الأمل بالعمل



الأكثر زيارة
 الصفحة الرئيسية   أخبار اليوم  

عن صناعة كوكاكولا الثورات .. آخر سلاح في ترسانة نهاية التاريخ ..بقلم نارام سرجون
March 01, 2014 10:44

عن صناعة كوكاكولا الثورات .. آخر سلاح في ترسانة نهاية التاريخ ..بقلم نارام سرجون

لن أكتب لأنني أطمع أو أطمح باقناع ثائر واحد في العالم بوجهة نظري ولا لاقناع خائن واحد أنه منبوذ .. فأنا لاأكتب من أجل الخونة ولا من أجل المجانين الذين يسميهم العالم ثوارا ..
 لأن عقول الثوار والخونة مالحة كالبحر الميت .. وشرفهم حامض كحمض الكبريت .. وضمائرهم مظلمة كالقبور .. وأفكارهم زنخة ولها رائحة كرائحة أفواه الضباع .. وكل كلمة ألقيها في عقل منبوذ تشبه كوبا من الماء العذب في البحر الميت أو في المحيط الهادي .. أو تشبه قارورة عطر دمشقي تسكب في حظيرة لنعاج عربية .. أو وردة شامية تزرع عبثا في الاسمنت أو كثبان الرمل .. فماذا يصنع كوب ماء عذب في أعماق البحرالميت وقاع المحيط؟؟ وكيف تزرع الورود في كثبان الرمل؟؟

وأنا لن أهين الضوء كي آخذه في سفر الى عيون عمياء لاتراه .. ولو كان كلامي شهابا يشعل فتيل الشمس كشمعة كونية فلن أشعل الشمس لمن كان قلبه كالثقب الأسود .. لأنني لو كتبت بأقلام الشمس المغمسة بمحابر النور فلن أضيئ الشموع في عقول ثائرة خائنة .. ولاالقناديل .. لأن لازيت في قناديل هؤلاء .. ولاشموع في نفوسهم .. ولأن أرواحهم قلاع للظلام الدامس وثقوب سوداء وليل داج لامتناه ..
أنا لاأكتب ياصديقي من أجل ثوري واحد أو خائن واحد .. ولكن ياصديقي أنا أكتب كي أنقذ التاريخ من الغرق في البحار المالحة وطوفان الكذب .. وأنا اذ أكتب انما أريد أن أبني الفلك لنوح .. نوحنا هو التاريخ الذي لن يغرقه طوفان الأكاذيب بعد اليوم ..
ونحن جميعا نكتب ياصديقي كي لاينتهي التاريخ على طريقة فوكوياما .. ونحن نكتب كي لا تتعفن مياه اللغة الراكدة التي يسبح فيها الدود الثوري وكتّاب الديدان الثورية .. فالحروف النقية هي قوارير العطر الدمشقية وماء الورد التي نسكبها في مياه الزمن والتاريخ والأحداث كي تتطهر وتتنقى فتصبح أنفاس التاريخ معطرة .. الأحرار يكتبون لأنهم لايريدون لعقول الناس أن يخزن فيها الملح .. ولا أن يملأ حمض الكبريت قلوبهم وعيونهم .. فتعالوا بنا الى رحلة من رحلاتنا التي سافرنا فيها معا عبر هذه المرحلة ولنحط اليوم في اوكرانيا .. فهناك ذيل الثورات العربية وأظافر فوكوياما ..
فقد جاء الربيع الأوكراني مفاجئا في توقيته لكثيرين .. ولكنه ترافق مع ربيع فنزويللا أيضا .. وهذا يكمل مجموعة الأدلة على أن كل ماقيل عن الثورات الشعبية الحالية هو مجرد أوهام وأن مااكتشفناه معا من أن الثورات العربية "فارس من غير رأس" هو الصواب بعينه .. لأن رأس هذه الثورات تبين أنه مجموعة من الصهاينة الذين يمثلهم برنار هنري ليفي الذي أطل على الثوار الكرواتيين وكأنه كرواتي ابن كرواتي وكرواتية كما كان تونسيا ابن تونسي وتونسية .. و ليبيا ابن ليبي وليبية .. وسوريا ابن سوري وسورية .. ووو ..
اننا الآن في عصر الثورة الصناعية الذهبي بالوصول الى عصر تصنيع الثورة والصناعة الثورية .. لأن الثورة الصناعية التي بدأت بالمنتجات الاستهلاكية ومحركات البخار والفحم والسكك الحديدية وصلت الى ذروتها في صناعة الثورات بعد ان استولت الولايات المتحدة الأمريكية على كل شيء في الطبيعة وأدخلته الدورة الصناعية لها ولقانون العرض والطلب ..وتمكنت من الامساك بأسرار صناعة التاريخ .. وصارت أميريكا تصنع الكوكا كولا والسيارات والطائرات والثورات والثوار والقادة والمثقفين الثوريين وتصنع حتى ديانات جديدة .. وكما أن هناك مصانع للكوكاكولا فان هناك مصانع للثورات والثوار حسب الطلب .. ومايجمع الكوكا كولا والثورات الصناعية هي أنها منتجات أميريكية يشربها العالم الثالث بتلذذ ..ومن نفس الفوهة تدخل أميريكا الى كل بيت شرفي .. فوهة الكوكاكولا وفوهات زجاجات الثورات ..
ولكن انجاز الثورات المصنعة سيكون أعظم ماأنجزته الرأسمالية المتوحشة وتمثل بالقدرة على التحكم بالانفعال الثوري الجماهيري وتوجيهه ليتحول الى مجرد زجاجة كوكاكولا يمكن تعبئتها وتفريغها كل يوم .. واسمها ثورة للحرية .. تتجشأ بعدها الشعوب نداء (الشعب يريد ..) ويليها جشاءة صندوق الانتخاب .. وائتلافات ومجالس الحكم .. وتنسيقيات .. وفتاوى .. وجهاد .. وفي النهاية يمكن تلخيص الثورات بعبارة بليغة جدا وهي "الشعب يريد .. زجاجة كوكاكولا ..أمريكية
وهذا الاكتشاف لطريقة صناعة الثورات هو اختراع مثله مثل كل الصناعات البديعة .. فالطبيعة مليئة بالمواد الطبيعية والخامات ولكن عملية تحويلها الى منتجات صناعية مبهرة هي فن وفيها مهارة وأسرار .. والمجتمعات مليئة بالكثير من الفقراء والجهلة والغوغاء والمغامرين والحالمين والفاسدين .. ولكن عملية تحويل هذه الطبقات والأنواع الى صواريخ موجهة هي عملية في منتهى العبقرية وهي آخر سلاح في ترسانة نهاية التاريخ .. لأن التاريخ لاينتهي الا اذا تم التحكم بصناعة التاريخ عبر التحكم بالجماهير صانعة التاريخ .. اي صناعة المتغيرات الطبيعية والزلازل والبراكين الاجتماعية ..
تغير العالم كثيرا .. وكاد التاريخ يختطف .. ففيما مضى كان الروس يتولون قيادة ثورات العالم مخلصين بالتيارات الشيوعية والثوار الشيوعيين من قياس غيفارا وكاسترو وناظم حكمت .. فيما كان الأمريكيون محاصرين بالمد الثوري في كل العالم وكانوا يردون على الثورات الشعبية بالانقلابات العسكرية ويتمترسون بالعسكر والجنرالات والبرجوازية والحكومات الديكتاتورية .. ولكن بعد انقشاع الغيوم الثورية الشيوعية وموت الأم السوفييتية .. تحررت الولايات المتحدة من الحصار الشعبي الذي فرضه مزاج العالم الشيوعي عليها وصوت غيفارا وكتب فلاديمير ايليتش لينين وتروتسكي وماركس وانكلز .. وانتقلت الى مرحلة التخلص من العسكر كنموذج للحكم ليحل محله حكم الشعوب بالثورات الشعبية على غرار التمدد الشيوعي بالثورات الماركسية .. وعمدت الولايات المتحدة الى تقليد الثورات ومعرفة تركيبة الانفعال الجماهيري ومفاتيحه .. وربما كانت أولى تجاربها هي ثورة الرعاع على حكومة مصدق الوطنية في ايران عبر عملية أجاكس الشهيرة في الخمسينات .. التي كانت مجرد تمرينات بدائية لمناورة كبرى بتكنولوجيا علم نفس المحتمع وعلم نفس الثقافات سميت اليوم كما يبدو الربيع العربي .. ومالحقه من فصول دموية .. وظهور ثوار البغدادي والجولاني .. ولينين الثوار يوسف القرضاوي .. وللمفارقة فان من تولى حماية المجتمعات من هذه الثورات هي الجيوش الوطنية والجنرالات الوطنيون مثل الجيش السوري وجنرالاته .. الذين تحالفوا مع فلاديمير بوتين بدلا من فلاديمير ايليتش لينين .. وهناك فرق بين الفلاديميرين .. لينين وبوتين ..
أكثر المفارقات المثيرة للدهشة هي أن الشعوب نفسها الآن هي وسيلة الولايات المتحدة لحكم هذه الشعوب .. فقد تمكنت الولايات المتحدة من خلق "شيوعيتها الامبريالية" التي تنتشر بين هذه الشعوب التي تندفع كالعمياء نحو تنفيذ عمليات تسليم البلاد بالمفتاح للمستشارين الغربيين والبنك الدولي والاتحاد الاوروبي وثوار يحملون جوازات سفر غربية وينتمون الى مجتمعات وثقافات غربية .. نسخة عن التيارات الشيوعية سابقا التي كانت تعتبر نفسها امتدادا لموسكو وجزءا من حراس الكرملين ..الذين كانوا "يحملون المظلات حتى في الطقس المشمس بمجرد أن أمطرت السماء في موسكو"..
ماهذا السر الذي لايجعل الثورات الحديثة تقوم الا في العوالم التي تكرهها أميريكا أو التي ترى أميريكا انه آن أوان تغييرها ..ولاتقوم حيث يجب أن تقوم في دول الخليج المحتلة .. وكلها ثورات تكرر نفس الخطوات والسيناريو وتمارس نفس الوسائل وكأنها خرجت من مدرسة واحدة .. فهي مجموعة من المتظاهرين الذين يمكن جمعهم بسبب حدث في ساحات أي بلد .. تصورهم مئات الكاميرات وتركز جدا على سلميتهم وتبكي العالم على معاناتهم من قسوة حكامهم .. وبعد أيام من التعنت والاصرار على ارغام كل البلاد على القبول بما يريد المتظاهرون السلميون الأبرياء ينفلتون وقد يحملون السلاح ويطيحون بالدولة بالبلطجة ويقيمون دولة لاهم لها الا اقامة علاقات متميزة مع الغرب والولايات المتحدة ..
ماهذه الصدف العجيبة في التشابه؟؟ من الثورة البرتقالية الأولى في أوكرانيا الى الثورة الخضراء في ايران الى ثورة "الاستئلال" في لبنان الى ربيع العرب الأغر ثم وصولا الى ثورة أوكرانيا الثانية وثورة فنزويللا .. كلها ثورات شعبية وسلمية ومليئة باللافتات والشعارات الجاهزة وكلها من مدرسة (الشعب يريد .. ماتريده اميريكا) وتشترك جميعها في أنها دوما لها متعاطفون معها في الاتحاد الاوروبي والكونغرس .. وكلها يحييها وينزل الى ساحاتها برنار هنري ليفي كلما تمكن ..
هذه الثورات هي صواريخ أميريكا الحديثة التي تقصف بها حيث تريد .. ولكل أمة يتم تصنيع قذائف المعارضة في معامل كوكاكولا الثورات .. وصارت قذائفها التي كانت محشوة بالنابالم والسلاح الفراغي والانشطاري والفتاك محشوة بالجماهير والغوغاء والثوار .. وآخر حشواتهم المتفجرة هي الحشوة الاسلامية بمفعولها الفراغي والانشطاري المزدوج ..فهي تفرغ المجتمعات من منظومة الدولة ومفهوم الوطنية .. وتنتهي بانشطارها ..
مايحدث في أوكرانيا هو نهاية عصر الثورات الصناعية الذي تحطمت زجاجات كوكاكولاه في دمشق .. فاللعبة انتهت ودخولها الى المجال الروسي أثبت ماتنبأنا به جميعا أنها جزء من حرب على محور كبير .. ولكن الاندفاعة نحو أوكرانيا تدل على أن اللعبة الثورية في سورية متعبة جدا .. ومرهقة جدا .. فصارت الثورات تريد مساعدة الثورات .. فالثورة السورية تضمحل وتموت نيرانها فيقوم الأميريكي باشعال ثورة على ضفافها عل الروسي ينكفئ ويتركها منفلتة كاثور الهائج .. ويترك السوريين ليتجرعوا الكوكاكولا الثورية السورية .. وتندفع أميريكا الى كل بيت شرقي من فوهات ثورات الكوكاكولا ..
بعض الثوار يعتقدون أن الأمريكيين سيسقطون الأسد من أوكرانيا لأن الروس قد دفعوا ثمن موقفهم في سورية على الطاولة الاوكرانية .. وبعض الحالمين نظر الى انها تباشير الضغط على روسيا وبداية انحسار الموجة الروسية .. وهذا هو بالضبط تعريف القواميس لاحلام اليقظة .. والمنطق يقول أن ماحدث في اوكرانيا قد جعل روسيا أكثر تمسكا بموقفها السوري .. وأن النار الأوكرانية ستحرق الثورة السورية لأسباب عديدة .. فبفرض أن روسيا قد خسرت اوكرانيا الآن فانها لن تستعيدها بتسليم الورقة السورية لأن اوكرانيا يمكن ان تنزلق من يدها بسهولة مئة مرة أخرى (كما يبدو واضحا) فيما أن رهانها على سورية التي قهرت العالم اقوى وأمتن كما بدا للجميع .. واذا خسرت روسيا اوكرانيا فلن تتبرع بخسارة اضافية في دمشق .. وهذا ماسيجعلها متمسكة بدمشق بشكل مضاعف .. ناهيك عن ان استعادة أوكرانيا سهلة جدا بسبب الحضور الروسي في المزاج الشعبي الاوكراني وقد استردت روسيا اوكرانيا قبل ذلك دون عناء كما نذكر .. أما استعادة سورية فسيكون مستحيلا لأن الامريكي سيمزقها اربا الى دويلات دينية وستكون اسرائيل هي الحاكم المطلق .. ولن تقوم لها قائمة بمفهومها الجغرافي المعروف ولايبقى فيها مكان يمكن ان يتم صراع عليه ..
ويتفق الجميع على ان التدخل الروسي المباشر لايبدو خيارا مفضلا للروس لأنهم يدركون أن الأمريكيين سيحولون أوكرانيا الى افغانستان روسية وسيدفعون بالمعارضة الى تبني خيار المعارضة السورية بالعنف وهذا سيشغل روسيا كثيرا ويستدرج بوتين الى الفخ المنصوب له عبر تحديه بتحذيره من مغبة التورط العسكري .. ولكن لايشك أحد على الاطلاق أن بوتين شخص عنيد جدا ومعتد جدا بنفسه وبمؤمن الى حد كبير بمكانة وعظمة روسيا وبدوره شخصيا في روسيا الجديدة وان عليه مسؤولية تاريخية ووطنية في ان لاتعود روسيا عن المكانة التي حققتها بعد الأزمة السورية .. ومن المؤكد أن تراجعه في الأزمة السورية سيطيح بكل مابناه وسار فيه وهو نكوص خطر .. ولذلك يفتش كل من يراقب حركات وسكنات بوتين عن الطريقة التي سيرد فيها وكيف سينتزع أوكرانيا من فم الذئب ..
وقد تابعت الكثير من الآراء ولفتني بعض الآراء التي نبهت الى ان بوتين غالبا قد لايرد في أوكرانيا الا بشكل محدود في المدى المنظور وربما يقوم بمناورة عسكرية لاتنوي التورط الواسع .. بل سيكون له خيارات ضاغطة في احد ثلاثة اتجاهات:
1- في الملف السوري: ربما سيقوم الروس بدفع الخيار العسكري الى أقصى مدى بحيث يقدم غطاء عسكريا وسياسيا لم يقدمه حتى الآن لضرب المعارضة السورية عسكريا ضربة قاصمة ليجرد الأمريكيين من ورقة مساومة هي الورقة السورية .. وعندها يبدأ التحرك السوري لتسديد حساب قديم وثأر مع حلفاء اميريكا .. وربما هذا مادعا الامريكيين الى الاستعداد لذلك عبر زيادة الضجيج عن معركة الجنوب ومعركة الشمال ودخول العنصر الباكستاني ..وخروج التدخل الاسرائيلي الى العلن ..وأنا لاأميل الى السير في هذا الاتجاه .. لكن لاشك ان من سيدفع ثمنا ما بسبب الثورة الأوكرانية هي الثورة السورية وليس الدولة الوطنية السورية ..
2- قد يرى بوتين ان كبح جماح الغرب والامريكيين قد يكون بتخفيف قيوده بشأن الحرب مع اسرائيل ..لأن الروس كانوا حتى وقت قريب جدا يفضلون تجنب دعم حرب ومواجهة مباشرة بين السوريين وحزب الله وايران مع الاسرائيليين لاعتبارات كثيرة .. ولكن طالما أن بعض الاصابع الاسرائيلية والصهيونية دخلت الثورة الاوكرانية علنا (بدليل خطاب هنري ليفي) وعناصر تدريب من الجيش الاسرائيلي .. فان بعض الحواجز المانعة قد اهتزت .. ويتساءل البعض ان كان تعهد حزب الله بالرد على الغارة خلفية مستندة الى ايماءة روسية بالموافقة .. ولكن حتى هذه اللحظة لاتوجد معطيات تميل لهذا الاعتقاد ..ولكن بالمقابل لاتستهينوا بهذه الفاصلة الصامتة الغامضة .. فان هذه اللحظة تنتظر منذ زمن خلف الباب أي تغير سريع في مزاج الحلفاء وتعهداتهم ..
2- يطرح بعض المفكرين الروس أن بوتين والقيادة الروسية قد يفكران لأول مرة بالرد على الولايات المتحدة والغرب بالعمل على تفعيل مشروع جاهز لتفجير استقرار احد حلفاء الغرب طالما أن المواجهة لاتزال غير مباشرة .. وأفضل الأهداف سيكون تركيا أو دول الخليج العربي .. وبالذات مناطق النفط في السعودية .. فطالما ان اسلحة الحرب الباردة هي التراشق بايذاء المصالح بدل المواجهة المباشرة قلن تكون هناك نقطة موجعة اقتصاديا للغرب في هذه الأيام مثل هز الخليج العربي واسواق النفط والسعودية .. جوهرة التاج الأميريكي فهي خزان النفط والمجاهدين والاسلام الامريكي .. خاصة اذا ماثبت مايشاع عن ان السعودية ودول الخليج هي التي ستمول قروض أوكرانيا الانقلابية بعد أن توقفت روسيا عن اكمال عرضها بخمسة عشر مليار دولار .. لأن الاقتصاد الاوروبي العاجز والاميريكي المتعب لن يقدر على الوفاء بالتزامات وتعهدات الساسة الاوروبيين .. وهنا ستتحرك السعودية بحماس منقطع النظير لمكافأة الانقلابيين الاوكرانيين نكاية بموقف بوتين من الازمة السورية .. فاذا ماثبت ذلك فان السعودية ستكون قد اقدمت على الخطأ الذي ينتظره خصومها ..
ولكم أن تتخيلوا حجم الضغط والانحباس في مشاعر سكان المناطق الشرقية من السعودية ..التي قد لاتحتاج الا الى عود ثقاب ..
أما في تركيا أيضا فلن تتخيلوا كم صار الوضع الاجتماعي قي تركيا هشا .. وكم صار اردوغان ضعيفا مهيض الجناح والبعض صار يعد ايامه الباقية .. كما أن كمّ التفاوت والاثنيات والقوميات والتنوعات في تركيا صار بلا نهاية وقد زادته الازمة السورية الى حد خطير ..
ان مقولة فرانسيس فوكوياما عن نهاية التاريخ هي نظرية كانت مستمدة على مايبدو من القناعة الراسخة بسيطرة الغرب على عملية انتاج التاريخ والتحكم بأدوات صناعة التاريخ .. أي الجماهير والثورات الشعبية .. ولكن يبدو أن الروس مهتمون أيضا بصناعة التاريخ .. وكما عرفوا اسرار القنبلة الذرية وزرعوا العالم بالصواريخ العابرة للقارات التي تحمل القنابل النووية فانهم سيتمكنون من فن صناعة الثورات ..
كان فرانسيس فوكوياما يرى كيف أن ثورة البيريسترويكا السوفييتية هي ذروة نتاج الليبرالية الاميريكية لأدوات انتاج التاريخ وصناعته حسب الطلب .. ولذلك اعتقد فوكوياما أن التاريخ انتهى بالقبض على آليات ومفاصل وأسرار تحركه .. فالتاريخ الطبيعي انتهى وبدأ التاريخ الصناعي .. ولكن فوكوياما كان متعجلا لأن عملية السيطرة على صناعة التاريخ قد تحطمت .. وكان آخر منتجات هذه الصناعة الربيع العربي .. وكانت غلطة العمر أن البعض أراد صناعة التاريخ ونهايته في سورية .. ولكن في سورية بدأ التاريخ ولايمكن ان ينتهي فيها .. وغلطة صناع التاريخ الأمريكيين انهم قرروا تجربة اختراعهم وانهاء التاريخ الطبيعي للبشر وتدشين ذروة التاريخ الصناعي في سورية .. ولكن كيف يموت التاريخ في بلد أطلق التاريخ .. ؟؟ انها لاشك كانت نهاية فوكوياما .. وعودة التاريخ الطبيعي الى الحياة بعد أن حاول الغرب قتله .. انها مرحلة موت التاريخ الصناعي .. وثورات الكوكاكولا..


التاريخ الطبيعي ينتظر ربما على تخوم المدن الغربية والغيتوات من الفقراء والملونين والمهمشين الذين يعانون من العنصرية واللامساواة بين الاوروبي والمهاجرين والملونين الذين انتفضوا في باريس ولندن ولم يتعاطف معهم برنار هنري ليفي ولا بان كيمون وبالطبع لم يرهم سعود الفيصل .. والتاريخ الطبيعي ينتظر داخل نقمة الهيسبانيك الامريكيين وعلى حدود الكراهية بين الأثرياء والفقراء الذين لايشملهم الضمان الصحي والذين لايجدون عملا .. وثوار وول ستريت .. هؤلاء لاترصدهم الكاميرات التي تنقل لنا نداء (الشعب يريد ) .. وهؤلاء لاينتظرون قناة الجزيرة وأميرها وتمويل السعودية .. ولا ينتظرون مؤتمرات أصدقاء سورية .. ولايتوقعون أن يخاطبهم برنار هنري ليفي في الساحات وينضم لاجتماعات مجالسهم الثورية .. ولا أن ينادي مشايخ السلفية بالثورة معهم ..والتكبير لهم .. والقيام بمؤتمرات وفتوحات اسلامية .. وهؤلاء لا تنزل الملائكة وخيولها البيضاء الى شوارعهم .. وهم لايريدون هذه الملائكة ..



  عدد المشاهدات: 6240

إرسال لصديق

طباعة
شارك برأيك

الاشتراك بالقوائم البريدية
البريدالإلكتروني: