الأمل بالعمل



الأكثر زيارة
 الصفحة الرئيسية   مقالات  

من الذي دخل مرحلة الخطر .. الأسد أم السيسي أم الاسلامي الأخير أردوغان؟؟........ / بقلم نارام سرجون
November 30, 2016 06:21

من عجائب الزمن أن الرجل الذي كان ينتظره العالم كله ان يعلن تنحيه وأن يرحل صار الرجل الأكثر بقاء في العالم والأكثر ثباتا من كل زعماء العالم .. وأعني به الرئيس الأسد .. واذا استثنينا الحمار السعودي عادل الجبير فانه لم يعد شخص واحد على هذا الكوكب من يتوعد أو يطلب من الأسد ان يرحل .. بل ان أي سياسي اليوم اذا أراد أن يبدو عقلانيا في نظر العالم فانه يتمنى ألا يطرح عليه سؤال عن موقفه من بقاء أو رحيل الأسد .. واقصى مايقوله أنه شأن السوريين والحل السياسي .. صارت المجازفة في العالم أن يقول السياسي بأن على الأسد أن يرحل لأن هذا كفيل بأن يجعل المستمعين يتبرمون من لاعقلانية الطرح المستحيل والتعجيزي وقد يتبعون عبارته بابتسامة اشفاق على " من انفصل عن واقع العالم" .. ومما يثير القلق على مستقبل أي سياسي في العالم أن يطلب رحيل الأسد لأنه صار معروفا أن من يطلب رحيل الأسد ستقع عليه هو لعنة الرحيل فيرحل بسرعة .. حتى ترامب كان حذرا ولم "يستحسن" التفوه بتلك اللعنة وترك الأمر لهيلاري .. التي قالتها فرحلت في شربة ماء الى المتاحف السياسية .. الى الأبد .. ولن تعود ..
من يتابع الاحداث يدرك أن الزمن قد تغير فعلا .. ولكن كيف يمكن أن يبقى الأسد دون أن يتغير العالم المحيط بالأسد .. ولذلك علينا أن نحاول قراءة المستقبل القادم دون المبالغة في التفاؤل أو التشاؤم وتجنب القراءة العاطفية المحشوة بالتمنيات والأوهام واعتماد المنطق والمعرفة الدقيقة للحقائق .. وهذه الدراسة المتأنية هي التي اعتمدناها في قراءتنا للأحداث العاصفة التي مرت بها بلادنا وتركنا للمنظرين والمنجمين متعة عد الأيام المعدودة .. ولم نخطئ في كل التوقعات الحاسمة لأننا تسلحنا بمعرفة الذات ومعرفة الخصوم لامراقبة النجوم ..
وبالاعتماد على قاعدة أن بقاء الأسد يعني تغيير ماحول الاسد علينا أن نعرف أنه لايمكن أن يبقى الأسد دون أن يتسبب ذلك في تغيير معادلات السياسة فيما حول الاسد .. وتغيير المعادلات السياسية يأتي استجابة لتغيير الأولويات الدولية والادارات السياسية والتقلبات في موازين القوى .. ولذلك نلاحظ ان مزاج العالم بدأ ينزاح وأن ساسة العالم يتسابقون الآن للمطالبة ببقاء الأسد في تحول مذهل لم يكن يتوقعه أحد ممن أغوته الدعاية وسلبته القوة الاعلامية الهائلة القدرة على التشكيك بما قررته الآلهة في سورية .. حتى بات لايجرؤ حتى على تخيل أن يأتي يوم يتسابق فيه ساسة العالم للمباهاة أنهم من اولئك الذين فضلوا بقاء الأسد ..
حتى فترة قصيرة لم يكن الغرب في مزاج ان يستبدل اردوغان لأنه كان يرى فيه المحرك القوي للجنون الاسلامي في المنطقة والقبضاي الأزعر الذي يمارس البلطجة في بلدان الشرق .. وكانت أكثر فضائله أنه دمر سمعة الاسلام والمسلمين وهو يصنع داعش والنصرة كطليعة اسلامية محاربة ونخبة مقاتلة .. ثم شتت شمل مجتمعات المسلمين وحولهم الى طعام لاسماك القرش في البحار ومتسولين للعطف في أوروبة .. هذا الأردوغان الذي تمت صناعته باتقان والمحافظة عليه فقط من أجل هدف قتل الاسلام من الداخل واحداث خرق في الجدار السوري الايراني ثم الروسي لاحقا لم يعد مقبولا كثيرا في مرحلة ترامب وصعود اليمين الاوروبي .. وترامب الذي امتدح اردوغان لايمكن أن يكون من محبيه ومريديه .. لأن اردوغان هو من انتاج الحزب الديمقراطي ومن رجال الشرق الأوسط المحسوبين على أوباما وهيلاري رغم كل ماقيل عن محاولة الانقلاب التي دعمت من اوباما لأن كل الاحداث تشير الى أن الانقلاب منح اردوغان القوة لتثبيت حكمه واوالة الاخطار المحيطة به وارهاب المجتمع التركي وترويع منتقديه .. ومع ذلك استمر التنسيق مع أوباما وكأن شيئا لم يكن ..
ولايمكن ان تكون لأردوغان حظوة عند الترامبيين لأن ترامب واضح جدا أنه ضد الاسلاميين وينوي طي صفحتهم وهو لايفرق بين السعودية وايران .. فكلاهما يمثل طرفا في الاسلام الذي يرى انه تسبب في الرعب واللاستقرار في العالم .. واذا كان ترامب برى في الحليف والخادم المطيع السعودي بقرة حلوبا جف ضرعها ويجب ذبحها فانه لن يجد غضاضة في أن ينحر الثور التركي .. والمقصود هو حزب العدالة والتنمية أي الوجه الديني الاسلامي لتركيا .. فترامب الذي لايتحمس لبقاء حلف الناتو بالشكل الحالي ويسعى لتعديل آلياته وأولوياته .. وهو لن يتخلى عن تركيا ولكنه يميل الى تعديلات فيها تقلل من الحضور الاسلامي في السياسة التركية .. فالرجل يبدو أنه يريد سياسة خارجية أميركية بلا اسلاميين في العالم ولايمانع ان اختفى المسلمون من العالم وربما يتمنى أن يستيقظ يوما ولايجد مئذنة في الارض ولا أذانا ولا قبة ولا عمامة .. ولذلك لايمكن أن يستوي مشروعه وطموحه بوجود اردوغان الاسلامي وحزبه الاخواني مهما كان المديح ظاهريا .. لأن الحقيقة هي أن السلطان قام بتصميم حزب العدالة والتنمية بالشكل الحالي وجعله الذراع السياسي للقاعدة والاخوان المسلمين .. ويدرك اردوغان أن ترامب لن يغازل الاسلاميين ولن يضطر الى مجاملتهم وانه ان كان عليه البقاء في الحكم في مرحلة ترامب وتجاوز العاصفة الاولى لهذا الرئيس الغاضب التي ستستمر أربع سنوات فان عليه أن يعتمد مبدأ ميشيل سليمان الشهير (النأي بالنفس) والدخول الى بيته العثماني الصغير واغلاق الباب خلفه واسدال الستائر على النوافذ كيلا يرى ولايسمع ماذا سيفعل ترامب في المرحلة القادمة كيلا يصاب بالاحراج وهو الذي قدم نفسه للاسلاميين على أنه الرجل الغضوب العصبي المزاج الذي لاتأهذه في الاسلام لومة لائم وهو يحمل المآذن كالرماح في سياسته والذي يحسب العالم لغضبه ألف حساب خاصة أنه يفقد صبره بسرعة اذا ماتعلق الأمر بنجدة الاسلاميين .. وماحدث على حدود الباب من صبر تركي على القصف السوري دليل على النوافذ المغلقة وحالة الاخصاء التي دخل فيها اردوغان الذي فقد خصيتيه تماما وهو الذي كاد يصاب يوما بالجنون من غبار قذيفة سورية سقطت عبر الحدود دون أن تقتل نملة واعتبرها اعتداء سافرا على كرامة تركيا وعلى الناتو .. وذهب الى بروكسل ليجر الناتو الى الحرب .. واليوم يجر جثث جنوده من سوريا ويبكي ويدفنهم بصمت وسيرد في "المكان المناسب والزمان المناسب" .. العبارة التي طالما سخر منا عندما كنا نقولها ويبدو أن المكان المناسب والزمان المناسب لنا قد وصل أخيرا ..
عالم ترامب هو عالم مختلف واليمين الاوروبي يصعد حتى بين قوى اليسار .. ولن يبدو من اللائق أن تحتفظ اوروبة بتركة أوباما في تركيا .. خاصة انها ترى ان اردوغان محاصر بالأزمات ويهددها بأمواج اللاجئين مجددا وقد يكون آخر العنقود الاسلامي الذي لم يسقط بعد .. وهو بتهديده أوروبة بطوفان اللاجئين انما يعبر عن سياسة الانفعال للمغفلين في هذه المرحلة بالذات حيث يتنامى الشعور المناهض للاسلام والمهاجرين وكل غزوات المسلمين العسكرية والمدنية .. واي تهديد غبي من هذا النوع سيؤخذ على محمل الجد وسيترك لترامب معاقبته بالطريقة المناسبة .. لأنه ينظر اليه على أنه استفزاز يستحق الرد والردع ..
وفي المقابل يبدو الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي هو رجل المرحلة المطلوب لموازنة عالم ترامب الذي يريد فيه التعامل مع ايران والسعودية بشكلين مختلفين .. فالسيسي عدو الاسلاميين الكبير وهو عدو أردوغان وكذلك لايملك الكثير من المبررات ليميل الى ايران .. ويبدو أنه الوجه السياسي الذي سيرافق ترامب في رحلته الشرق أوسطية التي ستدوم أربع سنوات وتميل اليه الادارة الجديدة .. خاصة أن السيسي لايبدو في العمق معجبا جدا بالبقرة الحلوب السعودية كما أن البقرة الحلوب لاتكن له كثير الود رغم أنه يغازلها ظاهريا كما يغازل رجل امرأة قبيحة دميمة ولكنها ثرية وغبية وسفيهة .. لتدفع له فواتير المعيشة ريثما يصل ايراد العزبة ..
هذه المرة يستطيع المتابع أن يحس أن الأجواء تحمل ميلا ورغبة متزايدة في أن يتخلص العالم من أردوغان وأنه بالتدريج صار الشخص المكروه عالميا وخاصة بعد أن رحلت هيلاري التي حافظت عليه بالاتفاق مع أوباما لأن هيلاري هي من كانت تحكم الولايات المتحدة خلف الدمية أوباما .. وهذان الثنائيان هما من ساعداه في كل مراحل التمكين الاسلامي ضد العلمانية حتى على اذلال الجيش التركي في قصة الانقلاب .. أما الرئيس الأسد فانه ثار يسير وهو يتعثر بجثث خصومه السياسيين فيما بوابات العالم تفتح أمامه كزعيم منتصر .. فيما الرئيس المصري الصامت والغامض بدأ يخرج من تلك الغلالة الضبابية وبدأنا نسمع محتويات الصندوق الأسود الذي يسجل سياسته الخارجية والتي أطل منها تصريحه الشهير أنه يساند الجيوش الوطنية ومنها الجيش العربي السوري ..
الرئيس التركي الذي كان لايهدأ فانه سكت وصمت محسورا وصار بالكاد ذا صوت مسموع وكأنه ثور هائج تعرض لعملية اخصاء .. ونستطيع أن نتصور بناء على هذه الحقائق أن ترامب سيستغني عن خدمات أردوغان ويبقي لتركيا دورها التقليدي المحدود كحليف في الثلاجة الغربية .. فيما سيتم دعم الحكم المصري والتحالف مع الرئيس السيسي في المنطقة .. وهذه المعادلة ستعني أن سورية ستخرج من عين العاصفة التي أطبقت عليها من تركيا بشكل أساسي .. وأن هناك عاصفة أخرى تطل على المنطقة وستمر في المثلث الاسلامي الحاكم المكون من السعودية وايران وتركيا .. وعلينا أن نستعد لغياب أضعف أضلاع هذا المثلث .. والذي لاشك أن ايران ليست الا الضلع الأقوى فيه .. لأنها ضمن المحور الثابت الذي تماسك ست سنوات وهو محور المقاومة وروسيا .. وليس من السهل تخمين كيف سيضرب ترامب هذا المثلث ومن هو الضلع الأضعف .. وكيف سيختار خصمه الأكبر فيه .. ولكن من الثابت أن ايران مثل سورية دول لايملك مفاتيحها ترامب ولاأوباما .. أما مفاتيح تركيا والسعودية فهي في متناول الغرب لأن خيار الاستقلال الوطني والقرار الوطني محال أن يكون متحققا وأنت حليف للناتو .. والثور التركي المخصي هذه الأيام أكبر دليل على أن قراره ليس في استانبول .. وان خصيتيه يتم استعمالهما في اللعب على طاولة البلياردو الدولية في كواليس الادارات الاميريكية .. وقد لاينقذه الا اذا استدار نحو مواجهة ايران بناء على طلب ترامب .. ولكن ترامب لايبدو أنه يريد أن يخوض حربا مع أي طرف اعتمادا على الاسلاميين بل ان له رؤيته واستارتيجيته التي سنعرفها لاحقا ..
ليس عندي شك أن بقاء اردوغان كان ليس بسبب حنكته السياسية ولاقوته الشعبية بل لأن الأسد صمد وكان أكثر شخص يعول عليه في اسقاط الأسد هو أردوغان .. ولذلك حافظت القوى الغربية على اردوغان رغم عدم افتتانها بشعاراته الزائفة وعنترياته العثمانية .. ومنذ سنوات ترنح أردوغان ولكن من يملك مفاتيحه كان الادارة الاميريكية التي أرادت له هذا الدور القذر وحملته من مرحلة الى أخرى ومنعت اضعافه لأنه كان رأس الرمح في الظهر السوري .. ولو ترك الأمر للتاريخ والجغرافيا لانتهى الرجل منذ فترة طويلة .. ولاأعتقد اليوم أن من المجازفة التنبؤ برحيله في ولاية ترامب في أي لحظة .. فهو الاسلامي الأخير .. في زمن اللااسلاميين الذي وصل .. 



  عدد المشاهدات:

إرسال لصديق

طباعة
شارك برأيك

الاشتراك بالقوائم البريدية
البريدالإلكتروني: