير بين وفد الدولة السورية وما يسمى وفد «الائتلاف» المعارض كان يتوقعه كل المطلعين على مسار «الكباش» الفعلي الحاصل علناً وفي الكواليس بين روسيا وإيران من جهة والولايات المتحدة من جهة ثانية، ولهذا تقول المصادر الدبلوماسية أن السياسة التي تعتمدها واشنطن حيال سورية لم تتغير بمضمونها الفعلي، وإن اعترفت بعجزها عن تحقيق ما تريده بالخيارات العسكرية، وهو ما يعني فعلياً محاولة الإدارة الأميركية لأن تحقق بالدبلوماسية ما عجزت عنه بالحرب، وهذا يمكن ملاحظته بالآتي:
أولاً: إن الولايات المتحدة لم تمارس أية ضغوط فعلية على العائلة الحاكمة في السعودية لتوقف دعمها العسكري والمالي واستقطاب الإرهابيين إلى سورية، وكل ما فعلته هو ممارسة «الدبلوماسية الناعمة» تجاه حليفتها الرياض لتحصر دعمها بما يسمى «الجماعات المسلحة المعتدلة» من «الجيش السوري الحر» إلى الجبهة الإسلامية مع العلم أن «الجبهة الإسلامية» لا تختلف من حيث تكوينها عن داعش والنصرة.
ثانياً: لقد مارست واشنطن كل أنواع الضغوط خلال محادثات «جنيف ـ 2» لعدم الوصول إلى اتفاق على كيفية مواجهة الإرهاب، بل بالعكس، فكل ما طرحه وفد «الائتلاف» المعارض من شروط وهمية تتعلق بالدولة السورية كان بإيعاز من السفير الأميركي روبرت فورد الذي بقي في جنيف طوال أيام المؤتمر، حتى أن وفد «الائتلاف» رفض إصدار بيان يندد بالإرهاب، وهو ما يكشف مدى التورط الأميركي بدعم هذه المجموعات في سورية.
ثالثاً: إن لجوء الكونغرس الأميركي إلى طلب إعادة تسليح المجموعات المسلحة ولو أنه طلب استثناء «داعش» من هذا التسليح يؤكد أن واشنطن غير جاهزة للحل السياسي في سورية بانتظار معرفة ما ستذهب إليه الأمور حول القضايا الإقليمية الأخرى.
وعلى هذا الأساس، ترى المصادر أن لا توقعات كبيرة أيضاً على عودة المحادثات في 11 الحالي، بل إن كل المؤشرات توحي بأن الولايات المتحدة وحلفاءها في الغرب والسعودية يدفعون نحو مزيد من سفك الدماء ومزيد من دعم الإرهاب، وتالياً فمسار الحل السياسي في غياب التفاهمات الكبرى، يتوقف على استكمال الجيش السوري ضرباته العسكرية الاستراتيجية للمجموعات المسلحة، بكل أشكالها ومسمياتها.



  عدد المشاهدات: 1476

إرسال لصديق

طباعة
شارك برأيك

الاشتراك بالقوائم البريدية
البريدالإلكتروني: