الأمل بالعمل



الأكثر زيارة
 الصفحة الرئيسية   مقالات  

المشهد السوري : الجغرافيا والديموغرافيا - بقلم : نائل الزبيدي( الأردن )
May 21, 2013 01:01

كل الأخبار - المسكوت عنه هنا في هذه الغزوة البربرية على سوريا أشد خطورة من الانجرار وراء سياق مضلل حول أحقية تحول سوريا الى دولة تعددية وبأيه أدوات يتم تحقيقها , فلا الفاعلين على الأرض ( من جماعات تكفيرية ) معنية بصورة أو أخرى , بتوسيع هامش الحريات العامة ولا تلك الأطراف الاقليميه نفسها معنية بتوسيع ذاك الهامش لشعوبها حتى تنتصر للحريات في سوريا .
فما المسكوت عنه هنا :
 
ما يميز سوريا الطبيعيه والتي تتضمن بداهة سوريا ولبنان والاردن وفلسطين تداخل سكاني يتجاوز مفاهيما سياسيه راسخة نظريا , مثل سيادة الدولة على أراضيها ,  أي أن الثقافة والقيم الاجتماعية لا تتطابق مع الحدود السيادية للدول القائمه , فنجد ان التعبيرات الحورانيه تتجاوز الخط الفاصل بين الدولتين الأردن وسوريا وكذلك جنوب لبنان مع شمال فلسطين وجنوب الأردن مع جنوب فلسطين وشمال لبنان مع امتداد الساحل السوري .
 
اذا نحن هنا أمام سياق متجه نحو الاندماج الطبيعي والذي يعبر عن ذاك التداخل , إلا أن غرس الكيان الإسرائيلي يجعل من مهمة إفشال أي توجه نحو ترجمة هذا السياق مهمة دوليه من خلال افتعال ازمات دوريه بالمنطقة وبخلق هياكل اقتصاديه ونخب سياسيه تعمل وفق ما تقتضيه المصلحة الاسرائيليه .
 
تتغير موازين القوى بالمنطقة بفعل صعود قوى غير حكوميه ( المقاومات) وبالتالي تتغير التحديات التي تواجه الكيان الإسرائيلي - المعيق الوحيد للاندماج الطبيعي في المنطقه - ومع تنامي المقاومات المدعومه من سوريا , افلتت من يد الكيان ورقة الجغرافيا كمفهوم امني , فكان التوسع الاسرائيلي مبني على نظريه امنيه تجعل من جبهتها الداخليه خارج نطاق النزاعات التقليديه , الا ان المقاومات ادخلت العمق الصهيوني وللمرة الاولى مع عدوان 1996 والذي انتهى بتفاهمات نيسان , أي ان الكيان اعترف بان تحييد جبهته الداخلية مرتبط بسولكه الاقليمي , واستمر هذا الحال الى عام الالفين والذي انسحب فيه الكيان من أراض عربيه دون قيد او شرط او اتفاق ( ونذكر هنا مقولة الرئيس الراحل حافظ الاسد , انهم دخلوا دون اذن فليخرجوا كذلك) , وهنا تكرس سحب الجغرافيا من المعادلة الامنية للكيان , وجائت حرب تموز المجيدة 2006م لتفضح محدودية القوة الإسرائيلية الامريكيه في المنطقه والتي ترافقت بمؤشرات لهزيمة امريكيه في العراق .
 
إذا هي الديموغرافيا
الهاجس الديموغرافي الإسرائيلي يمثل الوجه الاخر للمعضلة الامنيه الاسرائيليه وبالتالي كان من الضرورة ولكي يستمر الكيان بالقيام بدوره الوظيفي من التلاعب بديموغرافيا المنطقه كي تتسق مع طبيعته وحتى لا يكون نشازا بالمنطقه , ومن هنا انطلق مسلسل تفتيت المنطقه اجتماعيا من خلال تعميق هويات ما قبل الدولة الوطنيه من خلال الضخ الاعلامي المركز وبتمويل خليجي , ولأن سوريا هي مركز المشرق فكان طبيعيا ان تتوجه جحافل التتار الجدد نحوها ومحاولة اسقاطها والتي لو نجحت – لا سمح الله – لعدنا سويا الى عصور ما قبل الدول .
ولأن شعب سوريا حضاري ولديه نزعه وطنيه عميقه جذورها هي عمر الانسانيه الحضاريه , استطاعت سوريا ان تتلقى الضربات وبثبات , وها هي اليوم تنهض بسواعد ابنائها وبصلابة جيشها , ولسوف ياتي اليوم الذي تستعيد سوريا واقعها كسوريا الكبرى كمحصلة طبيعيه لافشالها المشروع الصهيوني ( اسرائيل الكبرى او العظمى) ولان للمنطقة السوريه من العقبه والى دير الزور ذاكرة جمعيه مبنيه على تراث انساني يتجاوز فيه الفرد عن ذاته الفرديه الى فضاء جمعي عروبي الثقافه واسلامي الحضاره , لا مكان فيه للتعصب العرقي او الطائفي .
 
 



  عدد المشاهدات: 1466

إرسال لصديق

طباعة
شارك برأيك

الاشتراك بالقوائم البريدية
البريدالإلكتروني: