الأمل بالعمل



الأكثر زيارة
 الصفحة الرئيسية   مقالات  

معركة الحوار - أحمد حسن
May 28, 2013 12:00


 كل الأخبار - البعث
ثمة حقيقة معروفة للجميع، ومفادها أن الحوار، كما تثبت السوابق التاريخية، معركة تشبه كل المعارك الأخرى، لكنها دون دماء، لذلك يجب أن يتمتع المحاور بمؤهلات المقاتل كافة، مثل المعرفة الدقيقة بمكامن القوة الذاتية والموضوعية، ونقاط الضعف والخلل عند الطرف الآخر، وأوراقه المعلنة والمستترة، لكن مع قناعة مطلقة بأن معركة الحوار تتأسس على شرطي عدم الإقصاء بداية والإلغاء نهاية، لأن هذان شرطا فرض وإرغام، وليس حوار ونقاش كما يعرف الجميع، وتهدف، أي هذه المعركة، لبناء تفاهمات تأخذ بعين الاعتبار مصالح الجميع ورغباتهم وفق حد معقول ومتبادل، وصولاً إلى كتابة عقد اجتماعي جديد إذا كان ذلك ضرورياً.
مما سبق يمكن لنا القول بثقة، ومن خلال تتبع مسار الأحداث والوقائع: إن الطرف الغربي العربي المحلي، وهو فريق واحد مهما حاول البعض إنكار ذلك، يضرب عرض الحائط بتلك الحقيقة، فهو، وتأسيساً على عدم إيمانه بمبدأ الحوار وضرورته، وذلك أمر معلن منذ اللحظة الأولى، يشترط الإقصاء بداية، ليصل إلى الإلغاء نهاية، متكلاً في سعيه هذا على آلة إعلامية ضخمة تقوم على تكرار عرض نفس المطالب من قبل مجموعة كبيرة ومتنوعة من الأفراد والدول، ليبدو وكأنها مطالب طبيعية ومحقة، ويصبح التراجع عنها لاحقاً تضحية كبيرة، يجب أن يحصل على ما يقابلها ويوازيها، وبهذا يكون قد نجح أيضاً، على ما يعتقد ويخطط، في التغطية على حقيقتين جليتين، الأولى أنه يجلس على طاولة الحوار مكرهاً لا بطلاً، والثانية أن النتائج تنبثق خلال الحوار وبسببه وليس قبل انعقاده.
ولأن هذا الطرف صاحب عقل إقصائي وإلغائي، كما يتبدى حتى في العلاقة بين مكوناته المختلفة، فهو يغفل أو يتغافل عن شرط موضوعي واجب الوجود، بلغة أهل الكلام، لنجاح الحوار، ولا نقول انطلاقته كي لا يبدو أننا نخالف مقدماتنا السابقة، وهذا الشرط هو ما شرحه الدكتور أحمد البعلبكي قائلاً: "لا يحاور عن الجماعة إلاّ من يكون حراً في أن يكون نفسه، ومن تكون علاقته بمن يحاور عنهم علاقة تمثيل مدنية وشفافة"، فهل الطرف المعارض بشقه المحلي، جله لا كله، كي لا نظلم أحداً، حر في نفسه؟، وإذا كان كذلك، فلماذا يشارك في اجتماعاته وقراراته وحتى تشكيلاته السياسية سفراء ورؤساء أجهزة أمنية عربية وغربية؟!. لدرجة أن يقول أحد "المعارضين" لصحيفة السفير اللبنانية: "إن مسألة تشكيل الوفد المفاوض لا تعود لنا بل للسفير الأميركي" مؤكداً "أن أحداً لم يطلب منا رأينا في قضية التفاوض ولا في قضية الوفد"، ثم هل علاقة هذا الطرف بمن يحاور عنه علاقة تمثيل مدنية وشفافة، وإذا كانت كذلك أيضاً، فهل يمون إذاً على المسلحين وفصيلهم الأقوى "جبهة النصرة" لرمي السلاح إذا اتفق على ذلك؟!، وأعتقد أن الجواب لا يحتاج إلى نقاش بين عاقلين، ولا ينكره إلا واهم أو مغرض، وهم للأسف الشديد كثرة فاجرة هذه الأيام.
ولأن الحوار معركة، فيجب أن نؤكد على حقائق عدة قبل بدئها: الأولى: إن الحوار ليس أحد الحلول المطروحة للخروج من الأزمة فقط، بل هو الحل الوحيد
والحتمي لها. والثانية: إن من يرفض الحوار، ويهرب منه، تحت أي حجة أو سبب، هو واحد من اثنين: إما أنه شخص يخشى أن يكشف الحوار حجمه الحقيقي، ولهذا انعكاسات لا تخفى على أحد، وإما أنه يعتقد امتلاك الحقيقة المطلقة، وهو يريد بالتالي فرضها، لا الحوار فيها وحولها، وفي الحالتين فهو مسؤول عن استمرار سفك الدماء السورية، والثالثة: إن الحرب لا تزال في أوجها، والمعركة شرسة وطويلة، على ما يقول، محقاً، محلل سياسي معروف، لذلك فلنتحسب للقادم من الأيام فهي أخطر مما سبق.



  عدد المشاهدات: 1339

إرسال لصديق

طباعة
شارك برأيك

الاشتراك بالقوائم البريدية
البريدالإلكتروني: