الأمل بالعمل



الأكثر زيارة
 الصفحة الرئيسية   الصحافة السورية  

فرصة أم مأزق؟-البعث
May 10, 2013 13:51


لم يكن إعلان لجنة مبادرة السلام العربية القبول بتبادل الأراضي بين الفلسطينين والصهاينة، في تنازل جديد قدمته على طبق من ذهب الى الكيان الصهيوني، لم يكن أحسن حظاً من المبادرة الأم، مبادرة السلام العربية التي تنازلت للصهاينة رسمياً عن 78٪ من أرض فلسطين التاريخية. فعندما قدّم العرب مبادرتهم سيئة الذكر هذه عام 2002، قال المجرم شارون إنها لا تساوي الحبر الذي كتبت به، واستمر كيانه الفاشي في تنفيذ مخططاته الاستيطانية والتهويدية، كما استمر في ارتكاب الجرائم بحق الشعب الفلسطيني.
واليوم رد الصهاينة سريعاً على التنازل الجديد الذي قدمته لهم الرجعية العربية باستباحة القدس واقتحام باحات الأقصى والاعتداء على الفلسطينيين، وأعلنوا عن مخطط لبناء 296 وحدة استيطانية جديدة في الضفة الغربية. وهنا ينبغي التأكيد على أن تعنت الكيان الصهيوني وغطرسته، رداً على التنازلات العربية القديمة والجديدة، لايعنيان بأي حال من الأحوال أنه في سرّه غير راض عنها وسعيد بها، ولاسيما أن بعضها فاق تصوراته، لكنه، ولمعرفته العميقة بسيكولوجية المتخاذلين والمتنازلين من عرب الاعتلال، عاملهم دائماً على هذا النحو المتشدد، وحرص على إهانتهم وإذلالهم حتى يذهبوا في طريق التنازل الى نهايتها المنطقية المتمثلة في تصفية القضية الفلسطينية.
وتدرك «اسرائيل» أن التنازل الأخير الذي قدمته لها لجنة المتصهينين تنازل ثمين لأنه يشرّع استيطانها، ويسمح لها بالسيطرة على قسم من الضفة الغربية والقدس، لكنها تريد المزيد من التنازلات، ولاسيما الاعتراف بيهودية الدولة وشطب حق العودة مما يحقق لها هدف التخلص من فلسطينيي 1948 وفلسطينيي الشتات. وتراهن «اسرائيل» اليوم بقوة على الرجعية العربية لتحقيق أهدافها، وترى أن هذه الرجعية المتحكمة بالجامعة والمتورطة حتى العظم في الأزمة السورية قد باتت أقرب ماتكون الى تقديم تلك التنازلات، وأن مزيداً من الغطرسة الصهيونية والضغط الأمريكي من جهة، ومزيداً من العدوان الأمريكي الصهيوني على سورية من جهة أخرى، سيجعلها تنفذ كل ماهو مطلوب منها.
طبعاً يفترض الرهان الصهيوني أن الوضع العربي المنهار الذي انقلبت فيه المفاهيم، وانحرفت بوصلة الجهاد العربي الإسلامي عن اتجاهها الطبيعي، يقدّم للصهاينة فرصة تاريخية لتحقيق مشروعهم التصفوي. لكن هذا الرهان يصطدم بحقائق الصمود السوري، وإفاقة الجماهير العربية من سكرة الربيع العربي المزعوم. فالوقائع على الأرض تؤكد أن التخلص من سورية المقاوِمة ليس سهلاً ولا هو مسألة وقت كما توهم أعداؤها، بل إن سورية، حتى وهي تواجه هذا الكم الهائل من العدوان الإرهابي، مازالت قادرة على امتلاك زمام القرارات الاستراتيجية وتغيير قواعد الصراع مع العدو الصهيوني كما فعلت بإعلان فتح جبهة الجولان ومدّ المقاومة بالسلاح النوعي رداً على العدوان الصهيوني الأخير عليها. أما الجماهير العربية التي تعرضت لأكبر عملية غسيل دماغ بهدف زعزعة قناعاتها وتغيير ثوابتها القومية والوطنية، فقد بدأت باستعادة وعيها السليم، وهبت في غير بلد عربي لتصحيح اتجاه البوصلة الجهادية ليعود كما كان وسيبقى دائماً: فلسطين.
وفي ظل هذه الوقائع لن يكون من السهل على «اسرائيل» تحقيق أهدافها، بل إن ما اعتبرته فرصتها التاريخية قد يتحول، بفعل اليقظة الشعبية العربية المتصاعدة والانتصار السوري الوشيك الى مأزق تاريخي لا مخرج لها منه.
بقلم: محمد كنايسي



  عدد المشاهدات: 1056

إرسال لصديق

طباعة
شارك برأيك

الاشتراك بالقوائم البريدية
البريدالإلكتروني: