الأمل بالعمل



الأكثر زيارة
 الصفحة الرئيسية   أخبار اليوم  

ليبيا بين حريق الناتو و بريق الأمل / بقلم : يونس أحمد الناصر
February 27, 2016 14:03

ليبيا بين حريق الناتو و بريق الأمل / بقلم : يونس أحمد الناصر

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

قبل الدخول في المأساة و الكارثة التي تعيشها ليبيا ( الثورة ) , لا بد في البداية من التعريف المختصر بهذا البلد الهام جداً في موقعه الجغرافي بشمال أفريقية و في محيطه العربي و الدولي , فلِيبِيا دولة ديمقراطية مستقلة، الشعب فيها مصدر السلطات، عاصمتها طرابلس، ودينها الإسلام، والشريعة الإسلامية المصدر الرئيس للتشريع، وتكفل الدولة لغير المسلمين حرية القيام بشعائرهم الدينية، واللغة الرسمية هي اللغة العربية مع ضمان الحقوق اللغوية والثقافية للأمازيغ والتبو والطوارق وكل مكونات المجتمع الليبي, وليبيا قبل العدوان كانت عضواً في عدد من المنظمات والتجمعات الإقليمية والدولية من بينها الأمم المتحدة، والاتحاد الأفريقي، واتحاد المغرب الكبير، وجامعة الدول العربية، وحركة عدم الانحياز، ومنظمة التعاون الإسلامي، ومنظمة الدول المصدرة للنفط , يبلغ عدد سكانها ما يقارب أو يزيد قليلاً عن /6 / مليون نسمة وهذا العدد ضئيل مقارنة بمساحة البلاد التي تبلغ نحو 1,800,000 كيلومتر مربع، وتعد السابعة عشرة على مستوى العالم من حيث المساحة، ورابع أكبر بلدان أفريقيا مساحة، كما أنها تملك أطول ساحل بين الدول المطلة على البحر المتوسط يبلغ طوله حوالي 1,955 كم.
وتقول التقارير بأن ليبيا سجلت أعلى مؤشر للتنمية البشرية في أفريقيا ورابع أعلى ناتج محلي إجمالي في القارة لعام 2009، وهذا يعود لاحتياطياتها النفطية الكبيرة والسكانية المنخفضة , و ليبيا كان لديها عاشر أكبر احتياطيات نفطية مؤكدة في العالم وكانت تحتل المرتبة السابعة عشرة في إنتاج النفط عالميا( تقاسمته اليوم دول العدوان ) .
اندلعت أحداث الفوضى التي يسمونها" ثورة " في 17 شباط 2011 وسرعان ما انتشرت في أنحاء كثيرة من ليبيا. و قام المرتزقة في 27 شباط بتأسيس ما سمُّوه المجلس الوطني الانتقالي والتي أصبحت حكومة( الثورة ) , كما قاموا بتغيير علم البلاد المعروف منذ 1969 و رفعوا ما يسمونه علم استقلال ليبيا والذي كان قد ألغاه القذافي, لتدخل البلاد في أحداث فوضى انتهت باستشهاد القذافي على يد " ثوار الناتو " وفي 16 أيلول اعترفت الأمم المتحدة من خلال غالبية الأعضاء بالجمعية العامة بالمجلس الوطني الانتقالي باعتباره الحكومة الوحيدة في ليبيا ليتسلم المجلس مقعد ليبيا في المنظمة الدولية.
يقول التعريف التقليدي للثورة الذي وضع مع انطلاق الشرارة الأولى للثورة الفرنسية بأنها ( الثورة ) قيام الشعب بقيادة نخب وطلائع من مثقفيه لتغيير نظام الحكم بالقوة.
فما الذي حدث في ليبيا و هل هي ثورة شعب ضد حكامه ؟؟؟
و هل قاد الحراك الشعبي , قادة ثوريون , ونخب ثقافية و اجتماعية ؟؟
للأسف لا شيء من ذلك , فقائد ( الثورة الليبية ضد نظام القذافي هو الصهيوني برنار هنري ليفي و الذي يقول ساخراً من الثوار الليبيين الذين كان يقودهم : " كانوا يشتمون القذافي ويصفونه باليهودي فيما كنت أنا اليهودي الوحيد بينهم, وينفذون كل ما أنصحهم به."
ومن أسقط نظام القذافي, هو طيران الناتو الذي ارتكب جرائم حرب غير مسبوقة في استهداف المدنيين و البنى التحتية كغطاء جوي للمرتزقة الذي جندتهم قطر و السعودية و أغدقت عليهم المال و السلاح و المخدرات لتخريب بلدهم .
ومراجعة ما حدث في ليبيا, تهمُّ الكثيرين الذين يوثقون للأحداث العاصفة التي ضربت مجتمعاتنا العربية تحت عنوان ( الربيع العربي ), الذي يشبه كل شيء إلا الربيع , وهذا مضمون ما قاله الصهيوني نتنياهو بأن ما يحدث ليس ربيعاً عربياً , إنه ربيعي أنا- و يقصد ربيع نتنياهو.
كما يهم أجيالنا القادمة الذين يجب أن يعرفوا بأن الربيع العربي هو مشروع الفوضى الخلاقة الأمريكي , لتفتيت المفتت و تجزئة المجزأ و من يسمونهم ثواراً هم جنود الفوضى و ليسوا جنوداً للخلافة كما يدعون , و قيام دول العدوان على ليبيا في ذكرى العدوان بتزين سماء ليبيا لذرِّ الرماد في عيون الليبيين وإقناعهم بأن حياة رغيدة ومستقبل مشرق ينتظرهم, ولكن الليبيون الذين بدأت الفرحة تموت في عيونهم وبدأت الحقيقة تتعرى أمامهم , عزفوا عن المشاركة في إحياء هذه الذكرى الأليمة , بل يتذكرون يوم الفاتح من سبتمبر .
و إن تدمير ليبيا ونظامها السابق الذي قدم لشعبه أعلى المعايير في مستوى المعيشة في آسيا وأفريقيا بما يفوق دول الخليج التي ساهمت بتدميره , كان مثابة الدرس الذي يحمل تحذيراً من الدول الإمبريالية للشعوب المتمردة عليها في شمال أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية , فأي نظام يسعى إلى قدر أكبر من الاستقلال , ينتظره مصير ليبيا, فكما شاهدنا ,استهدفت هذه الفوضى الأنظمة الجمهورية التي حققت لشعوبها تطوراً مادياً و علمياً و ثقافياً و استثنت الأنظمة الملكية و العشائرية التي ترتع شعوبها بالجهل و التخلف .
و لكي نعرف أكثر حول ما حدث , فها نحن نستشهد بأقوال خبرائهم, حيث يقول جيمس بيترس الخبير بالشؤون السياسية الأمريكية إنه من الواضح تماماً أن الحرب ضد ليبيا كانت كلها سواء استراتيجياً أم مادياً حرب حلفاء الناتو وإن تصوير هذا الخليط من( الثوار ) من أنصار الملكية والأصوليين الإسلاميين المنفيين إلى لندن وواشنطن وكذلك المنشقين عن معسكر القذافي لهذه الحرب بأنها( ثورة تحرير) هو محض دعاية كاذبة, ويتابع بيترس: فمنذ البداية اعتمد "المتمردون" اعتماداً كلياً على قوة الدعم العسكري والسياسي والدبلوماسي والإعلامي من جانب دول حلف شمال الأطلسي ومن دون هذا الدعم ما كان للمرتزقة المحاصرين في بنغازي أن يستمروا حتى لشهر واحد والتحليل المفصل للخصائص الرئيسية للعدوان على ليبيا يؤكد أن كل "التمرد" ليس سوى حرب شنها حلف شمال الأطلسي.
ليبيا بعد أعوام على ما يسمى التحرير ,ازدادت الأمور فيها تفاقماً وانتشرت الجريمة المبنية على الأسس القبلية والمناطقية وازداد القتل والاضطهاد وتشرد أكثر من نصف الشعب الليبي في دول الجوار حيث يلقى الازدراء والإهانة والكراهية , و علينا أن نذكِّر بأن أول قرار اتخذه الشهيد القذافي بعد ثورته هو إجلاء القواعد العسكرية الأمريكية والبريطانية ، و فتح القواعد والمطارات الليبية أمام سلاح الجو المصري لتكون مطارات بديلة بعيداً عن ذراع العدو الإسرائيلي الطويلة , كما أبدى استعداده لتمويل وتسليح وتدريب أي قوة ثورية في العالم تقارع الامبريالية, وصنَّفه الغرب مبكراً على أنه قائد عربي جديد يحمل أحلاماً كبيرة.. يقول الرئيس الأمريكي السابق ريغان: "إن ما يقلقنا هو أن القذافي يقوم بدور أكبر من حجم ليبيا أضعاف المرات".
ولم تكن رواية أنبوب الصرف الصحي التي روَّجها إعلام العدوان على ليبيا إلا كذبة كبيرة ، بهدف محو صورة القائد من أذهان الجماهير التي تعلقت به عقوداً.
وإذا كان تدمير واحتلال ليبيا, يعنيان زمن العار بالنسبة إلى دول حلف الأطلسي, فكلنا ثقة بأن الجيل الجديد من الليبيين الذين أدركوا ما حدث , سيخوضون المعركة من أجل التحرير الحقيقي لليبيا من نير الاستعمار الغربي.

 



  عدد المشاهدات:

إرسال لصديق

طباعة
شارك برأيك

الاشتراك بالقوائم البريدية
البريدالإلكتروني: