الأمل بالعمل



الأكثر زيارة
 الصفحة الرئيسية   مقالات  

رغم أنف الرجعية / الكاتب د. محمد صالح الهرماسي
June 21, 2015 13:02

يتجه العرب إلى الانقسام، إن لم يكونوا قد انقسموا فعليا، إلى معسكرين أحدهما يحمل لواء مقاومة الكيان الصهيوني ويتمسك بالثوابت الوطنية والقومية العربية، والآخر يحمل لواء محاربة إيران والتعاون مع عدوّ العرب التاريخي "إسرائيل" في سبيل ذلك. ولسوء الحظ. فإنّ معظم الأنظمة العربية الرسمية موجودة في هذا المعسكر الأخير الذي انقلب على ثوابت الأمّة وتنكّر لأهدافها، والذي يجرّ اليوم وطننا العربي إلى نهاية قاتمة. ذلك أنه طوّر علاقته مع العدو الصهيوني إلى حدّ التحالف، رغم أن هذا العدوّ ما زال هو عدوّاً رئيسياً يحتل فلسطين ويسعى لتحقيق مشروعه التوسعي للسيطرة على الوطن العربي من خلال إضعاف دوله وتقسيمها وإدخالها في صراعات طائفية ومذهبية واثنية مدمّرة.

 

وكما استفاد الصهاينة أيّما فائدة من الحرب العراقية الإيرانية التي استنزفت قوّة البلدين الجارين، فإنها اليوم المستفيد الأوّل من تأجج الصراع الطائفي بين الرجعية العربية المسيطرة للأسف على القرار العربي الرسمي وبين إيران.

ولست هُنا في موقع الدفاع عن الجمهورية الإسلامية، فلإيران مشروعها الإقليمي الذي لا يستطيع أحد إنكاره، والذي يصطدم هنا وهناك بالمصالح العربية، لكن إيران جار أصيل ومكوّن تاريخي أساسي من مكوّنات المنطقة ولا يمكن حلّ الخلافات، أيّاً كانت طبيعتها معها، إلاّ بالسياسة، بل ان مصلحة الجانبين العربي والإيراني تقتضي اليوم التعاون في وجه الأقطار الكبيرة التي تهدّد المنطقة وفي مقدمتها الإرهاب بوجهيه الصهيوني والتكفيري. أما "إسرائيل" فإنها كيان احتلالي عنصري مزروع في قلب الوطن العربي بقوّة الاستعمار الغربي لمنعه من تحقيق النهوض والتقدّم فضلاً عن التحرّر والوحدة.

ومن هنا فإن تجاوز الخط الأحمر والتعامل مع العدو الصهيوني تطبيعاً أو تنسيقاً أو تحالفاً، وتحت أي ذريعة كانت، هو خيانة وطنية وقومية عظمى لا يجوز السكوت عنها أو التردّد والتلكؤ في مواجهتها. وها قد انكشف تعامل السعودية مع "إسرائيل" كما تؤكد الأخبار المتواترة في الآونة الأخيرة، ولم يعدْ بإمكان أحد إنكاره فماذا سيفعل العرب؟.

لا شك أن النظام العربي الرسمي الذي يدور في فلك المملكة الوهابية لن يفعل أي شيء، لكن التعويل هو على الجماهير العربية التي يجب عليها اليوم أن تبادر من خلال قواها المنظمة السياسية والثقافية إلى التصدّي لهذه الجريمة النكراء التي شهدنا آثارها الكارثية في العراق وسوريا وليبيا واليمن، فما جرى ويجري بهذه الأقطار العربية، ومن المنتظر أن يجري بغيرها أيضا، إنما هو ثمرة ذلك التحالف الرجعي ـــ الصهيوني الشيطاني الذي، إذا ما تمكّن من الاستمرار والنجاح في تحقيق أهدافه، فإن نار الحروب والدمار والتقسيم ستشتعل في كل الوطن العربي ولن تتركه إلا رماداً..

نعم... التعويل هو على جماهيرنا العربية الأصيلة المتمسّكة بفلسطين ووحدة الأمّة هدفاً للنضال العربي رغم أنف الرجعية العربية ونخبها المأجورة. 



  عدد المشاهدات: 1968

إرسال لصديق

طباعة
شارك برأيك

الاشتراك بالقوائم البريدية
البريدالإلكتروني: