الأمل بالعمل



الأكثر زيارة
 الصفحة الرئيسية   اقتصاد  

هل يسمح قانون العقوبات الاقتصادي بسرقة الدولة بأقل من 500 ألف ليرة ؟! جهات عامة معنية بتطبيقه لم تدرسه وأخرى لم تسمع به!
April 27, 2013 13:26

 

 

السجن أم الغرامة.. عقوبات تختلف الإدارات العامة في تقييم شدتها..

تشرين - منذ 47 عاماً وتحديداً بتاريخ 16/ 5/1966 صدر في سورية أول نص قانون للعقوبات الاقتصادي, استدعى صدوره آنذاك حالة عدم الاستقرار الداخلي التي فرضتها فترة ما بعد الانفصال عن مصر آنذاك, وطرأت عليه بعد ذلك بعض التعديلات الطفيفة.. وبقي العمل قائماً بالقانون المذكور إلى أن صدر بتاريخ 17/3/2013 بظروف مشابهة وفي ظل الحرب التي نشهدها ثاني قانون للعقوبات الاقتصادي في تاريخ سورية ينظم مخالفات مثل مكافحة الفساد من غش ورشوة ويهدف للحفاظ على المال العام وحماية المستهلك من خلال منع الاحتكار وتنظيم التنافس.
ورغم الأهمية الكبيرة التي يفترض أن ينطوي عليها صدور قانون غابت تطبيق أحكامه بشكل فعلي عن الشارع السوري لمدة تزيد على نصف قرن, فإن الحلة الجديدة التي صدر بها لم تختلف بشكل عام عن أحكام القانون القديم من حيث نوعي العقوبات والمخالفات, لكنه بالعموم يعد القانون الأشد.. وهذه النقطة بحد ذاتها سببت خلافاً كبيراً في وجهات النظر بين مديري الجهات العامة والمختصين القانونيين فالبعض يراها إيجابية ورادعة فيما يراها آخرون خطوة محبطة ولايقفون عند حدود هذه النقطة فحسب, بل نجد محطات عديدة يختلفون عليها في القانون.. وفرصة لتوجيه أصابع التهم لبعضهم..
 
6نقاط جديدة
فرضت الأزمة التي تمر بها سورية إضافة لضرورة تعديل القوانين السورية القديمة خلال 3 سنوات بما يتناسب مع روح الدستور السوري الجديد إلغاء قانون العقوبات الاقتصادي الذي صدر في العام 1966 حسبما بين لتشرين الدكتور في قانون الأعمال التجارية المحامي فادي عشي, علماً بأن كل دول العالم تصدر قوانين للعقوبات الاقتصادية في ظل الأزمات والحروب التي تمر بها.
وأشار عشي إلى عدة نقاط جديدة في القانون رقم 3 لعام 2013 أولها يتعلق بتعريف الموظف العام, فالقانون الجديد عرفه على أنه أي موظف أو عامل لدى الدولة وكل من كلف بمهمة رسمية لدى أي من الجهات العامة, ما يعني أن المحامي والتاجر وكل من يعمل في القطاع الخاص هو موظف لدى الدولة وتسري عليه عقوبات هذا القانون في حال كلفته الحكومة بمهمة رسمية وأخل بها بموجب أحكام القانون أيضاً وهذه النقطة -حسب وصفه- خطيرة جداً وتجب توعية الصناعيين والتجار لها, والنقطة الثانية هي أن القانون الجديد ألغى عقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة التي كانت سارية في قانون العقوبات الاقتصادي القديم لتبدأ عقوباته مباشرة من الحبس المؤقت الذي يتراوح من 3 أشهر إلى 3 سنوات والسجن المؤقت من 3 إلى 15 عاماً.
والثالثة هي أن المادة 20 تعاقب صاحب المنشأة أو المشروع الذي يحتكر المواد والسلع سواء كان ذلك بإخفاء المواد أو بالامتناع عن بيعها أو برفع أسعارها أو بأي طريقة أخرى بوضع المنشأة أو المشروع تحت الإدارة المباشرة لوزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك لمدة لاتزيد على السنة في حال مارس عمله هذا في حالة الحرب أو التهديد بها أو حدوث الكوارث حصراً.. وذلك من دون انتقال ملكية المنشأة للحكومة, ويشدد العشي على ضرورة أن يفهمه تجار وصناعيو سورية, منوهاً بأن هذه المادة تطبق في حالة الحرب حصراً وهي فعلاً تحمي الناس من احتكار المحتكرين أو مستغلي السوق, وتسد الطريق على من يستغل ثغرات القوانين ويفسرها على كيفه, فقد يقول قائل, نحن لسنا في حال حرب, ومن هنا فإن القانون فرض العقوبة في حال الحرب أو التهديد بها, أما عقوبة الاحتكار في الأيام العادية فهي السجن المؤقت حسب القانون نفسه.
أما النقطة الرابعة الجديدة في القانون فهي في المادة 15 والتي تعاقب الراشي والمتدخل والمستفيد فيما كان القانون السابق يعاقب المحرض والمتدخل والشريك, والطرف المهم الذي أدخله القانون الجديد بالعقوبة هو المستفيد لأن الراشي غالباً ما يكون أداة وقد لا يكون ذاته المستفيد ويمكن الكشف عن المستفيد من خلال التحقيق.
والخامس هي أن القانون الجديد لحظ إلغاء العقوبات المفروضة على مقاومة النظام الاشتراكي ولاسيما أن سورية تتجه اليوم نحو نظام السوق المفتوح وترسم خطواتها في الاقتصاد الحر.
وعد القانون في نقطة سادسة أن أموال الأحزاب السياسية المرخصة قانوناً هي أموال عامة وأضاف أموالها إلى الأموال العامة التي يجب الحفاظ عليها ومنع هدرها, بعد أن كانت الأموال العامة محصورة تعريفاً بأموال حزب البعث العربي الاشتراكي والجمعيات التعاونية والمنظمات الشعبية والنقابات المهنية والأموال المودعة لدى الدولة.
 
السجن أو الغرامة؟
تحتل قضية الحديث عن العقوبة بحد ذاتها مركز الصدارة بغض النظر عن نوعيتها بين القلة القليلة الذين قرؤوا قانون العقوبات الاقتصادي وحدثونا عنه, فالقانون يبدأ عقوباته بالحبس المؤقت أو السجن المؤقت كما أشرنا أعلاه, وإن كان أشار في المادة 25 منه إلى عقوبات مالية فإنه فرض غرامات مالية تعادل الضرر على أن تكون مضافة إلى العقوبة الأصلية من دون أن تكون أصلاً بذاتها ولذلك فإن هذا القانون حسبما أفادنا معاون وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك محمود المبيض شدد العقوبات على مخالفات العمل التجاري وتجاوزات توزيع المواد والاحتكار, فكل من يخل بتوزيع سلعة قصداً يعاقب بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات, وبالسجن المؤقت الذي يتراوح من 3 إلى 15 عاماً إذا كانت السلعة مدعومة أو وقعت الجريمة في زمن الحرب أو الكوارث.
ولايبدو مدير عام هيئة المنافسة ومنع الاحتكار أنور علي راضياً عن هذا التشديد أو حتى مقتنعاً بأن السجن هو أشد من الغرامة, فيقول لـ«تشرين»: المتعارف عليه تجارياً أن «المال معادل للروح» و«من قاتل في سبيل ماله فهو شهيد» ومن خلال دراسات قمنا بها لمدة 5 سنوات قبل صدور قانون المنافسة ومنع الاحتكار, ارتأينا أن أفضل عقوبة لمنع الاحتكار هي فرض الغرامة المالية وهي عقوبة أكثر حضارة من العقوبة الجنائية وتناسب الخط الاقتصادي الجديد الذي تنتهجه سورية المستقبل والذي يشجع المنافسة والاقتصاد الحر, مشيراً إلى أن قانون المنافسة شدد العقوبة المالية من مبدأ أنها أشد من الحبس والسجن معاً اللذين فرضهما قانون العقوبات الاقتصادي بحيث تتجاوز ما نسبته 10% من قيمة رقم الأعمال لآخر سنتين, وأنه يمكن تطبيق عقوبات قانوني العقوبات الاقتصادي والمنافسة والاحتكار معاً في المواد التي تخص الاحتكار حصراً أو التوفيق بينهما على أقل تقدير, وإن كان قانون العقوبات الاقتصادي أقر تطبيق العقوبات الأشد في حال حصل تعارض مع القانون المختص, فإن العلي يشير إلى ضرورة وجود تفسير للعقوبة الأشد من قبل لجان مختصة تشكل لهذا الغرض فهل هي الحبس أو الغرامة؟ حيث إن الهيئة تعدّ أن الغرامة هي الأشد.
ويعطي مدير مالية دمشق بسام بازرباشي رأيه الشخصي في مسألة العقوبات الواردة في هذا القانون, فيقول: إن مسألة الحفاظ على المال العام مرهونة بتطبيق العقوبة الأشد, والعقوبة الأشد هي السجن بكل تأكيد, فالجهات الرقابية المختصة قد لاتكشف المخالف إلا بعد ارتكاب عدة سرقات وهذا ما يضيع أموالاً طائلة على الدولة, وإن كشفته فربما قد تغرمه عن المخالفات والسرقات التي عرفتها فقط, وتالياً يدفع المخالف غرامة واحدة عن عشرات السرقات, فيما لو طبقت عقوبة السجن مباشرة فهي وسيلة أكثر ضمانة بأن المخالف لن يعيد مخالفته مرة أخرى وستكون رادعاً له ولغيره, مؤكداً أن الغرامة لاتشكل رادعاً بالنسبة للتاجر الذي يتعاقد مع الدولة والذي تسري عليه أحكام هذا القانون, فهو قادر على دفع الغرامة ببساطة, لكنه يهتم بسمعته وتشكل عقوبة السجن رادعاً أقسى بالنسبة له, مبيناً أنه من شأن عقوبات هذا القانون أن تساهم فعلاً في تحسين الجباية العامة وتنعكس إيجاباً على خزينة الدولة وتساهم بتحقيق وفر بالمال العام لأنها أشد من العقوبات المعمول بها حالياً من قبل الدوائر المالية والمتعلقة بجباية الأموال العامة والتهرب الضريبي بشكل عام.
ويوافقه رئيس الجهاز المركزي للرقابة المالية د. محمد العمري, والذي يبين لـ«تشرين» أن من شأن أحكام هذا القانون أن تساعد الأجهزة الرقابية في آلية عملها, إذ إن تشديدها يشكل رادعاً إضافياً يقلل عدد المخالفات التي تمر على الأجهزة الرقابية وينعكس على تصرفات الموظفين بشكل عام وسلوكياتهم إيجاباً بشكل عام ويردع كل من تسول له نفسه ارتكاب مخالفات جسيمة.
أما من وجهة نظر قانونية, فيرى المحامي عشي أن التشديد في العقوبات خطأ, فالعقوبة يمكن أن تكون الغرامة فقط, ثم تتدرج إلى الحبس فالسجن المؤقت, ولاشيء يمنع بأن تكون الغرامة هي العقوبة الأصلية أو أن تكون عالية بحيث تشكل رادعاً بحق المخالفين, علماً بأن معظم قوانين العقوبات الاقتصادية العالمية تبدأ بالغرامات المالية.
وأكد أن تطبيق عقوبة السجن على مخالفات قانون العقوبات الاقتصادي القديم لعام 1966 لم ينتج عنه تناقص بأعداد الجريمة بل إنها في ازدياد من حيث الرشاوى والاختلاسات ومخالفات المناقصات والمزايدات وغيرها وتلقي الهدايا والمنافع مقابل التوظيف, وهذا ما يثبت أن العقوبة الأشد لم ينتج عنها تناقص في عدد الجريمة, ولكن هذه المسألة لها علاقة بالتنشئة الاجتماعية السليمة, فالحبس لمدة 15 عاماً مثلاً قد لايربي الموظف, ومن هنا يفترض أن تكون العقوبة تهذيبية هدفها التأديب لا أكثر, وقال: صحيح إن هذه القانون هو أنضج من قانون العقوبات لعام 1966 لكن آلية فرض الغرامات فيه لم تتغير بينما اشتدت بقية عقوباته الأخرى من حيث المدة الزمنية للسجن والحبس الذي صار أطول.
 
نافذ أم غير نافذ؟
تجهل العديد من الإدارات العليا التي التقتها «تشرين» في الجهات العامة صدور قانون للعقوبات الاقتصادي, وأغلب الذين يعلمون بصدور القانون لم يقرؤوه أو يطلعوا عليه وكذلك لايعرفون كيف يطبقونه ومتى؟ رغم أنهم أشد المعنيين بتطبيقه من وزارة تجارة داخلية أو وزارة مالية, ومن هنا لم يكن غريباً ألا يطلع رؤساء الغرف الصناعية والتجارية بالبت على نص القانون أيضاً حسب استطلاع لـ«تشرين» فالمختصون بدراسة القانون وتطبيقه بوزارة التجارة الداخلية ينتظرون صدور التعليمات التنفيذية لقانون العقوبات الاقتصادي بغرض تطبيقه على الأرض, وتوضيح أحكامه.
فيما يؤكد رئيس الجهاز المركزي للرقابة المالية محمد العمري أن القانون لا يحتاج لتعليمات تنفيذية, فالسلطة القضائية لا تتدخل بآلية تطبيق نصوصه, وهو يطبق من قبل جهات إدارية وليست قضائية.
ويؤكد المحامي عشي  كلامه فيشدد على أن القانون لم ينص على أنه ستتبعه تعليمات تنفيذية ولاسيما أن القانون القديم لم تصدر له تعليمات تنفيذية, لذا على الجهات المعنية ألاّ تنتظر صدور هذه التعليمات, فهذا القانون نافذ من تاريخ صدوره, ولا يشترط صدور تعليمات تنفيذية لكل قانون إذا لا يوجد ما يقتضي التوضيح والتفسير لهذا القانون.
 
كيف تشتكي؟
وحتى بعد التأكيد على نفاذ القانون فإن هذا الأمر ليس مهماً بنظر مدير عام هيئة المنافسة ومنع الاحتكار أنور علي ما لم تكن هناك آليات للتنفيذ, مشيراً إلى أن قانوني منع الغش والتدليس والتموين والتسعير فرضا جزاءات وعقوبات قاسية بحق المتلاعبين والمخالفين وتضمنا أحكاماً بالسجن وغرامات محددة ولكن لم يسجن شخص واحد تلاعب بقوت الشعب ومواده التموينية منذ 6 أو 7 سنوات, معتبراً أن جهاز حماية المستهلك يتحمل هذه المسؤولية ولاسيما أن قانون العقوبات لعام 2013 يعيد اليوم نوعية العقوبات ذاتها الواردة في القانون القديم على المخالفة نفسها ولكن بمدد زمنية أطول.
إلا أن معاون وزير التجارة الداخلية محمود المبيض يرى أن الأزمة الراهنة جعلت من استمرار العمل التجاري أمراً صعباً, فالتاجر يتعرض لنفقات كثيرة ولخطر أثناء نقل بضائعه في الوضع الأمني الراهن وتفريغها ما عدا النفقات المتعلقة بتقلبات سعر الدولار والاستيراد والعقوبات المفروضة وغيرها من الظروف وإن الضغط على التاجر في المرحلة الراهنة قد يدفعه لترك العمل التجاري, فالأهم اليوم في ظل ظروف الحرب البحث عن توافر المواد بدلاً من الحديث عن ارتفاع الأسعار, نافياً وجود ارتفاع أسعار في السوق, وإن كان هناك من ارتفاع فسببه أنه لا يوجد منتج محلي خالص فكل منتج محلي يتدخل فيه جزء مستورد بنسبة معينة يرفع سعره بدرجة أو نسبة معينة رافضاً الحديث عن جشع في الأسواق.
ويشير العمري إلى أهمية تأهيل قضاة متخصصين في القضايا الاقتصادية من قضاة حكم وتحكيم بما يضمن تنفيذ القانون بشكل سليم وحضاري, حيث إنه لا يوجد قضاة متخصصون في سورية بالشأن الاقتصادي والجوانب المالية والضريبية وغيرها ومحكمة الأمن الاقتصادية التي سار العمل بها سابقاً خير دليل على ذلك حيث لم تكن مختصة, وقضاتها لم يكونوا مختصين وشدت قبضتها على السوق كثيراً من دون فائدة, منوهاً بأهمية تحول قضايا السوق من هذه المحاكم إلى المحاكم المدنية التي أحدثت مؤخراً.
ويصنف المحامي فادي عشي آليات التنفيذ بعاملين وهما انتشار جو من الأمان والاستقرار بغرض القدرة على تطبيق القانون, وتقييم القانون من قبل وزارة العدل بشكل دوري سنوي كحد أقصى وهو لاينكر وجود قضاة متخصصين بالشأن الاقتصادي في سورية, ماعدا الشق المتعلق بمنع الاحتكار فقط وماعداه لايوجد شيء جديد عليهم, لافتاً إلى أن كل مخالفة تحال للمحكمة المختصة سواء أكانت مدنية جزائية للنزاع بين الأفراد والشركات أم محاكم عسكرية إن كان الطرف المحكوم عسكرياً أو محكمة القضاء الإداري الخاص بقضايا الدولة لرفع دعوى على وزارة أو محافظة مثلا, ويمكن لأي موظف عام تقديم الشكاوى للهيئة المركزية للرقابة والتفتيش, وكذلك يمكن أن تشتكي الدولة على الموظف من خلال القضاء المدني بشقه الجزائي ويقرر القاضي حصراً «القصدية» التي نص عليها القانون في ارتكاب الجرائم وذلك من خلال الاستجواب.
 
لا علاقة له بالرقابة والتفتيش
وإن كان د. عشي شكك بأن يكون هناك توجه بعد صدور قانون العقوبات الاقتصادي بإلغاء دور الجهاز المركزي للرقابة المالية معولاً على هذه الخطوة شريطة استبدالها بحل آخر محلي إذ إن الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش هي تجربة ألمانيا الشرقية كما قال, إلا أن رئيس الجهاز المركزي للرقابة المالية د. محمد العمري أكد أن قانون العقوبات الاقتصادي لن يساعد الجهاز الرقابي ولن يلغي دور الأجهزة الرقابية أو ينقص من دورها بل ستبقى تمارس دورها بموجب القوانين والأنظمة وإن تبين أثناء التدقيق أو التحكيم الذي يمارسه الجهاز المركزي للرقابة المالية أن هناك جرماً جزائياً مرتبكاً يحيل الموضوع للقضاء, فإذا ما كان الجرم ينطوي تحت أحكام قانون العقوبات الاقتصادي يبت بشأنه من قبل القضاء وفق أحكام هذا القانون حصراً علماً بأن عدم ذكر قانون العقوبات الاقتصادي لأي دور للهيئة المركزية للرقابة والتفتيش لا يعني إلغاء دورها, فالقانون لا يشترط أن ينظم العلاقة ضمن الهيئة والقضاء.
وأشار إلى أن القانون لا يتصل بعمل جهاز الرقابة المالية لا من قريب ولا من بعيد, وهو لا يساعد الجهاز في عمله ولكن يمكن لعقوباته المشددة أن تقلل عدد القضايا المعروضة أمام الأجهزة الرقابية والجديد الذي ستفعله الهيئة بعد صدور القانون ليس أكثر من إحالة المخالفات التي تشكل جرماً جزائياً للمحكمة المختصة المشكلة وفق أحكام هذا القانون.
 
شرعنة الهدر
تغاضى قانون العقوبات الاقتصادي الذي يهدف لمكافحة الجرائم الاقتصادية والمالية وحماية الاقتصاد الوطني والمال العام عن مسألة هدر الأموال العامة التي تقل قيمتها عن نصف مليون ليرة سورية حيث ينتقد المحامي عشي الـ المادة 23 من القانون التي تنص على عدم تطبيق أحكام القانون عن الضرر الناتج عن الجرم الذي لا يتجاوز 500 ألف ليرة, وكأنه يسمح بسرقة الدولة بأقل من هذا المبلغ معتبراً بأن هذا الأمر لا يجوز, علماً بأن القانون القديم لعام 1966 كان قد حدد أيضاً رقماً يسمح بهدره يتراوح بين 5 إلى 10 آلاف ليرة, وأن القانون الجديد حينما لا يطبق أحكامه على المبالغ التي تنقص عن 500 ألف ليرة يشرعن التجاوز, والخطأ الكبير هو وضع أرقام لأن الأساس في التشريع هو ثباته, وهذه الأرقام تتغير مستقبلاً مع ارتفاع التضخم وتغير قيمة الليرة فإن كان مبلغ 500 ألف ليرة له قيمة في الوقت الحالي فستنخفض هذه القيمة مستقبلاً مرجحاً بأن المشرع الذي رفع القيمة إلى 500 ألف ليرة إنما فعل ذلك حتى لا يدّخل القانون بالرشاوى الصغيرة نظراً لكثرتها حيث إن قيمتها المادية لا تستدعي بنظر المشرع تطبيق عقوبات القانون المشدد عليها والتي تبدأ بالحبس المؤقت.


 



  عدد المشاهدات: 822

إرسال لصديق

طباعة
شارك برأيك

الاشتراك بالقوائم البريدية
البريدالإلكتروني: