ملف الهجرة الخارجية ( اللاجئين ).. الأخطر في مفردات الحرب على سورية بقلم يونس أحمد الناصر
May 14, 2021 00:32
كل الأخبار/ موقع إعادة الإعمار التشيكي
كما هي ذبيحة الجزار هو حال الدول التي تتعرض للحروب , فلحمها للبيع و جلدها للبيع و حتى الدم و العظم للبيع , ولكل حالة تجد المشترين.و بالقياس فإن الدول التي تتعرض للحروب – كما هو الحال في الحرب العدوانية على سورية – يتم استنزافها بأبشع الطرق , عبر القتل للإنسان والتدمير للبنية التحتية التي لا يمكن حملها و سرقتها , و سرقة الثروات المادية من خلال السطو على المصارف وبيع السلاح .و حتى الثروة الوطنية تتعرض للنهب كآلات المعامل و السيارات و حتى الطائرات و القطارات و الأرصدة الإستراتيجية كالحبوب و حتى المياه و الآثار , ولا تتوقف عمليات النهب على ذلك , بل تتعداه للعقول و الخبرات و الكوادر العلمية و الثقافية و غيرها , عبر تهجير هذه العقول إلى البلدان التي شاركت بالعدوان و استقبالهم تحت ذرائع إنسانية ( كاذبة ) و تشبه دموع التماسيح التي تنهمر من عيونها أثناء افتراسها الضحية .
وهذا هو موضوعنا اليوم و أعني ملف الهجرة المؤلم أو التهجيرالقسري و هو المصطلح الأصدق في هذه الحالة و التي باعتقادنا تتجاوز أهميتها كل ما قلناه عن أساليب السطو المنظم التي تتعرض لها الثروة الوطنية المادية.و لكي لا ننعت المهاجرين بشيء من الظلم , فإننا نقول:بدون شك فإن من حقوق الإنسان الهجرة الاختيارية لتحسين ظروفه المادية أو تحقيق طموح علمي أو غير ذلك من المسائل التي يسعى إليها المهاجرين في الظروف الطبيعية , و ليس هذا ما سوف نتحدث عنه بإيجاز هنا , بل الهجرة القسرية أو التهجير كما قلنا و الذي يختبئ تحت عناوين إنسانية كاذبة لا علاقة للإنسانية بها , وهي التي تحدث في ظروف الحروب , طلباً للأمان و ليس لتحسين معيشة الأفراد( كما في حالة السلم)و كوننا في هذا المقال نخص ما حدث و يحدث للإنسان السوري في ظروف العدوان الهمجي على سورية و الذي تقوده أمريكا و توابعها الأوربيين و أدواتهم في محميات الخليج ,و نذكِّر هنا بأن سورية تتمتع بموقع جغرافي هام بين قارات العالم , و تتميز بطبيعة رائعة على مدار الفصول , الأمر الذي منحها خيرات طبيعية هائلة و عمق تاريخي و حضاري كبيرين , و لذلك فإن قرار الهجرة الخارجية الاختيارية منها يصبح قراراً صعباً .
و لذلك , نرى مفهوما بديلاً عن الهجرة في ظروف السلم و هو الاغتراب , بحيث يغادر الإنسان السوري لتحسين ظروفه المادية أو تحقيق طموحه العلمي , ثم يعود لسورية في أقرب فرصة تتاح له .الموقع الجغرافي الهام و الذي تحدثنا عنه , يضاف له الثروات المادية و البشرية , جعلت سورية هدفاً للاستعمار بأشكاله القديم و الحديث.و عندما نقول ثروات بشرية , فإننا نعني بذلك ” الثروة الحقيقية “فالإنسان السوري و عبر تاريخه الطويل هو إنسان خلاق و مبدع , يسعى للعلم و المعرفة , و السوريون ماضياً و حاضراً , أجادوا الصناعة و التجارة و الزراعة , و لا نرى حاجة للحديث عن أبجدية رأس شمرا أو المعماري أبولودور الدمشقي و غيرهم من الأسماء التي يعرفها العالم قبل السوريين , فأقاموا السدود و بنوا المسارح و المدارس و طوعوا الصخور و بنوا المدن في وقت كانت البشرية لا تزال تغط في عصور الظلام و تسكن الخيام .
فبلاد ما بين النهرين و بلاد الهلال الخصيب و شواطئ سورية و لبنان و بواخر الفينيقيين , كلها شواهد كثيرة على عظمة و إبداع هذا الإنسان.لكل ما تقدم , و في الحرب الظالمة الأخيرة على سورية و التي شارفت سنتها العاشرة على الأفول , مبشرة بنصر سوري جديد على الغزاة الجدد فإن ملف الهجرة ( القسرية ) يطفو على السطح و يحتاج المعالجة الجدية و التي لا نراها غائبة عن البحث و معالجة الآثار المترتبة على هذه الهجرة أو التهجير القاسي للإنسان السوري.كيف ومتى بدأ ملف اللجوء أو( التهجير )؟بعد فشل دول العدوان و مرتزقتهم بإسقاط الدولة السورية , كما فعلوا بسابقاتها ( الدول التي سقطت حكوماتها ) تم التوجيه لدول الجوار (الأردن عبر غرفة عمليات موك و تركيا غرفة عمليات موم ) المشاركة بالعدوان على سورية ببناء المخيمات و صدرت التوجيهات لمرتزقتهم باستعمال الترغيب و الترهيب للسوريين في المناطق التي دخلها الإرهاب لتهجير السكان بالترغيب المادي , و تقول مصادرنا (الخاصة) بأن الإرهابيين وعدوا كل من يذهب لهذه المخيمات سيتقاضى دفعة واحدة مبلغ ( 20 ) ألف دولار أمريكي دفعة واحدة , و بعدها و عند وجودهم في هذه المخيمات, ستتقاضى كل أسرة 200 دولار أمريكي عن كل فرد من أفراد العائلة التي تقيم في هذه المخيماتو بدأ الإرهابيون بعائلاتهم التي تم ترحيلها لهذه المخيمات بحجة التفرغ للجهاد و عدم انشغال ( المجاهدين ) بطلبات عائلاتهم و إبعادهم عن الخطر – كما كانوا يظنونو فُتحت الحدود التركية و الأردنية لهؤلاء المهجرين الذين كانوا يجتازونها ببساطة أو بمساعدة الدول المستضيفة – مع وعود دول العدوان الاستعمارية أمريكا و فرنسا و ألمانيا و أستراليا و ممالك الخليج ( التحالف الأمريكي غير الشرعي ) لهذه الدول بسيل من المساعدات الدولية ستغرق بها خزائنهم – و تم الالتزام بهذا الوعد في البدايات الأولى لهذا الملف, سواء للعائلات أو للدول المستضيفة للاجئين , حتى تم استهلاك هذه الورقة من دول العدوان , فبدأت الدول المستضيفة للاجئين تستغيث و تشكو عدم قدرتها على نفقات استضافة هؤلاء اللاجئين و التفكير جدياً بالتخلص منهم, سواء بإعادتهم أو دفعهم للهجرة إلى دول أخرى أبعد من دول الجوار( فتشكل ملف الهجرة إلى أوربا و عنوانه الهجرة إلى ألمانيا ) .
لماذا ألمانيا ؟؟
ألمانيا كما هو معروف تشكو من تراجع عدد السكان و ارتفاع نسبة الأعمار الكبيرة في التركيب السكاني , و هو ما يشكل خطراً حقيقياً يتفاقم عاماً بعد عام , و الحاجة ليد عاملة فتية و رخيصة تقوم بأعمال الدولة في كافة المجالات , فوجدت بالمهجر السوري ( ضالتها ) سيما و أنها شريكة بالعدوان على سورية كعضو في الناتو, فاستقبلت السوريين المهجرين بأعداد كبيرة ووضعتهم في مخيمات ( أماكن احتجاز ) لتنتخب من بينهم من تريد , للاستفادة منهم حسب حاجات البلاد( ألمانيا ) و السماح للآخرين بالعبور إلى دول أخرى في الاتحاد الأوربي ( القارة العجوز ) و لذلك فرضت شروطها على المهجرين ( اللغة و الاندماج و غير ذلك من الشروط ) لمنحهم حق الإقامة في ألمانيا .
و قد استغل هذه السياسة الألمانية ( سياسة الباب المفتوح ) مهاجرين من دول أخرى غير سورية ( تحت عنوان مهجري الحرب السورية ) من دول عدة , بما فيها دول أفريقية و آسيوية حتى اكتفت ألمانيا و دول الاتحاد الأوربي من ( سرقة العنصر البشري) و قوة العمل هذه , فوقعت اتفاقها المعروف مع تركيا لإعادة اللاجئين ( الذين لا تحتاجهم أوربا لأسباب تم الإشارة إليها بعدم القدرة على الاندماج و الحقيقة بأنهم غير مؤهلين علمياً و فنياً للعمل في ألمانيا ) ووعدت تركيا بتقديم مبلغ مالي ضخم مقابل هذا الاتفاق ( 6 مليار يورو ) و التي بدورها و أعني تركيا , أغراها المبلغ المدفوع مع قرارها الضمني بإعادة تهجير هؤلاء المهجرين إلى المناطق التي أتوا منها , دون النظر لظروفهم الإنسانية التي ذرفوا عليها دموع التماسيح .
لماذا ملف (اللاجئين ) و كيف تم توظيفه في الحرب على سورية ؟
بعدما فشلت أطراف العدوان أمريكا و حلفائها في إسقاط الدولة السورية القوية , لجأت لفتح ملف ( سياسي ) تحت عنوان( إنساني) هو ملف اللاجئين السوريين إلى دول الجوار , بهدف استصدار قرار من الأمم المتحدة تحت الفصل السابع – بذريعة تبدو إنسانية- في الظاهر, بينما هي سياسية و عسكرية عدوانية في حقيقتها و إثارة الرأي العام العالمي للضغط على حكوماتهم لحسم هذه المسألة باعتبارها كما حاولوا الترويج لذلك ( تؤثر على الأمن و السلم الدوليين ) عبر قوافل الموت ( المدارة استخبارياً ) و توظيف صور مأساة المهجرين ( و ليس المهاجرين ) , و هي الصور التي شاهدها العالم على محطات سفك الدم السوري و بثتها بكثافة , وهذه الصور- رغم فظاعتها – يدرك المواطن السوري جيداً بأن العصابات الإرهابية قد ارتكبت – أفظع منها- و لكن عيون دول العدوان لم تراها و لم تنشرها و مؤسسات حقوق الإنسان غضت الطرف عنها في سياق الهدف الرئيس للحرب على سورية و أعني إسقاط الدولة السورية.
و من هنا وجدنا ” برومو ” ضحايا الغرق تجتاح وسائل الإعلام العالمية و التي ثبت في كثير من الحالات منها بأنها( مزورة ) أنتجتها وسائل إعلام العدوان على سورية و هذه ( البروموهات المزورة) شاهدناها كثيراً في الحرب على سورية , و قبلها في الدول التي تمكنت قوى العدوان من إسقاط حكوماتها كتونس و مصر و ليبيا.
فشل دول العدوان بتوظيف ملف اللاجئين و تباشير انتصار سورية
سيول “المهجرين” القادمين لسفارة بلادهم في بيروت للتصويت في الانتخابات الرئاسية عام /2014/ والتي شاهدها العالم أذهلت أطراف العدوان , ونعلم كيف منعت دول كثيرة التصويت في السفارات السورية في الخارج و هي (بلجيكا – كندا – مصر – فرنسا –ألمانيا- الأردن- قطر- السعودية- تركيا- الإمارات العربية المتحدة – المملكة المتحدة – الولايات المتحدة ) و هذا ما كانوا يخشونه فهم يعرفون جيداً بأن هذا المهاجر اضطروه قسراً و تحت تهديد عصاباتهم المجرمة للمغادرة , وانتقلت الصور من بيروت للعالم , لتخبر الرأي العام العالمي – غير المنحاز – لحقيقة ما يحدث في سورية, تلاها عناوين صحف عالمية كثيرة تقول بأن أي انتخابات قادمة سيفوز بها الرئيس الأسد لمحبة شعبه له ( رغم حجم الدعاية الهائل لأطراف العدوان ” بأن الأسد “يقتل شعبه ” و هذه الكذبة لم يعد أحد يصدقها لا في سورية و لا خارجها .فشل التوظيف السياسي لهذا الملف و أعني (ملف اللاجئين) و عودة المهجرين إلى مناطقهم التي حررها الجيش العربي السوري من الإرهاب لقد شاهد العالم أيضا أفواج المهجرين العائدين الذين سمحت لهم الدول المستضيفة بالعودة إلى مناطقهم التي تمكن الجيش السوري من تحريرها بعدما اكتشف المهجرين قسرياً ( من قبل عصابات الإرهاب ) حجم التضليل الذي مورس عليهم و الوعود الكاذبة التي أغدقتها أطراف العدوان على سورية عليهم لدفعهم للخروج من سورية , كما اكتشفوا بأن القسم الأكبر من عدد المهجرين و الذين لجأوا إلى مناطق سيطرة الحكومة السورية قد تم احتضانهم و الاهتمام بهم بمحبة كبيرة – و هم الذين تم ترهيبهم – بأن الدولة السورية ستنتقم منهم و تقتلهم , وبأن الخيام التي نصبت لهم في دول الجوار و قبل خروج أي مهاجر هي أفضل لهم.فما أن سنحت لهم الفرصة للعودة حتى تدفقوا أفواجاً سيما و أن الدولة السورية قد رفعت شعار المصالحة و المسامحة عنواناً كبيراً ترعاه وزارة مختصة أنشئت لهذه الغاية هي وزارة المصالحة الوطنية مناطق خفض التوتر و عودة المهجرين لها لقد رعت روسيا بالتنسيق مع الحكومة السورية إنشاء مناطق ” خفض توتر” تضمنها الدول الضامنة و هي روسيا و تركيا و إيران , مما يسمح بدخول المساعدات للسكان في المناطق التي لا زال يعشش فيها الإرهاب مقابل – ضمان عدم اعتداء الإرهابيين على وحدات الجيش العربي السوري , والعمل على تفعيل عمل لجان المصالحة الوطنية بالتنسيق مع وزارة المصالحة على اجتثاث الإرهاب من هذه المناطق , إما بتسويات لأوضاع من تورط بالإرهاب أو ترحيل من يرفض منهم إلى مناطق” تجميع” بحيث يساعد هذا الأمر على توسيع مساحة المناطق الآمنة و تقديم المساعدات الإنسانية للسكان في هذه المناطق , على أن تتم معالجة مناطق التجميع للإرهابيين لاحقا .
و قد تعثر هذا الملف كثيراً بسبب رغبة أطراف العدوان على سورية (أمريكا و حلفائها ) في استمرار العنف لتحقيق مآربهم السياسية من الحرب على سورية و التأثير على مجريات مؤتمرات جنيف المتعاقبة و أستانا , و لكنهم فشلوا و اتسعت مساحات خفض التوتر بما يبشر بضوء في آخر النفق لنهاية الحرب الظالمة على سورية اليوم و بعد أن اتضحت الصورة في أوربا قليلا و تحت ضغط دافع الضرائب الأوربي على حكومات دولهم و المواد الإعلامية (غير المنحازة) بدأت حكومات بعض الدول الأوربية بالتفكير أو بالتنفيذ لعودة اللاجئين إلى وطنهم سورية سيما و إن أجزاء كبيرة من سورية باتت آمنة عبر تقديم إغراءات مالية للاجئين (الاف اليورو) للعودة الطوعية لسورية
بالمقابل الحكومة السورية قدمت الكثير من التسهيلات لعودة أبنائها اللاجئين في الخارج الذين هجرتهم العصابات المسلحة كما قامت الحكومة السورية بتأهيل البنية التحتية في المناطق الواسعة التي حررها الجيش العربي السورية و قد عادت الخدمات للكثير من هذه المناطق و لا زالت الجهود مستمرة لعودة الحياة لطبيعتها قبل أن يجتاحها الإرهاب