كل الأخبار/ سانا
شكلت هجمات الـ 11 من أيلول التي ضربت الولايات المتحدة الامريكية عام 2001 نقطة تحول كبرى على الصعيد العالمي لجهة المتغيرات التي بنت عليها واشنطن سياساتها الهدامة تجاه دول العالم حيث استخدمت الولايات المتحدة تلك الاحداث ذريعة لتنفيذ مخططاتها المشؤومة وشن الحروب ضد الدول التي لا يرضى عنها البيت الابيض تحت مزاعم “مكافحة الإرهاب”.
وتحت ما يسمى “الحرب الاستباقية” شنت واشنطن بعد هجمات أيلول حروبا ضد الدول المستقلة فبدأت بغزو أفغانستان ثم العراق كما عملت على زعزعة استقرار منطقة الشرق الأوسط عبر دعم الإرهاب فيها وفرضت العقوبات الاقتصادية على بعض دولها.
ويشير مراقبون إلى أن المنعكس السلبي الخطير في العلاقات الدولية بعد أحداث أيلول هو تكريس الإدارات الأمريكية المتعاقبة نهج التدخل العسكري عبر شن الحروب وإسقاط الدول التي لا تسير في الفلك الأمريكي دون أي مبرر وخير مثال على ذلك العدوان على العراق تحت مزاعم امتلاكه أسلحة الدمار الشامل التي تبين لاحقا انها مجرد كذبة وباعتراف مسؤولين أمريكيين لفقتها واشنطن بهدف احتلال العراق وتدمير مؤسساته والهيمنة على مقدراته.
ولعل أبلغ تعبير عن الغطرسة الأمريكية إزاء تبني هذه السياسة ما أقر به وزير الدفاع الأمريكي الأسبق دونالد رامسفيلد في اجتماع للحلف الأطلسي في بروكسل عام 2002 بأن “الحلف لا يمكنه أن ينتظر الدليل الدامغ حتى يتحرك ضد الدول التي تملك أسلحة كيميائية أو بيولوجية أو نووية” وكان هذا التصريح تمهيدا لغزو العراق عام 2003 و”ضربة وقائية” حسب المفهوم الجديد للاستراتيجية العسكرية الأمريكية.
الإجراءات التي اتخذتها الولايات المتحدة كرد فعل على هجمات الـ 11 من أيلول أدت إلى كوارث كبرى وإلى مقتل وإصابة الآلاف من الأبرياء في العديد من دول العالم وهذا كان واضحا في الحرب التي قادتها على كل من أفغانستان والعراق.
ويؤكد محللون أن غزو العراق واحتلال أفغانستان وتوسيع رقعة الحرب المزعومة على الإرهاب كان هدفه في نهاية المطاف تمرير الاستراتيجيات الأمريكية لإعادة صياغة خريطة جيوسياسية جديدة تعيد ترسيم الحدود والتوازنات في منطقة الشرق الأوسط والعالم إذ ليس خفيا على أحد أن واشنطن هي التي أنتجت البيئة المناسبة لقيام تنظيم القاعدة الإرهابي والذي تتظاهر أمريكا بتصنيفها له بأنه إرهابي وسهلت لهذا التنظيم نشأته وتناميه في المنطقة.
صحيفة لوموند الفرنسية كشفت عام 2017 نقلا عن دراسة أجراها مركز الدراسات الدولية والاستراتيجية أن واشنطن انفقت على الحروب التي قادتها بعد هجمات الـ 11 من أيلول في كل من أفغانستان والعراق وسورية مبلغا يصل إلى 2000 مليار دولار كانت حصة نفقات وزارة الدفاع الأمريكية وحدها في أفغانستان 840 مليارا.
وبالعودة إلى هجمات أيلول إذ منذ وقوعها حتى يومنا هذا بقيت التحقيقات حولها سرية ولم تعلن واشنطن عن نتائج تذكر إلا أن أصابع الاتهام توجهت إلى النظام السعودي حيث أشارت تقارير ووسائل إعلام أمريكية متعددة إلى دور كبير له في تمويل تلك الهجمات غير أن الإدارة الإمريكية تكتمت على النتائج فيما يشبه الصفقة بينها وبين نظام بني سعود خدمة لمصالحها الاقتصادية المختلفة مع هذا النظام.
الولايات المتحدة نشرت عام 2016 جزءا سريا من تقرير حكومي يتضمن تحقيقات أجرتها السلطات الأمريكية حول وجود رابط بين مسؤولي النظام السعودي وهجمات أيلول كشفت فيه عن حصول الإرهابيين الذين نفذوها على دعم من مسؤولين رفيعي المستوى في استخبارات النظام السعودي.
الإدارة الأمريكية تعرضت لضغوط كبيرة من قبل نواب ومنظمات بهدف رفع السرية عن هذا الجزء من التقرير الذي أعدته لجنتا الاستخبارات في مجلسي النواب والشيوخ ويتألف من 28 صفحة ويعود للعام 2002 فيما طلبت إدارة الرئيس السابق جورج بوش إبقاء هذه الصفحات سرية وعدم نشرها وهو ما أثار الكثير من الشائعات حول تورط النظام السعودي في تلك الهجمات.
الكاتب البريطاني روبرت فيسك أشار إلى أن الرئيس السابق باراك أوباما كان “مضطرا” لتجاهل حقيقة تورط النظام السعودي بهجمات أيلول حفاظا على العلاقات التجارية والاقتصادية والجيوسياسية التي تجمع الولايات المتحدة بالسعودية.
واليوم تستمر الولايات المتحدة في عهد إدارة الرئيس دونالد ترامب بعد مرور 18 عاما على أحداث أيلول بالنهج التدميري في العالم ذاته الذي بنت عليه سياساتها فدعمت الإرهاب في سورية كما دعمت عدوان النظام السعودي على الشعب اليمني وواصلت سياسات توتير منطقة الشرق الأوسط خدمة لمصالحها والكيان الصهيوني وأعلنت تنصلها من الاتفاق النووي مع إيران والعديد من الاتفاقيات الدولية وأيضا الثنائية مع روسيا وافتعلت حربا تجارية مع الصين وفرضت العقوبات الاقتصادية على سورية وروسيا وفنزويلا وإيران تحت مزاعم واهية. |