الأمل بالعمل



الأكثر زيارة
 الصفحة الرئيسية   الصحافة السورية  

بين الاضطراب السياسي.. والعقلي-صحيفة البعث
October 31, 2015 03:35

بين الاضطراب السياسي.. والعقلي-صحيفة البعث

بالنظر إلى التصريحات الغوغائية والمغامرات الدنكوشوتية، التي صدرت عن أطراف إقليمية ودولية فيما يتعلق بالأزمة السورية، يمكن القول: إننا نمرّ في مرحلة الاضطراب الاستراتيجي للمحور الساعي إلى انتزاع مكاسب اللحظات الأخيرة قبل الاستكانة والتسليم بما آلت إليه وقائع الميدان، والجلوس إلى طاولة المفاوضات، وذلك عبر إطلاق تصريحات متناقضة أفرزها صمود سورية والتدخل العسكري الروسي إلى جانبها، والذي أدى بالمجمل إلى بعثرة أوراق واشنطن، ما جعلها في سباق مع الوقت للبحث عن تسويات تحقق ولو جزءاً يسيراً من أهدافها التي خططت لها قبل أعوام طويلة، إن لم نقل عقوداً.

لهذا لبت أمريكا دعوة روسيا لحضور عدة اجتماعات، توسعّت من ثلاثية إلى رباعية واليوم قد تصبح أكثر من عشرية في فيينا، دعيت إليها دول كانت أمريكا تضع “فيتو” على مشاركتها حتى وقت قريب، ومنها إيران. ولكن هذا لا يعني أن أمريكا سلّمت بالأمر الواقع، دلّل على ذلك أن الاجتماعات لم تحقق خرقاً كبيراً في المواقف المعلنة سابقاً، فالإدارة الأمريكية، التي تتقن سياسة اللعب على الحبال، ورغم تأكيدها أكثر من مرة بأنّه لا بديل عن الحل السياسي للأزمة، أعلنت مؤخراً أنها اتفقت مع نظام آل سعود على زيادة جرعة الدعم لما أسمته “المعارضة المعتدلة”، بل ذهبت أبعد من ذلك لتؤكد عزمها إنزال قوات برية في مناطق محددة في سورية، وهذا يعني أنها في حال من الاضطراب السياسي سببه أن ما ستقدّمه من تنازلات على رأسها النزول عن عرش الأحادية القطبية لصالح القوى الصاعدة غير مسلّم به بالنسبة لها حتى الآن.

اضطراب أمريكا السياسي انعكس جنوحاً عقلياً لدى نظام آل سعود، وخاصة وزير خارجيته عادل الجبير، حيث دللت تصريحاته المنفصلة عن الواقع بأنه إما رجل أحمق أو عديم الخبرة، أو الاثنين معاً، وهو الغالب، ومن خلال ما يصدر عنه من تدخل وقح في شؤون دول عربية وإقليمية يكشف بأن تعيينه في هذا المنصب كان لفترة وجيزة ريثما تتضح الأمور، ولن يطول الوقت حتى يتمّ الاستغناء عنه، ليكون كبش محرقة عندما يحين وقت وقف اللعب، والجلوس إلى طاولة الحوار الجاد.

لقد أثبت النظام السعودي لأسياده بأنه أصغر من أن ينفذ مؤامرات بصورة مباشرة، وجلّ ما يستطيع فعله هو رعايته للإرهابيين، كما وصفه علي أكبر ولايتي، وبالتالي فإنه بعدما انكشف المخطط، وتبين أن أموال البترودولار هي المسؤولة عن مجمل الدماء التي سفكت في سورية والعراق واليمن وليبيا، جعل هؤلاء، ورغم عنترياتهم على شاشات التلفزة، يتسوّلون من تحت الطاولة لإيجاد مخارج لهم، سقفها الحفاظ على عروشهم الآيلة للسقوط من غضب أبناء الأمة بعد أن يعود الاستقرار إلى ربوع الدول التي عبثوا بأمنها.

وعليه فإن الحرب، التي نشهد الفصل الأخير منها، بدأت الكفة فيها تميل لصالح المدافعين عن الهوية واستقلالية القرار والدولة الوطنية، والساعين لإعادة التوازن للقرار الدولي، وهذا باعتراف كبار الساسة الأمريكيين، وبالتالي فإن تنبؤات مدير الاستخبارات الفرنسية برنار باجوليه بأن الشرق الأوسط الحالي “انتهى إلى غير رجعة” قد صدقت، ولكن بالمنطق الذي تقرره دوله، وعلى رأسها سورية ومحور المقاومة والأصدقاء الإقليميون، ويبقى الميدان هو الفيصل في أي تغيّرات جديدة على الخارطة الجيوسياسية الجديدة للعالم، وبطبيعة الحال ستكون مختلفة عن تلك التي رسمت بعد الحرب العالمية الثانية.

بعبارة أخرى، فإن الدول التي صمدت ودفعت من دماء أبنائها فاتورة المؤامرة الكبرى، وفي مقدّمتها سورية، ستكون مرتكز العالم الجديد الخالي من الهيمنة الأمريكية، والنظيف من أصحاب الفكر التكفيري الوهابي.

عماد سالم 



  عدد المشاهدات:

إرسال لصديق

طباعة
شارك برأيك

الاشتراك بالقوائم البريدية
البريدالإلكتروني: