الأمل بالعمل



الأكثر زيارة
 الصفحة الرئيسية   الصحافة السورية  

عن الحراك.. وخيانة المثقفين-صحيفة البعث
September 01, 2015 15:41

عن الحراك.. وخيانة المثقفين-صحيفة البعث

منذ نحو قرن كامل قال لينين: “إن المثقفين هم أقدر الناس على الخيانة لأنهم أقدر الناس على تبريرها”، وإذا كان الرجل يوصّف حالة قائمة حينها، فهو أيضاً كان يستشرف اللحظة الحالية، حيث ما زال المثقفون، بأغلبيتهم الساحقة، يمارسون خيانة الحقيقة، لأسباب عدة، ربما كان أبرزها السعي التاريخي المحموم وراء الذهب والفضة، والذي يأخذ اليوم شكل البترودولار، الذي يجمع بين “الأخضر” لوناً و”الأسود” مضموناً.

أما الأدلة فهي لا تعدّ ولا تحصى، فمن هلّل يوماً لـ “داعش” باعتباره ثورة شعبية نظيفة ومحقة ضد “الاستبداد”، كما قرر حينها السيّد “المموّل”، ها هو اليوم، وبعد أن أخذ “داعش” صفة الإرهاب الدولية، يصول ويجول “منقّباً” في التاريخ، ليكتشف ويكشف “أن “داعش” صناعة بعثية بحتة، مع شيء من “عنف” الناصرية”!!، محاولاً طمس حقيقة الدلائل التي اعترف بصحتها الأعراب والأغراب، والتي تشير إلى أن “الأب” والوعاء والبيئة والحاضنة و”الممول” هي الوهابية السعودية تحديداً.

ومن أيّد شعار إسقاط الدولة السورية في كل مكان منذ أربع سنوات ونيف، هو من يتصدر مواكب رفضه في لبنان لأن “المموّل” لا يريد إسقاط “النظام الطائفي” هناك، بل يريد تعميمه على المنطقة كلها خدمة لمشروع “يهودية إسرائيل”، والذين أيّدوا حق التظاهر المطلق لجميع المواطنين دون شروط، وعابوا على الدولة السورية حقها وواجبها في حماية مؤسساتها من التخريب، ثم هلّلوا لحق حمل السلاح دفاعاً عن المتظاهرين، هم الذين يشترطون اليوم ألا يعطل التحرّك عمل الدولة، وهم من يدعون العناصر الأمنية لحماية مؤسسات دولتهم، والذين سخروا من مصطلح “المندسّين” هم من يستخدمه اليوم لتوصيف المتظاهرين الذين يخرجون عن خطهم.

لكن الأفظع من هؤلاء والأكثر خيانة، هم تلك الفئة التي امتشقت أقلامها لركوب موجة الحراك وتوجيه دفته حيث يريد “المموّل”، فهذا “كبيرهم” يكشف، بعد أن لف ودار مؤيداً مطالب الحراك ومندداً بفساد الطبقة السياسية كلها، أن العدو الأساس للحراك في النهاية هو حزب الله، وهي محاولة مفضوحة و”مموّلة” لسرقة الحراك وإدراجه في خدمة الهدف السعودي-الإسرائيلي المزمن من جهة، ومحاولة محمومة من جهة أخرى للتعتيم على حقيقة أن الدافع الأساس للحراك هو تغوّل الفساد السياسي والاقتصادي للحريرية المجرمة، والسعار المذهبي الذي ترعاه السعودية تحديداً.

ثم إن الأمثلة، على الخيانة، تتالى بدءاً من “الفيلسوف داوود أوغلو” الذي ابتلع نظريته في صفر مشاكل نزولاً عند رغبة “السلطان” في ابتلاع تركيا وما تيسّر من جوارها، وصولاً إلى المثقفين الذين يرتكبون في حالة الجريمة اليمنية المسكوت عنها خيانة مركبة، الأولى ضد الحقيقة حين يتحدّثون عن الدوافع النبيلة والعروبيّة لأطراف العدوان، والثانية ضد الشعب اليمن حين يبررون المجازر التي ترتكب بحقه مع مطلع كل صباح وسط صمت العالم الحرّ واكتفاء “بان كي مون” بالقلق المزمن، والثالثة ضد السعودية ذاتها حين يزينون لها طريق الهاوية التي تتردى فيها باعتباره طريق النصر المؤزّر.

ولأن الخيانة مرفوضة، ولأن الحراك الشعبي اللبناني مُعرّض مثل غيره لأن تمتطيه أجندات معينة، والظواهر تشي بالخطر من دعم السفير الأمريكي، إلى منظمات المجتمع المدني المموّلة من واشنطن والدوحة، إلى تحوّل بعض وسائل الإعلام المفضوحة الأجندات إلى راعية له، فيجب التأكيد على أمر معروف لكن محاولة طمسه قائمة على قدم وساق، وإعلام وبترودولار أيضاً، ومفاده: لا ثورة حقيقيّة في المنطقة ما لم تواجه خطرين وجوديين، وترفع شعاراً واحداً للمرحلة الحالية: الخطر الأول هو “إسرائيل” والصهيونية باعتبارهما حربة المشروع الغربي الموجّه إلى أجسادنا، اقتلاعاً ونفياً وتهجيراً، والخطر الثاني: الوهابية باعتبارها حربة المشروع التكفيري الإلغائي الموجه إلى عقولنا وأجسادنا معاً، أما الشعار فهو المواطنة أولاً لأنها الحل الأمثل لمجتمعات مركبة مثل مجتمعاتنا، وغير ذلك فليس إلا خيانة مستدامة لأمل العرب بالنهوض والارتقاء.

بقلم: أحمد حسن 



  عدد المشاهدات:

إرسال لصديق

طباعة
شارك برأيك

الاشتراك بالقوائم البريدية
البريدالإلكتروني: