May 09, 2018 00:26

إسرائيل ... أزفت الآزفة بقلم يونس أحمد الناصر

بوعد بلفور الذي قطعته بريطانيا العظمى حينها منحت يهود الشتات الحق بإقامة وطنا لهم في فلسطين التي كانت تحت الانتداب البريطاني و يصح في ذلك ما قيل حينها بأن بريطانيا منحت مالا تملك ... لمن لا يستحق
ساعدت بريطانيا الصهاينة بإقامة هذا الكيان البغيض الذي أخذ يتمدد و يتمدد وفقا للنظرية الصهيونية و بمساعدة آبائه الشرعيين و أعني بريطانيا و الغرب الاستعماري و غني عن القول بأن الهدف من إنشائه هو منع أي تطور قد يحدث في مستعمراتهم القديمة و التي نالت استقلالها بتضحيات أبنائها فكان لابد من إنهاك هذه الدول بحروب مستمرة مع هذا الكيان و كذلك من خلال عبء اللاجئين الفلسطينيين في الدول التي تم تشريدهم إليها و هذا ما حدث خلال عشرات العقود التي مرت على إنشاء هذا الكيان البغيض و هنا لن أخوض بكل ما سبق من مراحل نمو و تطور هذا الكائن المسخ بل سأنتقل إلى قراءة المقدمات لنهايته و تعافي هذا الشرق من شروره
بعد نكسة عام 67 و التي سبقها العدوان الثلاثي على مصر , جاءت حرب تشرين التحريرية لتعيد للإنسان العربي ثقته بنفسه و قدراته في تحطيم أسطورة العدو الذي لا يقهر و التي عملت دول الاستعمار على ترويجها و غرسها في عقول المواطنين العرب , فكان أن استطاع الجندي المصري بعبقرية فذة على اجتياز القناة كما استطاع الجندي السوري في الجهة المقابلة من الوصول إلى بحيرة طبرية و استطاع الجيشان إسقاط أسطورة الطيران و سلاح المدرعات الإسرائيلي و الجندي الإسرائيلي المدجج بصنوف السلاح الحديثة
عند هذه اللحظات المفصلية بتاريخ هذا الكيان الغاصب بدأت رحلة الانهيار لوجوده و بدأ التفكير الجدي لدى شذاذ الآفاق الصهاينة لمغادرة فلسطين إلى الدول التي قدموا منها و بالمقابل إصرار فلسطيني على التمسك بحق العودة
و كل محاولات إسرائيل بعد هذه الحرب لإعادة هيبتها و قوتها الردعية باءت بالفشل عبر إسقاط اتفاق 17 أيار في لبنان و هروب عميل إسرائيل أنطوان لحد و مرتزقته إلى إسرائيل بعد تحرير الجنوب اللبناني و كانت الطامة الكبرى و الضربة القاضية لقدرات إسرائيل في حرب تموز التي أثبتت بما لا يدع مجالا للشك عدم قدرة إسرائيل على الاستمرار في غطرستها و هيمنتها فكان الجنوب اللبناني مقبرة حقيقية للأسطورة العسكرية و أعني دبابات الميركافا التي قبرها المقاومون في وادي الحجير كما قبر جنود لواء النخبة الإسرائيلي بداخلها و ظهرت الصورة جلية للعالم بأن هؤلاء الجنود الذين تعول عليهم إسرائيل كانوا يبكون و يترجون إخراجهم من هذا الجحيم الذي دخلوه ليأتي تقرير" فينوغراد" و يطوّب نصرا تاريخياً للمقاومة على إسرائيل و بأيدي الصهاينة أنفسهم .
ثم تتالت هزائم إسرائيل عبر خضوعها لشروط حزب الله بالتفاوض و تبادل الأسرى التي شهدها العالم أيضا و التي انتصر فيها حزب الله و فرض شروطه و أذعنت لها إسرائيل صاغرة
و الحرب التي خاضتها إسرائيل و التي كان هدفها المرسوم هو القضاء على حزب الله و فرض شروطها على لبنان لانجاز اتفاق مذل مع إسرائيل
إلا أن حزب الله لم تتم عملية القضاء عليها و خرج من الحرب أقوى بكثير و تنامت قدراته الصاروخية إلى أضعاف مضاعفة بعد الحرب كما تقول التقارير الدولية و أصبحت قادرة على الوصول إلى كل مساحة فلسطين المحتلة و كل المنشآت الحيوية للكيان الصهيوني و قد وقع حزب الله على هذا التفوق بطائرة أيوب التي حلقت فوق مفاعل ديمونة لتسقط إسرائيل بالضربة القاضية و ما نقوله ليس أحلاما بل واقعا يدرك الصهاينة قبل غيرهم مدى خطورته على وجود إسرائيل الافتراضي و لتصلهم رسالة الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله بأن أي حرب قادمة ستكون في مقدمتها احتلال الجليل و ربما ما بعد الجليل
أمام هذا الوضع المزري لإسرائيل هبت دول الاستعمار مجتمعة لضرب محور المقاومة الممتد من طهران إلى لبنان عبر دمشق لإضعاف هذا المحور تمهيدا لتدميره إنقاذا لإسرائيل عبر أدواتهم ومرتزقتهم في المنطقة و بتدخل مباشر من إسرائيل حينا آخر عبر الفوضى الخلاقة " فوضى الخلافة" التي تمظهرت بموجات عنف " الربيع العربي " , إلا أن جهودهم أيضا ذهبت سدى , و انتصرت سورية بدعم حلفائها على إسرائيل و حلفائها بعد تكبيدهم خسائر فادحة يعرفونها هم جيداً
ماذا بقي إذاً في جعبتهم و قد تكسرّت نصالهم على صخرة الصمود السوري ؟؟
إيران تصعد بقوة صاروخية علميا و تكنولوجيا و روسيا استعادت عافيتها و احتلت موقعها المرموق في مصاف الدول الكبرى تدعمها الصين القوة الأولى اقتصاديا في العالم و تساندهم دول بريكس و اعني الهند و دول أمريكا اللاتينية و جنوب أفريقيا الكتلة البشرية التي تشكل ثلثي عدد سكان العالم
إذا و بكل المقاييس المحور الغربي و ربيبتهم إسرائيل تتجه إلى الانحدار بمواجهة المحور الصاعد بقوة على المسرح الدولي و لن يطول الوقت كثيرا كما أعتقد حتى ينهار الدولار رمز القوة الأمريكية و صعود اليوان الصيني و الروبل الروسي ليتربع على عرش العالم
و الحرب الاقتصادية التي يشكل الربيع العربي جزءا صغيرا من تجلياتها ستحسم لصالح روسيا و الصين و حرب الغاز محسومة بشكل نهائي لصالح روسيا التي ستقود العالم لمائة سنة قادمة على أقل تقدير
هزيمة المحور الغربي سيقود إلى هزيمة إسرائيل دون شك لمقدمات قلناها و أخرى لم نقلها كمسارعة الكثير من الدول الأوربية للاعتراف بدولة فلسطينية رغم حنق إسرائيل و اعتراضها و سوف تظهر تجليات أخرى ترسم المشهد الدولي خلال السنوات القادمة و إن أي حرب قادمة في الشرق الأوسط ستقود إلى نهاية حتمية لإسرائيل. 



شارك برأيك

الاشتراك بالقوائم البريدية
البريدالإلكتروني: