الأمل بالعمل



الأكثر زيارة
 الصفحة الرئيسية   أخبار اليوم  

سد «النهضة» الصهيو- إثيوبي والأمن القومي المصري/ بقلم : يونس أحمد الناصر
November 06, 2015 13:56

 سد «النهضة» الصهيو- إثيوبي والأمن القومي المصري/ بقلم : يونس أحمد الناصر

صحيفة تشرين - يونس أحمد الناصر

ليس هناك أدل على خطورة بناء سد النهضة ( سد الألفية ) الصهيو-أثيوبي أكثر مما أعلنته الصهيونية «غولدا مائير» قبل عقود من الزمن في خطاب لها بقولها:
«إن التحالف مع تركيا وأثيوبيا يعني أن أكبر نهرين في المنطقة سيكونان في قبضتنا».
وبالعودة تاريخياً لخطورة بناء هذا السد الذي بُدىء التفكير بإنشائه منذ أيام الرئيس الراحل جمال عبد الناصر فقد كتبت نهى الشرنوبي في «بوابة الأهرام» المصرية تحت عنوان «سد النهضة … تهديد أمريكي من أيام عبد الناصر» تقول: إن إنشاء سد النهضة الأثيوبي فكرة قديمة في ملف الصراع العربي- الإسرائيلي وبُدئ التفكير بها قبل نكسة عام 1967 في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر.
تقع مصر في المنطقة الجافة وشبه الجافة، التي تتميز بمحدودية مياهها، ومن ثم فإن 95% من مواردها المائية تأتي من خارجها (85% منها تأتي من أثيوبيا وحدها) ، أما من داخل مصر فتكاد تنعدم الموارد المائية باستثناء بعض مصادر المياه الجوفية، وبعض الأمطار في فصل الشتاء على السواحل وبعض المناطق الداخلية.
وكما نعلم فإن مصر «هبة النيل» ونهر النيل هو المورد الرئيس للمياه في مصر، إذ تحصل مصر من خلاله على حصتها السنوية ومقدارها 55,5 مليار متر مكعب, فالأمطار لا تتعدى مليار متر مكعب في السنة على الساحل الشمالي وساحل البحر الأحمر وبعض مناطق سيناء، أما المخزون الجوفي في الصحراء الغربية فهو غير متجدد ولا يسمح بأكثر من 3 إلى 5 مليارات متر مكعب سنوياً لمدة تتراوح بين 50 و 100 عام , كما إن عمليات التحلية خيار صعب لأن تكلفتها عالية وتتم تغطية العجز المائي عن طريق إعادة الاستخدام.

اتفاقيات المياه الموقعة بين مصر ودول حوض النيل

لقد سعت مصر منذ القدم إلى تنظيم علاقتها بدول حوض النيل والاتصال الدائم بها للاتفاق على الأسلوب الأمثل لاستغلال مياه نهر النيل بما يعود بالنفع على كل دول الحوض مع الحفاظ على حق مصر التاريخي في مياه نهر النيل.
وبالفعل نجحت مصر في ذلك من خلال عقد العديد من الاتفاقيات سواء على المستوى الثنائي أو الإقليمي، يصل عددها إلى أكثر من 15 اتفاقية، وقع بعضها إبان فترات الاستعمار.. ولا مجال لذكرها الآن.
«إسرائيل» والعبث بحصص مصر والسودان من مياه النيل

المدقق لما يحدث في قضية المياه لا يستطيع أن يغض الطرف عما تدبره «إسرائيل» في هذا الصدد فثمة كثير من المحللين السياسيين المتتبعين لهذا الجانب يرون أن مصر تتعرض لمأزق حاد بهذا الخصوص, وأن النظام المصري السابق اتبع سياسات متعالية ومتعجرفة في إفريقيا ودول حوض النيل ومع السودان بشكل خاص, ما سمح لـ«إسرائيل» بالتسلل وملء الفراغ، ومحاربة مصر من فنائها الخلفي وضرب أمنها القومي والشقّ المائي منه على وجه الخصوص.. ومن ثم فإن بناء هذا السد هو نتيجة التحريض الإسرائيلي… وأن أفيغدور ليبرمان وزير الخارجية الإسرائيلي السابق، هدد من قبل بقصف السد العالي وإغراق مصر.

الآثار الكارثية الناجمة عن احتمال انهيار السد

تؤكد المعلومات والدراسات المتوافرة لدى جهات مصرية عدم قدرة السد على تحمل ضغط المياه الضخمة التي سوف تحتجز خلفه، والتي تصل إلى نحو 74 مليار متر مكعب من المياه، كما إنه مشيد من الإسمنت، ومن ثم فقد ينهار في أي وقت.
مدير المخابرات العامة الأسبق، اللواء ممدوح قطب جدد التحذير من انهيار هذا السد، فقال: إن عامل الأمان به 1,5 درجة، مقارنة بعامل الأمان بالسد العالي الذي يبلغ 8 درجات، ما يعني أنه في حال انهياره، نتيجة احتجازه كميات هائلة من المياه، يمكن أن يمحو السدود التي بنتها السودان، وتصل المياه إلى مصر بعد 18 يوماً.
وتشير الدراسات إلى أن انهيار السد لن يمثل خطراً على أثيوبيا, لأنه سيبنى على أطراف حدودها مع السودان، ولكن أضراره ستلحق بالسودان ومصر, كما قال الدكتور نادر نور الدين: إذا انهار «سد النهضة» وكانت بحيرة ناصر مملوءة، فإن السد العالي سينهار تماماً، وإذا كانت البحيرة غير مملوءة فإن المياه ستغمر السد العالي وتنساب فوقه بمعدل مليار متر مكعب كل يوم.

تأثير السد في حصة مصر والسودان من المياه

التقارير والدراسات العلمية تقدر أن تخزين 74 مليار متر مكعب من المياه -المتجهة لمصر والسودان عبر النيل الأزرق- سيهدد ببوار الأراضي المصرية، ولاسيما أن مصر تعاني في الأصل فقراً مائياً.
بل يتوقع بعض الخبراء حدوث مشكلات اقتصادية وسياسية واجتماعية بالغة الخطورة وقد ينجم عن ذلك مجاعات ومشكلات اجتماعية يستحيل السيطرة عليها.

إشعال الصراعات والتوترات السياسية في المنطقة

ومن ضمن أضرار إنشاء هذا السد، إحداث توتر سياسي بين مصر والسودان وأثيوبيا ومن ثم فمن المحتمل أن تدخل المنطقة كلها في حروب وصراعات لا قدر الله وإن المدقق في الخطاب السياسي المصري المعلن في هذا الشأن يلحظ لغة الهدوء والتريث, والقيادة المصرية تؤكد أن من شأن السد حرمان مصر من حصتها في مياه النيل، فهل سيكون للجيش المصري دور في القيام بضربات جوية ضد أثيوبيا لوقف بناء السد أو تدميره نهائياً؟.
وهل مصر بوضعها الحالي جاهزة لمثل ذلك؟.
وهل من المنطق التفريط بالحقوق المائية لمصر؟.
من الواضح أن الخطاب الرسمي المعلن يتسم بالروية والهدوء الحذر، فاللواء يسري قنديل، رئيس استخبارات القوات البحرية سابقاً يقول: «إن فكرة ضرب سد النهضة مرفوضة تماماً, لأن تدميره – بعد بنائه- سيؤدي إلى غرق الخرطوم وصعيد مصر، فضلاً عن أنه سيدخلنا في صراعات نتيجة توجيههم ضربة مماثلة للسد العالي».
وأخطر ما في الأمر والذي من شأنه أن يهدد الجهود الدبلوماسية أن السلفية التكفيرية دخلت على خط الأزمة مؤكدة أن لديها أبناءها في الصومال والسودان وجيبوتي ولن يسمحوا ببناء سد النهضة.
والذكاء السياسي يجب أن يسعى في هذا الاتجاه ويستثمر تصريحات المسؤولين الأثيوبيين التي تؤكد أن حصة مصر من المياه لن تنقص، لتوقيع الاتقافية الجديدة.
ونعود لنقول إن الموضوع المطروح كبير جداً وخطر جداً ويهدد الأمن الغذائي للسودان ولمصر و التي بدورها تعاني أساساً الفقر والانفجار السكاني, كما إنه يشكل عامل ضغط كبير جداً على السياسة المصرية في قادم الأيام.
 



  عدد المشاهدات:

إرسال لصديق

طباعة
شارك برأيك

الاشتراك بالقوائم البريدية
البريدالإلكتروني: