الأمل بالعمل



الأكثر زيارة
 الصفحة الرئيسية   أخبار سوريا   

عاما على النكبة.. دمشق ترسم حدود المستقبل والعين إلى فلسطين مهما اختلفت زاوية النظر
May 14, 2013 13:35


 دمشق-سانا
"ومضى عام آخر واقتربت عودتنا نهارا".. على هذه الحال أمضى الشعب العربي الفلسطيني أعوامه الـ 65 الماضية يعد أيام اللجوء ويحلم بالعودة التي أشرعت لها بوابات الأحلام فقط وأغلقت في وجهها بوابات السياسة في زمن تبدو النكبة المستمرة صفته الغالبة بعد أن تهاوى ملوك الرقعة العربية على لوحة الشطرنج الدولية.
كم كان الشعب الفلسطيني صبورا وهو يربي أمنياته ويمنع يباسها تحت شمس مخيمات اللجوء بانتظار لحظة العودة دون أن يهتم أن حصل ذلك قبل الثأر أو بعده ..فالثأر يشمله الصلح أما العودة فلا تراجع عنها حتى لو توهم حراس المشروع الصهيوني غير ذلك وفتحوا دكاكينهم على حدود فلسطين يبيعون ويبيعون أرضا وماء وكرامة ودماء يبادلون كل ذلك بلا شيء ويبيعون قضية طاهرة إلا من رجس ادعائهم أنهم حماتها.
وها هم أعراب الشبهة يقعون في الفخ مجددا بعد 65 عاما من النكبة فيصدقون بلفور ويضيفون وعدا جديدا له وحيث انتهى مفعول سايكس بيكو في قتل الجغرافيا يزرعون غباءهم وحقدهم لقتل الروح التي هزمت سايكس بيكو وابطلت مفاعيله بعد قرابة القرن.
ولم يطل أمل الفلسطينيين بما سمي زورا "الربيع العربي" فالخدعة انكشفت مع أول خيط ضوء إذ إن من ادعوا أنهم مع حقوق الشعوب كانوا أول المبادرين لبيع هذه الحقوق وما إعلان وزراء خارجية عدد من المشيخات والمحميات العربية النفطية وغير النفطية عن استعدادهم لمبادلة الأراضي مع الكيان الصهيوني إلا مؤشر على الدرك المتدني الذي وصل إليه ما يسمى "محور الاعتدال" الذي بات واضحا للجميع أنه محور التخاذل والجبن فمن يقف ضد المقاومة لا يمكن أن يكون مع التحرير ومن يتنكر لحماة القضية الفلسطينية لا يمكن أن نأمل منه شيئا تجاهها.
وبدل أن يكون الانتصار للفلسطينيين هاجس أعراب الشبهة خلال 65 عاما أمضاها الفلسطينيون في الشتات فإنهم أعملوا سكاكينهم في ظهر دول وقوى المقاومة وتآمروا مع العدو ضدها وكانوا عامل ضغط عليها بعد أن فشل العدو في تغيير وجهتها وحرف بوصلتها عن فلسطين وحلت مكاتب التمثيل التجاري وسفارات الكيان الصهيوني مكان سفارات فلسطين واغرق الشعب الفلسطيني باتفاقيات ومفاوضات لا تغني عنه شيئا إلى أن وصل الأمر لحد تحريم المقاومة المسلحة ومحاصرتها بغية تدجينها ودفعها للقبول ببيع الحقوق وعلى رأسها حق العودة.
ومن سخريات القدر أنه بعد 65 عاما على النكبة نجد سفراء اسرائيل يجولون في عواصم عربية كبرى فيما تغلق سفارات دول عربية مؤسسة للجامعة العربية وتدعى الوفود الإسرائيلية لعواصم عربية أخرى يطرد منها الفلسطيني والسوري واللبناني لأنه مع المقاومة فهل كان يحلم العدو نفسه أن يصل إلى هذا في يوم من الأيام.
كان للعرب نكبة واحدة ونكسة واحدة واليوم تتوالى النكبات والنكسات وما فشل العدو في تحقيقه عبر 65 عاما يعمل العرب على تنفيذه اليوم فالعدو فشل في محاصرة سورية ووقف عاجزا أمام متانة عقيدتها وجيشها إلا أن صناع النكبة من أعراب وعربان ينوبون عن العدو في التحريض ضد سورية ويدعون للتدخل الخارجي العسكري لتدمير جيشها ويسلحون مرتزقة وإرهابيين لقتل الشعب السوري ويتباكون على الأمة في واشنطن وكأنها الأم الرؤوم لهم فهل بقي للعرب نكبة واحدة أم هذه اخطر النكبات.
العدو احتل الأرض قبل 65 عاما وسمي ذلك نكبة ولكنه لم يستطع منع اصحاب الحق من المقاومة واعترف صاغرا بمنظمة التحرير الفلسطينية التي كانت عملياتها الفدائية تزلزل الأرض تحته وهي تخرج من حمية دمشق وعشقها للعروبة أما عرب السمسرة فإنهم يحرمون مقاومة العدو ويتكالبون على من يتمسك بها وبالمقابل يدفعون مالهم ونفطهم مقابل إرسال الإرهابيين إلى سورية بذريعة "الجهاد" ناسين أن في دمشق ولدت أول دولة إسلامية ومنها انطلقت جيوش التحرير إلى القدس عبر العصور ولولاها لما كانت اليرموك وبعدها حطين ولاحقا تشرين فأي نكبة جديدة حلت بالعرب .
هؤلاء الأعراب الذي صممهم سايكس بيكو لم يفهموا حتى اليوم ولن يفهموا على الأغلب أن عدوهم ليس في الشام أو العراق أو بيروت بل إنهم في واشنطن وباريس ولندن فهناك توضع الخطط الجهنمية وتنفذ في المنطقة بأيدي جهلاء القرن الحادي والعشرين.
في ذكرى النكبة لا يبدو الحديث عن العدو الإسرائيلي مهما فهو معروف ووجهه مكشوف ولكن الأخطر من النكبة العسكرية المتمثلة باحتلال فلسطين هي النكبة الفكرية والحضارية التي يعيش فيها شيوخ وأمراء وطارئو السياسة يرون الأشياء بشكل مختلف فيشتبه عليهم العدو ويختلط عليهم الصديق والأخ فيصادقون الأول ويحاربون الثاني ويريدون أن يأخذوا أرضا في الصحراء مع أنها لهم أصلا مقابل القدس ويسعون لدمار دمشق وليس تل أبيب فأي نكبة أخطر من هذه النكبة وهل يمكن للعرب أن يتفوقوا على نكبتهم العسكرية في فلسطين قبل 65 عاما دون أن يقوموا من نكبتهم الحضارية التي سقطوا فيها اليوم.
ومع ذلك فان العربي الأصيل ينظر اليوم بعين الأمل إلى ذلك الأتون الحامي في أرض الشام ويعلم أن النار التي تصهر الذهب لا تحرقه بل تظهر معدنه وها هي دمشق التي كانت حاضرة دائما للتضحية في سبيل فلسطين تلقن من أراد بها السوء درسا وترسم حدود المستقبل بأقدام جيشها الباسل وتضحيات أبنائها المخلصين والعين على فلسطين مهما اختلفت زاوية النظر وإليها تتسابق الهمم والقلوب وعلى عتباتها المقدسة سيعرف صناع النكبتين أن في الشام تبقى البركة وعلى أسوارها يسقط الأعداء.
هيثم حسن



  عدد المشاهدات: 6063

إرسال لصديق

طباعة
شارك برأيك

الاشتراك بالقوائم البريدية
البريدالإلكتروني: