الأمل بالعمل



الأكثر زيارة
 الصفحة الرئيسية   أخبار اليوم  

أنا أذبح اذا انا موجود .. كيف اخترع النظام السوري داعش؟ وكيف تشيّع أوباما؟؟ بقلم نارام سرجون
January 28, 2014 14:40

أنا أذبح اذا انا موجود .. كيف اخترع النظام السوري داعش؟ وكيف تشيّع أوباما؟؟ بقلم نارام سرجون

كل الأخبار-  مقالات :

ليست الطيور فقط هي التي على أشكالها تقع .. بل ان النظريات على أشكالها تقع أيضا .. فمنذ أن نهضت الثورة السورية ونحن أمام ظاهرة أسراب النظريات المقدسة المنبثقة عن رحم الثورة المقدس ..

التي يصح فيها قول: ان النظريات على أشكالها تقع .. فرؤوس الثوار تحولت الى أرحام خصبة مليئة بالبيوض التي تنتظر اخصابا كما أرحام الضفادع والأسماك والدجاح المثقلة بالبيوض .. وماعلى الاعلام القائد للثورة الا أن يرمي نطافه عليها لتفقس نظريات لاتعد ولاتحصى .. ولذلك فان هذه الرؤوس لاتنتج الا نظريات تشبه في ذكائها ذكاء الأسماك والضفادع والدجاج ..مثل استعمال الدولة للسلاح الكيماوي في الغوطة .. وقتلها المتظاهرين .. واغتيالها الشيخ البوطي .. وتفجيرها مقرات الأمن .. وكل المجازر التي سبقت انعقاد مجلس الأمن بساعات .. وعن تحالف اسرائيل والنظام سرا وعن بيعه الجولان والسلاح الكيماوي مقابل السلطة .. وطبعا لن يكون آخرها صور التعذيب التي تم تصميمها لتكون مطابقة في الوعي العالمي لصور الضحايا الجياع في سجون النازية ..فقط لأسباب الدعاية الهولوكوستية ..

وللوصول الى الحقائق لابد من اخضاع كل نظرية ووجهة نظر ليس للتحقيق المسيس مثل دم الحريري - الذي يدوس فيه كل سياسيي العالم بأحذيتهم ونعالهم وربما يفعلون فيه مالانعلم - بل للمنطق الديكارتي الذي تستسلم له الحقيقة .. ولمنهج الملاحظة والتجريب الذي أسسه الانكليزي فرانسيس بيكون في القرن السابع عشر الميلادي والذي أطلق الثورة العلمية الحديثة .. لذلك لاأريد أن استخف بآخر نظرية من النظريات المقدسة للمعارضة وهي "ان النظام قد اخترع داعش" وأن "داعش هي شبيحة النظام" .. لأنني تعلمت أن أتبع منطق ديكارت في محاكمة الأشياء واخضاعها للميزان المنطقي قبل قبولها أو رفضها .. وكما نعلم فان لب العلم والمعرفة هو عدم الاستخفاف بأية فرضية أو نظرية أو شك .. والانطلاق دوما من الشك للوصول الى اليقين .. فديكارت كان يعلن ثنويته الشهيرة ليصل الى الايمان ليس انطلاقا من التسليم بالانجيل المقدس بل من الثنوية الشهيرة التي تقول: أنا أفكر اذا انا موجود .. وأنا موجود ولم أوجد نفسي .. وأنا لم أوجد نفسي فلا بد أن الله قد أوجدني ..

وكما نعلم فان كل الحقائق العلمية العملاقة عندما انطلقت قوبلت في الماضي بالاستخفاف والضحك والسخرية .. ولكن منذ أن قرر الانكليزي فرانسيس بيكون قيادة الثورة العلمية ضد التسليم بالقياس الأرسطي الضعيف في القرن السابع عشر الميلادي تلاشت الابتسامات العريضة وتحولت السخرية من الحقائق الى دهشة وتعجب .. حيث قرر بيكون تطبيق الملاحظة والمنهج التجريبي للتحقق من كل فرضية .. ومن يومها سقط الثور الذي يحمل العالم على قرنيه .. وسقطت الشمس التي تدور حول الأرض .. وبالتالي صار الضاحكون من الحقائق العلمية مضحوكا عليهم عندما ثبت بالدليل التجريبي انهم واهمون .. ودخلت تشنجاتهم ومسلمّاتهم متحف الخرافات بجدارة .. ومنذ ذلك اليوم نهض الغرب نهضته الشهيرة .. ومنذ ذلك اليوم أيضا سقط الشرق سقوطه الشهير وورث "الثور الذي يحمل الأرض على قرنيه" .. ولايزال الشرق ساقطا الى يومنا هذا ويحمل أسطورة الثور في عقله .. ولكن السقوط استمر منحدرا بدليل ظهور نظريات الحرية المصنعة والمصممة في مملكة الحرية والعبقرية في (السعودية) وامارة الديمقراطية والبطولة في (قطر) ..

ونحن منذ ثلاثة قرون نبحث عن فرانسيس بيكون عربي وعن ديكارت عربي لهذا الشرق .. وكنا نعتقد ان نخبنا المهاجرة فيها نوى ديكارتية وبيكونية .. ولكن عبثا .. والدليل هو ديكارتية برهان غليون التي وظفها مجنون مثل رياض الشقفة في السياسة والمشروع الديني .الظلامي .. وبيكونية معاذ الخطيب التي وظفها أمير قطر في تجربة على "النعاج" في جامعة العرب .. وغيرهما .. ومثل هذه الشخصيات الهائمة على وجهها هي التي أوصلتنا الى ديكارتية "فخامة الرئيس" محمد الجربا الذي شكر المملكة الديكارتية في السعودية وملك الديكارتية (أبومتعب رينيه ديكارت) وأمير المنهج البيكوني بندر بن سلطان ..

وللأسف لانزال أسرى عقلية أسرها التفسير والتأويل مهما تعلمت في مدارس ديكارت وفرانسيس بيكون الغربية ونهلت واحتكت بهما يوميا .. ويحضرني هنا موقف لايفارق ذاكرتي وهي لصديق عراقي حامل للدكتوراه في الفيزياء وكان يحدث عددا من الباحثين في أحد معاهد الأبحاث عن الاعجاز القرآني الذي تنبأ بالفاكس والانترنت قبل غيره عندما قص عليهم قصة الملك سليمان والجني الذي جاءه بالقصر الذي طلبه في رمشة عين كما ورد في سورة النمل (قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد اليك طرفك ) وكان صاحبنا العراقي يحسب لنا المسافات والثواني وقوانين الفيزياء والضوء ليستنتج أن الانترنت والفاكس هما مقدمة لنقل البشر والحجر عبر الانترنت في المستقبل كما فعل الجني في سورة سليمان والذي لابد أنه استعمل تقنية انترنت لم نتوصل اليها لنقل القصر في رمشة عين .. لكن القرآن سبقنا اليها !!.. وكنت قادرا على رؤية الشفقة والسخرية والابتسامات أو الاستخفاف على وجوه المستمعين .. وعندما سألته عمن قال له هذا الكلام قال باعتزاز: بالأمس في برنامج الاعجاز القرآني تحدث عنها شيخ وعالم جليل !!

والدليل على أن الشرق لايزال ساقطا في الخرافة والاستسلام لكل مايملى عليه لايكمن في تأمل الفرق الشاسع الهائل التقني والعلمي والحضاري والاجتماعي والفكري بين الشرق والغرب .. وليس في قياس كثافة اللحى والشوارب العريضة وتكاثر الوعاظ والفقهاء والمجاهدين على تويتر والفضائيات في الشرق .. بل في غياب نسخة فرانسيس بيكون ومنهجه ورينيه ديكارت وثنويته عن كل الشرق .. وهذا ماتسبب في عملية استنساخ الله حسب العرض والطلب .. فالشرق مليء بنسخ لاعد لها ولاحصر .. (فهناك الله السني .. والله الشيعي .. والله الوهابي .. والله القاعدي .. والله النصرة .. والله الخاص بداعش .. والله الذي يعمل عند العرعور .. والله الذي عند القرضاوي .. والله التونسي الذي يعمل عند الغنوشي .. والله التركي العثماني بنسخته الأطلسية .. والله المخصص للاخوان المسلمين .. بل ان كل جامع وكل امام في الشرق لديه نسخته الخاصة من الله الذي يختلف عن الله في الشارع المقابل ).. ولكن لايوجد ديكارت واحد في كل هذا الشرق الثائر ليحاكم الفرضيات والنظريات والثورات ويخضع الفرضيات للمساءلة .. .. ليكون موجودا .. وليوفر علينا مشقة التحليل وعناء التخيل .. ولا يوجد فرانسيس بيكون واحد ينظر الى تجربة الربيع بكل دمويتها وفوضاها التي أهلكت المجتمعات العربية وأحرقتها ليقرر أنها بالملاحظة والتجريب العلمي الوافعي تجارب ثورية فاشلة وخطيرة جدا وليست طبيعية النشأة ويجب التراجع عنها في الحال .. للحفاظ على ماتبقى من مجتمع كي بكمن أن تقوم فيه ثورة طبيعية يوما ما ..

والحقيقة للأسف هي أن الكل لايفكر .. ومن لايفكر يصبح غير موجود .. وهنا تكمن الكارثة .. لأن من لا يفكر لن يوجد .. وانعدام الوجود سيعني حسب المنطق الديكارتي أن الله غير موجود .. وهذا هدم فلسفي لكل مايبشر به أصحاب "الله أكبر" الذين يذبحون ولايفكرون .. انها ثنوية ديكارتية صادمة لكل من يكبّر لله ويحلم بحكم الشريعة والاسلام .. فكلما كبّر الثوار لله غاب الله وتلاشى من بين اصابعهم .. لأن من يكبّر ويذبح لايبدو أنه يفكر كانسان .. بل يكبّر ليكفّر .. وهذا وفق القاعدة الديكارتية الشرقية سيعني التالي: أنا أكفّر اذا أنا اذبح .. أنا اذبح اذا أنا أكفّر .. أنا أكفّر اذا أنا لاأفكر .. أنا لاأفكر اذا أنا غير موجود .. انا غير موجود .. اذا فان الله غير موجود !!..

ولعل أكثر الأمثلة تجليا للدلالة على عقم العقل الشرقي وأنه لايفكر وغير موجود هو الفكر الثوري الذي ترعرع في بلاد النفط وقدم لنا الربيع العربي .. وحل فيه يوسف القرضاوي محل ديكارت وحمد بن خليفة آل ثاني محل فرانسيس بيكون .. وكانت تحفة العقل العربي الثوري الديكارتي هي "الثورة السورية" .. وأما ذروة الفرانسيسبيكونية والديكارتية الثورية فهي اطلاق نظرية: علاقة داعش الوثيقة بالنظام السوري كحقيقة ساطعة كالشمس .. والله أكبر ..

لن أضحك كما يفعل باراك اوباما وتظهر أسنانه البيضاء كلما قرأ عن اتهامات المعارضة عن علاقة النظام السوري بداعش .. ولن أبتسم ببلاهة الأخضر الابراهيمي كلما خصه كيري ولافروف بمصافحة مجاملة وهو يكاد لايصدق أنهما يعاملانه كشخص يعتمد عليه .. بل سأقطب حاجبيّ وأضع يدي على ذقني وأشرد واطرق ساهما في نظرية علاقة داعش بالنظام السوري لعلي أضحك على نفسي وليس على الثوار كما حدث للأوروبيين الذين ضحكوا من نظريات كثيرة .. ثم ضحكوا من أنفسهم بعد ذلك .. ودهشوا من نظريات فاجأتهم بضخامتها .. فربما كان الثوار على حق ولو لمرة واحدة ..

لن نعيد وضع النظرية العبقرية عن داعشية النظام (أو شبيحة داعش) في نفس الميزان ونفس مبدأ القياس الأرسطي مثل أن نقول ان كل عمليات قنص المتظاهرين السلميين في المظاهرات قد قام بها النظام على ذمة المعارضة .. وأن كل التفجيرات الانتحارية ضد المراكز الأمنية في البرامكة وباب توما والقزاز وفرع فلسطين وكل فروع الامن هي من تدبير النظام لتشويه سلمية الثورة .. لأن هذا الادعاء قد سقط بشهادة الثوار الذين يفجرون ويصورون السيارات الانتحارية في المشافي والجامعات والكنائس وينشرونها دون مواربة .. وتبين أنها كانت من عمل المنظمات الاسلامية وتحديدا جبهة النصرة التي اعترفت وباهت ببطولات شهدائها الانتحاريين .. فكل تلك العمليات ألصقت بالنظام في تلك المرحلة الضبابية .. ولكن لم يعد من المعقول الاستمرار في تصديق أنها من تدبير النظام .. رغم أن الحيلة كانت قد انطلت على بعض الناس البسطاء الذين صدقوا أن النظام ربما يريد تخويفهم من الثورة الوديعة ..وكذلك مال اليها الذين يحبون تلقيح بيض السمك والكافيار الديكارتي الثوري الذي في عقولهم..

لنقبل جدلا أن داعش هي من صنع النظام .. ولكن اذا قبلنا بهذا فان علينا أن نقبل بمعالجة أية فرضية لاختبار هذا الاحتمال .. فاذا كانت داعش من صنع النظام فان هذه النظرية يمكن بالمقابل أن تنطبق على جبهة النصرة لتكون هي أيضا من المحتمل أن تكون من منتجات النظام .. وحتى الجيش الحر يمكن أن يكون من منتجات النظام .. وكذلك عدنان العرعور نفسه .. فلماذا تكون داعش الشبيهة في منطلقاتها بالنصرة هي من اختراع النظام ولاتكون ايضا جبهة النصرة من صناعة النظام ليشنع بها على الثورة وليخيف الأقليات بها ويرغمها على موالاته؟؟ .. أليست الثورة هي من قال بأن النظام هو من أطلق الوحش الطائفي واستدعى المتطرفين الاسلاميين منذ بداية الحراك لتسميم الحراك الديمقراطي السلمي وتخويف الأقليات الدينية عبر اطلاق جبهة النصرة؟؟ هذا الاتهام للنظام في بداية الاحداث قبله الثوار وروجوا له بحماس لأنهم نفوا أن ثورتهم طائفية او دينية وأصروا على ان النظام قد أطلق السجناء المتدينين لافساد علمانية وليبرالية الثوار .. ويومها ظهرت جبهة النصرة .. بل ان آخر نظرية فقست هي التي تبناها الضفدع ميشيل كيلو من أن زهران علوش وكل قادة الجبهة الاسلامية قد أخرجوا من سجن صيدنايا بعفو منذ بداية الثورة عمدا لتخريب مشروع الحرية العظيم ..اي أن زهران علوش ايضا عميل بشكل أو بآخر ..

ونفس المنطق ينطبق على الجيش الحر الذي يمكن ان يكون النظام قد غض الطرف عنه عمدا وسهل له الدعم ليعسكر الحراك السلمي (كما فعلت اسرائيل بغضها الطرف عن حماس لتضعف بها منظمة التحرير وتشق الصف الفلسطيني) .. لأن هذه الخدعة في استدراج الثورة الى العسكرة هي التي سمحت للنظام بتحويل الصراع من سلمي الى عسكري .. وبدل قتل الثوار المساكين في المظاهرات السلمية التي تحرج النظام فانه سيقتلهم امام العالم بدم بارد لأنه استدرجهم الى فخ التمرد المسلح ووضع السلاح في أيديهم عمدا .. أي استدرج النظام الخبيث الثورة الطيبة البريئة الى الأرض التي يمكنه خوض معركة تناسبه وتكون فيها محسومة لصالحه بحكم تفوقه العسكري الهائل وهو الذي يستعمل ترسانة عسكرية مخيفة ويحتكر السيطرة على الآلة الجهنمية القتالية كما قال ديكارت الثورة الفيلسوف الثوري الشيخ صادق جلال العظم في تبريره لعنف الثورة ولخساراتها المتلاحقة ..

اذا قبلنا بأن داعش هي نتاج النظام لضرب الثورة فعلينا أن نقبل أن نسأل نفس السؤال ان كانت النصرة والجيش الحر اختراعين لاجهاض الثورة العظيمة وتشويهها داخليا وعربيا .. كما هي داعش نسخة متطورة واكتشاف عبقري لتشويه الثورة السورية عالميا .. والنظام الآن انتقل من مرحلة تدمير سمعة الثورة شعبيا في الداخل السوري باختراعه (جبهة النصرة) الى مرحلة تدميرها عالميا باختراعه (داعش) ..وكما أن أبا بكر البغدادي قد يكون شبيحا وضابط مخابرات فان نفس النظرية يجب أن يخضع لها عدنان العرعور الذي يمكن حسب نظرية البيوض والطيور الثورية التي تفقس كل يوم أن يكون عميلا للنظام لأنه قد سدد خدمة جليلة للنظام لاتقدر بثمن عندما سلب الثورة شكلها المدني وسلميتها منذ أن قرر أنه سيفرم الناس ويطحن عظام الموالين ويقص السنتهم ورقابهم .. فالرجل لم يوافق في بداية الربيع العربي على أن سورية تحتاج ثورة في حديث شهير حاول فيه منع الثورة السورية ونصح بشدة بتجنب الثورة في بلاد الشام كما هو واضح في التسجيل التالي:


http://www.youtube.com/watch?v=NOwkBn6VYsE


ثم انقلب العرعور بعد ذلك كما نعلم دون أن يوجد الا تفسير أنه تلقى أمرا ما بتغيير نصيحته .. فهل فعلها لخدمة النظام الذي أراد وجها دينيا للثورة .. ؟؟ فهل هناك أسوأ من نموذج العرعور لالصاقه بالثورة وتشويه عبقرية برهان غليون ومبادئه الفرنسية .. أو تخريب يسارية جورج صبرة بلوثات العرعور وتلطيخ مدنية لؤي صافي الذي يعتقد أنه ان كان يعيش في أميريكا فانه حفيد وودرو ويلسون البيولوجي والايديولوجي؟؟ ..

وعندما نهضت داعش لتعجل في نهوض الدولة الاسلامية سارع العرعور الى قصفها بالفتاوى .. وهنا نستعير ديكارت لنسأل ان كان تصويب العرعور على داعش سببه أن داعش ذات توجه نقي اسلامي وانها قررت تصويب الاتجاه الاسلامي للثورة التي حرفها النظام والعرعور .. حيث قام العرعور بتعليمات غريبة بتكفير داعش في حديث شهير رغم ان داعش قتلت شخصا لمجرد الاشتباه بأنه شيعي كما ورد في حديث العرعور الشهير بتكفير داعش

 

http://www.youtube.com/watch?v=NBjylHgW7Q

أما لماذا تقاتل داعش الجيش الحر .. فهناك نظريتان تطرحان يجب التفكر بهما ومحاكمتهما .. وكما أننا سنقبل من باب القبول بكل الفرضيات فان على الثوار احترام وجهتي النظر و عدم الاستخفاف بهما ..

الأولى هي أن المعارضة المتفككة في الأنساق العليا السياسية ستنتقل بشكل اوتوماتيكي بشقوقها الى القواعد .. فكيف يمكن أن تنقسم القيادات من فوق ولاتنقسم القواعد من تحت؟؟ وطالما أن المعارضة تلد كل يوم شكلا جديدا من المجالس والائتلافات والهيئات الشرعية المنشقة فان النمو الطبيعي لها هو أنها ستترجم ذلك في الطرقات والشوارع والمدن بالصدام بالسلاح .. كما يحدث الآن .. كنوع من الاصطفاء الطبيعي وعملية الصراع بين ذكور القطيع للفوز بالأنثى (السلطة أو شرعية الثورة) وكما أن النظام تعرض لانشقاقات تناصبه العداء المر فان انشقاقات الثورة عن الثورة لابمكن أن تقل عدوانية للثورة عن عدوانية المنشقين للنظام وعنفهم الدموي ضده ..

وفي تفسير آخر بالمقابل للصراع بين داعش والحر والنصرة فان هناك نظرية تقول بأن داعش هي "قاعدة" نقية ومخلصة لخطها القاعدي الذي لم ينحرف منذ ولدت في جبال تورا بورا ؟؟ ولم يتلوث اتجاهها كما خط الجولاني في جبهة النصرة الذي ظهر على الجزيرة وحاول ان يقدم خطابا ودودا وفيه تراجع ومجاملة للكفار وتطمين للنصارى .. ومن يتابع خطاب وجدال داعش يرى ان داعش متوجسة بشكل كبير الى حد الاقتناع أن الجيش الحر أو النصرة او كلاهما هو اختراع النظام الذي أجهض المشروع الاسلامي عسكريا لأن الجيش الحر كان ينسحب انسحابا تكتيكيا كلما اقتربت منه قوات النظام .. ولم يقاتل في أية معركة الا وخسر بجدارة .. من بابا عمرو الى القصير .. وكأنه ترتيب محبوك وتنسيق خبيث بين اللاعبين (النظام) و (الجيش الحر المخترق والمخردق بالعملاء) .. بل يمكن القول ان معظم القادة الميدانيين في الجيش الحر يقودون مقاتليهم في الاتجاه الخاطئ عمدا لأنهم يعملون لصالح النظام .. اما داعش فانها حيثما حلت فقد تراجع النظام و"تحررت" مدن عديدة في الجزيرة والرقة وحلب .. وهذا دليل دامغ على عدم عمالتها للنظام ..

وطبعا كل ماسبق من هذه الفرضيات والشروح متهالك وضعيف ولانستطيع القبول به سواء عن النصرة أو العرعور او الجيش الحر وبالتالي ينطبق تهالك هذا المنطق على داعش .. ولمن لم يفهم ولايريد أن يفهم لماذا ظهرت داعش ولماذا تقاتل الجيش الحر فلاأستطيع أن أستغيث بديكارت ولا بفرانسيس بيكون لانقاذه ولكن يمكن أن أنصحه أن يحضر درس الشيخ الذي شرح أن الجن يستعمل الانترنت فائق التطور ..

أما من يريد أن يلجأ الى ديكارت فان التفسير المنطقي يقول له: أنا أخلق الفوضى اذا انا أخلق الجريمة .. أي أن داعش هي منتج طبيعي من منتجات الفوضى التي كان الثوار يتسلون بها ويعملون على اشاعتها لخلق فراغ أمني وسياسي .. فغياب الدولة عن المناطق التي تسلط عليها الثوار قلل من مناعتها الأمنية .. واطلق العنان لكل تنظيمات العالم لتستغل الفراغ الأمني .. ووجدها كثيرون فرصة سانحة لتجريب نظرياتهم وخبراتهم في ملء الفراغ .. وهذا ماأغرى تنظيمات اسلامية في العالم لتتسلل الى سورية في محاولة للنمو في المناطق التي لايوقفها فيها أحد وتستطيع التنفس بعيدا عن سطوة الأمن .. وطالما ان لدينا اكثر من الفي كتيبة ثورية مسلحة فمن الطبيعي أن تكون هناك فوضى كتائب وتولد كل سنة ظاهرة عنيفة وتنهض داعش وغيرها .. وسينهض بعد داعش ألف داعش ..واذا استمرت الأزمة عاما آخر فستصل الينا فاحش" ..وان غدا لناظره قريب ..

للتوصل الى فهم ظاهرة داعش دعونا ننبش من تحت ركام المشاهد والمذكرات المزدحمة للأحداث بعض الحقائق .. هل تذكرون مثلا كيف أن الثورة كانت تباهي بأن اطفال المدارس الابتدائية وعلى لسان رضوان زيادة قد خرجوا يعبرون عن كراهيتهم للأسد في بداية مايسمى بالثورة ؟؟ فقد تناقل العالم صور أطفال مدارس ابتدائية بعمر 6 سنوات يرفعون لافتات تطالب باعدام الرئيس (حيث الطفل يتعلم لعبة الموت وليس لعبة الحرية مثلا) .. قلنا ان هذا مايتعلمه الصغار في هذا الجو العنيف فما بالكم بما سيتعلمه الكبار عمليا ؟؟ وماذا سيكون منتج هذا الجيل الذي يعيش في حديقة حيوان حقيقية انطلقت الوحوش فيها من اقفاصها؟؟ .. وكنا نرى قبل ظهور داعش كيف يحمل أحدهم طفلا صغيرا وبيد الطفل سكين يشير بها الى أنه سيذبح وينحر الاعداء والخصوم والطوائف .. وقبل ظهور داعش رأينا الثورة تعلم طفلا كيف يقطع الرؤوس بالسيف وتفاخر به .. وكانت هذه بوادر انفلات المجتمع والفوضى وبذور داعش التي قطفها الثوار الآن .. فهل يعقل أن يربي الانسان وحوشا وضباعا في بيته وبين أطفاله وفي حديقة بيته ويعتقد بسذاجة أنها ستبقى أليفة مثل القطط ولن تأكل أطفاله؟؟ .. هل يصدق عاقل أن هذه الوحوش ستبقى تصطاد له مثل كلاب الصيد دون أن تعضه؟؟ ان داعش هي الحيوانات التي كانت تتربى وتتعلم في بيت الثورة وقد جاعت الآن وبدأت تأكل من في البيت .. انها تذكرنا بفيلم الحديقة الجوراسية التي أراد صاحبها تربية وحوش اسطورية لكنها عندما انفلتت من السيطرة خرجت تلتهم كل من يقع في طريقها وكادت تلتهمه أيضا ..

الطفل الجديد داعش شرس جدا وضار جدا وعندما كان يأكل خصوم الثوار كانوا يكبرون له ويصفقون .. ولكنه يريد ابتلاع الأسرة الثورية كلها الآن .. وقد أرعب بعنفه الثوار عندما بدأ بالتهامهم ..وتحس المعارضة بالورطة التي وقعت فيها .. ولذلك تحاول الثورة التخلص من المولود كما يفعل الزناة بمولود "ابن الحرام" الذي يريد قتل أمه وأبيه .. وذلك بالصاق بنوّته للنظام .. فالمرأة (الثورة) عاهرة والأب الزاني هو (الائتلاف) .. والطفل داعش (ابن الحرام) .. والعالم يسأل عن الأب الزاني .. ولكن الأب الزاني يريد الصاق التهمة الشنيعة برجل آخر هو (النظام) .. علّه يحمل وزر الزنا عنه وسمعته .. ويدفع ثمن وجود هذا الطفل العاق المعاق عقليا ..

الثورة قررت أن تخلع ثوب داعش الذي فصلته على مقاس جسدها .. وهي الآن بصدد التخلي عنه لأنه ثوب منقوع بالدم الطازج القاني وصار يحرجها ويخجلها .. ومنذ فترة والاعلام المعارض مصاب بلوثة عقلية اسمها علاقة النظام بداعش .. ولايمل الاعلام الثوري من تكرار اسطوانة داعش والنظام .. وهذا الاصرار على الصاق داعش بالنظام هو نفس أسلوب الثوار منذ البداية عندما كانوا يريدون التملص من البشاعة ومن مسؤوليتهم عن العنف والفوضى

والمعارضة تريد دفع النظام لمساعدتها في التخلص من المولود الجديد .. ولكن لم يفعل النظام ذلك ويؤدي هذه الخدمة ؟؟ فعدو عدوي صديقي .. على مبدأ الثوار الذين صادقوا اسرائيل من نفس المبدأ .. والنظام يرى أن داعش تأكل له النصرة .. والنصرة تأكل له داعش .. فيتركهما يتآكلان .. ولايجب عليه التدخل لايقاف طاحونة الموت بينهما .. كما تفعل اسرائيل بالاسلاميين والعلمانيين العرب الذين وضعتهم في مختبر الربيع العربي الطاحن وأفران الحرية الثورية .. وهي لاتسمح لأحد بالاجهاز النهائي على الآخر ..

ولانغفل أن الأمريكيين بعد اتفاقهم مع الروس على ملفات ايران وسورية تبين لهم ان مشروع التغيير في سورية لم يعد متاحا .. لذلك فان ذلك الوحش الذي أطلق من اقفاصه يسبب خشية حقيقية لديهم من عودة المهاجرين الذين لن يبقوا في سورية الى الأبد مما سيؤدي الى انفلات المقاتلين الأجانب العائدين في مجتمعاتهم على طريقة الأفغان العرب .. ومن بينهم مقاتلون سعوديون وخليجيون واوروبيون .. فطرأ تعديل على الحضانة الغربية الاستخباراتية لداعش وبدأت عملية التجفيف لاحكام السيطرة على المقاتلين .. وسمحت اميريكا للمالكي بتصفية داعش العراقية وزودته بالسلاح والمعلومات الاستخبارية .. وطلبت من النصرة والجيش الحر تولي ذلك في سورية .. وهنا قررت داعش أنها لن تقبل بهذا المصير وخوض معركة البقاء ..

لذلك كل ماتطلقه النظريات الثورية عن داعشية النظام وعمالة داعش لايعدو كونه ثرثرة يتم تكرارها وترويجها كنوع من دفع موجة الكذب للأمام .. لكن قبول المعارضين لهذا التفسير باستسلام سببه أنهم لايمارسون الديكارتية ولا يعرفون تطبيق المنهج التجريبي والملاحظة العقلية لا في الفيزياء ولا في الكيمياء ولا في السياسة ولا في علم المجتمع ولا في علم الثورات الشعبية..

ربيعنا كان بسبب انه ليس لدينا ديكارتيون كما تبين لنا .. وبرهان غليون السوربوني الثوري لايمكن ان يكون برهان بيكون لأنه ليس فرانسيس بيكون .. وميشيل كيلو ليس ميشيل ديكارت .. وكل رهط الثوار غرّ في السياسة لأن كل عاقل يدرك ان الفعل الثوري غير الأصيل لايمكن ان ينتج تغييرا اصيلا .. ولاثورة اصيلة .. وعندما كنا نقول ان هذه الفوضى ليست نتاجا طبيعيا كان البعض منهم يتنطح بالقول بأن الثورات قد تستمر سنوات بشكل فوضوي .. ولكن الثورات الطبيعية وليست المصطنعة هي التي ترسو على شكل أكثر استقرارا مع الزمن وتفرز اشكالا أكثر عقلانية ووطنية على عكس الثورة السورية التي لاتزال غارقة في الفوضى وتتدهور أحوالها وستكون محملة بالأمراض المستعصية والطفرات الغريبة التي تسبب تشوهات واعاقات مستديمة لأي مجتمع .. فهي تنتقل من الجيش الحر الى نموذج النصرة .. وأخيرا وصلت الى داعش .. وغدا ستصل الى .. فاحش .. وماأدراك مافاحش والفحش الثوري ..

لذلك وحسب ديكارتية الثورة السورية .. اذا كانت داعش من صنع النظام فلم لا يكون بنيامين نتنياهو له كرامات الأولياء .. والمجاهدين .. وهو الذي حمى اسرائيل والثوار العرب من مغامرات حزب الله .. بل لم لايكون باراك حسين أوباما عميلا "مجوسيا" لايران وهو شيعي صفوي لأن اسم أبيه حسين ؟؟ وهو لاشك يحتفل بعاشوراء وليس عيد الميلاد .. ولهذا فانه متآمر على الثورة السورية كونه شيعيا من كينيا ؟؟؟ !! أسئلة من مقاس أسئلة نظريات الطيور والأسماك والضفادع التي على أشكالها تقع ..

صدقوني .. انها أسئلة مثل سؤال علاقة داعش مع النظام السوري .. واذا طرحتموها في سوق الثورة فسيكون لها مريدون وأتباع .. ولن يفهم الثوار سبب توصل أوباما الى اتفاق مع ايران وسورية وترك أمر الحرب الا بناء على تفسيرات سخيفة هزيلة تفقس ثوارا من شاكلة جربا وغليون ولؤي صافي وغيرهم .. انها اسئلة ثورية ديكارتية من قلب الثورة السورية .. ويالذل بني ديكارت .. الثوار العرب ..



  عدد المشاهدات: 6129

إرسال لصديق

طباعة
شارك برأيك

الاشتراك بالقوائم البريدية
البريدالإلكتروني: