الأمل بالعمل



الأكثر زيارة
 الصفحة الرئيسية   مقالات  

وساخات أمريكا في طبق من "جنيف"..!! بقلم : نبراس عثمان
June 16, 2013 01:07

 

كل الأخبار - مقالات :
قبل قرابة الستين عاما..وفي جنيف بالتحديد..جلست سيدتا العالم - موسكو الحمراء وواشنطن- على طاولة تضم كل من الصين وبريطانيا وفرنسا ولاوس وكمبوديا - يمكن أن تسميه مؤتمر أصدقاء فيتنام- لإنهاء حرب دارت لثماني سنوات 1946-1954 بين فيتنام والاستعمارالفرنسي..وتم التوقيع وقتها على اتفاق انهاء الحرب تمهيدا لاستقلال فيتنام..ما كان يبدو على أنه بداية الانفراج بالنسبة للفيتناميين الذينعانوا من الاستعمار لسنوات طويلة..لم يكن يخطر بالبال وقتها بأن راعيةالحريات أمريكا ستكون العدو الجديد للفيتناميين..فقد قامت بتمويل سايغون عاصمة الأمريكان في الجزء الجنوبي من فيتنام ومدها بالسلاح لانتزاعها من جسد المقاومة الفيتنامية بزعامة "هوشي منه" ولتبدأ محرقة استمرت بين الطرفين الشمالي والجنوبي (الأمريكي) لسنوات لم ينتصر فيها أحد الطرفين على الآخر..قاوم الشماليون بشراسة وبنفس طويل أفقد واشنطن صوابها..ودخل كل سماسرة الدم -أستراليا ونيوزيلندا والفلبين وكوريا الجنوبية- لدعم سايغون..لم تستسلم أمريكا وقتها..بل أخذت قرارا بالدخول في المعركة التي لم تتوقف رحاها حتى عام 1975..

جنيف هذه التي علقت الشعوب المضطهدة آمالا عليها كانت بوابة جهنم بالنسبة لهم..
اليوم..(أصدقاء) سوريا كثر -هم أنفسهم بالمناسبة أصدقاء فيتنام- مع بعض التغييرات في سماسرةالدم..فالسماسرة حاضرون دوما ولو تبدلت الوجوه..وأمريكا - ربّة القبح والبشاعة- لم تتغير..بل ازدادت في غطرستها ونهمها..وهاي هي اليوم..وبعد سنتين ونصف من الحرب..تتقيأ علينا وساخاتها في طبق من (جنيف)..فكل حديث عن حل في جنيف هراء..وكل من يعطي توقيتا لانتهاء الحرب في سوريا واهم..أمريكا لن ترفع الراية البيضاء..ولا علاقة للموضوع بكرامة دولة أو ماء وجه.. قطعا ليس لأنها مبدأية في الحروب..فتاريخها يشهد بهزائمها المتتالية -من فيتنام وحتى العراق- بدون أن يتغير ملمح واحد في وجه العم سام..أمريكا سيدة البراغماتية..وتبيع أبناءها مقابل المصالح..لكن مصلحة أمريكا الاستراتيجية -ولا أبالغ إذ أقول لمائة عام مقبلة على أقل تقدير- تقضي بكسب المعركة..لاعتبارات عديدة معروفة..لا تبدأ فقط بالهوس بمص دماء الشعوب ونفطها..وسلب ومقدراتها وثرواتها..ولا تنتهي عند أمن الكيان الغاصب..وتحويل العالم لكانتونات أسواق مفتوحة على بعضها..هي ليست فقط حالة اجتياح عابرللحدود..لم يعد يكفي ذلك..هي حالة اجتياح محطم لكل شيء..الحدود أقلها أهمية بالنسبة لأمريكا..المهم..وجوب (فرمتة) العقول التي يمكن أن تقاوم هذاالتحطيم..لنسف أي احتمال ولو مستقبلا لإعادة بنائها..ولضمان نهاية حتمية وتاريخية لأي تطور مجتمعي وتاريخي في خروج قسري من التاريخ وقوانينه..أمريكا تريد قتل التاريخ..فالعالم يجب أن يكون طيّعا تماما..وأعتقد أن مفهوم (التطويع) لا يف بالغرض في هذا السياق..قد يكون مفهوم البرمجة أو تحويل الإنسان إلى (روبوت) أكثر صوابية..ليبرالية أمريكا هي عسلها السام..

وعليه..استسلام الأمريكي لن يكون مطروحا..خصوصا -وإضافة لما سبق- مع انتهاء حالة السبات التي دخلها الدب الروسي لعقود مضت..وعودته أكثر شراسة وذكاء في آن..ولهذا السبب أيضا..لن يكون من الحكمة -والحكمة هنا تغادر معناها الشائع طبعا من خلال (البارادوكس) الأخلاقي في اعتبارها واحدة من أسس المحاكمة العقلية في أي عقل امبريالي بطبيعته- السيرباتجاه المواجهة المباشرة..وفي نفس الوقت..وبعد أن أثبت التحالف -المصلحي طبعا- الروسي الإيراني السوري بشكل رئيس قدرته على خلق حالة ممانعة قوية لهذا الاجتياح..وبعد فشل كل وكلاء وسماسرة الدم البشري في المنطقة وفي العالم أمام صمود حقيقي ميداني للجيش السوري..بل تحول الحالة من الدفاع إلى الهجوم..وقلب الطاولة على رأس الميليشيات المسلحة في سوريا..مما أحرج الأمريكي وقلل من الأوراق التي يمكن أن يستخدمها للخروج من بين فكي مطرقة رغبته التي لا يمكن القضاء عليها في الهيمنة وسندان الصمود السوري الأسطوري إذا ما قرأنا تجارب كل امبراطوريات الهيمنة في التاريخ..

لذلك كله..لابد من الدخول في الحرب..ولكن هذه المرة عن طريق وكلاء إقليميين بمواصفات أكثر رخصا..وأكبر حجما..كيانات وأشباه أمم بأكملها..فالتصريح بقرار دعم المعارضة المسلحة في سوريا لم يكن عبثيا..والتلويح بفرض منطقة حظر جوي مع تمام العلم بعدم إمكانية تطبيق ذلك -إن كانت أمريكا لا تريد لكل المنطقة أن تزول من الوجود- له غاياته..ولا علاقة له قطعا بتقوية القدرةعلى التفاوض..هو شكل من أشكال تعبيد الطريق لقوافل وجيوش من نوع مختلف هذه المرة..تماما كما يقف خطيب جمعة على المنبر ليعلن (الجهاد) في سوريا..ويشحذ الهمم..ويرفع الرايات..أمريكا بهذا ترتدي عباءة خطيب جمعة في البيت الحرام ولو كان بلون أبيض..والمهم..من وجهةنظر (الحاج) سام..ألا يكون لأمريكا أوللكيان الغاصب دور علني أو رسمي في المعركة القادمة..على قاعدة "فخّاريطبّش بعضه"..ولكن هذه المرة..لن يكون فخّارا..قد يكون خزّانات بأكملها..وكل ما أتمناه..إن صدق حدسي..أن ينفجر الخزّان المصري والسوري واللبناني والأردني والفلسطيني معا..ليغرق الكيان الغاصب..ويدفنه إلى الأبد..على قاعدة "عليّ وعلى أعدائي يا رب"..فشمشون لم يعد فلسطينيا..لقداستحق الجنسية السورية بجدارة..

 



  عدد المشاهدات: 1686

إرسال لصديق

طباعة


التعليقات:

إرسال تعليق:
الاسم الكامل:
البريد الإلكتروني:
البلد: