الأمل بالعمل



الأكثر زيارة
 الصفحة الرئيسية   مقالات  

ماذا بعد فشل الخطة الأميركية في جنيف 2؟ ....بقلم أمين حطيط
February 18, 2014 01:01

ماذا بعد فشل الخطة الأميركية في جنيف 2؟ ....بقلم أمين حطيط

كل الأخبار - الثورة :

كانت اميركا – قائدة جبهة العدوان على سورية – تتصور ان ما حبكته في جنيف 2 من مكائد وما نصبته من فخاخ للايقاع بسورية ومحورها

– محور المقاومة والدفاع - سيقود بشكل حتمي الى تحقيق الاهداف التي من اجلها انطلق العدوان على سورية منذ ما يقارب السنوات الثلاث عن احد طريقين:

اما تسليم سورية بالمطالب الاميركية وبالتالي استسلامها امام الهجوم العدواني، او احراج سورية واستفزازها بما يؤدي الى حملها على قطع التفاوض ومغادرة جنيف ما يمكن اميركا من تحميلها مسؤولية الفشل في الوصول الى حل سلمي عبر التفاوض، ويمكنها من الادعاء بان لا مخرج مع اقفال باب التفاوض الا العودة الى مجلس الامن وفرض حل على سورية تحت الفصل السابع، وهو الحل الذي شاءته اميركا منذ اكثر من سنتين واخفقت فيه بعد ان اصطدمت بعقبة الفيتو الروسي الصيني المزدوج.‏

هكذا تصورت اميركا ان يكون المشهد في جنيف، ولكنها لم تتصور او لم تشأ ان ترى او تتصور ان الدولة السورية تملك من القدرات الدبلوماسية الرفيعة ما يمكنها من تحويل التحدي والمأزق الى فرصة تستثمرها من اجل جني المكاسب الوطنية بدل الوقوع في الحفر العدوانية وتكبد الخسائر التي يريد الخصم انزالها.‏

و بهذه القدرات الرفيعة لم تقع سورية في فخ الاحراج الذي اعد بعناية اميركية بالغة منذ اللحظة الاولى لتوجيه الدعوات للمشاركين بجنيف 2 وحتى انتهاء الجولة الثانية منه، ولم يصدر عن الوفد السوري الا ما يؤكد تمسك سورية بالحل السياسي والاصرار على البحث عنه عبر التفاوض‏

والقبول بالذهاب الى اقصى الارض في رحلة البحث هذه من اجل وقف سفك الدم السوري، وقد وصل الوفد في تأكيده على هذا الامر حدا قال فيه انه « لن ينسحب من المفاوضات الا بعد ان ينسحب الابراهيمي نفسه ويعلن وقفها «، وبعد ذلك سيكون ايضا منتظرا للعودة اليها عندما يفتح بابها.‏

و طبعا وبهذه القدرات معطوفة على واقع المشهد العام والمعادلات الميدانية والاقليمية والدولية، كان منطقيا ان يتمسك الوفد السوري الوطني – وفد الجمهورية العربية السورية – بالثوابت الوطنية وبالحقوق السيادية وبالمصلحة العامة للشعب السوري ودولته القائمة، وان يرفض توقيع صك الاستسلام الذي يريد الاميركي الحصول على توقيع عليه حتى يأخذ في غرفة التفاوض ما عجز عن فرضه في ميدان القتال الذي يواجه فيه الجيش العربي السوري وحلفاؤه يواجه الجماعات الارهابية المسلحة التي وفدت في معظمها من الخارج لتحقق لاميركا والغرب اهدافهم في اسقاط سورية، تمسكت سورة عبر وفدها في جنيف بحقوقها ورفضت الاذعان والاستسلام، واجهضت بذلك حلم اميركا ومكيدتها التي حضرتها لها في جنيف 2.‏

و الان ومع اطفاء الاضواء في غرف التفاوض وعودة الوفود الى ديارها على حد قول الاخضر الابراهيمي – مهم جدا استعمال الابراهيمي لهذه العبارة، التي تعني بوضوح ان وفد الجمهورية يعود الى عاصمته دمشق ووفد الائتلاف المعارض يعود الى اسياده خارجها في عواصم الغرب والاقليم – بعد انتهاء الجولة الثانية من التفاوض واعتذار الابراهيمي للشعب السوري عن عجزه عن تحقيق شيء يريح الشعب على حد قوله، سيكون السؤال الكبير : كيف ستتصرف اميركا حيال اخفاقها في جنيف وفشلها في دفع الوفد العربي السوري للوقوع في واحد من الفخين الذين اعدتهما له ؟ ( وهنا اكرر ما كنت وما زلت اتمسك بقوله ان من فشل في جنيف هو اميركا، ولم يكن جنيف 2 بذاته هو الفاشل، لان سورية كسبت الكثير في هذا المؤتمر بعد ان عرّت الخصوم وفضحت الاعداء بكيدهم وفشلهم ).‏

قبل الاجابة على السؤال، من المفيد ان نؤكد بان ما آل اليه الوضع من تمسك سوري ثابت بالحقوق الوطنية وتعنت اميركي وسعي لتحقيق اهداف العدوان، وضع الامور امام حائط مسدود ادى رفع الجلسات وتعليق التفاوض انتظارا لمتغير ما يكسر هذا الحائط، ولاجل ذلك جاهر الاميركي وبوقاحة كلية بانه سيمارس مزيدا من الضغوط على سورية لدفعها للتنازل، اي انه اعلن اصراره على مواصلة العدوان، ما يعيد التأكيد على السؤال المتقدم الذكر : كيف ستتصرف اميركا بعد الوصول الى هذه المرحلة اي كيف ستمارس هذه الضغوط ؟‏

للاجابة على هذا السؤال، وانطلاقا مما بدا يلوح في الافق من مواقف وتصرفات، وعطفا على ما يجري في الميدان وعلى مسرح العلاقات الدولية، فاننا نرى ان الامور في سورية واتصالا بالازمة المتعلقة بها، ستتجه وفقاً للاحتمالات التالية :‏

1) تسعير العمل العسكري في الميدان : ويكون فيه تركيز اميركي على اعداد عصابات مسلحة اضافية في الخارج ودفعها الى سورية لاحداث خرق ما تعول اميركا عليه في سياق سعيها لما تصفه « باستعادة التوزان في الميدان» الذي اختل بشكل كبير على حد وصفها لصالح القوات الحكومية. وهنا يبدو ان اميركا اختارت وفي ظل متغيرات اقليمية واضحة، اختارت الجبهة الجنوبية لتكون ميدان الجهد الرئيس لعدوانها انطلاقا من الاراضي الاردنية التي اقامت عليها معسكرات تريب للارهابيين وجهزتهم باشراف ومساهمة وتنفيذ شارك فيه خليجيون واسرائيليون واوروبيون، وبات لديها وفقا لما تسرب او سرب من معلومات حوالي 2500 مسلحا مزودين باسلحة حديثة ضد الطائرات والدروع، ويمكن ان يرتفع العدد في الاسبوعين المقبلين الى اربعة الاف مسلح، سيدفع بهم شمالا مع امل الوصول الى مشارف دمشق والالتقاء مع 5000 مقاتل في الداخل السوري جاهزين حاليا للعمل معهم في عملية عسكرية منسقة بقيادة غربية تقود كما تتصور اميركا الى احداث ضغط كافٍ على الحكومة في دمشق للتراجع والتنازل.‏

هذه هي الخطة التي تحاول اميركا تنفيذها وتسربها بشكل او باخر في سياق حرب نفسية اعتمدتها منذ بدء العدوان، لكن ما هي حظوظ هذه الخطة من النجاح ؟‏

اننا نعتقد وبشكل موضوعي ان فشل هذه الخطة امر مؤكد لاكثر من اعتبار منها ما هو عسكري ميداني مباشر متصل بجهوزية القوة المدافعة وقدرتها وبكل تأكيد على استيعاب الغزوة وتدميرها، ومنها ما هو سياسي استراتيجي متصل بالارادة السياسية السورية المنيعة ضد اي نوع من انواع الضغوط عليها ومنها ما هو شعبي بعد ان ارتفع منسوب الوعي ورفض وجود الجماعات المسلحة الاجنبية.‏

2) العودة الى مجلس الامن والامم المتحدة. قد لا تكون هذه المسألة فرضية او احتمال فقط بل باتت حقيقة راهنة مع مواقف صدرت عن الدمى العربية التي تحركها اميركا او الادوات الاروبية التي تعمل على ايقاع الالحان الاميركية.حيث ان مجلس الامن ومع ظهور الاخفاق الاميركي في جنيف منذ الساعات الاولى، انقلب الى ميدان تتداول فيه مشاريع قرارات تتصل بسورية ورغم انها اتخذت من العنوان الانساني مدخلا لكن الاساس فيها هو ادراج الفصل السابع مرجعا لمشروع القرار الجديد بما يجيز استعمال القوة واعادة مشهد ليبيا مجددا. لكن هذه المحاولة وكما بات معلوما ستكون ساقطة على اصلها مع التصدي الروسي – الصيني ورفع بطاقة الفيتو الجاهز بوجهها كما ومع اعداد مشروع قرار روسي نقيض يفرغ المساعي العدوانية الغربية من محتواها.‏

اما على صعيد الامم المتحدة فكما يعلم الجميع فان قراراتها غير ملزمة وهي اقرب الى التمنيات والترف السياسي وليس من شأنها ان تغير الواقع او تحدث انقلابا في الميدان.‏

وبنتيجة القول نرى أن لا جدوى من العمل بهذا الاحتمال ولن يؤدي السير به الى احداث ضغط تعول عليه اميركا لثني سورية عن مواقفها واجبارها على التنازل.‏

3) يبقى السلوك المركب من الضغوط المتعدد العناوين والتي يتداخل فيها العسكري مع السياسي مع الاقتصادي مع الحرب النفسية، ويكون المدخل الى هذا الامر التركيز على مسؤولية الحكومة السورية في فشل المفاوضات ودعوة الشعب السوري ودول العالم كل في نطاقه لممارسة الضغط عليها بما يحرجها اخلاقيا واقتصاديا وسياسيا.‏

وقد بدأت اميركا بشكل حثيث بالعمل بهذا الخيار مع الساعات الاولى التي تلت تعليق مفاوضات جنيف 2. ونحن نرى ان هذا الامر تم اللجوء اليها اكثر من مرة خلال السنوات الثلاث الماضية ولم يؤد الى النتيجة المتوخاة وان ظروف نجاحه اليوم هي ادنى بكثير مما كانت عليه في السابق ولذلك نراه ايضا مسارا اميركيا محتملا ولكنه فاشل ايضا.‏

مع هذه الاحتمالات للسلوك العدواني ضد سورية، ومع قناعتنا بعدم نجاحها في تحقيق المطلوب نرى ان الشهر المقبل سيكون مرحلة حساسة على اكثر من صعيد ستمارس فيه لعبة عض الاصابع الى اقصاها في الميدان والسياسة والاقتصاد والاعلام والحرب النفسية، ويكون على جبهة الدفاع عن سورية ان تكون خلالها وفي كل العناوين التي ذكرت في اتم جهوزيتها خاصة وان العدوان الان دخل في مرحلته الاخيرة وان تراكم الانجازات السورية على اكثر من صعيد يوفر فرص اعلى للنجاح في الحرب الدفاعية القائمة.‏



  عدد المشاهدات: 1525

إرسال لصديق

طباعة
شارك برأيك

الاشتراك بالقوائم البريدية
البريدالإلكتروني: