الأمل بالعمل



الأكثر زيارة
 الصفحة الرئيسية   الصحافة السورية  

ما بعد صحوة الحكومة-بقلم: ناظم عيد
July 23, 2013 13:41


كل الأخبار - البعث : لا تكترث أدبيات رأس المال كثيراً للمعيار الأخلاقي في حيثيات التعاطي مع قنوات التوظيف والاستثمار، فثمة نفحة طاغية من "البراغماتية" تعتري دوماً إحداثيات المطارح الاستثمارية صغيرة كانت أو كبيرة خصوصاً التجارية منها، ولعلها براغماتية مسوّغة وفق التجليات الواقعية-النفعية للمصطلح، لدرجة التماهي مع إسقاطات مقولة الغاية تبرر الوسيلة، وهي إسقاطات بغيضة بقسوتها أحياناً.. لكنه عالم المال والأعمال. إلا أنه في ظروف الأزمات ما يتكفل بإزاحة هكذا مفاهيم ومسلمات، وتنحيتها بعيداً عن ميدان الفعل الاقتصادي ببعده التجاري، لأن ثمة اعتبار أسمى دخل على الخط هنا، وهو ذلك المتصل بالبعد الإنساني، حيث تغدو النفعية المفرطة في العمل التجاري، تماماً كما الغناء في مجالس العزاء!، وقد اكتشفنا في أزمتنا كم كان نصيبنا من هواة الاحتفاء في زحام كرنفالات الكآبة، وعلى الأرجح كان العدد كبيراً إلى درجة الصدمة، لأن جلنا خانته التوقعات، بشأن المنضوين تحت عنوان "ضعاف النفوس"، الذي يتكرر في تداولاتنا اليومية، حتى على ألسنة ضعاف نفوس وضمير، فضاعت الدلالات واختلطت الأوراق؟!.
والواقع أننا قد لن ننجح -كما سوانا ممن يحاول- في تبرئة ساحة السلطة التنفيذية إزاء متوالية الزيادة في أعداد من وجدوا في التجارة بمناخات الأزمة استثماراً مربحاً، لأن أسواق المستهلك باتت كما "المال الداشر"، الذي يتيح فرص استنساخ استثنائي للمسكونين بخصال الاستضعاف والابتزاز والارتكاب. وغدا التعويل على أدبيات هؤلاء وضمائرهم وادعاءاتهم، كتعويل على أمومة ضار كاسر لحضانة حمل ضعيف.
فحكومتنا عوّلت على قوانين سوق لم تجد ما يسعها من مرتسمات على الأرض، وثقافة قوى ادعت حرصاً والتزاماً. وحيدت -أي الحكومة- نفسها وأدواتها، لدرجة الإيحاء بوهن كاذب، وضعف لا متناه لخصه من قرأ الوقائع خطأً بعبارة "غياب الدولة"، وكان هذا أشد وطأة على المستهلك من ثقل اليوميات الصعبة!. إلا أن الدولة حاضرة وبقوة أيضاً، وما حصل في حلب من وقائع لم يكن شهادات زور ولا افتراءات، بل قرائن اتهام لرقابة متنحية وتاجر مرتكب، وهاهي الحكومة تؤكد أنها ذات أدوات أمضى مما ظن كل من تأبط شراً بسوق ومستهلك، فكان السؤال اللغز هو: لماذا ادخرنا ما لدينا في حلب وغير حلب، وتأخرنا في مواجهة حرب ولا أقذر، تجري فصولها في سوقنا، على التوازي مع أخرى معلنة، ملأ صخبها الكون!؟.
حسبنا ألا يفهم انتقادنا اتهاماً، لأن النقد " للتطوير والدعم وتحسين الأداء"، وهذا ما لفت إليه الرفيق الأمين القطري للحزب في حديثه لصحيفة البعث.
الآن بدأت لمسات الأذرع الحكومية، ذات بصمات واضحة في تفاصيل السوق، انتصاراً لمستهلك، صمد في وجه مؤامرة تدفقت جرعاتها السامة عبر حدودنا مع جهات الدنيا الأربع، فباغتته طعنات "صديقة" من الداخل على حين غرة؟. كسبت حكومتنا الجولة حيث تزاحمت الشكوك بقدرتها على الحسم، وكانت "المنازلة" بين الليرة والدولار، امتحاناً صعباً، لكن العبرة تبقى دوماً في النتائج. إلا أن في خفايا المشهد من يصرّ على إظهار الحكومة، كمن يصارع طواحين الهواء، لتغدو محاولاتها "دونكيشوتية"، فالأسعار لم تتقهقر مع الدولار، الذي طالما كان الشماعة العملاقة، التي عُلقت عليها مجمل المتغيرات الحادة في السوق، أي يبدو أنه مازال أمام رجال سلطتنا التنفيذية، النصف الآخر من المهمة، وإلا خابت مساعيها وخسرت في ميدان وزمن ممنوع فيهما الفشل مهما كانت المسوّغات.
وليتقبل حديثنا من لفحته إشاراتنا، لأننا كإعلام وكصحيفة البعث أمام مهمة رقابية نبيلة لا تحتمل الاسترخاء، فالاسترخاء يغدو في زمن الشد العصبي، شيئاً آخر بتفسير آخر لا نقبله لأنفسنا في سورية بلد العزة والكرامة لكل مقيم ووافد.



  عدد المشاهدات: 1245

إرسال لصديق

طباعة
شارك برأيك

الاشتراك بالقوائم البريدية
البريدالإلكتروني: