الأمل بالعمل



الأكثر زيارة
 الصفحة الرئيسية   الصحافة العربية و العالمية  

أوباما وإدارة التوازنات في المنطقة وسوريا وايران والخليج - بقلم :عبد الهادي محفوظ
January 15, 2014 03:46

أوباما وإدارة التوازنات في المنطقة وسوريا وايران والخليج - بقلم :عبد الهادي محفوظ

 كل الأخبار - مقالات النشرة الالكترونية اللبنانية

العنوان الذي يتحرك بضوئه في العلاقات الدولية الرئيس الأميركي باراك أوباما وتحديدا في الشرق الأوسط هو "إدارة التوازنات". والبعض في الإدارة الأميركية وخارجها يعتبر ذلك تكريسا لتراجع في الدور الأميركي. حتى أن الحلفاء التقليديين للولايات المتحدة الأميركية ومنهم المملكة العربية السعودية يعتبرون أن واشنطن في دبلوماسيتها النووية إزاء ايران تخلت عنهم. و في هذا السياق فإن اسرائيل تعترض على هذه الدبلوماسية النووية وتنظر إلى الإتفاق الأميركي – الإيراني حول الملف النووي أنه "اتفاق سيء جدا جدا". وهذا هو تعبير كان قد استخدمه رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو في توصيفه للإتفاق.
واضح أن واشنطن اختطت لنفسها سياسة جديدة تشكل في بعض من جوانبها قطيعة مع "دبلوماسية القوة" التي كان ينتهجها الرئيس الأميركي السابق جورج بوش الإبن. وهي سياسة كلفت الإدارة الأميركية تورطا عسكريا باهظ الكلفة في العراق وأفغانستان واستتبعت عداءً من شعوب المنطقة للولايات المتحدة الأميركية.
في "إدارة التوازنات الدولية" التي ابتكرها الرئيس باراك أوباما تحتفظ الولايات المتحدة الأميركية بدور اللاعب الأول وتمنح لروسيا دور اللاعب الثاني وتعطي مكانا للصين وانجلترا وايران وأدوارا هامشية لحلفائها التقليديين كتركيا ودول الخليج. وترتكز نظرية "إدارة التوازنات" إلى فكرة "الدبلوماسية الذكية" التي هي مزيج من "دبلوماسية القوة" و"الدبلوماسية الناعمة" مع استبعاد التدخل العسكري المباشر.
وفي "الديبلوماسية الذكية" تبرز أولويتان للسياسة الأميركية في المنطقة: الدبلوماسية النووية نحو ايران وعملية السلام للصراع العربي – الإسرائيلي. والأولوية الثانية أخذ بها الرئيس الأميركي باراك أوباما بإيحاء من وزير خارجيته جون كيري وإن كان يرى بأن استعصاءات كثيرة تعترضها وخصوصا من اليمين الإسرائيلي. وهذا يعني أن الإندفاعة الأميركية التي لا رجوع عنها هي المضي قدما بالدبلوماسية النووية التي لا بديل منها في حسابات الرئيس أوباما سوى الحرب مع ايران أو امتلاك طهران للسلاح النووي. وبهذا المعنى لا تفيد الإعتراضات الإسرائيلية والخليجية على السياسة الأميركية في كيفية معالجة الملف النووي الإيراني. وهي معالجة يقتنع البيت الأبيض بأنها المدخل الفعلي لاستقرار المنطقة بحكم الترابط القائم بين هذه المعالجة وايجاد حل سلمي للأزمة السورية عبر دور ايجابي لكل من موسكو وطهران وعبر إرساء معادلة دولية للحؤول دون أن تصبح سوريا حاضنة وساحة للإرهاب الدولي عبر توغل تنظيم القاعدة والجماعات الإسلامية المتطرفة...
وفي "إدارة التوازنات" في المنطقة تبدو واشنطن وموسكو حريصتين على محاصرة الأزمة السورية بحيث لا تصل تداعياتها إلى الدول المحيطة حروبا طائفية وتمزيقا للجفرافيا. فالواضح أن شقة الخلاف تضيق بين الغرب وروسيا حول سوريا. ويبرز ذلك من خلال التلاقي حول الخروج من نظرية تنحي الرئيس بشار الأسد إلى محاربة الإسلاميين المتشددين. وهذا التحول هو الذي استتبع فتورا في العلاقة بين واشنطن ولندن مع المعارضة السورية وإلى اختلاف في مقاربات الغرب الأميركي والأوروبي مع حلفاء المعارضة السورية من دول المنطقة حول معالجة الأزمة. والإختلاف في المقاربات استتبع "غضبا سعوديا" تدرجه الرياض في كونه استرضاء الولايات المتحدة لايران والرئيس الأسد على حساب مصالحها الأمنية وموقعها السياسي.
واشنطن وموسكو لا تتفقان على كل شيء حول سوريا. لكن تلتقيان حول الدور المحوري للمؤسسة العسكرية السورية وعلى شراكة أساسية في الحكومة الإنتقالية للطائفة العلوية وعلى إبقاء الطابع العلماني للنظام السياسي وعلى بقاء الرئيس الأسد لأن "إبعاده سيؤدي إلى حدوث فوضى وسيطرة الإسلاميين".
أما لماذا الدور المحوري للمؤسسة العسكرية والأمنية فذلك "للحؤول دون التعرض للأقليات ولتشكيل جبهة مقاومة موحدة ضد تنظيم القاعدة من ألوية المعارضة المعتدلة التي ستوجه لها الدعوة للإنضمام إلى الجيش".
أخيرا حذر مايكل هايدن رئيس السي.آي.إي. السابق من ثلاث سيناريوهات مدمرة في سوريا. وحذر من تفتيت البلاد وما يستتبع ذلك من تفتيت دول وجدت بشكل اصطناعي في المنطقة (اتفاقية سايكس بيكو في العام 1916 بين فرنسا وانجلترا). وأما انتونيو غوتيريس مفوض الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فرأى أن "الصراع في سوريا أخطر أزمة تهدد الأمن العالمي منذ قرابة سبعة عقود". ومن كل ذلك لا يمكن للمراقب السياسي إلا أن يرى أن التفاهمات الأميركية – الروسية وحدها يمكن أن تجنب المنطقة العصبيات الدينية لأنه كما استنتج ابن خلدون "العصبيات لا تبني دولا".



  عدد المشاهدات: 926

إرسال لصديق

طباعة
شارك برأيك

الاشتراك بالقوائم البريدية
البريدالإلكتروني: