| ثوابت عربية - أعاد مؤتمر علماء بلاد الشام لنصرة القدس الذي انعقد مؤخراً في دمشق البوصلة الإسلامية إلى اتجاهها الصحيح: فلسطين، في خطوة بالغة الأهميّـة سيساهم تجسيدها واقعياً على الأرض في إحياء القضيّة الفلسطينية التي عملت الامبريالية والصهيونية وعملاؤها من الرجعية العربية، في العقود الأخيرة، على إدخالها في غيبوبة طويلة تمهيداً لتصفيتها تماماً.
وإذا كان دعم القدس والأقصى والتصدّي للممارسات الصهيونية التي تستهدفهما قد تصدّر اهتمام المؤتمر، فإن فلسطين كلها من النهر إلى البحر، كانت هي هدفه الاستراتيجي، وتحريرها من الاحتلال كان هو المطلب الذي أعيد إليه الاعتبار كونه الواجب الأكبر الذي يقع على عاتق العرب والمسلمين.
إعادة البوصلة إلى اتجاهها الصحيح يعني فيما يعنيه:
• التأكيد على أن العدوّ الرئيسي للأمّة هو إسرائيل، وان كل محاولات طمس هذه الحقيقة وصرف العرب والمسلمين عنها إلى صراعات اثنية وطائفية ومذهبية تتم لخدمة المشروع الصهيوني وتنفيذ أهدافه الخبيثة.
• إعادة القضية الفلسطينية إلى مركز الاهتمام العربي فعلياً والتصرّف سياسيا إقليميا ودوليا بموجب ذلك، أي زجّ الطاقات والإمكانيات السياسية والاقتصادية والعسكرية في خدمة تلك القضيّة .
• التمسّك بثوابت الحق الفلسطيني والمقاومة بمختلف أشكالها ووسائلها طريقاً لتحرير فلسطين والقطع النهائي مع النهج الاستسلامي الذي فرّط بالأرض والحقوق، ورفض كل اتفاقيات الإذعان ومبادرات التخاذل التي تنازلت لإسرائيل عن الأرض والحقوق.
على أن المؤتمر قد حقق أهدافا مهمّة أخرى فاتحاد علماء الشام الذي تمّ تشكيله برئاسة الشيخ العلامة محمد سعيد رمضان البوطي قد أنهى احتكار "العلم الديني" من قبل من هم ليسوا أهلاً له، وأوجد المرجعية الموثوقة التي تمثل ردّاً على المرتزقة من علماء وشيوخ البترودولار الذين وظفتهم الرجعية العربية في مناهضة الوحدة العربية والإسلامية، وخدمة المخططات الإسرائيلية والأمريكية بما يصدرونه من فتاوى ومواقف لإثارة الفتن وضرب مصالح الأمة. وسيعمل هذا الاتحاد على نشر تعاليم الإسلام الحقيقي لمواجهة حملة التحريف التي تستهدف قيمه السامية ومبادئه الرفيعة، كما سيعمل على وضع حدٍّ لإثارة الخلافات المذهبية المفتعلة بين المسلمين ويتصدّى لمحاولة الفصل بين العروبة والإسلام وفرط عقد العروبة الحضارية الجامعة بما يؤدي إلى تفكيك البلدان العربية وإعادتها إلى مكوناتها العشائرية والطائفية المذهبية التي تحقق تجزئة المجزأ وتقسيم المقسّم.
ما تمخض عن مؤتمر علماء بلاد الشام إنجاز كبير وإسهام مهمّ في تنقية صورة الدين الإسلامي الحقيقي مما ألحق به عرب النفط والتبعية والتعصّب والجهل والتخلّف من تشويه خطير، وفي دعم القضيّة المركزية التي يتوقف عليها مصير الأمّة.
|
|
|
|