الأمل بالعمل



الأكثر زيارة
 الصفحة الرئيسية   مقالات  

لماذا يتطـاول الأقزام على رموزنا الوطنيــة ؟؟ بقلم : يونس أحمد الناصر
July 02, 2015 10:56

لماذا يتطـاول الأقزام على رموزنا الوطنيــة ؟؟ بقلم : يونس أحمد الناصر

القاعدة بأن المجتمع المتحضِّر هو من يحترم رموزه الوطنية و تشمل هذه الرموز قادة عظماء أثروا في مسيرة شعب ما , وقادوا شعوبهم الى مراحلٍ متطورةٍ في حياتنا البشرية , و ما يميِّـز  هذه الشخصيات , هو قربها من شعوبها و على سبيل المثال لا الحصر,  جورج واشنطن و نيلسون مانديلا و كمال أتاتورك و لينين و في بلدنا سورية لدينا القائد الرمز حافظ الأسد و غيرهم الكثيرين ,  و تكريماً لهؤلاء القادة العظماء خلَّدتهم الشعوب في الذاكرة الوطنية عبر مجسمات أو تماثيل تزيِّن الساحات العامة  أو صكِّها على العملات الوطنية أو إقامة المتاحف التي تخلِّد ذكرهم للأجيال القادمة .
و تشمل الرموز الوطنية أيضا العلم الوطني الذي تلاقى عليه أبناء الوطن و اتخذوه شعاراً لبلدهم وهوية وطنية تميزهم عن غيرهم من الشعوب ,  و غالباً ما يحتوي العلم ألواناً و إشارات و رموز تخصُّ هذا الشعب و تميزه عن غيره من شعوب الأرض و نشيداً وطنياً يتلاقى أبناء الشعب الواحد على ترديده و التغني بمفرداته في المناسبات و الاحتفالات الوطنية الجامعة أو في المناسبات الدولية كاستقبال قادة الدول الأخرى أو المناسبات الرياضية و غيرها .
ما سبق هو مقدمة لابد منها للدخول إلى الموضوع الذي أودُّ الإضاءة عليه ,  و هو ما حدث و يحدث اليوم في عالمنا العربي تحت ما يسمى( ثورات الربيع العربي) التي أزهرت دماً و أثمرت جريمة بحق شعوب هذه المنطقة من العالم و التي أراد المخطط لها وهو مكشوف بالنسبة لكل مثقف واعٍ  لما يحدث و مجهول بالنسبة إلى الرعاع من هذه الشعوب التي تمَّ اتخاذها أدوات لتنفيذ الجريمة , إنها الإمبريالية العالمية التي لا تنفصل عن الصهيونية و أذيالها من الرجعية العربية عبر استهدافهم لرموزنا الوطنية الجامعة, أملاً في تفتيتنا و السيطرة على مقدرات شعوبنا.
فالرموز الوطنية التي تم استهدافها , هي  رمز وحدة الأمة و تعبير عن وحدة الشعور والتضحيات والقيم الخالدة لكونها ترمز للسيادة الوطنية ومكسب عظيم للمجتمع ,  كما تُعدُّ هذه  الرموز الوطنية عنوان السيادة و الاستقلال و تمثِّل بطاقة تعريف للدولة القائمة المعترف بها دولياً, بعبارة أخرى هذه  الرموز الوطنية هي علاماتٍ مميزة تخصُّ كل دولة ذات سيادة ومن خلالها يتم التعرف عليها.

  فعلمنا السوري وهو علم الاستقلال و كل لون في العلم السوري يشير إلى معنى محدد,  فاللون الأحمر يشير إلى دماء الشهداء و اللون الأسود يشير إلى العهد العباسي و اللون الأبيض يشير إلى العهد الأموي و اللون الأخضر يشير إلى العهد الراشدي  أو الفاطمي و النجمتان  تمثيل الاتحاد السابق بين القطرين العربيين الشقيقين ,  مصر وسورية.
وقد تم العثور أيضاً على العلم السوري كدرعٍ في منتصف قلب العقاب السوري المستمد من التاريخ العربي، الذي يشير إلى علم "خالد بن الوليد" و الفاتحين المسلمين لبلاد الشام في  635 ميلادي,  كما نجد في الجزء السفلي من الدرع إثنين من سنابل القمح لتمثيل المحاصيل في البلاد وطبيعتها الزراعية و في مخالب النسر لديه عبارة "الجمهورية العربية السورية" مكتوبة بالخط الكوفي وهو نوع من الكتابة العربية
و يُعدُّ النشيد الوطني أحد أهم الرموز الوطنية للدولة ، و يقوم بدور كبير في شحذ الروح المعنوية لأفراد الشعب و جمعهم على أهداف واحدة .
و النشيد الوطني و إن كان ظهوره مرتبطاً بنشوء الدول و القوميات إلا أن جذوره تعود لتاريخ قديم جداً حيث القصائد و الأغاني الحماسية التي كان ينشدها الناس أثناء حروبهم و هذا ربما يفسِّر كتابة كثير من الأناشيد الوطنية في مناسبات حربية .
و لأن النشيد الوطني يعبِّر عن أيديولوجية الدولة و توجهها , فإن لغته تتميز غالباً بالمباشرة و الوضوح و البعد عن المجاز و التصوير.
و يعبِّر النشيد عن رؤية الوطن و أيديولوجيته ، و هذا واضح في النشيد الإسرائيلي حين تضمن طموحات المشروع الصهيوني و عنصريته ، و واضح في النشيد السعودي الممتلئ بالرموز الإسلامية , و هذا ما يجعل بعض الدول تُغيِّر أناشيدها عند تغير رؤيتها و اختياراتها .
و الملفت أن تغيير الأناشيد الوطنية يشيع فقط عند الدول ( النامية) كالعرب و غيرهم ، بينما تحافظ الدول المتقدمة على أناشيدها ، فرغم أن 40 % من الفرنسيين يرون أن نشيدهم الوطني يحتوي كلمات غير مستحبة إلا أن 7% فقط يؤيدون تغيير كلماته .
أما نشيدنا  الوطني السوري ( حُماة الديار)  كان قد اعتمد في عام 1936 وتوقَّف العمل به  مؤقتاً, عندما انضمت سورية  إلى الجمهورية العربية المتحدة و أعني الوحدة السورية المصرية  في عام 1958.
وتقرَّر أن النشيد الوطني للجمهورية العربية المتحدة سيكون مزيجاً من النشيد المصري و "حُماة الديار" و عندما وقع الانفصال البغيض  في عام 1961، أعادت سورية  النشيد نفسه و تقول كلماته :
حُماة الديار عليكم سلام .... أبت أن تذل النفوس الكرام
عرين العروبة بيت حرام.... وعرش الشموس حمى لا يضام
ربوع الشآم بروج العلاء .... تحاكي السماء بعالي السناء
فأرض زهت بالشموس الوضاء... سماء لعمرك أو كالسماء
رفيف الأماني وخفق الفؤاد ....  على علم ضم شمل البلاد
أما فيه من كل عين سواد... ومن دم كل شهيد مداد
نفوس أباة وماض مجيد ... وروح الأضاحي رقيب عتيد
فمنا الوليد ومنا الرشيد.....  فلم لا نسود ولم لا نشيد
و كما ذكرت سابقا , و في كل وطن ينبري بعض الأشخاص ممن يناضلون من أجل رفعة شأن مجتمعاتهم والمطالبة بحقوقها، والتعبير عن هموم الناس وقضاياهم، فيكونون بذلك صوتاً يلامس مشاعر أبناء المجتمع وحاجاتهم, هؤلاء الأشخاص  يقدِّمون الحاجات العامة على اهتماماتهم الذاتية، ولعلَّ بعضهم يواجه إغراءاتٍ وعروضٍ مختلفة لحرفه عن آرائه ومواقفه.
إن مثل هذه الأدوار تكون دائماً في غاية الأهمية لأي مجتمع، لأنها تسهم في نشر الوعي وتسدِّدُ مسيرة المجتمع  , ومع أنه قد تكون هناك تباينات في وجهات النظر والمواقف والرؤى لدى مثل هؤلاء الأشخاص مختلفة عما هو سائد في المجتمع، إلا أن هذا الاختلاف هو علامة صحة وعافية في المجتمع، ويؤدي إلى بلورة التوجهات الصحيحة والسليمة.
إن مثل هذه النماذج المخلصة , قد يواجهون أشكالاً مختلفة من المصاعب والمضايقات، نتيجة للتعبير عن آرائهم وتصدِّيهم لقضايا الشأن العام، واختلاف مواقفهم عن الرأي السائد، وهذه الرموز لا تُمحى سيرتهم من ذاكرة الوطن مهما طال الزمن، بل إنهم يتحولون كمصدر إلهام للأجيال اللاحقة، تعبيراً عن تضحياتهم ومواقفهم الوطنية.
و يجب على القوانين أن  لا تسمح بأي تعدٍ على أي من هذه الرموز التي ساهمت  في رفد الحراك التنموي في بلادنا على أصعدته الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية بمواقف ومبادرات على مرِّ المراحل التي مرت بها البلاد، نتج عنها تفاعلات إيجابية ولو بعد حين,  كما ينبغي أيضاً العمل على توثيق الدور الذي لعبته وتلعبه هذه الرموز الوطنية كجزء من تاريخ هذا الوطن.
حافظ الأسد الرمز الوطني الخالد  , لقد نشأ حافظ الأسد في بيئة ريفية كحال عموم الشعب السوري ورأى بعينه ما يعانيه الفلاح من اضطهاد وعسف الإقطاعيين الذين خلَّفهم الاحتلال العثماني البغيض و الجُور الذي يلحق بالعمال في المصانع التي امتلكها أرباب العمل بعمالتهم للاستعمار الفرنسي و لقد شاهد حافظ الأسد الصعوبات التي تواجه العامل و الفلاح بتعليم أبنائهم و عدم قدرتهم على تحمل تكاليف التعليم الباهظة بالنسبة للفقراء و هم الأغلبية الساحقة من الشعب السوري في تلك الأيام, و لأنه إنسان مختلف و ثوري بالفطرة ,  فقد قاد الحركات الطلابية في أثناء مراحل دراسته الأولى, و كان من أوائل المنتسبين إلى حزب البعث العربي الاشتراكي ,  الذي عرَّف عن نفسه في تلك الفترة بأنه حزب العمال و الفلاحين و قد تمكَّن الشاب حافظ الأسد من قيادة و توجيه إمكانات و طاقات الشباب في تلك الفترة للنهوض بمجتمعه و رفع الظلم عن الطبقات الفقيرة و صولاً إلى ثورة الثامن من آذار  و التي تسلَّم فيها حزب البعث العربي الاشتراكي قيادة الدولة  و المجتمع و ليضع شعاراته المرفوعة واقعاً يلمسه الكادحون ,  فقاد عملية الإصلاح الزراعي و تطبيق شعار الأرض لمن يعمل بها و الملكية العامة لوسائل الانتاج و حصول العامل و الفلاح على نتيجة جهده و تعبه , كما عمل من خلال موقعه وقيادته بعد الحركة التصحيحية على رفع شعار مجَّانية التعليم الذي أتاح لكل أبناء الكادحين الوصول إلى درجات علمية مرموقة و الرعاية الصحية المجانية و غيرها من المكتسبات التي جعلت منه رمزاً خالداً في ضمير كل سوري ,  و لأنني هنا لا أريد تعداد المكتسبات التي قدَّمها هذا الزعيم الخالد,  سأكتفي بما سبق ,  و أقول للأقزام و المرتزقة الذين يتطاولون على هذه الهامة العالية:  خسئتم و خسئ من حرَّضكم أن تنالوا من رمزية حافظ الأسد ومكانته في قلوب -  ليس فقط السوريين-  إنما كل عربي حرٍ و شريف على امتداد الوطن العربي الكبير الذي آمن به حافظ الأسد  و رفعه شعاراً للأجيال العربية, كوسيلة لمقاومة طمس العرب و العروبة و حفظ الإسلام جناح العروبة الثاني بعد اللغة العربية.
إن من خطط لتدمير بلادنا و قوميتنا و إسلامنا , يدرك بأن رمزية حافظ الأسد هي الحافظ لكل ما سبق,  و لذلك كان لابد من استهدافه و إسقاط رمزيته في العقل العربي أولاً,  و السوري ثانياً  , و لكن ما لم يدركه هذا العقل الشيطاني بأن ما بناه حافظ الأسد طوال عقود حياته الشريفة , لا يمكن لمرتزقتهم التافهين من علوج الخليج و العثمانيين الجدد و أدواتهم الرخيصة في الداخل من أن ينالوا  من هذه القامة الكبيرة , كما لن ينالوا من رمزية علمِنا الوطني القومي عبر نجمتيه الخضراوين ,  و لا يمكن لعلم الاحتلال الفرنسي أن يكون بديلاً بحال من الأحوال.
لقد هزمكم حافظ الأسد حيَّــاً,  و هو يهزمكم اليوم, عبر ما بناه و غرسه من قيمٍ عروبيةٍ قوميةٍ وطنيةٍ في نفوس الأجيال التي نهلت من معين حكمته
و سيبقى حافظ الأسد , رمزنا و عِزَّتنا و قائدنا و مُلهِمنا , و أبناء حافظ الأسد سيبقون إلى جانب أخانا و سيِّدنا و قائدنا بشّار حافظ الأسد ,  يسيرون على النهج الذي رسمه لنا القائد الخالد في ضمائرنا نحو سورية المجد و السؤدد , و إننا على الدرب سائرون , لا يثــنينا عن ذلك حائل و لن يوقف مسيرتنا حاقد أو حاسد ... و إلى سورية , الوطن المتجـدّد دائمـاً.  

  



  عدد المشاهدات: 2060

إرسال لصديق

طباعة
شارك برأيك

الاشتراك بالقوائم البريدية
البريدالإلكتروني: