| جاء اغتيال أمين عام "لجان المقاومة الشعبية" زهير القيسي والأسير المحرر محمود أحمد حنني في قطاع غزة، في 9/3/2012، ليعيد تذكير من نسوا من المصفقين لما يسمى"الربيع العربي" بأن العدو الصهيوني لا يزال موجوداً وعدوانياً، بالرغم من تأكيدات وتطمينات متكررة بأن فراشات "الربيع العربي" ستبقى تحوم حول الشأن الداخلي فحسب، وحول برنامج "الديموقراطية" الأمريكية، بعيداً عن قصص مناهضة التطبيع والتبعية وما شابه.
ولم يشفع لحماس في غزة أن قياداتها راحت تسير مع رياح "الربيع العربي" عبر "اتفاق المصالحة" مع سلطة أوسلو والإعلان عن القبول بدولة وهدنة مطووووووووووووووولة مع العدو الصهيوني، ونحو "المقاومة الشعبية السلمية". فالكيان الصهيوني كرس تاريخياً معادلة الدم بالدم والدم اليهودي أغلى... فاغتيال القيسي عقوبةً له، أولاً، على دوره في التخطيط للعملية البطولية التي وقعت عبر سيناء في شهر آب 2011 المنصرم والتي قُتل فيها ثمانية صهاينة. أما استعراض القتل العلني، ثانياً، فرسالة ردعية وترهيبية لكل المقاومين، كما أنه تعبير عن القوة والسطوة اليهودية وقدرتها على القيام بكل ما تريده خارج أي قانون.
لكن اختيار توقيتما بعد الانتخابات البرلمانية بمصر لاغتيال القيسي والحنني ليس مجرد اختبار للقبة الحديدية، وللترويج لها تجارياً، كما زعموا، بل هو اختبار سياسي لنظام ما بعد"الربيع العربي" في مصر وغيرها. فالتصعيد ضد غزة، وقصفها بالطائرات لأيام، وسقوط عشرات الشهداء، يكشف أنغزة تبقى بلا غطاء مصري، وهو ما عززته بالضرورة تجربة قطع الكهرباء عنها في أذهان الساسة الصهاينة.
وقد اقتصر الدور المصري على العمل لاتفاق للتهدئة، نفى رئيس الدائرة الأمنية-السياسية في وزارة الحرب الصهيونية، عاموس جلعاد، أنه تضمن تعهداً "إسرائيلياً" بوقف استهداف النشطاء والقادة الفلسطينيين ... فغزة خاضت جولة أخرى وحدها، والكيان الصهيوني لن يقدم أي تعهدات وهو مرتاح بأن كامب ديفيد والسفارة والعلاقات التطبيعية لن تمس.
الحقيقة أن حماس ما كان من الممكن لها أن تفعل أكثر مما فعلته في ظل معادلة تقارب الحرب الباردة الجديدة بين الإسلاميين في مصر، وغير مصر، والأمريكان، سواء رغبت بالقيام بأكثر أملا. و"الربيع العربي" يساوي تهميش التناقض مع العدو الصهيوني، وهي الرسالة التي كرسها التصعيد ضد غزة لدى الشارع العربي. أما الإسلاميون في البرلمان المصري، فكان بإمكانهم، وهم يملكون الأغلبية البرلمانية، وملايين الأنصار، أن يفعلوا أكثر بكثير من إصدار بيان تنفيسي لا يغني ولا يسمن
|
|
|
|