الأمل بالعمل



الأكثر زيارة
 الصفحة الرئيسية   مقالات  

كلمة السر لحماس للخروج من مأزقها .. في خطاب التنحي بقلم: نارام سرجون
July 21, 2013 12:16

كل الأخبار - مقالات : يحاول الكتاب والاعلاميون والمحللون أن يجدوا عبارة واحدة تعبر عما يمكن أن يصف وضع حركة حماس فلا يجدون .. ولن يجدوا ..ويبحث الفضوليون في القواميس فلا يظفرون بكلمة واحدة تدخل مسنناتها في مسننات مواجع حماس الحالية .. هل هو ندم أم خيبة أم خسارة أم مقامرة أم جنون أم سوء طالع؟؟ أم خلطة مركبة من كل هذه الكلمات؟؟ .. ويحاول نحاتو المصطلحات نحت كلام جديد وعبارة جديدة تناسب وضع حماس في مرحلة انكفاء العصر الاخواني .. ولكن أي ازميل وأي نقش وأي لغة يمكن أن تنحت عبارة تصف حال قادة حماس؟؟ ..

وتتلفت قيادة الحركة يمنة ويسرة وتنظر الى الأمام والخلف وتحفر في باطن الأرض بحثا عن الحلول وأنفاق النجاة .. ولكن ما من حمامة زاجلة تعود اليهم من أرض الشام التي غادروها على أمل العودة السريعة على ظهر سيارات الدوشكا التي ستفتح الشام .. وهاهي سفن حماس تقف تائهة وسط المحيط العظيم بعد أن غرقت مراكب الفراعنة المسلمين وتجوس عيونها ومناظيرها السماء بحثا عن طائر يحمل البشرى كما يبحث الربان التائه عن طائر النورس ليستبشر أن هناك يابسة قريبة .. ولكن مامن طائر يحوم .. وما من يابسة ..وما من نوارس ... البحر واسع جدا .. ولاشيء غير البحر..ثم البحر .. ثم البحر ..

وقعت حماس في شر مستطير لم يقع فيه فصيل فلسطيني قبل اليوم .. فعندما وقع الخلاف بين الراحل ياسر عرفات والملك حسين كان العرب جميعا والمسلمون مع الموقف الفلسطيني في ايلول الأسود .. وعندما وقعت منظمة التحرير في ورطة الحرب الأهلية اللبنانية كان هناك تفهم كبير لانحياز المنظمة الى جانب القوى اليسارية والوطنية اللبنانية ضد قوى اليمين .. وعندما مال ياسر عرفات الى مشروع الرئيس صدام حسين في تحرير الكويت انما كان يميل مع ميل العرب جميعا ضد تصرفات أمراء النفط وفحشهم وفجورهم .. أي في كل مرة كان الفلسطينيون يراهنون على موقف ويتخذون موقفا سياسيا كانت هناك نسبة مهمة من التفهم والتأييد في الشارع العربي والفلسطيني لموقف القيادة الفلسطينية ..

ولكن حماس في خروجها مع مهرجان الربيع فاق في حماقته كل تصور لأنها خرجت مع حفنة من الشعب العربي لمجرد أنها حفنة ذات لحى كبيرة .. ثم حصلت الكارثة الكبرى عندما طعنت الشعب السوري في ظهره .. والحركة التي كانت تحظى بشعبية كبيرة طاغية عربية صارت أكثر حركة تحظى بالشكوك والتوجس وبأعلى نسبة من الاحتقار والازدراء بين حركات التحرر الوطنية ..لقد كسبت الحركة مديح الاسلاميين ولكنها خسرت الشرائح الوطنية الواسعة جدا عربيا .. وخسرت ثقة معظم القوى السياسية العربية ..واختارت الوقوف الى جانب الاسلاميين العرب ضد باقي الشرائح العربية .. فخسرت على الأقل نسبة ثلثي الشعب العربي التي لاتميل للاسلاميين بدليل ماحدث في مصر ..

وبخلاف كل مواقف القادة الفلسطينيين للفصائل الفلسطينية ومنظمة التحرير فان حماس مالت الى دول أمراء النفط وملوك العرب (بعكس موقف عرفات في تحرير الكويت) وهم أكثر أهل الأرض فسادا .. وبخلاف كل حركة تحرر منذ فجر التاريخ مالت الحركة الى منتجات استخبارية غربية ومعلبات اسلامية امريكية ومجهزة بعناية في غرف الاستخبارات الغربية وأعني بها حركات الاسلام الناتوي الذي لايتحرك الا تحت غيمة الناتو وحذائه .. من اسلاميات الغنوشي صاحب ايباك وتابعه الأبله المرزوقي الى أردوغان العضو الأصيل في الحلف الأطلسي الى محمد مرسي المخلوع صديق بيريز العظيم .. والى الاخوان المسلمين الذين سكبوا القداسة على معاهدة كامب ديفيد والصلح مع اسرائيل وسكبوا نفس القداسة على الجهاد في سورية وتدمير الشعب السوري..

وبخلاف كل مرة أيضا مالت قيادة حماس ضد ارادة الشعوب العربية .. فمهما اختلف الناس حول الوضع السوري وشرعية الثورة السورية أو شرعية القيادة السورية فان العفوية العربية والفطرة والسليقة لاتقدر على تجاهل حقيقة أن قيادة سورية انفردت من بين أمم الأرض بأنها لم تسالم الصهاينة وكانت قادرة على ذلك ولديها الغطاء العربي عبر كل معاهدات السلام التي سبقت وعبر المبادرة السعودية في بيروت .. وانفردت رغم مايقال عن صمت جولانها (الذي كان بسبب غياب مطلق للدعم العربي والدولي) بأنها هي التي دفعت الأثمان لتكبر فكرة المقاومة الشعبية في لبنان وفلسطين والعراق ضد الهجمة الصهيونية الغربية .. وأنها صاحبة الفضل في صد الموجات الغربية على المنطقة .. وهذا جعل مشروع التغيير في سورية مصدر حيرة حقيقية للجميع .. فهو في نظر الكثيرين مطلب حق شعبي ولكنه أيضا يفتح جدار الصد العربي على المجهول .. لأن الثورة السورية قدمت أوراق اعتمادها لاسرائيل عبر تطمينات لها لالبس فيها .. ولذلك فان العقل العربي كان مشطورا في هذا الشأن ولم يكن مستقرا بشأن صحة أي انحياز في الشأن السوري ..

وكما تواطأت حماس بالوقوف ضد ارادة غالبية الشعب السوري الرافض للربيع العربي من اجل حفنة من الاخوان المسلمين تورطت حماس أكثر في التعبير عن الانحياز ضد غالبية الشعب المصري من أجل محمد مرسي واخوانه ..ثم تورطت في الوقوف ضد حزب الله ورمزيته الثورية في عيون غالبية الأحرار فبلغت الوقاحة بحماس أنها صارت تتجرأ على حزب الله وتطالبه بالانسحاب من الشأن السوري رغم أنها سمعت عن تورط أفراد من حماس بالقتال في سورية والاحتفال علنا بما سمي "استشهادهم" في ادلب فانها لم تصدر بيانا واحدا تشجب فيه تورط بعض مقاتليها في الشأن السوري حتى من باب تحريم الرصاص الفلسطيني الطائش الى خارج فلسطين .. تدخل "بعض" حماس وصمتت قيادتها في اشارة منهاعلى الموافقة والمباركة .. وعندما كانت معركة القصير سكينا تريد أن تخترق ظهر حزب الله الى قلبه أبعد الحزب السكين عن ظهره وكسرها فجن جنون حماس على ردة فعل حزب الله .. رغم أن حزب الله هو الذي كان يعتبر حماس بمثابة حزب الله الفلسطيني .. ويعتبر نفسه حماس اللبنانية .. وتبرع لها بالدم عندما تركها الجميع تنزف في العراء دون اسعاف .. وحقنها عماد مغنية بالصواريخ السورية والايرانية حتى أصابتها التخمة الصاروخية وصارت لها أسنان من الصواريخ تعض بها يد اسرائيل كلما امتدت الى غزة .. وصارت لها مخالب من "الفجر" ..

وفجأة على غير توقع غرق حمد بن خليفة وبن جاسم .. وفجأة أيضا ثقبت سفينة العثمانيين وصار أردوغان مشغولا بثقوبه وبالبحث عن أطواق نجاته بسبب التوترات الكردية والطائفية وتمرد القوى العلمانية .. وصار يرمي الحمولة الزائدة من سفنه لتجنب الغرق .. وبالطبع سيصل حزب العدالة والتنمية قريبا الى قرار رمي حماس في البحر خاصة اذا تم القاء أردوغان في البحر .. والمفاجأة الكبرى أن قلب الحركة الاسلامية المصري قد أصابته السكتة القلبية .. بعد أن شربت حماس الأنخاب حتى الثمالة وانتشت ورقصت وصار خطابها استعلائيا ومليئا بأحلام اليقظة ..وقلة النظر .. وقلة الحياء ..

بعد حماقات قيادة حماس ورعونة ربابنتها وجدت حماس نفسها خلال ثلاثة أشهر فقط من التطورات المتسارعة أمام خيارين لاثالث لهما .. البحر من ورائكم والعدو من أمامكم ..

في السابق كان العدو يعرف أن ليس البحر المتوسط وراء حماس بل بحر من المقاومة من طهران الى لبنان .. حماس كانت سورية صغيرة وايران صغيرة وحزب الله الفلسطيني .. ولكن كل هؤلاء رمت بهم حماس الى بحر غزة من أجل عباءة خلافة ووهم أخونة المنطقة .. فغزة لاتستطيع أن يعيش تحت سقفها حسن نصر الله مع نعاج حمد بن جاسم ولايمكن أن يلتقي فكر بشار الأسد مع عقل حمد بن خليفة السياسي المتخلف .. ولايستطيع صاروخ الفجر أن يشرب الغاز بل روح البارود ..

غزة تحولت الى أمارة خليجية خلفها بحر من المال وأمراء البزنس .. فيها أمراء الأنفاق وفيها مذاق النفط ورائحة الدولار وعبودية ولي الأمر .. وفيها صار القرضاوي ولي الأمر الذي يقبل القادة يده وجبهته صبح مساء .. ويقصون له أظافره .. ومخالبه .. ويتبركون بحوافره وأظلافه ..ويرقصون في حفلات عرسه .. الكثيرة ..

كانت طهورية حماس قادمة من خيارها بالكفاح المسلح ضد اسرائيل بامكاناتها المتواضعة .. ثم ارتقت في مقامها بين الناس عندما ربطت نفسها بحلف المقاومة الممتد من ايران الى لبنان .. ونالت الاحترام بين الناس في زهد مؤسسها الشيخ أحمد ياسين وفي ابتعادها عن المال وفساده الذي انتشر عبر مشروع دايتون لاختراق السلطة الفلسطينية .. فاذا بدايتون القطري يمسح عقل حماس ويملأ جيوبها بالرواتب والمال والغنى ..

كان يكفي حماس فخرا أنها رابطت في دمشق بالقرب من ضريح صلاح الدين الذي حرر القدس يوما .. فاذا بها تختار الدوحة التي شاركت في اسقاط بغداد

حماس تحتضر ببطء شديد والغريب أن من سيحاول انقاذها قد تكون اسرائيل نفسها لأن اسرائيل تدرك أن موت حماس التي صارت يتيمة يعني ولادة فصيل فلسطيني سيتعبها لعقد أو عقدين وسيكون حتما عبر خاصرة سورية .. كما أن حماس صارت تلعب دورا هداما في الثورة الفلسطينية لأنها ربطت مصيرها بما هو غير فلسطيني .. فهي ربطت نفسها بمصير أردوغان .. وبمصير الاخوان المسلمين العالمي .. وربطت نفسها بالحكم الأسري الخليجي وصارت معادلة بقائها خارج فلسطينية .. بل صارت مستعدة لدفع أثمان وطنية كبيرة وبدا ذلك في منح السلاح اجازة طويلة وفي كتم أنفاس الصواريخ .. ثم في تلميحات خالد مشعل الى قبول ضمني بحدود 67 .. وهذا انكماش سريع في خارطة فلسطين التي رفعتها حماس يوما من البحر الى النهر لتصير في الربيع العربي من أوسلو الى أوسلو .. وبعد عهد الاخوان ستصير من رفح الى جباليا .. صارت غريزة البقاء هي مايحكم حماس وليس غريزة الحرية والتحرير ..

بقاء حماس برأسها الحالي صار ضرورة اسرائيلية كما صار بقاء الاسلاميين السوريين ضرورة اسرائيلية وغربية لاطالة عمر الأزمة السورية وانهاض الفتن في الهلال الخصيب ..لتستريح مملكة اسرائيل ولينهض الهيكل ..

ولاشك أن القيادة الحمساوية بكاملها تتحمل مسؤولية الكارثة التي وصل اليها فصيل فلسطيني مهم كحماس وحركة تحرر عربي .. ولم يبق لجسد حماس الا أن يتخلص من رأسه .. ولاشك ان هذا البتر للرأس لايجب أن يتم عبر انقلاب وعنف وانقسام عسكري لأن الخاسر هو الشعب الفلسطيني والكاسب الأكبر هو اسرائيل حتما ..بل على قيادات الصف الثاني والثالث أن تتحدث بصراحة الى قيادات الصف الأول وتجري عملية نقل للسلطة وتنظم تنحي القيادة الحالية بشكل هادئ وسلمي ودون ضجيج ..لأن التأخر بهذا التحرك سيثير حركة تمرد فلسطينية ونتائج التمرد لن تكون كما هو الوضع في مصر لأنه ليس هناك جيش فلسطيني و (سيسي) فلسطيني ليحسم الأمر لصالح "تمرد" بل سيكون هناك اقتتال فلسطيني فلسطيني .. وحمساوي حمساوي .. واسلامي اسلامي .. وستقوم اسرائيل بدعم الجميع الى مالانهاية وبسخاء ..

من مصلحة الشعب الفلسطيني ومن مصلحة جمهور حماس أن يجري التغيير في قيادة حماس قبل أن يزداد التغيير المحيط بالمنطقة والذي يقوده القطار السوري الذي يطحن المشروع الغربي على مهل .. وسيجنب التغيير انقسام حماس وانشغال الفلسطينيين بصراعات جديدة هم في غنى عنها .. ومن يدري فقد يفتح التغيير أبواب التوبة في دمشق لأن لاتوبة لحماس بوجود السافل خالد مشعل واسماعيل هنية ..

في تغيير قيادة حماس وتنحي مشعل وهنية وباقي الصف القيادي من مبدأ ديمقراطي بحت فرصة كبيرة لاصلاح أوضاع حماس ولاستعادة بعض الأمل في الخلاص والنجاة من دخول متحف الحركات الوطنية المنقرضة والمهزومة ومتحف محنطات الحركات التحررية الفاشلة .. وهو خطوة لاستعادة بعض الاحترام والمكانة التي تلاشت في نفوس الناس لأن النذالة في الشأن السوري كانت مخجلة بكل المقاييس ولايقدر تبرير الانحياز لموقف الشعب السوري على ابتلاعها .. فالموقف كان خسيسا ونذلا وطعنة في الظهر لأصحاب الفضل والنخوة ولمن مد يد المساعدة للغرقى .. وكان الموقف الأسلم هو البقاء على الحياد ان لم يكن رد الجميل للقيادة السورية بومقف شجاع .. حتى

حماس خرجت من المعركة ودخلت كواليس السياسة وبزنس الثورات بقرار من خالد مشعل واسماعيل هنية وعليها وبحركة بارعة سياسية اجراء تحويلة عن الكواليس بالعودة الى المعركة من باب تنحية المسؤولين الحاليين واحالتهم الى المعاش في قطر .. بجانب قاعدة العيديد ..وستناسب هذه التنحية خالد مشعل ليتفرغ لبرنامج اللياقة البدنية وانقاص الوزن وترهل الثوار وكروش الأحرار التي امتلأت بالبراغماتية والتلون .. والثورة لاتعرف الا أن تكون بسيطة ونقية ومباشرة .. وربما يدير مشعل فرعا لمطعم أنطوان لحد في اسرائيل ليكون في الدوحة ..

متى سيتنحى خالد مشعل وفريقه؟؟ سؤال على جمهور حماس أن يجيب عليه .. ولانريد أن نقول بأننا سنبدأ بعدّ الأيام .. فأيامه صارت معدودة في نظر فلسطينيين كثيرين ..وهم ينتظرون خطاب التنحي ..



  عدد المشاهدات: 1526

إرسال لصديق

طباعة
شارك برأيك

الاشتراك بالقوائم البريدية
البريدالإلكتروني: