May 14, 2018 14:12

شهداء فلسطين .... قرابين على مذبح صراع الفصائل / بقلم : يونس أحمد الناصر

فلسطين أيقونة على صدر كل أحرار الوطن العربي , رضعنا عروبتها مع حليب أمهاتنا , أجيال عربية مضت و سلمت الراية لأجيال تلتها و الهدف واحد هو تحرير فلسطين من دنس الصهيونية البغيضة.
و المقاومة كلمة تملأ صدور الشرفاء بهواء الحرية, يتنفسها المقاومون عشقا و تضحية , و قد نشأنا كجيل عربي على قصص البطولة و الشجاعة و التضحية , نشأنا على قيم خالدة خلود أرضنا و شمسنا و هواءنا , حتى غدا كل منّا مشروع شهيد في سبيل تلك القيم هذا في جانب الشعوب.
أما في جانب القيادات التي خذلت المقاومة والمقاومين منذ عام 48 و إلى اليوم, فحدث و لا حرج , نتجرع سم الخيانة و نتلقى الطعنة تلو الطعنة و نرفع إشارات النصر على جثامين الشهداء, ونهدد ونتوعد بالثأر لدمائهم الطاهرة , و لكن أين هي القيادات التي تستطيع أن تستثمر حماسنا و توقنا إلى الحرية و استعادة الحقوق ؟؟؟؟
علمنا إسلامنا بأن المقاومة تعني " و أعدوا لهم ما استطعتم من القوة "
و لكن أين نحن و أين إسلامنا ؟؟
و ما أقوله ليس بهدف إضعاف شعور المقاومة , إنما بهدف الوصول إلى مقاومة مجدية و قادرة على استعادة الحقوق و ليس التضحية بالمقاومين في أسواق النخاسة و السياسة .
و قد جاد علينا التاريخ بنموذج إيجابي يحتذى هو المقاومة الإسلامية في لبنان عندما توفر لهذه المقاومة قيادة عاقلة تتبنى المقاومة قولا و فعلا تعاونت مع كل المقاومين في المنطقة و العالم و استعدت بشكل جيد مما مكنها من تحرير الأرض و التوفير في دماء المقاومين .
و بالعودة إلى قضية العرب المركزية و أعني قضية فلسطين فمنذ 1948 و جيش الإنقاذ العربي الذي هب لتحرير فلسطين الذي تلقى الطعنات النجلاء من أيادي قادة هذا الجيش قبل العدو الصهيوني .
لنتذكر معا ما هو جيش الإنقاذ و ماذا حدث له : جيش الإنقاذ هو جيش تم تشكيله عام 1947 من قبل اللجنة العسكرية للجامعة العربية من المتطوعين من البلدان العربية، شارك هذا الجيش في حرب 1948 على الكيان الصهيوني الوليد حينها , وكان الجيش قد أطلق عليه في البداية اسم جيش التحرير ثم غير الاسم إلى جيش الإنقاذ, وقد ضم الجيش حوالي 3,830 متطوعاً مسجلاً في وثائق الجامعة العربية وقد أنيطت قيادة الجيش بالضابط العربي السوري فوزي القاوقجي كقائد أعلى لوحدات جيش الإنقاذ.
و لكن هذا الجيش مني بالهزيمة لأسباب كثيرة سجلتها صفحات التاريخ منها صراع القادة و اتهامهم لبعضهم بالخيانة و العمالة و عدم تسليح الجيش بمستلزمات القوة .
و تلا تلك الحرب المأساة التي كان من نتائجها تشريد الفلسطينيين في دول الشتات .
حرب 67 أو ما يسمى بنكسة حزيران:
و كان من أسباب هذه النكسة عدم الاستعداد لهذه الحرب المفاجئة و عدم قدرة الرئيس جمال عبد الناصر على توظيف محبة الشعب العربي له و محبتهم للمقاومة لتحرير فلسطين , ومن نتائج النكسة دمار الروح المعنوية في النفس العربية و الشعور بعدم قدرة العرب على مواجهة إسرائيل و تحرير فلسطين .
إلى أن جاءت حرب تشرين التحريرية التي أعاد خلالها القائد حافظ الأسد الثقة لكل عربي بالقدرة على مواجهة إسرائيل و الانتصار عليها رغم ما شاب هذه الحرب من خيانة , عبر وقف القتال على الجبهة المصرية دون التنسيق مع القيادة السورية , و لكن حافظ الأسد الذي خطط للحرب بالتنسيق مع الجيش المصري و بالتعاون مع حلفاء سورية و القوة التي فاجأت العدو , مكنت الجيش السوري من تحقيق أول انتصار بتاريخ العرب على هذا الكيان الغاصب و داعميه , وهو الأمر الذي أربك المخابرات العالمية التي حركت عصابة الأخوان المسلمين المجرمة في محاولة لإضعاف هذا الجيش العربي السوري في ثمانينيات القرن الماضي واستطاع الجيش العربي السوري إخماد الفتنة و الانتصار مجددا .
كما أنه من المشهود لسورية و للقائد حافظ الأسد دعمه لكل حركات التحرر العربية و المقاومة الشريفة ومنها المقاومة الإسلامية في لبنان و المقاومة الفلسطينية, فتمكنت حركة المقاومة الإسلامية في لبنان من تحقيق انتصارات متتالية على الكيان الصهيوني و تحرير الأرض , أما المقاومة الفلسطينية فقد تشظت بعد اتفاق أوسلو و بدأت قيادات هذه المقاومة بالتناحر فيما بينها و نسيت إسرائيل
و سورية لم تنس المقاومة و لا القضية الفلسطينية رغم الضغوط الدولية التي تعرضت لها و بقيت تدعم الفصائل التي حملت راية المقاومة كحماس و الجهاد و الجبهة الشعبية و لكن حماس نقلت البندقية من كتف إلى كتف و أظهرت وجهها الحقيقي و طعنت سورية التي أمدتها بكل سبل القوة لمواجهة الكيان الصهيوني و هو ليس موضوع بحثنا إنما موضوعنا هو المقاومة و الإعداد الجيد لها.
الفصائل الفلسطينية المتناحرة فيما بينها و التي أساءت للقوى الحقيقية الداعمة لها حاولت عبثا الظهور بمظهر المقاومة و لكن هيهات هيهات فقد قدمت هذه الحركات دماء الشهداء هدرا في مجال صراعاتهم السياسية , فكانت الانتفاضة الأولى و الثانية التي قدمت الدماء الطاهرة و لكن عبثا, فليس هناك إعداد جيد و لا قيادات جيدة لمواجهة هذا الكيان الغاصب رغم الانجازات المعنوية التي حققتها دماء هؤلاء الشهداء و لكن بمنظور تحرير فلسطين لم تقدم أي إضافة .
حتى جاءت حماس مؤخرا لتدفع بشرفاء فلسطين إلى محرقة جديدة هي تعلم جيدا بأنه لن يكون نتيجتها إلا المزيد من الموت لأبناء الشعب الفلسطيني و خسارة لرجال مقاومين حقيقيين كان من الممكن الاستفادة منهم في معركة حقيقية تنتج تحريرا لفلسطين , و لكن حركة حماس التي قطعت صلتها مع محور المقاومة و ارتمت بأحضان قطر ليست قادرة على تحرير شبر واحد من أرض فلسطين و الشعارات الغوغائية كـ " شهداء بالملايين ... على الجنة رايحين " لن تعيد فلسطين.
وعشرات الشهداء الذين قتلتهم إسرائيل بالمجان كان من الممكن لو كان هناك قيادة حقيقية لهذه المقاومة توظيف استشهادهم بانجازات حقيقية توجع إسرائيل و تكون خطوة في طريق التحرير.
لذلك أقول لقادة كل فصائل الفلسطينية اتقوا الله في دماء المقاومين ووفروها لمعركة واعدة تعيد الحقوق , و لا تجعلوهم قرابين على مذبح صراعاتكم السياسية.
فلا انتفاضة أولى و لا ثانية و لا عاشرة ستعيد فلسطين و ما يعيد فلسطين هو الإعداد الجيد لمعركة حقيقية لن يكون ما بعدها كما قبلها
 



شارك برأيك

الاشتراك بالقوائم البريدية
البريدالإلكتروني: