الأمل بالعمل



الأكثر زيارة
 الصفحة الرئيسية   مقالات  

كنيسة القيامة - بقلم: يونس أحمد الناصر
May 14, 2013 14:35

القدس مدينة لا كالمدن تهفو إليها قلوب العرب مسلمين ومسيحيين ويهود، دنسها الصهاينة بوجودهم البغيض وعدائهم لكل ما هو إنساني، والقدس بعد أن احتفلت بكونها عاصمة للثقافة العربية تشهد حملة مبرمجة لطمس معالمها العربية الإسلامية والمسيحية تتطلب منا الوقوف في وجه هذه الحملة للمحافظة على هذه المدينة كمهد للديانات الثلاث السلامية والمسيحية واليهودية واليوم أحببت أن أعرج على الأثر الخالد أعني كنيسة القيامة والله الموفق.

كنيسة القيامة من أعرق كنائس بيت المقدس، استغرق العمل في بنائها أحد عشر عاماً إذ بدأ عام ثلاثمئة وخمسة وعشرين وانتهى عام ثلاثمئة وستة وثلاثين للميلاد.
أشرفت على بنائها الملكة هيلانة والدة الإمبراطور قسطنطين.. ويتردد أن هيلانة عثرت أثناء زيارتها إلى بيت المقدس على ما اعتقدت أنه خشبة الصليب الذي علق عليه السيد المسيح، وأرادت بناء كنيسة في المكان. لبى الإمبراطور رغبة والدته، ولم يوفر مالاً ولا حرفيين أو خبراء في سبيل بناء كنيسة لائقة، وأشرف على البناء بشكل مباشر مهندس سوري اسمه"زينو بيوس، ورجل دين من شيوخ الكنيسة اسمه يوستاثيوس.
تم تكريس كنيسة القيامة سنة ثلاثمئة وست وثلاثين، وتوجه الأساقفة الذين كانوا يحضرون مجمعاً محلياً في صور إلى بيت المقدس للمشاركة في حفل التكريس الذي أعلنت فيه قدسية كنسية القيامة أو الضريح المقدس.
يمكن تمييز الكنيسة بوضوح في خارطة مأدبا الفسيفسائية، حيث كان يدخلها الناس من باب ثلاثي لا تزال أقسام منه قائمة حتى اليوم.
وبني فوق الضريح المقدس بناء مدور، وبنيت ما بين الباب والمبنى الدور باسيليكا كبيرة، وخمسة أروقة بين الأعمدة مع جناح مدور بارز في ساحة متسعة، فبقي موضع الصليب منعزلاً على حدة باعتباره مزاراً قائماً بذاته.
تميز البناء بجلال التصميم ووفرة الزينة، وأدخلت عليه تحسينات باستمرار منها التزيينات التي قامت بها الإمبراطورة يودقيا في منتصف القرن الخامس للميلاد.
تمتعت كنيسة القيامة ولا تزال بأهمية استثنائية وقد وصفها الرحالة المسلمون الذين زاروا بيت المقدس ومنهم ناصر خسروا الذي يقول:" للنصارى في بيت المقدس كنيسة لها عندهم مكانة عظيمة ويحج إليها كل سنة كثير من بلاد الروم.
وهذه الكنيسة فسيحة، وهي عظيمة الزخرفة من الرخام الملون والنقوش والصور.
في كنيسة القيامة دير للرهبان الفرنسيين الذين يخدمون في الكنيسة، وهم ينتسبون إلى القديس فرنسيس الأسيزي الذي جاء إلى القدس سنة ألف ومئتين وتسع عشرة، ووافق البابا اكلمنطس السادس ببراءة بابوية سنة ألف وثلاثمائة واثنين وأربعين على وجود الفرنسيين في الكنيسة على أن يكونوا حراس الأراضي المقدسة باسم العالم الكاثوليكي وقد قاموا بترميم الكنيسة مرتين آخرها سنة ألف وسبعمئة وتسع عشرة، وأقاموا فيها بناءً جديداً سنة ألف وتسعمئة وسبع وستين.
وللرهبان الفرنسيس حصة وافرة في كنيسة القيامة، في كل يوم يقيمون الصلاة إلى جانب طواف يومي في مختلف ربوعها.
إلى جانب هذا الدير الكاثوليكي، هناك الأديار الأرثوذكسية وأولها دير الروم الأرثوذكس، أسس بطريرك القدس اليوناني جرمانوس أخوية القبر المقدس، بعد الاحتلال العثماني لفلسطين ويعد أعضاء هذه الأخوية حراس الأراضي المقدسة باسم العالم الأرثوذكسي.
للرهبان الذين يخدمون في الكنيسة وعند ساحة القيامة شرقاً يقوم دير القديس إبراهيم الذي اشتروه سنة ألف وستمئة وستين من الأحباش.
منذ أيام البطريرك جرمانوس، عمل الروم الأرثوذكس اليونان على التوسيع في كنيسة القيامة وبعد احتراقها سنة ألف وثمانمئة وثمان، توصلوا إلى الانفراد بترميم أكبر قسم منها بموجب مخططاتهم، ولهم اليوم أكبر حصة فيها، ومنها محور الكنيسة المعروف بنصف الدنيا.
وللأرمن الأرثوذكس الحصة الثالثة فيها ومنها قسم الرواق الذي يشرف على القبر المقدس وكنيسة القديسة هيلانة، وهم بدؤوا التوسع في الكنيسة منذ القرن السابع عشر الميلادي.
أما الأقباط الأرثوذكس، فلهم مكانة ثانوية في الكنيسة، يؤدون صلواتهم في معبد صغير بنوه ملاصقاً للقبر المقدس، سنة ألف وخمسمئة وأربعين، ثم جدد بعد حريق سنة ألف وثمانمئة وثمان.
وأخيراً يقيم السريان الأرثوذكس الصلاة كل أحد في معبد للأرمن يقوم ناحية القبر المقدس الغربية.
ولا شك في أن أعظم احتفالات كنيسة القيامة عند جميع الطوائف المسيحية هي احتفالات الأسبوع المقدس والفصح، التي تتم في أقدس مكان مسيحي في القدس. نظرة على التاريخ
كان موقع صلب يسوع ودفنه مكرّمين دون انقطاع منذ أوائل الزمان من قبل الجماعة المسيحية المقيمة في القدس. وكان اليهود من جهتهم يهتمون جداً بقبور الشخصيات الهامة.
بين عامي ٤١ و٤٤ بني السور الثالث الذي شمل ضمن حدود المدينة أيضاً موضع الجلجلة. بعد القضاء على الثورة اليهودية عام ١٣٥ م. عانت القدس من تغيير جذري، فقد طُرد اليهود والسامريون والمسيحيون ومنعوا من العودة. وعقد أدريانوس العزم على مسح كلّ ذكر للديانة اليهودية التي كانت تثير الشغب والثورات. فدمر كلّ أماكن العبادة.
كان موت يسوع موضوعاً للتأمّلات منذ أوّل الأزمان. وسرعان ما برزت الكتابات التي حاولت إظهار كيف أن هذا الموت حقّق الفداء للعالم. أجمع من هذه الكتابات «مغارة الكنوز» و«صراع آدم» و«إنجيل برتلماوس» وغيرها. وجُعلت الجلجلة في مركز هذه القصص ووضعوا هناك آدم أيضاً وحياة التوبة التي عاشها بعد طرده من الجنة ومن ثمّ موته.
تحت الجلجلة إلى الجانب الشرقي منها نجد مغارة يعتقد الباحثون أنّها موضع قبر آدم. وأشير إليها أيضاً على أنّها موضع الجحيم الذي نزل إليه يسوع بعد موته ليحرر الأنفس. هذه الأفكار التي حامت حول موضع الجلجلة تعود لليهود المتنصرين. ومن ثمّ قام أدريانوس ببناء قبة على ستّة أعمدة فوق الجلجلة وكرسها لڤينوس عشتار (وهي الآلهة التي نزلت إلى الجحيم للبحث عن الإله تموز لتحرره) في محاولة منه للقضاء على فكرة نزول المسيح إلى الجحيم في هذا الموضع بالذات.
كانت المغارة موضع زيارة منذ القرن الخامس كما يشهد على ذلك الحاج روفينو الذي توفي عام ٤١٠. وبنى أدريانوس فوق القبر هيكلاً آخر للآلهة الوثنية.
ولم يتبقّ في القدس سوى جماعة مسيحيّة من أصل وثني نعرف منها اسم مطرانها مرقص. رغم أنّها كانت تكرم أماكن مقدسة كثيرة لكن هذه الجماعة لم تفكر في تبديل موضع قبر المسيح وذلك لأنها كانت تكرم تلك التي غطتها في ذلك الحين هياكل أدريانوس وبقيت تلك الذكرى إلى وقت قسطنطين.
خلال عقد المجمع المسكوني الأول (نيقيا ٣٢٥) دعا أسقف القدس مكاريوس الإمبراطور قسطنطين إلى تدمير الهيكل الوثني في المدينة المقدسة للبحث عن قبر المسيح. وهكذا فإن الهيكل الذي كان يهدف إلى القضاء على موقع القبر أدّى في حقيقة الأمر إلى الحفاظ عليه. ولم يبن قسطنطين شيئاً فوق الجلجلة. في القرن الثامن فقط تمّ بناء كنيسة سميت كنيسة الجلجلة. أما القبر المقدس فنظف من الأتربة وبنى قسطنطين فوقه بازيليك القيامة وقد باشرت الأعمال أمه القديسة هيلانة.
أضر الغزو الفارسي عام ٦١٤ م. كثيراً بالأماكن المقدسة التي أعاد موديستو الناسك والذي صار فيما بعد بطريركا للقدس إصلاحها وترميمها. يذكر الحاج أركولفو الذي زار القدس عام ٦٧٠ م، أي بعد دخول العرب إلى المدينة، كيف أن الحجر الذي سدّ به باب القبر قد تحطم أجزاء كثيرة إثر الغزو الفارسي. وقد بنيت فوق الجلجة كنيسة وكرست المغارة تحت الجلجلة لآدم وراح يصور لنا بتعابيره الرائعة كيف مدّد إبراهيم ابنه اسحق على خشبة ليذبحه تقدمة للرب.
لم يمس الفتح العربي عام ٦٣٨ القبر المقدس بسوء وتمتع المسيحيون بالحرية الدينية.
عام ١٠٤٨ نال الإمبراطور البيزنطي الإذن بإجراء بعض التصليحات.
في ١٥ تموز (يوليو) ١٠٩٩ دخل الصليبيون مدينة القدس وقرروا إعادة بناء الكنائس القديمة المتهدمة بل وإنشاء مبنى ضخم يحوي داخله جميع الأبنية الأساسية وهي موضع (موت الجلجة) وقيامة (القبر) يسوع المسيح.
عام ١٨٠٨ شبّ حريق ودمّر القبة تماماً فأصلحها الروم بإذن من الحاكم التركي فبنيت بشكلها الذي نراه اليوم.
هدد زلزال عام ١٩٢٧ قبة الكنيسة الأرثوذكسية بالدمار ولما لم يستطع الحاكم الإنجليزي الحصول على موافقة الطوائف الثلاث التي ترعى الكنيسة قام بإجراء بعض أعمال التقوية والدعم التي لم ترتكز على أساس جيد.
في كانون أول (ديسمبر) عام ١٩٩٤ اتفق رؤساء الطوائف الثلاث على القيام بأعمال الترميم في القبة التي فوق القبر المقدس. أعدّ التصاميم الفنان الأمريكي آرا نورمارت، وقد تولّت «البعثة البابوية في سبيل فلسطين» الإشراف على الأعمال حيث حازت على ثقة الطوائف الثلاث بفضل عدم محاباتها واحترامها للجميع.
وهناك الرسم الذي يمثل الشمس التي تسطع في منتصف القبة من الفتحة التي في القمة ونبع عنها اثنا عشر شعاعاً، والدلالة واضحة إلى يسوع القائم كبزوغ فجر يوم جديد وإلى الاثني عشر رسولاً: إشعاع الإيمان في الأرض. وقد تم تدشين القبة في احتفال مهيب في الثاني من شهر كانون الثاني (يناير) عام ١٩٩٧.
زيارة البازيليك
١. عندما نقف في الباحة في مواجهة الكنيسة، نجد إلى اليمين دير مار إبراهيم للروم الأرثوذكس وقد سمي بهذا الاسم تيمناً بالتقليد المسيحي الذي يقول بأن أبانا إبراهيم جاء إلى هذه الصخرة يقدّم ابنه ذبيحة. نجد في الكنيسة مذبحاً وشجرة زيتون علق الجدي بفروعها. يمكن زيارة البئر العظيمة تحت الدير والتي تبدو كنيسة تحت الأرض. وهناك إلى اليمين كنيسة مار يعقوب للأرمن والقديس ميخائيل للأقباط. إلى اليسار هناك ثلاث كنائس مكرسة للقديس يعقوب والقديس يوحنا والشهداء الأربعين.
٢. الواجهة. يسيطر عليها برج الأجراس الصليبي وقد تهدم الجزء العلوي منه في القرن السادس عشر واستبدل في القرن التالي بغطاء من القرميد (الطوب) واستبدلت الأجراس الصليبية التي فككها صلاح الدين وذوبها بأجراس أخرى في القرن الماضي. تقدم لنا الواجهة التي بناها الصليبيون مدخلين سدّ أحدهما في أيام صلاح الدين. كانت البازيليك حتى بداية القرن الماضي تفتح أبوابها في الأعياد الاحتفالية فقط، أما اليوم فهي مفتوحة كل يوم.
٣. كنيسة الإفرنج - الدرج الذي إلى اليمين قبل الدخول إلى الكنيسة يؤدي بنا إلى معبد «سيدة الأوجاع» ويقال له أيضاً كنيسة الإفرنج وهي للآباء الفرنسيسكان الذين يحتفلون فيها بالقداس الإلهي كل يوم. تحت هذه الكنيسة تقوم كنيسة أخرى مكرسة للقديسة مريم المصرية.
٤. الجلجلة - عند دخولنا بازيليك القيامة نجد إلى اليمين سلماً يحملنا إلى كنيسة الجلجلة على ارتفاع خمسة أمتار عن أرض الكنيسة. وتنقسم إلى كنيستين صغيرتين. الأولى وتدعى كنيسة الصلب، نجد فيها المرحلتين العاشرة (تعرية يسوع من ثيابه) والحادية عشرة (صلب يسوع).
فوق الهيكل الذي في صدر الكنيسة نجد فسيفساء تمثل مشهد الصلب. إلى اليمين نافذة كانت المدخل المباشر إلى الجلجة أيام الصليبيين. حول هذه النافذة نجد فسيفساء تمثل ذبيحة إسحق.
يفصل هذه الكنيسة عن كنيسة الجلجلة هيكل صغير للعذراء أم الأوجاع وعمودان ضخمان. في واجهة الكنيسة هيكل وفوقه صورة ليسوع المصلوب وعلى جانبيه القديس يوحنا والعذراء أمّه. وتحت الهيكل نجد قرصاً مفتوحاً يشير إلى الموقع حيث وضع صليب يسوع. وتسمح لنا الفتحة بإدخال اليد ولمس الصخرة مباشرة. يذكر هذا الموقع المرحلة الثانية عشرة من درب الصليب.
٥. حجر الطيب ننزل من كنيسة الجلجلة عن طريق الدرج المقابل. وعندما نبلغ أرض الكنيسة نلتفت إلى اليسار فيواجهنا حجر من الجير الأحمر مزين بالشمعدانات والمصابيح. هذا الحجر مقام لذكرى ما ورد في إنجيل يوحنا بعد موت المسيح.
٦. حجر الثلاث مريمات - نتابع سيرنا نحو الفسيفساء الضخم الذي على الواجهة حيث نجد بالقرب منه سلّماً صغيراً يؤدي إلى دير الأرمن حيث هناك قبّة صغيرة تغطي حجراً مستديراً هو حجر الثلاث مريمات الذي أقيم لذكرى المريمات اللواتي ساعدن يسوع المحتضر.
وكان هناك كثير من النساء ينظرن عن بعد، وهنّ اللواتي تبعن يسوع من الجليل ليخدمنه، منهنّ مريم المجدلية ومريم أم يعقوب ويوسف، وأمّ ابني زبدى.
نسير إلى اليمين ونمرّ بين عمودين ضخمين فنبلغ إلى قبة القبر المقدس وتُدعى (ANASTASI). بناؤها الأساسي يعود إلى حقبة قسطنطين وتعرضت على مر الأجيال للعديد من أعمال الترميم. انتهى العمل في ترميم القبة فوق القبر عام ١٩٩٧.
٧. قبر الخلاص - يقوم القبر في منتصف البناء تزينه الشمعدانات الضخمة. دمرت القبة بسبب حريق شب عام ١٨٠٨ وأعاد الروم بناءه عام ١٨١٠. هذا هو موقع المرحلة الرابعة عشرة من مراحل درب الصليب حيث وضع يسوع في القبر.
٨. خورس الروم الأرثوذكس ويقع مقابل القبر المقدس ويحتل الجزء المركزي من البازيليك كلها. وكان في الماضي خورس الآباء القانونيين أيّام الصليبيين.
٩. كنيسة الأقباط - تقع خلف القبر المقدس في مؤخرته حيث حفر فيه هيكل. كانت أيّام الصليبيين هيكلاً للرعية أما اليوم فيحتفل فيه الأقباط.
١٠. كنيسة السريان الأرثوذكس - في آخر الرواق مقابل هيكل الأقباط هنالك ممر ضيق بين العمودين يؤدي بنا إلى قبر محفور في الصخر يعود إلى أيّام المسيح. يدل هذا الأمر على أن المنطقة، التي ضمها السور الذي بني عام ٤٣-٤٧ فأصبحت جزءاً من المدينة، كانت في حقيقة الأمر مقبرة. وكونها مقبرة لهو دليل قاطع على أنّها كانت أيام يسوع خارج سور المدينة بحسب رواية الأناجيل. ويسمى هذا القبر «قبر يوسف الرامي»
١١. كنيسة القربان الأقدس - إلى يمين الناظر إلى القبر المقدس، خلف الأعمدة نجد باحة هي موقع كنيسة ودير الآباء الفرنسيسكان. الهيكل الذي في ظهر العمود مقابل كرسي الاعتراف يُحيي ذكرى ظهور القائم للمجدلية. أما في الواجهة فنجد باباً برونزياً يؤدي إلى كنيسة القربان الأقدس والتي تُحيي ذكرى ظهور يسوع الفصحي للعذراء مريم. هذا الظهور لا نجد له ذكراً في النصوص الإنجيلية.
في الجهة اليمنى نجد عموداً في الحائط يعتقد أنه جزء من العمود الذي جلد عليه يسوع.
١٢. سجن المسيح - نتابع زيارتنا للبازيليك وندخل في الرواق الذي إلى يسار الخارج من كنيسة القربان الأقدس خلف هيكل المجدلية.
في نهاية الرواق نجد مغارة اعتاد تقليد من القرن السابع تسميتها باسم حبس المسيح حيث يقول التقليد إنهم سجنوا يسوع هناك ريثما أحضروا الصلبان المعدة للصلب.
١٣. بعد هذه المغارة نجد إلى اليسار ثلاثة هياكل. الأول يدعى كنيسة لونجينوس. ولونجينوس هذا هو الاسم التقليدي للجندي الذي أراد التحقق من موت يسوع فطعنه بحربة في جنبه فخرج لوقته دم وماء، الهيكل الثاني سمي كنيسة اقتسام الثياب، وهي مقامة لذكرى ما ورد في إنجيل يوحنا حيث يقول: «وأمّا الجنود فبعدما صلبوا يسوع أخذوا ثيابه وجعلوها أربع حصص، لكل جندي حصة. وأخذوا القميص أيضاً وكان غير مخيط، منسوجاً كله من أعلاه إلى أسفله. فقال بعضهم لبعض: «لا نشقّه، بل نقترع عليه، فنرى لمن يكون»
١٤. كنيسة القديسة هيلانة - ننزل الدرج إلى يسارنا فنبلغ كنيسة القديسة هيلانة التي تحتوي عناصر هندسية بيزنطية. حيث كرس الهيكل الرئيسي للقديسة هيلانة أم الإمبراطور قسطنطين وكرس الهيكل الذي إلى اليمين للقديس ديزما وهو اسم الذي صلب مع المسيح.
وإلى اليمين نجد سلماً آخر يؤدي بنا إلى مغارة «العثور على الصلبان». كان هذا المكان بئراً مهجورة من العصر الروماني وتقول رواية أوسيبيوس إن هيلانة أمرت بالتنقيب في المكان بحثاً عن صليب يسوع فوجدت في هذه البئر الصلبان الثلاثة ومن بينها صليب يسوع.
15. «كنيسة الإهانات» - نعود إلى الدهليز الذي كنا فيه فنبلغ «كنيسة الإهانات» وهي المكان الذي يشير فيه التقليد إلى الإهانات التي وجهت ليسوع المصلوب.
على جانبي الممر الذي يخرج بنا من الحجرة قبران فارغان هما قبرا چوفريدو وبلدوين الأول وهما أول ملوك مملكة القدس اللاتينية الصليبية.
عندما نخرج من كنيسة القيامة نجد قبالتنا مباشرة مسجداً بُني عام ١٢١٦ على أيدي صلاح الدين الأيوبي وقد أقيم لذكرى صلاة عمر بن الخطاب في هذا الموقع قرب كنيسة القيامة إثر دخوله المدينة وزيارته للكنيسة.
فيقول الكتاب إنه خلال زيارة عمر للكنيسة حان موعد الصلاة فخرج من الكنيسة وصلى على مبعدة منها وعاد. ولمّا سأله البطريرك صوفرونيوس عن السبب أجابه إنه لو صلّى في الكنيسة لاستولى عليها المسلمون من بعده ليجعلوها مسجداً يحيي ذكرى صلاته فيها.
مسلم يفتح باب كنيسة القيامة في القدس يومياً منذ ثلاثين عاماً
يقوم الفلسطيني المسلم وجيه يعقوب نسيبة كل يوم منذ ثلاثين عاماً بفتح وإغلاق باب كنيسة القيامة الذي تحتفظ عائلة جودة المسلمة أيضاً بمفتاحه وتتولى أمانته. ولفتح هذا الباب، الذي يعود إلى 199 سنة وبالتحديد إلى 1808 ويبلغ ارتفاعه نحو خمسة أمتار وعرضه ثلاثة أمتار، يتسلق وجيه نسيبة سلّماً.
وداخل كنيسة القيامة، عند البوابة في الجهة اليسرى المقابلة لدرجات الجلجلة مقعد خشبي قديم يرتاح عليه نسيبة خلال النهار. وفي يوم عيد الفصح، بدا وجيه نسيبة ببزته الأنيقة مرهقاً بينما كان يقوم بإغلاق الباب من داخل الكنيسة حتى يتسنى للبطريرك ميشال صباح ومن معه بالقيام بالدورة حول المغتسل.
وتقطع تراتيل المصلين من البطريرك والمطارنة وحراس القبر المقدس والسفراء الأجانب، ضجيج السياح بينما تقترب دقات القواسة ببزاتهم الكحلية المطرزة بخيوط ذهبية وطرابيشهم الحمر. وتدريجياً تعلو تهاليل وسط روائح البخور.
ومع انتهاء قداس البطريرك ومن معه يعلو صوت الأورغن بينما يفتح وجيه جودة بوابة القيامة التي يتدافع فيها الناس من الداخل والخارج. وفي خميس الأسرار، يتوجه عبد جودة ووجيه نسيبة إلى بطريركية اللاتين لمرافقة مسيرة اللاتين الصباحية إلى كنيسة القيامة.
وفي الطريق يحمل أحد الخوارنة مفتاح القيامة وعند الباب يسلمه إلى ممثل عائلة جودة الذي يقوم بدوره بتسليمه إلى وجيه نسيبه لفتح الباب.
أما في الجمعة العظيمة، فيرافق جودة ونسيبة مسيرة الروم الأرثوذكس. وتتكرر الخطوات نفسها قبل أن يصعد وجيه نسيبه السلم ويفتح الباب. وفي سبت النور، تتكرر العملية نفسها خلال مسيرة الأرمن.
وقال نسيبة: إن انتقال المفتاح بهذا الشكل وبمشاركة الطوائف المسيحية الثلاث «دلالة ورمز على أننا لم نأخذ المفتاح من المسيحيين بالقوة». وأضاف «عندما أفتح الباب فأنا لا أمثل عائلتي بل أنا أمثل العرب والمسلمين». وأوضح أن «السلطات الإسرائيلية تحاول أن تجد وسيلة لأخذ المفتاح وتكون مسؤولة عن كنيسة القيامة».
ويؤكد عبد القادر جودة «أمين مفتاح كنيسة القيامة في القدس» في تصريحات صحافية أن صلاح الدين الأيوبي لاحظ عندما دخل القدس وجود خلافات بين الطوائف المسيحية، فقرر أن يعهد بمفتاح كنيسة القيامة إلى عائلة مسلمة. أما نسيبة المسؤول عن فتح كنيسة القيامة، فيؤكد أن أسرته مسؤولة عن فتح وإغلاق الكنيسة منذ زمن صلاح الدين.
هكذا هو التسامح الديني وهكذا يتعايش أصحاب الديانات برسالة المحبة التي جاء بها الرسل جميعاً وهكذا نريدها دوماً، وجمال موزاييك مجتمعنا الشرقي هو بتداخل ألوانه كافة التي تزيده رونقاً وبهاءً ومحبة.

 


المصدر : الباحثون 35 - أيار 2010



  عدد المشاهدات: 1169

إرسال لصديق

طباعة
شارك برأيك

الاشتراك بالقوائم البريدية
البريدالإلكتروني: