الأمل بالعمل



الأكثر زيارة
 الصفحة الرئيسية   مقالات  

لماذا فاز أردوغان؟ / بقلم : ‏سمير_الفزاع
November 09, 2015 00:15

لماذا فاز أردوغان؟ / بقلم : ‏سمير_الفزاع

على غير المتوقع وخلافاً لمعظم إستطلاعات الرأي، حقق حزب العدالة والتنمية فوزاً كبيراً في الإنتخابات النيابية التركية الأخيرة... يحاول هذا المقال الإجابة عن سؤال وحيد، لماذا فاز أردوغان وحزبه؟.
* لماذا؟:
1- حصل أردوغان على عملية تمويل ضخمة لحملته الإنتخابية من السعودية وقطر والامارات بشكل أساسي، مقابل الموافقة وتسهيل نقل بضعة ألآف من إرهابيي داعش إلى اليمن... حيث غرقت السعودية وتكبدت الامارات عشرات القتلى. كما تلقى دعماً سياسياً وانتخابياً من امريكا لإدامة معادلتي الصراع مع روسيا من جهة، والحرب على سورية من جهة ثانية. ودعماً سياسياً ومالياً أوروبياً، لوقف تدفق اللاجئين إلى أوروبا، ولتلافي "هزة" أمنية-إقتصادية قد تعصف بتركيا في حال خسر أردوغان... مثلت زيارة المستشارة الألمانية –المستثمر الاكبر في تركيا- ميركل ذروة هذا التدخل، إذا جاءت قبل الإنتخابات بأيام مجددة الثقة بسياسات أردوغان الأمنية-العسكرية وطريقة حكمه ونهجه الإقتصادي... في تدخل واضح لتغيير النتائج.
2- نجح أردوغان وحزبه في عملية "تدجين" ممنهجة للمؤسسة العسكرية التركية بشكل غير مسبوق بدعم أمريكي ساحق، حيث أُفرغ الجيش من القيادات التقليدية... وقطعت خطوط الوصل بين هذه القيادات العاملة ونظرائهم المتقاعدون من جهة، ومجموع تلك القيادات وبعض القوى والاحزاب السياسية من جهة ثانية... وأودع الكثير من هذه القيادات السجون بذريعة محاولة قلب نظام الحكم وسرح آخرين... وإمعاناً بإذلال هذه المؤسسة وإحكام قبضته عليها، قام بتعيين ضابط من "الدرك" قائداً لهذه المؤسسة... وهكذا إستفرد بخصومه السياسيين، كالحركة القومية، الأقرب للمؤسسة العسكرية والخاسر الأكبر في الانتخابات الاخيرة.
3- كان لإنجرار حزب العمال الكردستاني إلى مصيدة أردوغان –العنف والعنف المضاد- أثر كبير في "تثبيت" مكانة أردوغان، كضامن لوحدة تركيا، والرجل القوي في وجه "التمرد" الكردي... فربح الأصوات غير الكردية التي حصل عليها حزب الشعوب في الانتخابات السابقة، وربح الأصوات القومية المتطرفة من الحركة القومية... وحاصل مجموع ما خسره حزب الشعوب والحركة القومية يطابق ما ربحه أردوغان في هذه الإنتخابات.
4- بالرغم من التراجع الإقتصادي في تركيا، وتدهور قيمة الليرة، وتباطؤ النمو... إلا أن لعب أردوغان على وتر الأمن ووحدة تركيا من جهة، ونجاحه "بجر" بقية القوى السياسية التركية إلى هذا المربع، و"تخليها" عن برامجها وأدواتها النقدية الفعالة مثل دور أردوغان بهذا التدهور الأمني وعلاقته بداعش والإرهاب عموماً وحالات الفساد التي طالت حكومته وحزبه وأسرته وشخصه... وتواضع الجهود التي بذلها المتضررون من سياسات أردوغان الإقليمية مثل العراق وسورية وايران... من جهة ثانية، سمح لأردوغان بتحقيق هذا الفوز المفاجيء والكبير.
5- إلى جانب تهديد رئيس الوزراء التركي داوود أوغلو للشعب التركي بعودة "السيارات البيضاء" التي كانت تختطف المعارضين ليختفوا في دولة الظل، كان لظهور الملثمين في ساحة "تقسيم" وشوارع المدن التركية وهم يحملون الهروات والأسلحة ليطاردوا المعتصمين والمعارضون لسياسات أردوغان... إسترجاع لهذه الدولة، ما أثار مخاوف المواطن التركي من التغيير، وآثاره المستقبلية المحتملة، خصوصاً إذا تذكرنا أن الجو السائد في المنطقة منذ ظهور "الربيع العربي" يربط بشكل تلقائي بين التغيير والفوضى.
6- "بدائل" أردوغان في الإنتخابات التركية أو خروج أردوغان مهزوماً من هذه الإنتخابات لن يلبي مصالح واشنطن وأنظمة الخليج في الصراع الإقليمي... لأنهم يرون في أردوغان المنافس القوي لمكانة مصر من جهة، والمقابل الموضوعي لإيران في معادلات الصراع الإقليمي والدولي.
* كلمة أخيرة:
دخلت المنطقة ومشاريع واشنطن لها وفيها، منعطف خطير جداً عقب الصمود سورية وحلفائها، والتدخل العسكري الروسي الذي أفرز وقائع جديدة كلياً... ما أجبر واشنطن على القيام بعدد من الإجراءات "الإسعافية" منها:
* إعادة إنتاج أردوغان وحزبه "إنتخابياً" كمنافس قوي لمصر من جهة، والمقابل الموضوعي لإيران في معادلات الصراع الإقليمي والدولي.
* توجيه ضربة مزدوجة لمصر وروسيا بأبعاد ثلاثة، سياسية-أمنية-إقتصادية، عبر إسقاط طائرة الركاب الروسية في شرم الشيخ، لإعادة ضبط وصياغة الموقف المصري من قضايا الإقليم، وتحديداً الحرب على سورية، خصوصاً بعد إنضمام مصر لمجموعة الإتصال الدولية.
* التدخل البري الأمريكي عبر "الخبراء" في مناطق محددة من سورية لتحقيق أربعة أهداف، توفير مظلة للارهابيين بوجه الغارات السورية-الروسية، توفير أحدث منظومات القيادة والسيطرة لهذه الجماعات، وإستطلاع ردود أفعال سورية وحلفائها، وموطيء قدم لواشنطن في الميدان وحول طاولة المفاوضات... فوز أردوغان وهذه الإجراءات المرافقة، أعتقد بأنها تفسير لما قاله البنتاغون بالأمس: سنتخذ موقفاً عمليا من "العدوان الروسي" في سورية... بعبارة أخرى، ما فوز أردوغان إلا تعبير عن هذه الإجراءات العملية الأمريكية التي تسعى لوقف تدهور مشاريعها وتداعي أدواتها 



  عدد المشاهدات:

إرسال لصديق

طباعة
شارك برأيك

الاشتراك بالقوائم البريدية
البريدالإلكتروني: