December 26, 2024 13:13

محمد البكّور: الاقتصاد السوري قبل انتصار الثورة في الحضيض

كل الأخبار– يونس الناصر

أيام قليلة على انتصار ثورة الشعب السوري واسقاط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد ورغم أنها أيام قليلة فقد لاحظ السوريين تحسن ملحوظ بالأسعار بالإضافة إلى وعود كثيرة من قيادة الثورة بتحسين ظروف العاملين في الدولة بزيادة الرواتب بنسبة %400 بالحد الأدنى وتحسين ظروف الحياة بتوفير الكهرباء والمحروقات الذي عانى منه السوريون كثيرا

للاطلاع على المزيد حول الاقتصاد السوري قبل وبعد انتصار الثورة التقينا مع الأستاذ محمد البكور وهو أستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة إدلب ونقيب الاقتصاديين في المحرر سابقا وكان لنا الحوار التالي:

الأستاذ محمد البكور نشكر لكم سرعة استجابتكم لإجراء هذا الحوار ونبارك لكم انتصار ثورة الشعب السوري وننقل لكم تحيات إدارتنا الإعلامية التشيكية مع تمنياتنا لسورية الأمن والاستقرار وأدعوكم للإجابة على أسئلتنا مشكورا

السيد محمد البكور: أشكركم على الاستضافة مع تحياتنا لإدارتكم الإعلامية التشيكية و يشرفني وجودي معكم للإجابة على تساؤلاتكم و بارك الله بكم.    

السؤال الأول: الأستاذ محمد البكور ما هو تقييمكم لوضع الاقتصاد السوري قبل انتصار الثورة؟

الجواب: واقع الاقتصاد السوري قبل انتصار الثورة كان في الحضيض ومدمر سواء على الجوانب الاقتصادية أو على مستوى الخدمات أو على مستوى المؤسسات المالية أو على مستوى السيولة ,اقتصاد شبه مدمر, يعيش على بعض المساعدات الخارجية، وسرقة هذه المساعدات, كما أن عصابة الأسد استغلت وسرقت هذه المساعدات لخدمتها ولمصالحها وكان يذهب من هذه المساعدات القليل للشعب وبناء المؤسسات , حيث كانت معظم الموارد الاقتصادية تصب في جيوب عائلة الأسد , فكانت مراحل التطوير أو معدلات الأجور شبه منعدمة الأمر الذي انعكس على كافة جوانب الاقتصاد

السؤال الثاني: قبل انتصار الثورة كانت رواتب الموظفين من الفئة الأولى لا تتجاوز ١٥ دولار, أرجو إجراء المقارنة برواتب اخوتنا في ادلب أو المحرر سابقا و الذين قدموا لتحرير سوريا

الجواب: الرواتب كانت في حكومة الانقاذ قبل تحرير كامل سوريا نستطيع أن نقول بأن راتب عامل الخدمة يبلغ حوالي ١٥٠ دولار بينما الموظف في الدولة السورية قبل التحرير ١٥ دولار اي حوالي عشرة أضعاف.

وإذا أردنا أن نتكلم عن النواحي التعليمية، كان راتب الاستاذ الجامعي في مناطق سيطرة النظام حدود العليا ١٠٠ دولار تتضمن كل التعويضات والأعمال الأخرى

بينما كان الراتب بالحد الأدنى للدكتور الجامعي في جامعة إدلب والمناطق المحررة يصل الى ٦٠٠ او ٧٠٠ دولار وقد يصل الراتب إلى ضعف هذا المبلغ.

و قد نجد طبيب راتبه الشهري يتجاوز ألفي دولار بعقد واحد وقد يكون للطبيب عقدين او ثلاثة، فكانت الفوارق بمعدلات الأجور مرتفعة جدا

بالمقابل أيضا لو قمنا بالمقارنة لناحية الاستهلاك، من المفترض أن يكون ارتفاع الأسعار في إدلب أعلى منه في مناطق النظام باعتبار أن الدخل أعلى، بينما لاحظنا العكس تماما، باعتبار أن السلع ذات كلفة أعلى في مناطق سيطرة النظام والأجور منخفضة، بينما كانت السلع منخفضة الكلفة والأجور مرتفعة في المناطق المحررة

أي أن اسعار السلع في مناطق سيطرة النظام ضعف أسعار السلع في المناطق المحررة

لنعطي أمثلة: مثلا الفروج في المناطق المحررة حوالي ٤ دولار أو ٦٠ ألف ليرة سورية تقريبا، بينما في دمشق ومناطق النظام كان سعره حوالي ٨ دولارات أو 120 ألف ليرة سورية، بينما المحارم في المحرر أقل من 1دولار وفي المناطق المسيطر عليها النظام أكثر من الضعف

نلاحظ أن الفجوة الاقتصادية كبيرة جدا بين المنطقتين.

 

السؤال الثالث: حاليا حكومة تسيير الأعمال (حكومة الثورة) أطلقت وعودا كثيرة لتحسين ظروف العاملين في الدولة، برأيكم هل تستطيع حكومة الانقاذ تنفيذ هذه الوعود ضمن الواردات الاقتصادية المتدنية حاليا للحكومة السورية؟

الجواب : نبدأ من المصطلح (حكومة الإنقاذ)  كمسمى كانت في مناطق سيطرة الثورة و الآن نحن مع نفس الكوادر التي كانت تحكم في حكومة الانقاذ تقريبا ولكن بمسمى جديد (الحكومة الانتقالية ) وهي ليست حكومة انقاذ ولا حكومة مؤقتة بل هي حكومة انتقالية سبق وكان لها تجربة في مدينة إدلب ولم يكن لدينا موارد اقتصادية كبيرة لدعم الاقتصاد , ومع ذلك كان هناك نجاح وكان هناك جزء كبير من الرضا من قبل الشعب عن الإدارة الاقتصادية في المناطق المحررة ، أي إدارة الموارد كانت عادلة وتضع الأمور في موازينها وكانت هذه الموارد تستثمر الاستثمار الأمثل و لم يكن هناك هدر أو سرقة وكان الوزير يعيش حياة عادية مثله مثل أي مواطن و ميزاته كما كل المواطنين .

بالتالي لم يكن هناك هدر في الإدارة العليا ولم يكن هناك فجوة بين المسؤول والشعب وتطابقت الحياة وتحسنت لدى الجميع، هذه التجربة بنت ثقة لدى المتعاملين مع الحكومة آنذاك والآن نحن مع اتساع الرقعة الجغرافية واتساع أيضا النفقات في الدولة وكلنا ثقة إنه سيتم إعداد موازنة تجبى فيها الإيرادات الحقيقة وتوضع في مكانها الصحيح وبالتالي تنعكس في تحسين واقع المعيشة لدى المواطنين

السؤال الرابع: حكومة تسيير الأعمال أعفت المستوردات من الضرائب لمدة عام وتصريحات مسؤولين منهم السيد أحمد الشرع والسيد وزير الاقتصاد إنه سيتم زياده الاجور بحدود ٤٠٠ % وهذا حلم كان في النظام السابق و كانت زيادة 50% لا يكاد يصل الراتب فيها إلى عشرون دولار, مع العلم إنه كانت عقوبات اقتصادية على النظام المخلوع , هل ستستجيب الدول الداعمة للحكومة المؤقتة على دعم الشعب السوري الذي عانى الكثير ؟

الجواب : بالبداية الحكومة الانتقالية في حال رفعت الرواتب بالرقم المذكور وهو إجراء تنفيذي بسيط يمكن القيام به في حال صرحت بذلك طبعا (الأمر بكل بساطة) حتى ٤٠٠ % بالنسبة لنا كدراسة الحد الأدنى للأجور (قد نراها مجحفة ايضا وقليلة)

المواطن السوري يستحق أن يحصل على أجر حقيقي يكافئ عمله وبالتالي يضمن له حياة كريمة واستمراره في العمل والعطاء والانتاجية.

السؤال الخامس: كانت السيارة في ظل النظام المخلوع حلم للكثيرين وتطبق عليها ضريبة رفاهية ترفع سعرها عن بلد المنشأ أضعاف مضاعفة إذا كانت جديدة و السيارات لدى غالبية الشعب قديمة و متهالكة، كيف ترى الوضع مستقبلا؟

الجواب: تجاوزت ضريبة السيارات في مناطق سيطرة النظام سابقا ٤٠٠ % أو أكثر، حتى ترخيص السيارة كان باهظ جدا بينما في مناطق الثورة لم يكن هناك رسوم كهذه على السيارات وبالتالي السيارات الحديثة ربما يكون سعرها مثلا ثلاثة آلاف دولار بينما إذا قارنا نفس السيارة في مناطق النظام قد يصل سعرها إلى 50 ألف دولار أو عشرة اضعاف او اكثر حتى وهي قد لا تكون متوفرة أيضا.

هذه الحالة من الأعباء الضريبية والرسوم التي اثقلت كاهل التجار والمواطنين أدت إلى انكماش وتسرب التجار ورؤوس الأموال وبالتالي فروق بمعدل العمالة وانخفاض معدلات الأجور وبالتالي أثقلت كاهل المواطن وانعكست على الاقتصاد بشكل كامل، بالتالي لم تكن العقوبات هي السبب وإنما هو سوء الإدارة واتباع سياسة اقتصادية ومالية خاطئة محورها الأساسي يتمركز على خدمة العصابة الحاكمة وكنز الأموال ومحاولة تهريبها خارج البلد ,في الوقت الذي كان في مناطق سيطرة الثورة أي دخل يتحقق يعود بالنفع على كافة المواطنين.

إذا قارنا كبقعة جغرافية تتضمن أكثر من أربعة ملايين نسمة ببقعة سكانية صغيرة واكتظاظ سكاني كبير ومع ذلك كانت الحالة الاقتصادية جيدة، بينما كان النظام يسيطر على مساحة كبيرة من سوريا ومع ذلك نلاحظ أن الكثافة السكانية هي أقل بكثير وكان الواقع الاقتصادي غير جيد

إذاً حُسن الإدارة واتخاذ التدابير الاقتصادية والمالية كفيلة بأن تحسّن الاقتصاد. 



شارك برأيك

الاشتراك بالقوائم البريدية
البريدالإلكتروني: