الأمل بالعمل



الأكثر زيارة
 الصفحة الرئيسية   اقتصاد  

هذه هي الأسباب التي تقودنا للقول: آن الأوان لإلغاء بيع الدولار للغايات غير التجارية
November 03, 2013 04:11

هذه هي الأسباب التي تقودنا للقول: آن الأوان لإلغاء بيع الدولار للغايات غير التجارية


كل الأخبار - د.دريد درغام

حاولنا كمدير عام بما أتيح لنا من إمكانات إدارة المصرف التجاري السوري طوال 8 سنوات في ظروف حصار وعقوبات وروتين وغيرها. وأثبتنا أنه يمكن بتغييرات بسيطة بالعقليات تحقيق إنجازات ملموسة وقد ذكرتها الصحافة في نهاية عام 2011 عندما نشرت رفضنا الاستمرار بمنصب المدير العام بسبب افتراءات رقابية يعرفها كل من يقرأ التقرير "النائم" بأدراج "المعنيين" منذ أكثر من سنتين. فقد أشار التقرير صراحة لأسماء من زور الوثائق من الموظفين ممن ارتكب الأخطاء الحقيقية "ولكن لم يتخذ أي إجراء بحقهم". و"لغايات تهم يعقوب" ورغم وضوح التزامنا بأنظمة وتعليمات المنح، اختارت الهيئة من بين عشرات الدارسين واللجان التسليفية أن توجه افتراءات غير مقبولة لنا وهذا ما دفعنا احتراماً للمبادئ للترفع عن المنصب ورفض الاستمرار به طالما استمرت الافتراءات.
لكن الترفع عن المنصب لا يعني التوقف عن التعبير عن آراء "نأملها" صائبة وهي الحد الأدنى الذي من واجب كل سوري تقديمه في الظروف الحالية التي زادت فيها الصعوبات والمسؤوليات الملقاة على عاتق مختلف مسؤولينا المهتمين بالمصلحة العامة.
بالعودة إلى الدول التي تم تدويل أزماتها (العراق، أفغانستان، لبنان..) نجد أن بداية المعاناة الحقيقية تكون عند توافق الدول على أن تحل الدولة المعنية مشاكلها "لوحدها" (وهو طريق شاق يستغرق سنوات طويلة) لذلك نعتقد أن احتمال ديمومة المعاناة الأمنية والاقتصادية والاجتماعية قد يطول، وبظل فرضية استمرار الأزمات لسنوات سواء بانتظار توافق دولي أم بعده، تكمن الإشكالية الحقيقية بإيجاد مقاربات مختلفة لرفع مستوى تواؤم وعيش السوريين بعيداً عن النمط التقليدي للتفكير، وإلا فسيتم الدوران في حلقات مفرغة يصعب الخروج منها وفقاً لمجريات التاريخ الدولي.
تختلف مقاربات الحلول ضمن الإمكانات المتاحة بين منظور قصير (ومتوسط) أو طويل الأمد. في الأجل القصير يتم التركيز على الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية (ما يمكن تحقيقه من مصالحات وتحسين مستوى المعيشة وتبسيط الإجراءات) أما الطويل الأمد فتتداخل فيه الأبعاد والأولويات ويتمحور حول الأبعاد الآتية:
• البعد السياسي (هوية الدولة وأساليب الحكم ومفهوم الأمن القومي والتحالفات الدولية وتوضيح العلاقة بين التشريعي والتنفيذي والقضائي وفق دستور يتم التوافق عليه)
• البعد الاقتصادي (الخيارات المتوافق عليها بين أرباب العمل والنقابات والحكومة حول درجة انفتاح الاقتصاد ومفاهيم الانتاج والأجور والعدالة في توزيع الثروات)
• البعد الاجتماعي (مفاهيم التربية والتعليم والبيئة وحقوق المرأة والطفل...).
وأملنا أن تتكامل جهود المختصين في تغطية كل من الأبعاد المذكورة.
من جهتنا نحاول التعمق بما يرتبط باختصاصنا (وهو البعد الاقتصادي) مع محاولة تبسيط الأفكار، وهنا نورد بعض الأفكار المرتبطة بما هو قصير ومتوسط الأمد على أمل التكامل فيما بين الآجال المختلفة لاحقا:
آن الأوان لإلغاء قرار بيع دولارات (يمنع نظريا على المواطن التصرف فيها) فقد أصدر مصرف سورية المركزي عام 2011 قراراً بالموافقة على اعتماد التعليمات التنفيذية لقرار مجلس الوزراء رقم 84 الصادر عام 2010، والخاص بالسماح للمصارف ببيع المواطنين 10 آلاف دولار أمريكي شهرياً من العملات الأجنبية الأخرى، وذلك بهدف تمويل العمليات غير التجارية كافة (وكأن سورية لديه كل القطع الكافي لتمويل الأعمال التجارية فانتقلت لغير التجارية!!). انخفض المبلغ تباعاً من 10 آلاف دولار شهرياً إلى 10 آلاف سنويا لتصبح الآن واحد ألف دولار فقط!! وذلك بهدف الالتفاف على عدم الاعتراف بخطأ ذاك القرار والتنصل من أهمية إلغائه. فما فائدته طالما أنه يشترط على من يشتري الدولارات بيعها للمصرف المركزي عبر القنوات المصرفية وبما أنه لم يضع مدة للاحتفاظ بتلك الدولارات فالنتيجة معروفة (أكلت يوم أكل الثور الأبيض!!). وما زالت الشروط تتعقد آخرها قبل أيام بمنع بيع القطع لأكثر من شخص ضمن الأسرة الواحدة خلال الشهر!!
لا يهم المواطن من الليرة سوى استقرار قدرته على شراء السلع والخدمات. وهذا الأمر يفترض وجود شرطين: يرتبط الأول بتكلفة المواد المستوردة الداخلة في تركيبة السلع السورية الأول مما يتطلب استقرار الليرة تجاه العملات الرئيسية، ويرتبط الثاني بضمان استقرار المستوى العام لأسعار احتياجات المواطن المعيشية (وهذا يتطلب سياسة نقدية وضريبية تلطف تقلبات العرض والطلب) ويبدو أن الشرطين لم يتحققا حتى الآن.
ارتفاع قيمة الليرة مثل هبوطها يؤرق الناس والصناعيين والتجار، فهؤلاء يهمهم استقرار سعر الليرة لأن أي هبوط معلن متحكم به لا يقتصر أثر تقلبات الليرة الحادة (التي تكررت كثيراٍ خلال الأزمة) على تحقيق مكاسب جمة للأثرياء والمضاربين ولكنها مع كل انخفاض حاد في قيمتها (أكبر من زيادة الرواتب) تنتقل أعداد أكبر نحو الفقر لصالح ثروات أكبر للأغنياء من أرباب العمل، فالنقصان المستمر بسعر الليرة (لبلد يدمن ثقافة الاستهلاك) يشبه فرض ضريبة خفية تقتطع فورياً من المبلغ الموجود بحوذة المواطن. هذه الضريبة تخففها سياسة الدعم المعتمدة لدى الدولة عبر تثبيت السعر المحلي للخبز وسواه ولكنها سياسة غير محتملة على الأمد البعيد وهو ما يفسر رفع الدعم التدريجي عن العديد من السلع رغم تناقص القوة الشرائية للمواطنين، وهنا تبرز أهمية إيجاد موارد إضافية وتخفيض النفقات بما لا يؤثر على سيرورة العمل والإنتاج. وهنا نذكر بأن الحلول المعروفة المرتبطة بزيادة الضرائب غير مناسبة لأنها ستتآكل فورياً بسبب التضخم (الذي سيتطلب زيادات متتالية بالضرائب) أما التخفيض القسري وغير المدروس بالنفقات الاستثمارية والتشغيلية سيؤدي إلى انخفاض الانتاج (إن وجد في العديد من الجهات العاطلة عن العمل منذ سنوات طويلة) وبالتالي سيحقق خسارات فورية ولاحقة مما سيتطلب موارد ضريبية إضافية (حلقة مفرغة جديدة).
ومع أهمية شكر الجهات الأمنية التي لعبت دوراً حاسماً في ضبط المتلاعبين بالليرة وخفض فرص المضاربة عليها، فما نزال نعتقد أنه إجراء يفيد في الأمد القصير وتبقى التساؤلات حول كيفية تعويض نقص قطع التصدير وإرساليات المغتربين، فقد لعب ترشيد الاستيراد في الفترة الحالية وحصر التمويل بمواد أساسية دورا كبيراً بخفض الطلب على الدولار. كما أن التساؤلات مشروعة بخصوص إصرار المركزي على شراء دولار الحوالات بقيمة 168 بينما سعر السوق السوداء حوالي 158 ليرة، وفي ظل هذا التخبط من الطبيعي أن ينخفض حجم المستوردات لعدم اليقين باستقرار السعر فهو إن انخفض يعني خسارة بقيمة الدولار الذي تم شراءه سابقاً وإن ارتفع يعني فوات فرصة الشراء لحجم البضاعة ذاته من الخارج وفي كلتا الحالتين سيعني ارتفاعاً بالسعر. وفي ظل انخفاض سعر الدولار لا توجد المبررات الكافية للتجار لرفع أسعار سلعهم حيث بلغت أوجها في مرحلة ارتفاع الدولار السابقة وما نخشاه أن معظم المعنيين ينتظرون موجة الارتفاع القادمة ليلعبوا دورهم المعتاد في القنص والتخريب.
نعتقد أن معظم المعنيين لن يفرحوا بارتفاع مؤقت لليرتهم يليه انخفاض حاد، وسعادتهم أكبر اذا استقر سعر الليرة بالمستوى الحالي (160 ليرة للدولار مع تفهم أي انخفاض طفيف تدريجي عبر الأشهر وليس الأيام) ضمن خطة تتصف بالديمومة والثبات.... وأي تقلب جديد حاد وفجائي سيجعل من الصعب التكهن بالنتائج..
تنشر بالتنسيق مع صفحة:دريد درغام - Douraid Dergham -



  عدد المشاهدات: 1247

إرسال لصديق

طباعة
شارك برأيك

الاشتراك بالقوائم البريدية
البريدالإلكتروني: