الأمل بالعمل



الأكثر زيارة
 الصفحة الرئيسية   مقالات  

الاخوان المسلمون .. الرحلة التي انتهت والعودة الى القمقم ...نارام سرجون
July 16, 2013 00:43

كل الأخبار - مقالات:
قد يبدو عنوان هذا المقال أقرب الى الأمنيات لكن الحقيقة هي ان بقاء الاخوان المسلمين على قيد الحياة السياسية من بعد طول العمر هو الأمنيات ذاتها .. لن يتلاشى الاخوان المسلمون طبعا ولن يذوبوا كالملح لكنهم سيبقون في قمقمهم الى الأبد وسيبقون معارضين مشاغبين الى الأبد ..
صحيح أن الاخوان المسلمين فاجأوا العالم في سرعة الوصول والانتشار كما تفاجئ الامبراطوريات التاريخ وتتمدد بسرعة النار في الهشيم .. فبين وصول أردوغان وحزبه الى السلطة في تركيا والربيع العربي بضعة سنوات فقط حتى أن التسليم بقضاء الله وقدره بديا على وجوه المتشائمين من الموجة الاسلامية التي ابتلعت المنطقة مؤخرا .. ولاأزال أذكر كيف أن الموجة الاسلامية التي ضربت سورية جعلت الكثيرين يرون أن الاسلاميين هم "القادمون" لامحالة .. ولكن كان للباحثين في الشؤون الاسلامية رأي آخر يقول غير ذلك وكان خبراء الاتفاقات الدولية يرون مالايراه الواهمون ..
فعندما طرقت الموجة الاسلامية اسوار سورية توقع البعض سقوط دمشق وهي تواجه يائسة موجة عنيفة من كل الجهات وتبدو النجاة منها معجزة .. عندها قام البعض بابراز وثائق تشير الى استحالة سقوط دمشق وخاصة بسبب تلك الوثيقة الموقعة في روما بين روسيا والناتو عام 2002 والتي شكلت لأول مرة مايسمى المجلس الروسي الناتوي (مجلس روسيا والناتو) والتي اعتبرت روسيا جزءا من منظمة مشتركة بدل تسميتها (ناتو + 1 ) أي طرفين منفصلين، فانها اعتبرت روسيا عضوا معادلا لأعضاء الناتو بكل الحقوق والتي يجب احترام مصالحها ورغباتها ونفوذها وقلقها القومي وسمي المجلس (مجلس روسيا والناتو) .. أي ان روسيا شريك حيوي أقل من رتبة العضو بقليل .. وباختصار هو عبارة عن (ناتو) بنكهة الفودكا الروسية .. وكان الروس في اجتماعات المجلس المذكور على مستوى الخبراء يبدون تحفظهم على تمادي الغرب في اغراق الشرق الأوسط بالفوضى عبر الربيع العربي وعبرت وجهة نظرهم عن قلقهم من أن الفوضى ستصل اليهم كجوار مباشر للشرق الأوسط .. وكانت نقطة الفصل عندما رفض الروس في اجتماعات المجلس أي تمدد لمشروع الاسلام السياسي في سورية كما كان يتسرب من الاجتماعات على مستوى وزراء الخارجية لمجلس روسيا والناتو ..
كان هذا عندما كان الثورجيون السوريون يصدقون برهان غليون ومشعوذي الخليج ومجلس الحكم بأن الروس يفاوضون للتخلي عن النظام السوري .. وكانوا يبيعون الناس الوهم بأن الروس سيفعلون ذلك ان عاجلا أو آجلا وأن الناتو يحضر محاكم لاهاي لأركان النظام السوري .. ولكن ماكان يتسرب من اجتماع مجلس روسيا والناتو كان يقول لنا عكس ذلك .. وكان من الواضح جدا في هذه الاجتماعات أن الغرب تعهد للروس بأنه لايريد التدخل اطلاقا بشكل مباشر احتراما لتفاهماته مع روسيا في المجلس .. وقد اتفق مع الروس على الغاء فكرة سيناريو ليبيا في سورية منذ أواخر عام 2011 (أي بعد أشهر من اطلاق الأزمة السورية) .. وكانت مسودة هذا الاتفاق تعد في نفس الأسبوع الذي رفعت فيه الثورة السورية شعار جمعة التدخل الدولي .. وعرفنا يومها أن عملية خداع كبرى يقوم بها الغرب للمعارضة السورية لتأجيج النزاع داخليا عبر الايحاء بالتدخل وانه سفنه يتم تجهيزها للتدخل .. في حين كان الاتفاق في المجلس الروسي الناتوي قد أنجز تماما منذ تلك الفترة بتحريم التدخل المباشر .. وكان الثورجيون يخرجون الناس للمظاهرات وهو يعدونهم أن الفرج قادم عبر سفن الناتو .. ولكن القيادة الروسية - كما قيل - أبلغت القيادة السورية بالاتفاق النهائي مع الناتو ولذلك كانت القيادة السورية تتصرف بهدوء وتروّ .. والمثير للاستغراب أن القيادة السورية أبلغت بعض المعارضين السوريين بالاتفاق المذكور لاقناعهم بالحوار والتخلي عن التصعيد والرهان على الغرب المراوغ الذي يقودهم الى خوض حرب خاسرة يخسر فيها الجميع .. ولكن المعارضين الاشاوس اعتبروا ذلك خدعة ومناورة استجداء من النظام الذي سيموت بيد الناتو لامحالة .. وقد نقل قياديون معارضون الرسالة للفرنسيين مستفسرين فأنكر الفرنسيون وتابعوا الخديعة ونصحوهم باستسخاف هذا الطرح لأنهم كانوا وقتها يتقدمون الى مجلس الأمن لعقد جلسة طارئة .. كان الفرنسيون بانتظار مجازر في سورية طلبوها من قطر التي أوعزت للمسلحين دوما قبل كل جلسة بفعل ذلك .. وقد نفذت المعارضة كل المجازر بحرفية .. وقدم الغرب المسرحية البكائية المعهودة لغاية واحدة وهي بناء سمعة رديئة للنظام السوري لتبرير دعم الاسلاميين الذين كانوا لايثيرون شهية بعض المؤسسات الغربية النافذة لدعمهم بل كان وجودهم سببا في تردد التعاطف معهم .. لكن المجازر المزعومة ستوفر غطاء أخلاقيا وتصورهم ضحايا .. وكان المقصود من القرار الذي نال الفيتو الروسي والصيني (كما هو متوقع حسب الغربيين أنفسهم) هو:

1- اضعاف معنويات المؤيدين ودفعهم للانسحاب من المواجهة مع المعارضة بسبب اليأس والقنوط واسقاط النظام دون التدخل المباشر 2- الحاجة لتجييش المشاعر في المنطقة ونقل الوعي الجماعي العربي والاسلامي تدريجيا الى مرحلة الشرخ بين مكونات المجتمع العربي 3- وصول العرب الى حالة من التشظي والفوضى الخلاقة والتحضير للانتقال الجماعي للصراع الطائفي 4- الوصول الجماعي للعرب الى الشعور بالعرفان لموقف الغرب وبالتالي نقل الكتلة العربية والاسلامية لتكون عاطفيا ونفسيا تحت القيادة التركية وعباءة حزب العدالة والتنمية التي حولت الناتو الذي يغزو بلاد المسلمين الى محرر لهم !! .. ونجحت الخطوة الى حد كبير باستدراج حماس حيث ذهب السافل خالد مشعل وسفلة حماس الى تركيا بما يحملونه من رمزية وطهورية اسم فلسطين والكفاح وانضم اليهم الاسلاميون التوانسة واخوان مصر عبر محمد مرسي .. وبويع أردوغان خليفة عليه عباءتان .. عباءة محمد الفاتح وعباءة السلطان سليم الأول ..عباءتان على ظهر خليفة واحد !!..

فقد كان الاسلاميون يرون في سقوط القسطنطينينة (استانبول) بيد الاخوان المسلمين عبر حزب العدالة والتنمية التركي وفريق العثمانيين الجدد شبيها بسقوطها بيد محمد الفاتح عام 1493 .. وكان أردوغان يقدم تجربته كما لو كان هو محمد الفاتح الذي فتح القسطنطينية من جديد لجحافل المسلمين وانه تمكن من اقناع الغرب أن الاسلاميين قدر قادم وعلى العالم أن يتصالح مع هذا القدر بدل مواجهته .. ولكن أردوغان لم يكتف بثوب محمد الفاتح بل تمطى حلمه لارتداء ثوب السلطان سليم فاتح الشام ومصر .. وصار يعتقد أنه خليفتان في جسد واحد .. وأن التحضير لرئاسته بالتعديل الدستوري هو التحضير لارتداء عباءة الخليفة الثالث سليمان القانوني الذي سيكمل الفتوح بالاستيلاء على معابر الشرق والغرب عبر القاء الموجة الاسلامية جنوبا بعد أن يستدرج السعوديين والخليجيين لهدم الحاجز السوري الصلب والاستيلاء على مصر ..
كان الاسلاميون يتحدثون ويلمحون الى أسطورة الولادة العثمانية القيصرية الصعبة في استانبول من رحم حكم العسكر وجمهورية أتاتورك التي لاتنجب اسلاميين .. وكانوا يتحدثون وعن تركيا التي استفاقت لتجلس في الموقع السادس عشر باقتصادها الذي سمي (الاقتصاد الاسلامي) رغم أن ليس فيه قطبة واحدة اسلامية .. فكل بنوك تركيا ربوية .. وليس فيها بيت مال للمسلمين بل بيت مال للناتو الذي استثمر في البورصة التركية أكثر من 60% من ممتلكاتها .. علاوة على أن ان كل قوانين تركيا الاسلامية الاقتصادية والمدنية تم ابطالها واحلال قوانين مدنية اوروبية محلها في منتهى التناقض مع الحكم الاسلامي ..ولكن حجاب أمينة اردوغان (زوجة رجب) كان يساوي عند الاسلاميين الدنيا كلها وتحت حجابها استراح الاسلام كله..
التمدد الأردوغاني جنوبا نحو الجزيرة العربية والخليج كان يلقى استحسانا أحيانا في الغرب بسبب تذرع أردوغان بالسلوك الوهابي الذي ينتج ظاهرة بن لادن والقاعدة وفراخها .. أردوغان كان يعتقد كما يقول بعض المحللين - الذين يدرسون الحركة الاسلامية بعمق شديد - أنه سيعيد الدور العثماني بانقلاب تاريخي على العثمانية القديمة من خلال التحالف مع الغرب والتصالح معه بدل منازلته وذلك بالتلويح بالعدو القادم من روسيا والصين وحليفتهما ايران .. وبدل حصار فيينا يجب محاصرة موسكو وبكين وطهران .. أي ان عدو العثمانيين صار يأتي من الشرق والشمال وليس من الغرب .. الاسلاميون الأتراك قدموا انفسهم على أنهم الحليف الذي سيرجح كفة الصراع القادم بين الجبابرة في القرن الواحد والعشرين اذا ماتسلموا قيادة الشرق العربي .. وهم لذلك يحتاجون قيادة العالم الاسلامي بسلاسل اخوانية من دون العقد القومية في سورية ومصر والعراق وشمال افريقيا ..
وقد أنجز شق شمال افريقيا كاملا بسقوطه السريع بيد الاخوانيين .. وتعثرت عملية الاستيلاء على الحاجز السوري .. وكان المفروض أن يتم اقتطاع المثلث السني العراقي مؤقتا لصالح الحركة الاسلامية الأم في تركيا لصعوبة السيطرة وترويض الجزء الحنوبي العراقي لاعتبارات مذهبية حيث لايمكن الترويج للحكم الاسلامي السني في كربلاء والنجف والبصرة .. ولكن الجنوب العراقي سيترك مسرحا للانهاك والموت والفوضى في غياب دولة مركزية قوية ولن يكون بذي دور مؤثر في المعادلة القادمة ..
غير أن ماحدث في مصر من انهيار مذهل وسريع للحكم الاخواني في مصر فتح شهية الأسئلة والتوقعات والنبوءات عن مصير الاسلام السياسي وتجربته .. حيث سيستدعي السقوط السريع للاخوان مراجعة ومحاكمة للتجربة الاسلامية ..
---------------------------------------------
سقوط الاسلاميين في مصر تنبأ به عدد من المراقبين الذين قدموا دراساتهم الى صناع السياسة في الغرب .. وكان التفسير هو أن الاخوان حسب الاستنتاجات الغربية هم تنظيم بلا برنامج شامل واضح وأن جل نشاطه في العقود التي امضاها في المعارضة السرية كان في تكتيك الوصول للسلطة وبناء السلطة وليس في بناء نظريات مابعد الوصول للحكم ولاتوجد لديه دراسات عما سيركز عليه عمله .. وبدت هناك سذاجة واضحة في تقديرات الاخوان لأن تصورهم كان أن الوصول للسلطة سيفتح أمامهم المجال لتجريب النظريات الدينية المستهلكة والتي لاتصلح لهذا الزمان وأن منصة الحكم ستسمح لهم ببيع منتجاتهم وتسويقها .. ولكن الوصول الى السلطة دون برنامج تطوير هائل للخطاب السياسي واظهار قدرات فريدة في ادارة الأزمات والاقتصاد وطرح الحلول هو وصفة لسقوط سريع .. وكان هذا السقوط سببا في انجاز مسودة اتفاق جديد على مستوى الخبراء على انتهاء المرحلة الاسلامية عند هذا الحد ستناقش قريبا ويتوقع لها مناقشات مطولة للغاية .. خاصة بعد الهزة التركية ..

الهزة التركية قد أثارت قلق الناتو وكانت بمثابة مراجعة لاحتمال انفلات الأمور في تركيا وانطلاق الاسلاميين من عقالهم في عنف مطبق لحماية مركز الخلافة المنتظر وقد صار مركز الخلافة مزنرا بالاسلاميين من كل الأصناف والمذاقات الجهادية كما تقول التقارير الغربية التي تراقب تركيا عن كثب من داخلها .. وتركيا هي على حدود روسيا وحدود أوروبا .. وقد بدا مجلس روسيا والناتو يرى في ذلك عدم استقرار محتمل لكليهما .. وعندما حدثت موجة التسونامي المصرية ضد الاسلاميين أدرك الغربيون أن التخلي عن الاسلاميين هو الأفضل بدل خوض صراع مع طرف بدا واضحا أنه منتج لفوضى خطرة على مصالح الغرب وروسيا معا .. ولم تكن هناك مشكلة في طرح البدائل .. فالحالة العربية والشرقية أنتجت ثقافة معارضات تفقس صناعيا كما حاضنات الدجاج .. بسبب تآكل المشاعر الوطنية لصالح المشاعر الحزبية وظهور ثقافة أن للغرب يدا في صناعة السلطات في العالم ..
يبدو الآن واضحا أن الغاية من المشروع الاخواني كانت ضبط الشارع العربي في الشرق وتوجيهه لحرب ايران أولا .. ومن ثم ابتزاز روسيا والصين عبر التحكم في خطوط الطاقة في الشرق الأوسط والعابرة له .. وابقاء حالة الشراكة معهما في حدود المسموح به أميريكيا لكن خارج اطار المنافسة على التفرد بحكم العالم ..لكن المشروع الاخواني سيعاد الى القمقم لاعتبارات كثيرة هي أنه نفذ ماعليه وقد بدا عدم نضجه خطرا أيضا على مصالح الغرب واستقرار مناطق نفوذه المهمة ..
يبدو أن الاخوان المسلمين وتجربتهم الاسلامية سقطتا بلا رجعة ومانراه اليوم من استنفار في تركيا وتونس من صراخ هستيري هو حشرجات الموت وضجيج النزول الى القبور والقماقم .. الاخوان المسلمون مصعوقون لأنهم يدركون أنهم يتحملون وزر سقوط الحركات الاسلامية ويجلسون في القاطرة الأولى التي تجر خلفها كل القطار الاسلامي بكل عرباته والذي انطلق منذ قرن .. وقيادات الاخوان المسلمين المتهورة التي قادت جمهورها الى هذه الهزيمة المنكرة تريد الهروب من استحقاق المحاكمات والمراجعات التي يجب أن تجرى من قبل القواعد الاخوانية لقياداتها على هذه الهزيمة المجلجلة المنكرة وسوء الادارة لفرصة لن تعود فقررت دفعها لخوض مواجهات انتحارية بدل استحقاق المواجهة مع القواعد .. الاعتراض الذي يبديه الاسلاميون في مصر على القدر يشبه من يتزنر بحزام ناسف لينتحر ويقتل كل من حوله .. ولذلك لن يترددوا في تحطيم الشرق الأوسط قبل رحيلهم لأن الحطام هو الفرصة الأخيرة لعودتهم .. فهذه التنظيمات الخاسرة لاتعود الا بموت المجتمعات .. وقد قرر الاخوان المسلمون أن معركتهم لم تعد الا .. معركة قاتل ومقتول ..
هناك من يسرب أن مجلس روسيا والناتو بعد اهتزاز الاسلاميين العنيف في تركيا وبروز معضلة عدم وجود كفاءة للاخوان في قيادة المجتمع والدولة بدأ يطرح التحول الى التحالف مع البدائل مع ابقاء الخطوط مع الاخوان كمعارضين مسببين لعدم الاستقرار تذوقوا السلطة من مغرفة الغرب وهم يعرفون أن الغرب وحده من يعيدهم لتذوق السلطة ..
طبعا تمر المرحلة الاخوانية بأقسى مراحلها منذ نشوئها على الاطلاق لأن الخلل الذي حدث في المعادلة الاخوانية ليس عارضا وهو تشقق كبير وتصدع هائل بسبب اهتزاز تركيا وانهيار المشروع في مصر نهائيا ..ولذلك تداعى الاخوان المسلمون ومنظروهم وقياديوهم الى اجتماعات عاجلة وطارئة في استانبول وهناك توتر شديد يطلب سرعة التصرف والرد على الانهيار بعد أن بدت المناقشات أشبه بمحاكمات لبعض القيادات وبوادر تشقق في البنيان الاخواني ..
-------------------------------------------------
الجدير ذكره أن الباحثين والمتابعين لنشاط الاسلام السياسي يقسمون التجارب الاسلامية في الحكم حاليا الى ثلاث تجارب رئيسية هي: التجربة الوهابية في الجزيرة العربية والتجربة الايرانية وأخيرا التجربة الاخوانية التي انطلق قطارها من تركيا ووصل الى محطة الربيع العربي ..وهناك دوما مراجعات وقراءات لهذه التجارب .. خاصة بعد ظهور تنافس بين الحركة الوهابية والاخوانية يتطور الى حالة صراع ..
ومن المراجعات المطروحة عن التجربة الاسلامية الوهابية في الحكم فهي أنها صارت بحكم المنبوذة ثقافيا على مستوى العالم كله وهناك الكثير من الأسئلة المثيرة للجدل والحرج حول الجدوى من استمرارها طويلا على شكلها الراهن بعد انجابها لفروع من القاعدة وأخواتها التي قد لايمكن السيطرة عليها تماما يوما ما .. وبدا أن السعوديين كانوا يشمون رائحة مشروع اخواني قادم من الشمال فقررت المملكة اعادة ترويج وتسويق نفسها في الغرب فانحازت للمشروع الاخواني في البداية وأعلنت الحرب على كل أعداء الغرب في المنطقة مثل الثلاثي السوري الايراني وحزب الله .. وما ان سقط الاخوان في مصر حتى هرول السعوديون للسيطرة على مصر كوريث للاخوان في محاولة للامساك بأوراق مهمة للهروب من احتمالات الاستغناء عن الحركة الوهابية في المنطقة أو تهديد استمرارها .. وتحاول المملكة السعودية اختراق الحكم الجديد المصري بالمال والمليارات الداعمة .. ويفسر البعض ميلها لاسقاط الاخوان بسبب التخوف من التمدد الاخواني عبر المشروع التركي وحلم اردوغان بالقاء التجربة الاخوانية لتحل محل التجربة الوهابية في الجزيرة العربية في قادم الأيام .. والحركة الوهابية في سيطرتها على مصر تتعهد كما الاخوان عدم المساس باتفاقية كامب ديفيد لكنها ستقدم نفسها كمؤثر في السياسة المصرية يؤكد على ضرورة الدور الوهابي كاسلام سياسي حليف موثوق..
بل صارت التجربة الوهابية تقدم نفسها على أن بيدها مصير اسرائيل وهي الضمان الحقيقي لوجود اسرائيل نفسها .. وتحاول أن تربط وجود اسرائيل بوجودها عبر التذكير بغياب أي احتكاك مع اسرائيل منذ وجودها وكذلك عبر فتاوى التقارب مع اليهود والابتعاد عن الشيعة والتحذير من الخطر الشيعي والتبشير بالتحالف مع أهل الكتاب من اليهود وقد ردد أمراء من الأسرة المالكة السعودية على مسامع كيري ومسؤولين أمريكيين مرات عديدة أن اسرائيل ستكون في خطر اذا سقطت الوهابية .. وأن استقرار المملكة بوضعها الراهن أمر حيوي لبقاء اسرائيل .. ونوّه بعض تلميحاتهم الى أن اضعاف النظام السوري وتحطيم الجيشين العراقي والليبي واستهداف الجيش المصري هو انجاز كان للسعودية والوهابية دور حيوي فيه .. ولذلك فان اي تهديد أو مشاريع لتحويل تركيا لزعيمة للعالم الاسلامي سيتمدد جنوبا هو مشروع أخرق غير مضمون النتائج .. فالحركة الوهابية قد رسخت حكمها في الجزيرة العربية عندما كانت الحركة الصهيونية ترسخ حكمها في فلسطين (سورية الجنوبية) ..وزوال أحدهما نذير شؤم للأخرى ..
مايثير حفيظة الغربيين وحيرتهم هو أن التجربة الاسلامية فشلت في شقها الاخواني وهناك عدم استقرار منظور في التجربة الوهابية .. وهناك تآكل في التحالف الاخواني الوهابي المؤقت وهما الجناحان اللذان استمالهما الغرب لمواجهة الجناح الايراني .. ولكن التجربة الاسلامية بقيت في شقها الثالث الايراني الرائد اقتصاديا ومعرفيا وتكنولوجيا والناضج سياسيا الى حد اثار اعجاب الساسة الغربيين الذين رأوا كيف يناور الايراني في السياسة ويخرج من المآزق ولم يتورط في عنف ضد المدنيين ولا في جهاد المجانين .. بل ان الجناح الاخواني نجح في غزة بسبب تحالفه مع الجناح الايراني وسيسقط بسبب ابتعاده عن الجناح الايراني الذي يتحول الى لاعب كبير مخفور بروسيا والصين .. وهذا هو الجانب الوحيد الذي يريد الغرب العمل عليه ويبدو أن التركيز الشديد في الغرب لم يعد على مواجهة التجربة الايرانية والرهان على الاخوان بل اختراع هنري كيسنجر جديد يستميل ساداتا ايرانيا أو طيفا ايرانيا قويا يجعل تراث الخمينية أثرا بعد عين كما تحول تراث الناصرية الى دريئة للتسديد لتتمكن معاهدة كامب ديفيد من النهوض والبقاء على قيد الحياة .. البحث جار عن كيسنجر ثان وعن سادات ايراني يسل ايران من يد روسيا والصين كما تسل الشعرة من العجين ويأخذ ايران في رحلة جديدة ثلاثين سنة اخرى .. والأمريكيون ينتظرون مرحلة مابعد الزعيم الروحي السيد علي الخامنئي .. فربما يكون خليفته أكثر مرونة .. ويعيد قم ايران وجناحها الاسلامي السياسي الفريد الى القمقم .. وبذلك تدخل كل حركات الاسلام السياسي الى القماقم الأمريكية



  عدد المشاهدات: 1675

إرسال لصديق

طباعة
شارك برأيك

الاشتراك بالقوائم البريدية
البريدالإلكتروني: