الأمل بالعمل



الأكثر زيارة
 الصفحة الرئيسية   مقالات  

نيكولاي تشاوتشيسكو... المظلوم الذي قتله ربيع رومانيا / بقلم : يونس أحمد الناصر
April 27, 2019 13:44

نيكولاي تشاوتشيسكو...  المظلوم الذي قتله ربيع رومانيا / بقلم : يونس أحمد الناصر

ما أصعب الكتابة عن رجل يصفه كل الإعلام الغربي و الإعلام التابع بـ" الديكتاتور" و ما أوسع هذا الرداء الذي يسبله الاستعمار على كل قائد حاول النهوض بأمته ووقف بوجه أطماع البنك الدولي و الرأسمالية المتوحشة التي استطاعت تجييش الفقراء في كل مكان ليكونوا وقودا لحروبها و نهمها لجمع المال
الصعوبة الأخرى التي أواجهها هي غياب المراجع التي تنظر بحيادية لتجربة هذا الرجل " الدكتاتور كما يزعمون " و ذلك بسبب ماكنة الإعلام الغربية التي تمكنت من طمس كل جانب إيجابي بمن تستهدفهم و تحيلهم لشياطين على الشعوب التخلص منهم كي ينالوا الجنة و الثابت بأن حياة هذه الشعوب تستحيل إلى نار محرقة و فوضى عارمة تتحقق من خلالها غايات المستعمرين و هذا برأينا ما حدث لتشاوتشيسكو الذي وصفه الإعلام الغربي بـ" crazy" أي المجنون و نشرها بين الرومان عبر مرتزقته الذين انقضوا على رئيسهم و أعدموه في أقصر محاكمة في التاريخ و أفرغوا الرصاصات الأمريكية بجسده النحيل و جسد زوجته التي تم اتهامها أيضا بالتبذير و الترف و ما إلى ذلك
الثورات الملونة أيها السادة و منها ثورات ما يعرف بالربيع العربي جعلت كل الذين ينظرون للأمور بعقلانية لجهة التحليل و الاستنباط يعيدون النظر بكل الثورات الحديثة و البحث عن الأصابع الحقيقية التي تحركها فما تراه عيون المشاهدين في الدول التي تستهدفها الفوضى هو ما يريد الغرب أن نراه من أننا شعوب تنتفض على قادتها الذين يبددون الثروات و يتركون الشعب يرزح في الفقر و الحاجة , أما الحقيقة فهي في مكان آخر لا تراه عيون الكاميرات
و ما أقوله ليس دفاعا عن حاكم هنا أو نظام هناك لا في أوربة الشرقية و لا في بلادنا العربية مع ملاحظة بأن الدكتاتوريين الحقيقيين و الفاسدين حقاً هم من تحميهم أمريكا و أدواتها
بين الثورة البرتقالية و البنفسجية و قبلها الليمون و بعدها الياسمين , أنهار من الدماء البريئة تتدفق في أقذر حروب يعيشها العالم و هو ما تطلق عليه أمريكا تسمية " الحروب النظيفة" و تقصد بذلك إشعال فتيل الاحتراق الداخلي في هذه المجتمعات عبر تغذية الصراعات الداخلية و مدها بعوامل الاشتعال عبر الإعلام الموجه و بما يظهر الاهتمام بالحريات و الديمقراطية و سوى ذلك من الشعارات الفارغة من المضمون التي يعملون لتصديرها لنا باعتبارنا غير ديمقراطيين مع ملاحظة بأنهم غير ديمقراطيين في أمريكا ذاتها التي تعيش شريحة كبيرة منها الفقر و التهميش و سيطرة الشركات الكبرى
بوارج أمريكا التي تمخر البحار لنشر الديمقراطية تجمع الذهب المجفف من دماء شعوب الأرض لتعود به سفن القراصنة للخزائن الأمريكية
و كل من يقف بوجه نهبهم لخيرات العالم يصبح دكتاتورا و مستبدا و عليه أن يرحل سلما أم حربا و هي المعزوفة التي اعتاد على تردادها وزير الخارجية السعودي عادل الجبير كالببغاء , و لم يمهلهم ترامب كثيرا حتى أعلن صراحة بأنه هو من يحمي عروشهم و لولاه لزالت هذه العروش في ساعات و عليهم أن يدفعوا لقاء ذلك و هو ما حصل و يحصل .
و الماكنة الإعلامية الغربية تجدونها تدرج أسماء كل قادة العالم الذي لا يخضعون لإرادتها في قائمة الدكتاتوريين و الفاسدين - و هم حقا الشرفاء و الوطنيين - أما الديكتاتورية و الفساد هي في هذا النظام العالمي الذي تقوده أمريكا بعد إلقائها القنبلة النووية على هيروشيما
من كل ما سبق يمكنني القول و بثقة بأن تشاوتشيسكو لم يكن دكتاتورا و لا مجنونا كما هو روحاني إيران اليوم الذي تجيش أمريكا عليها بوارجها و عملائها و بالمناسبة لن تستثني بوارجهم مرتزقتها الإيرانيين أصحاب ما سمي بـ"الثورة الخضراء"
و تشاوتشيسكو استطاع إلغاء الدين الخارجي لرومانيا و نهض بها عمرانيا و هو ما شاهدته بعيني أثناء زيارتي لبوخارست من حيث الشوارع العريضة و النظيفة و الأبنية السامقة - و لو أنه كما قيل كان يجبر الرومان على النوم في التاسعة ليلا كما يتردد لتوفير ثمن الكهرباء - .
و تشاوتشيسكو أيها السادة نهض بالقطاع الزراعي و حقق وفورات كبيرة للتصدير للتخلص من الديون الخارجية التي كانت ترهق كاهل رومانيا
و تشاوتشيسكو أيها السادة مد يده لكل حركات التحرر من الهيمنة الاستعمارية في العالم و موقفه صريح و معروف من القضية الفلسطينية و قضايانا العربية
بقي أن نقول بأن تحويل جريمة قتل تشاوتشيسكو إلى أيقونة لانتصار الشعوب على قياداتها هو بروباغندا إعلامية غربية لتشجيع الرعاع في كل مكان على تخريب مجتمعاتهم و هو ما رأيناه في الربيع الدامي العربي من ثورة الأرز إلى ثورة الياسيمين و حريق ليبيا و ثورة مصر إلى اليمن و العراق و سورية و فراشات الربيع العربي من تيارات الإسلام السياسي تحولت لـ" دراكولا " الروماني الذي يعيش على امتصاص دماء الضحايا
علينا إعادة النظر في كل ما مضى من الثورات الحديثة على مساحة العالم و إعادة تصويب البوصلة قبل إن تغرق السفينة بمن عليها
وسورية التي استطاعت وقف دومينو الانهيارات العربية في موجة " ربيع نتنياهو " تجربة حقيقية تقول بأن الإرادة الأمريكية ليست قدرا إلهياً علينا الخضوع لمشيئته و على كل المستضعفين في هذا العالم التكاتف لقتل دراكولا الحقيقي و أعني نظام القراصنة الأمريكيين و أذنابهم الغربيين و قطع أذرع هذا الأخطبوط في كل مكان .
 



  عدد المشاهدات:

إرسال لصديق

طباعة
شارك برأيك

الاشتراك بالقوائم البريدية
البريدالإلكتروني: