الأمل بالعمل



الأكثر زيارة
 الصفحة الرئيسية   أخبار سوريا   

فقراء الأزمة بلا مظلة حكومية تحميهم إجراءات دعم قاصرة ومؤشرات رصد غائبة..ومزيداً من الخطر القادم .....
July 23, 2013 14:09

  

 
كل الأخبار ( زياد غصن- سيرياستيبس- خاص)
إلى الآن لم تتطرق الحكومة إلى ملف الفقر في سورية وما شهده خلال العامين الأخيرين من متغيرات عميقة، فهي مثلاً تتجاهل تماماً تقديم أي بيانات إحصائية تتعلق بتقديراتها لتطور عدد الفقراء في سورية مقارنة بالمسح الأخير الذي جرى في العام 2007، والأهم توزعهم الجغرافي والسيناريوهات التي تدرسها الحكومة لمحاصرة هذا الملف ومعالجة الوضع القائم..!!.
هذا التجاهل يبرره اقتصاديون بمخاوف الحكومة من فتح هكذا ملف وهي التي فشلت في التعاطي مع ملفات أقل تعقيداً، إذ أن مجرد الإشارة رسمياً إلى واقع الفقر يعني أن الحكومة ستكون في موضع المساءلة الشعبية والإعلامية الدائمة حيال الخطط والمشاريع التي نفذتها للحد من اتساع رقعة الفقر لاسيما في هذه الأزمة..
ومقابل الصمت الحكومي المريب، ظهرت إلى العلن مؤخراً جهود بحثية خاصة أشرف عليها عدد من كبار الباحثين الاقتصاديين السوريين وتناولت في جزء منها ملف الفقر وتطوره خلال الأزمة، فمثلاً المركز السوري لبحوث السياسات أصدر مؤخراً تحديثاً لدراسة سابقة حملت عنوان"الأزمة السورية: الجذور والأسباب الاقتصادية والاجتماعية 2013"، وقد أكد في الدراسة المحدثة دخول 6.7 ملايين مواطن سوري دائرة الفقر بنهاية العام 2012 منهم 3.6 ملايين مواطن دخلوا دائرة الفقر الشديد، فضلاً عن بعض البيانات والتقديرات الصادرة عن بعض المنظمات الدولية كالاسكوا والأمم المتحدة.
وإذا تغاضينا عن التقصير في رصد واقع الفقر وتطوره ومتغيراته، وحاولنا تلمس الخطوات والإجراءات الحكومية الرامية إلى مساعدة المواطنين السوريين في مواجهة ما تفرضه الأزمة وفشل السياسات الحكومية من ظروف اقتصادية صعبة، باعتبارها إجراءات تستهدف في النهاية الشرائح الاجتماعية المحتاجة أي الفقيرة، سنجد ما يلي:
-تقديم الإعانات العينية المباشرة إلى العائلات المتضررة والنازحة عن منازلها، وهنا تلتزم الحكومة بالتعاون مع المنظمات الأهلية والإنسانية والدولية توفير ما تحتاجه العائلات التي تقيم في مراكز الإيواء التي يبلغ عددها نحو 846 مركزاً، فيما تقدم مساعدات غذائية وطبية غير منتظمة وغير كافية لبعض المناطق السكنية التي تستضيف عائلات نازحة من منازلها..
ووفق ما قاله رئيس الحكومة وائل الحلقي مؤخراً فإن الحكومة أنفقت في مجال الإغاثة وتقديم المساعدات للمتضررين ما قيمته نحو 13 مليار ليرة منذ بداية العام، وبحسبة بسيطة سنجد نظرياً أن متوسط قيمة ما حصل عليه كل مواطن نزح عن منزله (التقديرات الرسمية تقول بنزوح 5 ملايين مواطن) من مساعدات الحكومة لا يزيد على 2600 ليرة خلال 7 أشهر!!.
وقبل أن يعترض البعض على هذا الاستنتاج أود الإشارة إلى أن ملاحظتين:
الأولى أن معظم المواطنين الذين نزحوا عن منازلهم كانوا يقيمون في مناطق للسكن العشوائي وقد فقدوا مع نزوحهم مصدر رزقهم وممتلكاتهم، وتالياً فهم ينتمون في أغلبيتهم إما للطبقة الفقيرة أو ذات الدخل المحدود، الأمر الذي يعني أنهم يجب أن يكونوا ضمن دائرة استهداف مساعدات الحكومة.
أما الملاحظة الثانية فهي أن تدهور الأوضاع الاقتصادية خلال الفترة السابقة من ارتفاع معدلات البطالة وانخفاض سعر صرف الليرة والغلاء الفاحش أفقد كثير من العائلات التي كانت تصنف على أنها من طبقة الدخل المحدود مدخراتها وحولها تدريجياً إلى دائرة الفقر ودخولها ميدان الحاجة للدعم والمساعدة..
-توسيع الحكومة مؤخراً للسلة الغذائية المدعومة التي توزع بموجب البطاقات التموينية وطرح سلع في مؤسساتها التسويقية بأسعار تقل عن السوق بنسب مختلفة، وهذه الخطوة على أهميتها لطبقات الدخل المحدود والمتوسطة إلا أنها تبقى بلا فائدة بالنسبة للطبقات الفقيرة والنازحة عن منازلها...فماذا يفيد مثلاً إذا باعت الحكومة المواطن كيلو السمنة بـ600 ليرة أو الزيت النباتي بـ300 ليرة...الخ في الوقت الذي لا يملك المواطن الفقير القدرة الشرائية الكافية للاستفادة من هذه الخطوة الحكومية؟! وهل تكفي المواد الموزعة بموجب البطاقات التموينية إعالة عائلة لمدة شهر؟.
-زيادة الرواتب والأجور للعاملين في الدولة، لكنها زيادة جاءت بعد زيادات كبيرة في الأعباء المعيشية نجمت عن فشل الأداء الاقتصادي للحكومة من قبيل: زيادة أسعار المشتقات النفطية وما نجم عنها من زيادات في تكلفة النقل والمنتج الصناعي والزراعي، انخفاض سعر صرف الليرة، زيادة معدل التضخم....الخ.وعليه فإن ما تضمنته الزيادة الأخيرة للرواتب والأجور تقل كثيراً عن قيمة التكاليف الجديدة والمتغيرة التي يتحملها المواطن اليوم.
وبناءً على ما سبق وفي ضوء سطحية الإجراءات الحكومية وعدم جدواها مقارنة بالمطلوب والمفترض، فيمكن القول إن الحكومة الحالية معنية ببحث آليات وخطوات جديدة تستطيع من خلالها النفاذ إلى بنية الفقر في سورية ومساعدة آلاف العائلات الفقيرة والتخفيف من معاناتها، وإذا كانت الحكومة ممثلة بمجلس الوزراء تفتقد لخبرات على مستوى هذا التحدي فإن الوسط الاقتصادي السوري يذخر بكفاءات وخبرات عملت في ملف الفقر وقادرة على تقديم استراتيجيات وسياسات وطنية حقيقية قابلة للتنفيذ وتحقيق نتائج ايجابية.
والحديث عن مكافحة الفقر ودعم الشرائح الاجتماعية يستحضر حتماً الحديث عن تجربة مشروع صندوق المعونة الاجتماعية الذي أطلقته حكومة ناجي عطري في العام 2010 وذلك منعا لتدوير الفشل من جديد، فبعد فشل سيناريوهين لتقديم دعم بديل عن رفع أسعار المشتقات النفطية وجدت حكومة عطري ضالتها في مسح اجتماعي اعتيادي كانت تجريه آنذاك وزارة العمل والشؤون الاجتماعية (دون تعاون أو مشاركة المكتب المركزي للإحصاء) ليكون أساساً في تقديم الحكومة معونات مالية للعائلات الفقيرة ورغم كل الملاحظات والثغرات التي سجلت على تنفيذ المسح ونتائجه إلا أنه اعتمد في النهاية وليتحول بذلك إلى أكبر"كذبة"حكومية في دعم الشرائح الاجتماعية الفقيرة في سورية، وهذه الحقيقة يدركها جيداً بعض الوزراء والمسؤولين الاقتصاديين السابقين وتجسدها الاعتراضات الكثيرة، التي سجلت على المسح بعد خروج وزيرة العمل والشؤون الاجتماعية ديالا الحج عارف من منصبها في حكومة عادل سفر والتي وصل عددها إلى نحو 125 ألف اعتراض..!!.



  عدد المشاهدات: 7541

إرسال لصديق

طباعة
شارك برأيك

الاشتراك بالقوائم البريدية
البريدالإلكتروني: