الأمل بالعمل



الأكثر زيارة
 الصفحة الرئيسية   أخبار اليوم  

الانتحاري السعودي يدخل سوق النفط / بقلم يونس أحمد الناصر
November 12, 2015 04:20

الانتحاري السعودي يدخل سوق النفط  / بقلم يونس أحمد الناصر

 

 

في مقاربة لما يفعله الانتحاريين الوهابيين الذين يفخخون أجسادهم و يفجرونها في الأبرياء طمعاً في نعيم الحياة الآخرة , فإن السياسيون السعوديون يفخخون أسواق النفط و يفجرونها في اقتصاديات الدول المنتجة للنفط بما يؤثر على خطط التنمية في هذه البلدان .
جاء تحذير الرئيس الإيراني حسن روحاني، الثلاثاء 13 كانون الثاني 2015، والذي قال فيه “إن الدول التي تقف وراء انخفاض أسعار النفط العالمية ستندم على قرارها”, في إشارة واضحة إلى أن انخفاض أسعار النفط بالفعل تقف وراءه دول بعينها و بأن المخاطر يمكن أن تعود بالسلب على الدول المنتجة له، وبخاصة الدول الخليجية التي يمثل البترول المصدر الأول للدخل فيها, ، لافتا إلى أن بلاده يمكنها تخطي الأزمة بخلاف الدول المنتجة التي يعتمد اقتصادها فقط على العائدات النفطية.
و يرى خبراء اقتصاديين بأن حديث “روحاني”، يؤكد ما أدلى به السيناتور الأمريكي جون ماكين في السابق، من أن السعودية مسؤولة عن انهيار الاقتصاد الروسي أكثر من مسؤولية سياسات الرئيس الأمريكي باراك أوباما، لسماحها بهبوط سعر برميل النفط لدرجة تؤثّر بصورة كبيرة على اقتصاديات الدول المنتجة .
بدأ تراجع أسعار النفط في شهر حزيران الماضي وظلت أسعاره مستمرة فى الانخفاض لتصل إلى 45 دولارا, فإذا علمنا بأن عائدات النفط والغاز تمثّل نحو50% من إيرادات الحكومة الروسية، سنعرف بأن انخفاض قيمة العملة الروسية الروبل هو ناتج بشكل رئيسي لانخفاض أسعار النفط و كذلك تراجع البورصة الروسية منذ منتصف تموز الماضي.
و تكبدت الخزانة الروسية خسائر فادحة نتيجة لذلك ، و هو ما يظهر حجم الجريمة الكبيرة التي ترتكبها دول الخليج بحق الدول المنتجة للنفط و منها إيران و روسيا بشكل أكيد لتمسكها بتعويض النقص في الإنتاج رغم الأسعار المتدنية لبرميل النفط وتعتقد روسيا أن “مؤامرة سعودية أمريكية” هدفها تضييق الخناق عليها من خلال تخفيض الأسعار، بسبب ضمها لجزيرة القرم ودعم انفصال شرق أوكرانيا, أما إيران فتعتقد نفس الشيء، لدعمها الحكومة السورية و حركات المقاومة في لبنان و فلسطين , فقد أعلن وزير النفط السعودي علي النعيمي أواخر كانون أول الماضي أن منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) لن تخفض إنتاجها حتى لو تراجعت أسعار النفط إلى عشرين دولاراً للبرميل, كما نفى أن تكون هناك مؤامرة تدعمها بلاده لأهداف سياسية باستخدام أسعار البترول , وهو الأمر ذاته الذي أكد عليه وزير الطاقة الإماراتي سهيل بن محمد المزروعي و لم يبد المزروعي أي إشارة لتراجع أوبك عن موقفها بضرورة خفض منتجين آخرين للإنتاج لاسيما منتجو النفط الصخري الأمريكي, أما الأمير السعودي الوليد بن طلال فأكد في مقابلة مع صحيفة “USA Today”، أن سعر برميل النفط لن يصل ل 100 دولار مرة أخرى، منوهاً أنه قال من قبل عام أن سعر النفط فوق 100 دولار يعد سعراً مصطنعاً وغير واقعي.
وتعليقا على التصريحات حول نظرية التواطؤ لخفض أسعار النفط بين الرياض وواشنطن للإضرار بموسكو، قال الوليد بن طلال إن هذا الكلام لا أساس له من الصحة لما يحمله انخفاض أسعار النفط من ضرر على اقتصاد المملكة العربية السعودية وكذلك روسيا، مشيرا إلى أنه في حال كانت السعودية قامت بهذا الأمر فهي كمن قام بإطلاق النار على قدميه.
و غني عن القول بأن تراجع أسعار النفط جاء مع زيادة الإنتاج الأمريكي من النفط الصخري إلى حوالي خمسة ملايين برميل يوميا ويقدر لها أن ترتفع إلى عشرة عام 2020 و أيضاً مع ملاحظة بأن دول مجلس التعاون الخليجي تنتج مجتمعة، 17 مليون برميل من النفط يومياً، يتم تصدير ما بين 12 و13 مليون برميل، وتحصل هذه الدول على 90 في المائة من إيراداتها العامة من عائدات النفط.
خسائر دول الخليج وحدها من انخفاض أسعار النفط إلى 45 دولارا مئات مليارات الدولارات سنويا.
و يؤكد خبراء اقتصاديون بأن العوامل المرتبطة بالمعروض من النفط لعبت دوراً أساسيا في ذلك الانخفاض, كما يتوقع الخبراء أن تستمر أسعار النفط في انخفاضها خلال عام 2015 يصاحبها تحول حقيقي ملموس في الدخل من البلدان المصدرة إلى البلدان المستوردة للنفط، فانخفاض الأسعار يعني لكثير من البلدان المستوردة زيادة معدل النمو وإن هبوط أسعار النفط يمثل تحديات ضخمة للبلدان المصدرة ويؤثر سلباً على توقعات النمو .
المفارقة الحقيقية بأن الخبير الاقتصادي السعودي عبد الله الكويز قال في تصريحات سابقة لوسائل الإعلام، إن دول مجلس التعاون الخليجي لن تتأثر بانخفاض الأسعار على المدى القصير وأضاف أن غالبية دول مجلس التعاون كونت احتياطات مالية صلبة تسمح لها بالتعامل مع التداعيات, بدوره المحلل الكويتي موسى معرفي، قال إن دول الخليج في موقع صلب للصمود بضع سنوات.
وفي مؤشر على تصميم دول الخليج على الحفاظ على حصتها من السوق، خفّضت السعودية ودول خليجية أخرى سعر الخام الذي تسلمه إلى الأسواق الآسيوية، وتجاهلت الدعوات إلى خفض الإنتاج أو إلى عقد اجتماع طارئ لـ “اوبك”.
و بخلاف تصريحات المسؤولين الخليجيين المذكورة سابقا فإن من الطبيعي و المنطقي أن تتأثر الموازنات المالية للدول المنتجة للنفط سواء داخل منظمة الدول المصدرة للنفط (الاوبك) أو خارجها نتيجة تراجع أسعار النفط.
فقد قدر صندوق النقد الدولي مؤخرا خسائر اقتصادات دول الخليج الناجمة عن انخفاض صادرات النفط بما يصل إلى 300 مليار دولار خلال العام الجاري 2015، إذا لم تتدارك هذه الدول وتقوم بضبط سياسة الإنتاج والتصدير لهذه السلعة.
وقد أكد صندوق النقد الدولي في تقريره الأخير على أن تدهور أسعار المنتجات النفطية لدول مجلس التعاون الخليجي (السعودية وقطر والكويت والإمارات وعُمان والبحرين) أدى لتقليص عائدات هذه الدول.
ووفق بيان هذه المؤسسة العالمية فإن السعودية ستكون الأكثر تضررا من هبوط أسعار الخام بأكثر من 60%، و سوف تدعم نشاطها الاقتصادي عبر السحب من «احتياطاتها الضخمة» من العملات الأجنبية, و هو ما حدث فعلاً لعدد من دول الخليج بالإضافة إلى سياسات حكومية خليجية لضغط الإنفاق الحكومي الذي تشهده لأول مرة دول الخليج
و كان أكد الشيخ صباح الأحمد أمير دولة الكويت في القمة السنوية لمجلس التعاون الخليجي التي عقدت في الدوحة في بداية الأزمة بأن هبوط أسعار النفط يؤثر على الدخل وبرامج التنمية في الدول العربية الخليجية المنتجة للنفط و إن انخفاض أسعاره باتت تؤثر على مداخيل دولنا وبرامجنا التنموية».
أيضا الدكتور محمد بن حمد الرمحي وزير النفط والغاز في سلطنة عمان انتقد سياسة الإنتاج التي تنتهجها بعض دول الأوبك متسائلا: كيف تكون الحصة السوقية أهم من الإيرادات”؟؟
و أخيرا نعتقد بأن منظمة أوبك التي تتحكم في حوالي 40% من إنتاج العالم من النفط الخام، أصبحت اليوم مجرد منتدى يضم مجموعة من الفرقاء تتعارض أهدافهم الاقتصادية والسياسية و يتم استخدامها من قبل المنتجين الكبار كوسيلة ضغط سياسي لتحقيق مآرب عدوانية في الدول الأخرى



  عدد المشاهدات:

إرسال لصديق

طباعة
شارك برأيك

الاشتراك بالقوائم البريدية
البريدالإلكتروني: